الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكيف يجوز الإطلاق، ولم يبق إلا المصطلح العرفي (ص 24) ، والمغاربة على هذا المصطلح أعني سكان الجانب الغربي عن مصر غاية ما سمت همتهم إليه، وتعلقت أيديهم بنسبته إلى قطرهم هو إقليم مصر. ألا ترى ما قدّمناه في الفصل الذي قبل هذا من قول ابن سعيد أنّ مصر أوّل المغرب والشام أوّل المشرق «1»
وكذلك مما قال في هذا المعنى غير ذلك، وابن سعيد هو واحد فضلائهم في هذا الشأن، ولقد تعصب لأبعد غاية التعصب ووضع في ذلك كتابه المسمى ب (المغرب في حلى المغرب) ، ومع هذا فما زاد على ما ذكرنا على أنه لم يأل جهدا، ولا ترك قدرة في المقال، ولو وجد حجة لأتى بها، أو شبهة لاستند إليها، وقال ابن سعيد في كتاب (المشرق في حلى المشرق)«2» جملة الحد في نسبهم أن الله قسم المشرق من المغرب بالبحار فما كان في شرقي بحر الإسكندرية وخليج القسطنطينية فهو من حساب المشرق «3» وما كان في غربي ذلك فهو من حساب المغرب.
[المشرق أطول من المغرب]
قال البيهقي: فيكون المشرق على هذا أطول من المغرب، لأن جملة المعمور اثنا عشر ألف ميل «4» ، وطول بحر الإسكندرية إلى وقوفه بسواحل الشام حسب أول المشرق أربعة آلاف ميل «5» ، فيبقى للمشرق ثمانية آلاف ميل، ويعضد ذلك الحساب بالدرج في الطول، وذلك أن العمارة تنتهي
في الطول إلى مائة وثمانين درجة، فتحتاج أن يكون النصف حيث ينتهي إلى تسعين درجة، وذلك في خراسان حيث مرو وجهاتها، «1» ووجدنا بساحل البحر الشامي عسقلان «2» ينتهي في الطول إلى خمس وستين درجة، فهو قدر الثلث، والمشرق الثلثان، والمشرق مع ذلك أعمر من المغرب، وذلك أن الله تعالى قرن عمارة الأرض بقربها (ص 25) من البحار، وأن البحر إذا بعد من الأرض أكثر من خمسة عشر يوما بطلت عمارتها، والمشرق قد جعل الله في مواضع الحرارة منه حيث قلة السكنى في الإقليمين الأول والثاني، بحار الهند والصين والزنج التي خصت بكثرة الجزر العامرة، وما يقابل هذا المكان من المغرب صحار مقفرة، إلا خيط النيل المغربي بما على ضفتيه من بلاد السودان، والإقليم الرابع الذي هو معظم العمارة، والاعتدال استولى على أكثره بحر الرقاق»
وهو في المشرق بضد ذلك من اشتباك العمارة المتصلة. والمناظرة بين المشرق والمغرب تحتمل كتابا. وقد صنفته بالشام لضرورة دعت إلى ذلك، من شدة اتحاد المشارقة على المغاربة من كل جهة حتى قال ابن دحية «4» في خطبة كتابه في أخبار المغرب يخاطبهم:[الطويل]