المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌93- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الكوفي - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٥

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌منهجنا في خدمة الكتاب وتحقيقه

- ‌الفصل الأول: وهو الخطابي

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌[مشرق الأرض ومغربها]

- ‌[تشبيه بعض الحكماء للأرض]

- ‌[تفضيل المشرق على المغرب]

- ‌[الأنبياء والرسل]

- ‌[الجهات الشريفة]

- ‌[الحواريون والصحابة]

- ‌[جماهير الكرماء والعظماء في الجاهلية والإسلام]

- ‌[الأئمة والفقهاء]

- ‌[السادات الأولياء أئمة التحقيق]

- ‌[الفلاسفة والحكماء والأطباء ورجال الفلك والعلوم]

- ‌[أصحاب الموسيقى]

- ‌[حكم الشرع في السماع وآلاته]

- ‌[قول ابن بسام في خطبة كتاب الذخيرة]

- ‌[أصحاب الصنائع العملية (الكتابة) والفلاحة والسيوف، والرماح، والديباج]

- ‌[في الشرق رست قواعد الخلافة]

- ‌[المقايسة بين سلاطين المشرق والمغرب والخلافة]

- ‌[مسعود بن محمود بن سبكتكين]

- ‌[السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان]

- ‌[السلطان علاء الدين خوارزم شاه]

- ‌[الملك العادل، وجلال الدين محمد]

- ‌[فتنة البساسيري]

- ‌[الحيوان والنبات والمعادن]

- ‌[الجواهر والأحجار]

- ‌[العقاقير]

- ‌[بعض ما في المغرب مما سبق]

- ‌الفصل الثانى فى الإنصاف بين المشرق والمغرب على حكم التحقيق

- ‌[خطا الأطوال والعروض…الشرق والغرب أمر نسبي]

- ‌[المشرق أطول من المغرب]

- ‌[للمشرق الفخر]

- ‌[قول ابن سعيد.. المحاسن مقسمة.. الأغلب على البلاد المشرقية]

- ‌[رد ابن فضل الله العمري على ابن سعيد]

- ‌[ما فعله يوسف بن تاشفين مع بني عباد ملوك الأندلس]

- ‌[الموازنة بين المشرق والمغرب]

- ‌[الحيوان والنبات]

- ‌[المغرب والمشرق واللغة وبعض الشعراء]

- ‌[العلوم العقلية]

- ‌[المتنزهات.. والقلاع والمدن والأنهار]

- ‌[شعر في مدح المشرق والمغرب وغلمانهما]

- ‌[الإسكندر وبلاد فارس وأرسطو وصاحب الصين]

- ‌[تشبيه ابن سعيد الأرض بطائر]

- ‌[من أحكام المناظرة بين المشارقة والمغاربة]

- ‌[نشأة الخلافة]

- ‌[المناظرة بين الأشخاص: الخلفاء ونحوهم]

- ‌[من عظماء الأدارسة…الناصر علي بن حمود]

- ‌[بنو عبد المؤمن]

- ‌[الشبه بين المأمون بن المنصور الموحدي والمأمون العباسي]

- ‌[خراسان سلطنة عريضة]

- ‌[سجستان ودولة بني الصفار]

- ‌[كرمان وديلمان]

- ‌[مازندران (طبرستان) ]

- ‌[عراق العجم]

- ‌[فارس]

- ‌[خوزستان (الأهواز) ]

- ‌[العراق السلطنة العظمى]

- ‌[شهرزور]

- ‌[الجزيرة]

- ‌[الشام سلطنة جليلة]

- ‌[جزيرة العرب]

- ‌[وهجر سلطنة واليمامة]

- ‌[أذربيجان]

- ‌[أرمينية.. وبلاد الروم]

- ‌[سلطنات المغرب الديار المصرية]

- ‌[برقة وإفريقية]

- ‌[سلطنة المغرب الأقصى]

- ‌[بلاد السودان]

- ‌[أرض النوبة والكانم]

- ‌[جزيرة الأندلس ومن تولى عليها]

- ‌[سلطنات رومية والقسطنطينية]

- ‌[الجندية في المشرق والمغرب رجالها عتادها وما يتبع ذلك وعطاؤهم]

- ‌[الوزارة]

- ‌[الكتاب بالمشرق]

- ‌[جاء في المتأخرين من لم يرض طرق المتقدمين]

- ‌مشاهير قراء المشرق

- ‌[مقدمة]

- ‌1- أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك ابن النجار أبو المنذر الأنصاري

- ‌2- ومن أعلام القراء أبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفة

- ‌3- مجاهد بن جبر الإمام

- ‌4- عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة

- ‌5- عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان أبو معبد الكناني الداري المكي

- ‌6- يزيد بن القعقاع أبو فرج القاري أحد العشرة

- ‌7- عاصم بن أبي النجود بهدلة الأسدي

- ‌8- حمزة بن حبيب الزيات

- ‌9- أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري

- ‌10- نافع بن عبد الرحمن الليثي أبو رويم المقرئ

- ‌11- إسماعيل بن عبد الله المخزومي قارئ أهل مكة

- ‌12- حفص بن سليمان أبو عمر الأسدي

- ‌13- سليم بن عيسى بن سليم بن عامر

- ‌14- علي بن حمزة الكسائي

- ‌15- أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي

- ‌16- يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي

- ‌17- يعقوب بن إسحاق بن يزيد بن عبد الله

- ‌18- يحيى بن آدم بن سليمان أبو زكريا القرشي

- ‌19- حسين بن علي الجعفي مولاهم الكوفي

- ‌20- قالون أبو موسى

- ‌21- أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة

- ‌22- خلاد بن خالد

- ‌23- خلف بن هشام بن تغلب أبو محمد البغدادي المقرئ البزار

- ‌24- الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي المقرئ

- ‌25- عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان

- ‌26- هشام بن عمار بن نصير

- ‌27- أبو عمر الدوري

- ‌28- أبو شعيب السوسي

- ‌29- قنبل مقرئ أهل مكة

- ‌30- أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد شيخ العصر أبو بكر البغدادي

- ‌32- محمد بن النضر بن مرّ بن الحر الربعي الإمام أبو الحسن ابن الأخرم الدمشقي

- ‌34- محمد بن الحسن بن محمد بن زياد أبو بكر النقاش الموصلي ثم البغدادي

- ‌[قراء الجانب الغربي]

- ‌[قراء مصر]

- ‌64- محمد بن علي بن أحمد

- ‌66- محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن علي بن سالم بن مكي (الشروطي)

- ‌[المحدّثون من أهل المشرق]

- ‌67- أبو هريرة الدوسي اليماني

- ‌69- قتادة بن دعامة بن قتادة الحافظ

- ‌70- شعبة بن الحجاج بن الورد

- ‌71- عبد الرحمن بن مهدي

- ‌72- أبو داود الطيالسي

- ‌76- عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي

- ‌77- عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل

- ‌78- الإمام العلم أبو عبد الله البخاري

- ‌79- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس

- ‌86- أبو عيسى الترمذي

- ‌93- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الكوفي

- ‌98- محمد بن إسحاق بن محمد بن أبي زكريا يحيى بن منده

- ‌99- أبو عبد الله الحاكم

- ‌101- أبو ذر الهروي

- ‌103- الخطيب أبو بكر بن أحمد بن علي بن ثايت بن أحمد البغدادي، خطيب بغداد

- ‌104- أبو نصر بن ماكولا

- ‌105- أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي

- ‌108- أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن عساكر

- ‌112- محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن البغدادي، المعروف بابن النجار

- ‌113- القاسم محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يدّاش البرزاليّ

- ‌114- يوسف بن الزّكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك القضاعي

- ‌115- محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز ابن الذهبي أبو عبد الله شمس الدين

- ‌فأما الحفاظ بالجانب الغربي

- ‌116- يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس

- ‌117- بقيّ بن مخلد

- ‌118- محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي

- ‌119- خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال أبو القاسم الأنصاري الأندلسي

- ‌120- عبد الحق بن عبد الرحمن بن الحسين بن سعيد الحافظ أبو محمد الأزدي الإشبيلي

- ‌121- محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيّد الناس اليعمري الأندلسي الإشبيلي

- ‌122- يزيد بن أبي حبيب الإمام الكبير أبو رجاء الأزدي

- ‌123- عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الحافظ النّسابة أبو محمد الأزدي المصري

- ‌124- أبو طاهر الأصبهاني واسمه أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سلفة الأصبهاني

- ‌125- عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن التوني الدمياطي الشافعي شرف الدين أبو محمد

- ‌[فقهاء المحدثين: الجانب الشرقى]

- ‌126- علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك

- ‌127- القاضي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي

- ‌128- سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم القرشي المدني

- ‌129- عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى القرشي الأسدي

- ‌130- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي

- ‌131- سعيد بن جبير الوائلي مولاهم الكوفي

- ‌132- إبراهيم بن يزيد بن الأسود الفقيه الكوفي النخعي

- ‌133- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي

- ‌134- خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان أبو زيد الأنصاري

- ‌135- عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الشعبي الكوفي

- ‌136- طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني أبو عبد الرحمن

- ‌137- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي

- ‌138- القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي

- ‌139- سليمان بن يسار

- ‌140- الحسن بن أبي الحسن يسار البصري أبو سعيد

- ‌141- مكحول بن عبد الله الشامي

- ‌142- عطاء بن أبي رباح

- ‌143- أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني القرشي

- ‌144- ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ مولى آل المنكدر

- ‌145- يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الحافظ

- ‌146- سليمان بن مهران

- ‌147- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن

- ‌148- عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج الرومي

- ‌149- عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي

- ‌150- سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة أبو عبد الله الثوري الكوفي الفقيه الإمام

- ‌151- حماد بن سلمة بن دينار

- ‌152- عبد الله بن المبارك

- ‌153- سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي

- ‌154- إسحاق بن أبي الحسن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه أبو يعقوب

- ‌155- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي الفقيه البغدادي أبو ثور

- ‌156- محمد بن نصر الإمام أبو عبد الله المروزي

- ‌157- محمد بن إبراهيم بن المنذر أبو بكر النيسابوري

- ‌158- أبو سليمان الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب القرشي العدوي البستي من ولد زيد بن الخطاب ابن نفيل

- ‌159- الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي أبو الفضائل القرشي العدوي العمري عرف بالصغّاني الحنفي

- ‌160- أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر الكردي الشهرزوري، عرف بابن الصلاح

- ‌161- يحيى بن شرف بن مزي بن الحسن بن الحسين الحزامي النووي

- ‌162- أحمد بن عبد الحليم (ابن تيمية)

- ‌فأما من نذكر من مشاهير الجانب الغربي فمنهم:

- ‌163- أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي

- ‌164- أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري

- ‌165- القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي

- ‌166- أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف ب (ابن العربي) المعافري

- ‌ومن متقدميهم بالديار المصرية:

- ‌ومن متأخريهم:

- ‌171- علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس الكتاب

الفصل: ‌93- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الكوفي

ومنهم:

‌93- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الكوفي

«1» - مولى بني هاشم «2» - المعروف بابن عقدة «3» . حافظ العصر، والمحدث البحر، والمصيب في اللبة «4» والنحر، لولا كثرة تخليطه، وتسليط نار الأعداء على سليطه «5» ، لكان قبسا لهدى، وملتمسا لندى، لكنه خبط العشواء «6» ،

ص: 470

وخطب عقيلة الشمس العشاء «1» ، فحبط عمله أو كاد، وأنبت أمله أو ماد «2» ، ونسب إليه الرفض «3» ، والله أعلم ببواطن الاعتقاد، والله المجازي، وإنما للناس الانتقاد «4» حدث عن أمم لا يحصون، وكتب العالي «5» والنازل «6» والحق والباطل، حتى كتب عن أصحابه، وكان إليه المنتهى في قوة الحفظ، وكثرة الحديث، وصنف وجمع، وألف في الأبواب «7» والتراجم، ورحلته قليلة، فلهذا كان يأخذ عن الذين رحلوا إليه، ولو صان نفسه وجوّد لضربت إليه أكباد الإبل، ولضرب بإمامته المثل، لكنه جمع فأوعى، وخلط الغث «8» بالسمين «9» ، والخرز بالدر الثمين، ونسب إلى التشيع «10» فمقت.

ص: 471

قال الدارقطني: أجمع أهل الكوفة أنه لم ير بالكوفة من زمن ابن مسعود إلى زمن ابن عقدة أحفظ منه.

وقال أبو أحمد الحاكم «1» : قال لي ابن عقدة: دخل البرديجي «2» الكوفة، فزعم أنه أحفظ، فقلت: لا تطوّل، نتقدم إلى دكان وراق، ونزن بالقبان من الكتب ما شئت، ثم يلقى علينا، قال: فبقي «3» .

وقال الدارقطني: قال ابن عقدة: أنا أجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم.

وقال ابن عقدة: أحفظ مائة ألف حديث بأسانيدها.

وقال الدارقطني: يعلم ما عند الناس، ولا يعلم (ص 190) الناس ما عنده.

وقال أبو سعد الماليني «4» : أراد ابن عقدة أن ينتقل، فكانت كتبه ستمائة حملة «5» .

ص: 472

مولده سنة تسع وأربعين ومائتين، وتوفي سنة إحدى، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.

ومنهم:

94-

محمد بن حبان بن أحمد بن حبان «1» الحافظ العلامة أبو حاتم التميمي «2» البستي

«3» صاحب كتاب الانواع والتقاسيم «4» ، وهو الذي ما سبقه إلى مثله مؤلف،

ص: 473

ولا سمق «1» فرع برق إلا وقلمه له ورآه مخلّف، وضرب مؤلفه سرادقه «2» في علياء العلم على رباه، واحتبى «3» مصنفه له فما حلت سوى الفرائض حباه، وسرت نوافحه فود «4» مسكي السحر لو غلف به صباه، وتمكن حب حباته من القلوب، فلم يبق سويداء قلب إلا أمدت نقشه «5» ، ولا سواد طرف إلا حباه بكر ما افترعته «6» كف حادثه لتأليف، ولا اخترعته فكرة قريحه، وإنما هو بنص الحديث لا بتزويق التصنيف، سمع أمما لا يحصون من مصر إلى خراسان، وحدث عنه خلق.

قال أبو سعد الإدريسي: كان على قضاء سمرقند زمانا، وكان من فقهاء الدين، وحفاظ الآثار عالما بالظن والنجوم، وفنون العلم. صنف المسند الصحيح، والتاريخ، وكتاب الضعفاء «7» ، وفقه الناس بسمرقند.

ص: 474

وقال ابن حبان في كتاب الأنواع: لعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ «1» .

وقال الحاكم: كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة، والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال.

وذكره ابن الصلاح «2» في طبقات الشافعية، وقال: ربما غلط الغلط الفاحش في تصرفاته.

توفي في شوال سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وهو في عشر الثمانين (ص 191) .

ص: 475

ومنهم:

95-

أبو بكر «1» بن الجعابي «2»

واسمه: محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي البغدادي قاضي الموصل، الحافظ فريد الزمان، ولسان الإحسان وإن مان من مان «3» ، رمي بأنه كان يتشيع، ومضى إلى الله واتبع لهذا القول يتتبع، جرح وهو لا يتكعكع «4» ، وطعن فيه وهو لا يتضعضع، وتكلم فيه الناس، ومن هو الذي من أيديهم سلم! أو بمضارب ألسنتهم الحداد ما ثلم «5» ، من رام منهم السلامة طلب شططا «6» ، وظن غلطا، وضل (وكان أمره فرطا)«7» هيهات، هل هم إلا نار تأكل بعضها بعضا، وفأر تأكل نابا بناب قرضا، وقالوا: رافضي. أكلّ من أحب آل بيت محمد سموه بهذا، وسموا حبه رفضا؟! سمع، وصنف الأبواب والشيوخ، والتاريخ،

ص: 476

وحدث عنه الدارقطني، وابن شاهين «1» ، وابن رزقويه «2» ، وأبو عبد الله الحاكم «3» ، وأبو نعيم «4» الحافظ- وهو خاتمة أصحابه- وخلق.

قال أبو علي النيسابوري: ما رأيت في أصحابنا أحفظ من أبي بكر الجعابي، وذلك أني حسبته من البغداديين الذين يحفظون شيخا واحدا، وترجمة واحدة، أو بابا واحدا، فقال لي أبو إسحاق بن حمزة «5» يوما: يا أبا علي لا تغلط، ابن الجعابي يحفظ حديثا كثيرا، قال: فخرجنا يوما من عند ابن صاعد «6» ، فقلت له: يا أبا بكر إيش أسند الثوري «7» عن منصور «8» ، فمر بي في الترجمة، فما زلت أجره من مصر إلى حديث الشام إلى العراق، وإلى أفراد الخراسانيين، وهو يجيب إلى أن قلت: فإيش

ص: 477

روى الأعمش «1» عن أبي صالح «2» عن أبي هريرة «3» ، وأبي سعيد «4» بالشركة، فذكر بضعة عشر حديثا، فحيرني حفظه.

وقال ابن الجعابي: دخلت الرقة وكان لي ثمّ قمطرين «5» كتب، فجاء غلامي مغموما، وقال: ضاعت الكتب، فقلت: يا بني لا تغتم (ص 192) فإن فيها مائتي ألف حديث لا يشكل علي منها [حديث] لا إسناده ولا متنه «6» .

وقال أبو علي التنوخي «7» : ما شاهدنا أحدا أحفظ من أبي بكر ابن الجعابي، وسمعت من يقول: إنه يحفظ مائتي ألف حديث، ويجيب في مثلها، وكان يفضل الحفاظ بأنه كان يسوق المتون بألفاظها، وأكثر الحفاظ يتسمحون في ذلك، وكان إماما في معرفة العلل، وثقات الرجال، وتواريخهم، وما يطعن على الواحد منهم، لم يبق في زمانه من يتقدمه.

ص: 478

وروى الخطيب بسنده عن الجعابي قال: أحفظ أربع مائة ألف حديث، وأذاكر بستمائة ألف حديث.

[وقال الخطيب: سمعت ابن رزقويه «1» يقول: كان ابن الجعابي يمتلئ مجلسه، وتمتلئ السكة التي يملي فيها، والطريق، ويحضر ابن المظفر «2» ، والدارقطني «3» ، ويملي الأحاديث بطرقها من حفظه.] .

وروى عن رجاله «4» أن الجعابي كان يشرب في مجلس ابن العميد.

وقال السلمي «5» : سألت الدارقطني عن ابن الجعابي، فقال: خلط، وذكر مذهبه في التشيع.

قال الدارقطني: وحدثني ثقة أنه خلي ابن الجعابي نائما «6» ، قال: فكنت أراه ثلاثة أيام لم يمسه الماء.

ص: 479

قال الأزهري «1» : لما مات ابن الجعابي أوصى أن تحرق كتبه، فأحرقت، فكان فيها كتب الناس، فحدثني أبو الحسين ابن البواب: أنه كان له عنده مائة وخمسون جزءا، فذهبت في جملة ما احترق.

وقال محمد بن عبيد الله المسبحي «2» : كان ابن الجعابي قد صحب قوما من المتكلمين، فسقط عند كثير من المحدثين، وأمر عند موته أن تحرق دفاتره بالنار، فاستقبح ذلك منه.

وكان وصل إلى مصر، ودخل إلى الإخشيد «3» ، ثم مضى إلى دمشق، فوقفوا على مذهبه فشردوه، فخرج هاربا.

قال ابن شاهين «4» : دخلت أنا وابن المظفر «5» والدارقطني على ابن الجعابي وهو مريض، فقلت له: من أنا؟ قال: سبحان الله، ألستم فلانا وفلانا، وسمانا، فدعونا وخرجنا (ص 193) .

ص: 480

فمشينا خطوات وسمعنا الصائح بموته، ورجعنا من الغد، فرأينا كتبه تل رماد.

توفي ابن الجعابي ببغداد في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.

قال الأزهري: كانت سكينة نائحة الرافضة «1» تنوح في جنازته، ومولده في صفر سنة أربع وثمانين ومائتين.

ص: 481

ومنهم:

96-

سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي «1» الشامي الطبراني

«2» . أبو القاسم، مسند الدنيا، وآية الزمان الكبرى، خاض القفار لا يتخشى «3» زاخرها، ولا يتخشع «4» أولها، ولا آخرها، بعزيمة لا يفل «5» مضربها، ولا يفك مضرّبها، ولا تنقص من السفر نهمتها «6» ، ولا تفرغ من الوطر «7» همته، يركب الحزن «8» ، والسهل، ويبعث عند الأجنبي والأهل، ويقطع بها الليل، لا يلائم

ص: 482

جنبه أرضا، ولا يطعم جفنه غمضا، ولا يعد الغربة إلا إذا كان في وطنه مبوّءا «1» ، وفي سكنه مهنّأ، حرصا على طرائف الفائدة، وطلبا للمعارف الزائدة، حتى حصل من الحديث ما أوقر «2» منه أثباج «3» الإبل، وملأ حضن «4» المحتبل «5» ، وحفظ منه الخلف نعم ما أحرزه السلف، وأتى منه بهدى ضل بعده من شك، أو اختلف.

ولد سنة ستين ومائتين، وسمع سنة ثلاث وسبعين، وهلم جرا بمدائن الشام، والحرمين، واليمن، ومصر، وبغداد، والكوفة، والبصرة، وأصبهان، والجزيرة، وغير ذلك، وحدث عن ألف شيخ، أو يزيدون، وصنف المعجم الكبير، وهو المسند، سوى حديث أبي هريرة، فكأنه أفرده في مصنف، والمعجم الأوسط في ست مجلدات كبار على معجم شيوخه، يأتي عن كل شيخ بما له من الغرائب، والعجائب، فهو نظير كتاب الأفراد للدارقطني، بيّن فيه فضيلته، واسعة روايته، وكان يقول:(ص 194) هذا الكتاب روحي، فإنه تعب فيه، وفيه كل نفيس، وعزيز، ومبتكر، وصنف المعجم الصغير، وهو عن كل شيخ له

ص: 483

حديث واحد، وصنف من المسانيد، وغيرها شيئا كثيرا، وكان من فرسان هذا الشأن مع الصدق والأمانة، وسئل عن كثرة حديثه، فقال: كنت أنام على البواري «1» ثلاثين سنة.

وقال أبو نعيم: دخل الطبراني أصبهان سنة تسعين، فسمع، وسافر، ثم قدمها، فاستوطنها ستين سنة.

وقال ابن فارس «2» - صاحب اللغة-: سمعت الأستاذ ابن العميد «3» يقول:

ما كنت أظن أن في الدنيا كحلاوة الوزارة، أو الرئاسة التي أنا فيها حتى شاهدت مذاكرة الطبراني، وابن الجعابي بحضرتي، فكان الطبراني يغلبه بكثرة حفظه، وكان أبو بكر الجعابي يغلبه بفطنته حتى ارتفعت أصواتهما، فقال ابن الجعابي:

عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي، فقال: هات. فقال: حدثنا أبو خليفة «4» ، حدثنا سليمان بن أيوب

وذكر حديثا، فقال الطبراني: فأنا

ص: 484

سليمان بن أيوب، ومني سمعه أبو خليفة، فاسمعه مني عاليا، فخجل ابن الجعابي، فوددت أن الوزارة لم تكن، وكنت أنا الطبراني، وفرحت كفرحه.

وقال ابن عقدة «1» : ما أعرف لسليمان بن أحمد نظيرا.

توفي لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستين وثلاثمائة، وقد كمل من العمر مائة عام، وعشرة أشهر.

ومنهم:

97-

«2» أبو الحسن الدارقطني

«3» واسمه: علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الحافظ المشهور.

والحامل راية الرواية إلى يوم النشور، الدارقطني، ولا قطن إلا ما رآه بياضا من نور شيب الإسلام، أو نشره من صحيفته البيضاء بأيدي الملائكة الكرام، أو طهربه

ص: 485

قلبه الأبيض المطهر (ص 195) من دنس الآثام، أو بدا من عرضه النقي في غرر الأيام، أو غسل به من جبال فيها من برد «1» ، أو ندفه من قطن الثلج قوس الغمام، ابن مهدي الذي ما عدل عن آثار مهديه، ولا عدا طريقة سلف له من أهل العلم، ويهاب كل منهم على انفراده، ويخضع له في نديه «2» .

كان عالما حافظا فقيها على مذهب الشافعي، أخذ الفقه عن أبي سعيد الإصطخري «3» ، وقيل: بل أخذه عن صاحب لأبي سعيد، وأخذ القراءة عرضا، وسماعا عن النقاش «4» ، ومن في طبقته، وتصدر في آخر أيامه للإقراء ببغداد «5» ، وكان عارفا باختلاف الفقهاء، ويحفظ كثيرا من دواوين العرب منها: ديوان السيد الحميري «6» ، فنسب إلى التشيع لذلك، روى عنه الحافظ أبو

ص: 486

نعيم «1» وجماعة كثيرة، وقبل القاضي ابن معروف «2» شهادته في سنة ست وسبعين وثلاثمائة، فندم على ذلك، وقال: كان يقبل قولي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بانفرادي، فصار لا يقبل قولي على نقلي إلا مع آخر.

وصنف كتاب السنن، والمختلف والمؤتلف، وغيرهما، وخرج من بغداد إلى مصر قاصدا أبا الفضل جعفر بن الفضل «3» ، وزير كافور الإخشيدي ليساعده على تأليف مسند عزم عليه الوزير، فأقام عنده مدة، وبالغ أبو الفضل في إكرامه، وأنفق عليه نفقة واسعة، وأعطاه شيئا، وحصل له بسببه مال جزيل ولم يزل عنده حتى فرغ المسند، وكان يجتمع هو والحافظ عبد الغني بن سعيد «4» على تخريجه إلى أن نجز.

قال الحافظ عبد الغني بن سعيد: أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة:

علي بن المديني «5» في وقته

ص: 487

وموسى بن هارون «1» في وقته، والدارقطني في وقته (ص 196) .

وسأل الدارقطني- يوما- بعض أصحابه: هل رأى الشيخ مثل نفسه، فامتنع من جوابه. وقال: قال الله تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ.

«2» فألح عليه، فقال: إن كان في فن واحد، فقد رأيت أفضل مني، وإن كان من اجتمع فيه ما اجتمع فيّ فلا.

وقال الحاكم: صار الدارقطني أوحد عصره في الحفظ والفهم، والورع، وإماما في القراء، والنحويين، وأقمت في سنة سبع وستين ببغداد أربعة أشهر، وكثر اجتماعنا، فصادفته فوق ما وصف لي، وسألته عن العلل والشيوخ وله مصنفات يطول شرحها فأشهد أنه لم يخلف على أديم الأرض مثله.

وقال الخطيب: انتهى إليه علم الأثر، والمعرفة بالعلل، وأسماء الرجال مع الصدق والثقة، وصحة الاعتقاد، والاضطلاع من علوم كالقراءات فإن له فيها مصنفا سبق إلى عقد الأبواب قبل فرش الحروف «3» ، وتأسى القراء به بعده، ومن ذلك المعرفة بمذاهب الفقهاء، بلغني أنه درس الفقه على أبي سعيد الإصطخري، ومنها المعرفة بالأدب والشعر، فقيل: كان يحفظ دواوين جماعة.

قال: وحدثني الأزهري «4» قال: بلغني أن الدارقطني حضر في حداثته

ص: 488

مجلس إسماعيل الصفار، فقعد ينسخ، والصفار «1» يملي، فقال رجل: لا يصح سماعك وأنت تنسخ فقال: فهمي خلاف فهمك، أتحفظ كم أملى الشيخ؟

قال: لا أدري، قال، أملى ثمانية عشر حديثا، الحديث الأول عن فلان عن فلان، ومتنه كذا، والثاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا، ومر في ذلك حتى أتى على الأحاديث، فتعجب الناس منه.. أو كما قال.

وقال أبو الطيب الطبري «2» : الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث.

وجاء أبو الحسين البيضاوي إلى الدارقطني برجل غريب، وسأله أن يملي عليه أحاديث (197) فأملى عليه من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على العشرين، متون جميعها" نعم الشيء الهدية أمام الحاجة «3» " فانصرف الرجل، ثم جاءه بعد وقد أهدى له شيئا، فقربه وأملى عليه من حفظه سبعة عشر حديثا

ص: 489

متونها" إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه"«1» «2»

مولده في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة، وتوفي يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي القعدة- وقيل ذي الحجة- سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ببغداد.

وصلى عليه أبو حامد الإسفراييني «3» الفقيه، ودفن قريبا من معروف الكرخي «4» .

ص: 490