الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الشبه بين المأمون بن المنصور الموحدي والمأمون العباسي]
وكان منهم المأمون بن المنصور «1» قلب الدولة عن قواعدها، وأسقط اسم مهديهم من الخطبة، وارتكب من الأهوال ما لا يسع ذكره إلا ترجمته، وهو مشبه بمأمون بني العباس في القيام على أخيه، والنهوض في الفتن وقلب الدول، لأن المأمون صيّر الدولة علوية، وأزالها عن بني العباس. وكان قد نزع منزع المأمون «2» في التنويه بالعلماء والمناظرة في مجلسه، وإدرار الأرزاق عليهم، وكان للشعراء منه حظ عظيم. قال ابن سعيد: وإذا قايسنا بين سلاطين المشرق وسلاطين المغرب كان الفضل للمشرق، وذلك أنّ ما كان بأيدي المسلمين منه هو سلطنة السند التي تداولها القرشيون وتوارثوها، وكان سريرهم بها مدينة المنصور «3» ، وما زالوا يتوارثونها إلى أن غلبت عليهم سلاطين العجم، وأضافها السلطان محمود بن سبكتكين إلى بلاده «4» ، وملكها شهاب الدين الغوري، صاحب غزنة «5» ، وآل أمرها إلى أن ملكها خوارزم شاه محمد بن
تكش «1» ، ولما فرّ أمام التتر ومات في بحر طبرستان تماسك ابنه جلال الدين بما بقي من العساكر والبلاد «2» تبعه التتر، وقاتلوه في بلاد السند (ص 56) وهزمهم وهزموه، وآل حاله معهم إلى أن أسلمها لهم، وطلب الغرب نحو أذربيجان وبلاد الكرج وأرمينيه، وكان بأيدي المسلمين من بلاد الهند ما يستحق أن يسمى سلطنة، لأنه كان عدة ممالك جليلة، ولا سيما مذ فتح فيها محمود بن سبكتكين ما فتح، وأضاف إلى ذلك شهاب الدين الغوري ما أضاف «3» ، وآل أمرها إلى أن ملكتها امرأة، واستولى عليها التتر بضرائب معلومة لهم «4» .
وما وراء النهر كان سلطنة عظيمة ذات ممالك كبيرة افتتحت مذ أول الإسلام في زمن قتيبة بن مسلم «1» وعظمت شيئا فشيئا، وكان كرسي سلاطين بني سامان «2» فيها حضرة بخارى ومن بني سامان أخذها الأتراك الخانية «3» وكان بينهم وبين محمود بن سبكتكين مرة حرب، ومرة صلح «4» ، إلى أن استولى عليها السلجوقيون «5» ، ثم صارت بعدهم لخوارزم شاه محمد بن تكش، ومنه