المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌79- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٥

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌منهجنا في خدمة الكتاب وتحقيقه

- ‌الفصل الأول: وهو الخطابي

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌[مشرق الأرض ومغربها]

- ‌[تشبيه بعض الحكماء للأرض]

- ‌[تفضيل المشرق على المغرب]

- ‌[الأنبياء والرسل]

- ‌[الجهات الشريفة]

- ‌[الحواريون والصحابة]

- ‌[جماهير الكرماء والعظماء في الجاهلية والإسلام]

- ‌[الأئمة والفقهاء]

- ‌[السادات الأولياء أئمة التحقيق]

- ‌[الفلاسفة والحكماء والأطباء ورجال الفلك والعلوم]

- ‌[أصحاب الموسيقى]

- ‌[حكم الشرع في السماع وآلاته]

- ‌[قول ابن بسام في خطبة كتاب الذخيرة]

- ‌[أصحاب الصنائع العملية (الكتابة) والفلاحة والسيوف، والرماح، والديباج]

- ‌[في الشرق رست قواعد الخلافة]

- ‌[المقايسة بين سلاطين المشرق والمغرب والخلافة]

- ‌[مسعود بن محمود بن سبكتكين]

- ‌[السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان]

- ‌[السلطان علاء الدين خوارزم شاه]

- ‌[الملك العادل، وجلال الدين محمد]

- ‌[فتنة البساسيري]

- ‌[الحيوان والنبات والمعادن]

- ‌[الجواهر والأحجار]

- ‌[العقاقير]

- ‌[بعض ما في المغرب مما سبق]

- ‌الفصل الثانى فى الإنصاف بين المشرق والمغرب على حكم التحقيق

- ‌[خطا الأطوال والعروض…الشرق والغرب أمر نسبي]

- ‌[المشرق أطول من المغرب]

- ‌[للمشرق الفخر]

- ‌[قول ابن سعيد.. المحاسن مقسمة.. الأغلب على البلاد المشرقية]

- ‌[رد ابن فضل الله العمري على ابن سعيد]

- ‌[ما فعله يوسف بن تاشفين مع بني عباد ملوك الأندلس]

- ‌[الموازنة بين المشرق والمغرب]

- ‌[الحيوان والنبات]

- ‌[المغرب والمشرق واللغة وبعض الشعراء]

- ‌[العلوم العقلية]

- ‌[المتنزهات.. والقلاع والمدن والأنهار]

- ‌[شعر في مدح المشرق والمغرب وغلمانهما]

- ‌[الإسكندر وبلاد فارس وأرسطو وصاحب الصين]

- ‌[تشبيه ابن سعيد الأرض بطائر]

- ‌[من أحكام المناظرة بين المشارقة والمغاربة]

- ‌[نشأة الخلافة]

- ‌[المناظرة بين الأشخاص: الخلفاء ونحوهم]

- ‌[من عظماء الأدارسة…الناصر علي بن حمود]

- ‌[بنو عبد المؤمن]

- ‌[الشبه بين المأمون بن المنصور الموحدي والمأمون العباسي]

- ‌[خراسان سلطنة عريضة]

- ‌[سجستان ودولة بني الصفار]

- ‌[كرمان وديلمان]

- ‌[مازندران (طبرستان) ]

- ‌[عراق العجم]

- ‌[فارس]

- ‌[خوزستان (الأهواز) ]

- ‌[العراق السلطنة العظمى]

- ‌[شهرزور]

- ‌[الجزيرة]

- ‌[الشام سلطنة جليلة]

- ‌[جزيرة العرب]

- ‌[وهجر سلطنة واليمامة]

- ‌[أذربيجان]

- ‌[أرمينية.. وبلاد الروم]

- ‌[سلطنات المغرب الديار المصرية]

- ‌[برقة وإفريقية]

- ‌[سلطنة المغرب الأقصى]

- ‌[بلاد السودان]

- ‌[أرض النوبة والكانم]

- ‌[جزيرة الأندلس ومن تولى عليها]

- ‌[سلطنات رومية والقسطنطينية]

- ‌[الجندية في المشرق والمغرب رجالها عتادها وما يتبع ذلك وعطاؤهم]

- ‌[الوزارة]

- ‌[الكتاب بالمشرق]

- ‌[جاء في المتأخرين من لم يرض طرق المتقدمين]

- ‌مشاهير قراء المشرق

- ‌[مقدمة]

- ‌1- أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك ابن النجار أبو المنذر الأنصاري

- ‌2- ومن أعلام القراء أبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفة

- ‌3- مجاهد بن جبر الإمام

- ‌4- عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة

- ‌5- عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان أبو معبد الكناني الداري المكي

- ‌6- يزيد بن القعقاع أبو فرج القاري أحد العشرة

- ‌7- عاصم بن أبي النجود بهدلة الأسدي

- ‌8- حمزة بن حبيب الزيات

- ‌9- أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري

- ‌10- نافع بن عبد الرحمن الليثي أبو رويم المقرئ

- ‌11- إسماعيل بن عبد الله المخزومي قارئ أهل مكة

- ‌12- حفص بن سليمان أبو عمر الأسدي

- ‌13- سليم بن عيسى بن سليم بن عامر

- ‌14- علي بن حمزة الكسائي

- ‌15- أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي

- ‌16- يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي

- ‌17- يعقوب بن إسحاق بن يزيد بن عبد الله

- ‌18- يحيى بن آدم بن سليمان أبو زكريا القرشي

- ‌19- حسين بن علي الجعفي مولاهم الكوفي

- ‌20- قالون أبو موسى

- ‌21- أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة

- ‌22- خلاد بن خالد

- ‌23- خلف بن هشام بن تغلب أبو محمد البغدادي المقرئ البزار

- ‌24- الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي المقرئ

- ‌25- عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان

- ‌26- هشام بن عمار بن نصير

- ‌27- أبو عمر الدوري

- ‌28- أبو شعيب السوسي

- ‌29- قنبل مقرئ أهل مكة

- ‌30- أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد شيخ العصر أبو بكر البغدادي

- ‌32- محمد بن النضر بن مرّ بن الحر الربعي الإمام أبو الحسن ابن الأخرم الدمشقي

- ‌34- محمد بن الحسن بن محمد بن زياد أبو بكر النقاش الموصلي ثم البغدادي

- ‌[قراء الجانب الغربي]

- ‌[قراء مصر]

- ‌64- محمد بن علي بن أحمد

- ‌66- محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن علي بن سالم بن مكي (الشروطي)

- ‌[المحدّثون من أهل المشرق]

- ‌67- أبو هريرة الدوسي اليماني

- ‌69- قتادة بن دعامة بن قتادة الحافظ

- ‌70- شعبة بن الحجاج بن الورد

- ‌71- عبد الرحمن بن مهدي

- ‌72- أبو داود الطيالسي

- ‌76- عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي

- ‌77- عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل

- ‌78- الإمام العلم أبو عبد الله البخاري

- ‌79- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس

- ‌86- أبو عيسى الترمذي

- ‌93- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الكوفي

- ‌98- محمد بن إسحاق بن محمد بن أبي زكريا يحيى بن منده

- ‌99- أبو عبد الله الحاكم

- ‌101- أبو ذر الهروي

- ‌103- الخطيب أبو بكر بن أحمد بن علي بن ثايت بن أحمد البغدادي، خطيب بغداد

- ‌104- أبو نصر بن ماكولا

- ‌105- أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي

- ‌108- أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن عساكر

- ‌112- محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن البغدادي، المعروف بابن النجار

- ‌113- القاسم محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يدّاش البرزاليّ

- ‌114- يوسف بن الزّكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك القضاعي

- ‌115- محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز ابن الذهبي أبو عبد الله شمس الدين

- ‌فأما الحفاظ بالجانب الغربي

- ‌116- يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس

- ‌117- بقيّ بن مخلد

- ‌118- محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي

- ‌119- خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال أبو القاسم الأنصاري الأندلسي

- ‌120- عبد الحق بن عبد الرحمن بن الحسين بن سعيد الحافظ أبو محمد الأزدي الإشبيلي

- ‌121- محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيّد الناس اليعمري الأندلسي الإشبيلي

- ‌122- يزيد بن أبي حبيب الإمام الكبير أبو رجاء الأزدي

- ‌123- عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الحافظ النّسابة أبو محمد الأزدي المصري

- ‌124- أبو طاهر الأصبهاني واسمه أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سلفة الأصبهاني

- ‌125- عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن التوني الدمياطي الشافعي شرف الدين أبو محمد

- ‌[فقهاء المحدثين: الجانب الشرقى]

- ‌126- علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك

- ‌127- القاضي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي

- ‌128- سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم القرشي المدني

- ‌129- عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى القرشي الأسدي

- ‌130- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي

- ‌131- سعيد بن جبير الوائلي مولاهم الكوفي

- ‌132- إبراهيم بن يزيد بن الأسود الفقيه الكوفي النخعي

- ‌133- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي

- ‌134- خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان أبو زيد الأنصاري

- ‌135- عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الشعبي الكوفي

- ‌136- طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني أبو عبد الرحمن

- ‌137- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي

- ‌138- القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي

- ‌139- سليمان بن يسار

- ‌140- الحسن بن أبي الحسن يسار البصري أبو سعيد

- ‌141- مكحول بن عبد الله الشامي

- ‌142- عطاء بن أبي رباح

- ‌143- أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني القرشي

- ‌144- ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ مولى آل المنكدر

- ‌145- يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الحافظ

- ‌146- سليمان بن مهران

- ‌147- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن

- ‌148- عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج الرومي

- ‌149- عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي

- ‌150- سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة أبو عبد الله الثوري الكوفي الفقيه الإمام

- ‌151- حماد بن سلمة بن دينار

- ‌152- عبد الله بن المبارك

- ‌153- سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي

- ‌154- إسحاق بن أبي الحسن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه أبو يعقوب

- ‌155- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي الفقيه البغدادي أبو ثور

- ‌156- محمد بن نصر الإمام أبو عبد الله المروزي

- ‌157- محمد بن إبراهيم بن المنذر أبو بكر النيسابوري

- ‌158- أبو سليمان الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب القرشي العدوي البستي من ولد زيد بن الخطاب ابن نفيل

- ‌159- الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي أبو الفضائل القرشي العدوي العمري عرف بالصغّاني الحنفي

- ‌160- أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر الكردي الشهرزوري، عرف بابن الصلاح

- ‌161- يحيى بن شرف بن مزي بن الحسن بن الحسين الحزامي النووي

- ‌162- أحمد بن عبد الحليم (ابن تيمية)

- ‌فأما من نذكر من مشاهير الجانب الغربي فمنهم:

- ‌163- أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي

- ‌164- أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري

- ‌165- القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي

- ‌166- أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف ب (ابن العربي) المعافري

- ‌ومن متقدميهم بالديار المصرية:

- ‌ومن متأخريهم:

- ‌171- علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس الكتاب

الفصل: ‌79- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس

الجمعة بعد صلاة العشاء لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة.

ومنهم:

‌79- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس

»

أبو عبد الله النيسابوري «2» الذهلي «3» - مولاهم- شيخ الإسلام وحافظ نيسابور وحافل سحابها المجرور (ص 170) حفظه متسع ولفظه يدل على أنه مطلع، ورده عدّ وفرنده «4» عقد، استفاء «5» من إليه آوى، واستفاد من أقبل عليه

ص: 424

وروي بتقريب يسوّغ «1» لطالب موارده المناهل «2» ، ويفطّن الراغب لفوائده، وما هو عن ذهلية الحي ذاهل، تفردا في ذلك الأوان، وإشحاء ما زاد قرنه الذي قطعه الحصر معه على أن تعرّض للهوان، وأظهر المسالمة لجملة قومه، وقال: صفحنا عن بني ذهل وقلنا القوم إخوان.

سمع بالحرمين ومصر والشام «3» ، والعراق، والري وخراسان، واليمن والجزيرة، ونزع إلى هذا الشأن، وحدث عنه خلق، والجماعة «4» سوى مسلم «5» ، وانتهت إليه مشيخة العلم بخراسان مع الثقة والصيانة والدين، ومتابعة السنن.

وقال محمد بن سهل بن عسكر «6» : كنا عند أحمد بن حنبل، فدخل محمد بن يحيى الذهلي فقام إليه أحمد، وتعجب الناس منه، وقال لأولاده، وأصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد الله، فاكتبوا عنه، وقال أحمد: ما رأيت أحدا أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى.

ص: 425

وقال الذهلي: قال علي بن المديني: أنت وارث الزهري.

وقال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه.

وقال أبو بكر بن زياد «1» : كان الذهلي أمير المؤمنين في الحديث.

وقال الذهلي: ارتحلت ثلاث رحلات، وأنفقت على العلم مائة وخمسين ألفا.

وقال الدارقطني «2» : من أراد أن يعرف قصور علمه، فلينظر في علل حديث الزهري لمحمد بن يحيى «3» .

وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف «4» : رأيت محمد بن يحيى «5» ، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي قلت: فما فعل بحديثك؟ قال: كتب بماء الذهب، ورفع في عليين. توفي في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين، وهو في عشر التسعين (171) .

ص: 426

ومنهم:

80-

أحمد «1» بن الفرات «2» الحافظ الحجة أبو مسعود الرازي

«3» ، محدث أصبهان وصاحب التصانيف الحسان، رقت حواشيها، وقرت عيونا بأن النجوم لا تماشيها، صنفها ابن الفرات، وكأنها بين ضفتيها تترقرق وبين دفتيها تجمع من جدا جداولها ما تفرق، فهي عذبة سلسال ذات تدفق واسترسال، وسعت الزمان إملاء فيما يفيد، وأخذت الزمام وقد ضاقت بمدارجها البيد، أكثر الترحال في لقي الرجال.

قال أبو مسعود: كتبت عن ألف وسبع مائة شيخ، فعملت من ذلك في تواليفي خمس مائة ألف حديث «4» .

وقال أحمد بن حنبل: ما أظن بقي أحد أعرف بالمستندات من ابن الفرات.

وقال- أيضا-: ما تحت أديم السماء أحفظ لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن الفرات.

ص: 427

وقال ابن عدي: لا أعرف له رواية منكرة، وهو من أهل الصدق والحفظ «1» .

وكانت وفاته في شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين «2» .

ومنهم:

81-

مسلم بن الحجاج «3» بن مسلم «4» القشيري النيسابوري

أبو الحسن، أحد الأئمة الحفاظ أعلام المحدّثين، وفي أعلى مقام المتقدمين والمحدثين، المفضل- بعد صحيح البخاري- كتابه، إلا ما ذهب إليه بعضهم من أنه هو المقدم، والأولى بأن يقدم، وحذاق المحدثين إذا خرجوا مما خرجاه- مما اختلفا في لفظه- جعلوا اللفظ لمسلم على ما خرجه في صحيحه، وعملوا عليه لكثرة تصحيحه، وعنت تنقيحه، ولأهل المغرب في التعويل عليه ميل، ولهم إلى الانصباب إليه سيل، وعذرا، لمن أغري بصحيحه (ص 172) عذرا لقد وفى في شروط تصحيحه نذرا، حتى لقد كاد يعدّ فردا لا يقاس إلى شبهه وراويا للخير يجيء به كما قيل في حديث عائشة في الأضاحي" لقد أتتك بالحديث على

ص: 428

وجهه".

لقد أبطل شبهة كل مضل مذ جلا كل مظلم وأزال دعوى كل باطل بما صح من حديثه، فإنه لا شيء أصح من حديث مسلم.

رحل إلى الحجاز والعراق والشام ومصر «1» ، وقدم بغداد غير مرة، وآخر قدومه إليها سنة تسع وخمسين ومائتين.

قال مسلم: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.

وقال الحافظ أبو علي النيسابوري «2» : ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في الحديث «3» .

وقال أحمد بن سلمة «4» : رأيت أبا زرعة، وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما.

وقال أحمد بن عمر الزاهد: سمعت الثقة من أصحابنا- وأكبر ظني أنه أبو سعيد بن يعقوب- يقول: رأيت فيما يرى النائم كأن أبا علي الزغوري يمضي في

ص: 429

شارع «1» الحيرة «2» ، وفي يده جزء من كتاب مسلم، فقلت: ما فعل الله بك؟

قال: نجوت بهذا وأشار إلى ذلك الجزء.

وقال أحمد بن سلمة: عقد لأبي الحسين مسلم مجلس للمذاكرة، فذكر له حديث لم يعرفه، فانصرف إلى منزله وأوقد السراج، وقال لمن في الدار: لا يدخل أحد منكم هذا البيت، فقيل له: أهديت لنا سلة فيها تمر. فقال:

قدموها، فقدموها إليه، وكان يطلب الحديث، ويأخذ تمرة تمرة، فيمضغها، فأصبح وقد فني التمر، ووجد الحديث.

قال الحاكم: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات «3» .

قال الحاكم: قرأت بخط أبي عمرو المستملي «4» : أملى علينا إسحاق بن منصور «5» سنة إحدى وخمسين ومائتين، ومسلم ينتخب عليه، وأنا أستملي، فنظر إسحاق بن منصور إلى مسلم، فقال له: لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين. (ص 173) .

ص: 430

توفي مسلم عشية يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين لخمسين- وقيل: لست- بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور، ومولده سنة ست ومائتين وقيل: سنة أربع ومائتين.

ومنهم:

82 «1» - عبيد الله بن عبد الكريم «2» بن يزيد بن فروخ القرشي

«3» - مولاهم- الرازي «4» : أبو زرعة سيد من سادات القوم وسند ما انقطع إلى اليوم، من موالي قريش النجباء، وبقاياهم الألباء «5» ، فضل الصريح «6» ، وفضّل بالصحيح، اشتهر فيمن روى الحديث، ورأى أدنى مطالبه موكلا بالسير

ص: 431

الحثيث «1» ، فشد (ص 174) اليعملات، وسدّ مهابّ الفلاة حتى وسع فروج الارتحال «2» وخروج التحصيل به من حال إلى حال، حتى صار مأوى إليه تحط الرحال، وحقا «3» في الطلب بلا محال.

سمع بالحرمين، والشام ومصر والعراق، والجزيرة وخراسان، وكان من أفراد الدهر حفظا وذكاء، ودينا وإخلاصا، وعلما وعملا.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: نزل عندنا أبو زرعة، فقال لي أبي: يا بني قد اعتضدت على نوافلي بمذاكرة هذا الشيخ.

وقال أبو زرعة: كتبت عن ابن أبي شيبة مائة ألف حديث، وعن إبراهيم بن موسى الرازي مائة ألف حديث. فقيل له: تقدر أن تملي ألف حديث من حفظك؟

قال: لا، ولكني إذا ألقي علي عرفت.

واستفتى رجل أبا زرعة قال: حلفت بالطلاق أنك تحفظ مائة ألف حديث.

فقال: تمسك بامرأتك.

وقال ابن أبي شيبة «4» : ما رأيت أحفظ من أبي زرعة.

وقال علي بن الجنيد: ما رأيت أعلم من أبي زرعة.

ص: 432

وقال أبو يعلى الموصلي «1» : كان أبو زرعة مشاهدته أكبر من اسمه، يحفظ الأموات والشيوخ والتفسير.

وقال صالح- جزرة «2» - سمعت أبا زرعة يقول: أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث.

وقال يونس بن عبد الأعلى «3» : ما رأيت أكثر تواضعا من أبي زرعة.

وقال عبد الوارث بين غياث «4» : ما رأى أبو زرعة مثل نفسه.

وقال أبو حاتم: ما خلف أبو زرعة بعده مثله، ولا أعلم منه كان يحفظ هذا الشأن مثله «5» ، وقلّ من رأيت في زهده.

ص: 433

توفي أبو زرعة في آخر يوم من سنة أربع وستين ومائتين.

ومنهم:

83-

«1» - محمد بن يزيد «2» بن ماجه الربعي

«3» - بالولاء- القزويني أبو عبد الله الحافظ، مصنف كتاب السنن وحسبك بابن ماجه بحرا ماج فطفا من دره ما رسب، وطودا مال لو لم يمسك الغمام من ذيله بحسب، وحبرا مار «4» ما رأى أحدا أفضل مما منه يكتسب، ربعي بالولاء، لا بل هو ربيع توالى قطره الساكب، وتولى الغمام ثم جرى في أرضه نهرا، لأنه ما استطاع أن يمر بها وهو راكب، طاف وارتحل، وطاب موقعه كالغيث حيث حل، وأعمل نظره فيما فرضه الشارع وسنه، وفسّر كتاب الله، وروى حديث رسوله فقام بالكتاب والسنة.

كان إماما في الحديث عارفا بعلومه، وجميع ما يتعلق بعلومه، وارتحل إلى العراق والبصرة، والري والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر لكتب الحديث،

ص: 434

وله: تفسير القرآن، وتاريخ مليح، وكتابه أحد الكتب الستة.

توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين وصلى عليه أخوه أبو بكر، ومولده سنة تسع ومائتين.

ومنهم:

84-

سليمان بن الأشعث «1» بن إسحاق بن بشير الأزدي «2» السجستاني «3» أبو داود

أحد حفاظ الحديث، وعلمه، وعلله، وحيفاز الفهم الصحيح في معرفة سداده «4» وخلله «5» ، ممن فقه في الدين، وفهق «6» غديره الصافي مما امتلأ

ص: 435

للواردين، زاد على من سبقه (ص 175) وما قصروا ذكاء وفهما، وأصاب وما أخطأوا ظنا ومرمى، وأشبهت فطنته السليمانية «1» فطنة مسماه، فوافق المسمى المسمي «2» وما تعداه، لقد أظله وإياهم سحاب تغشاهم رحمته، إلا أنه أخطأهم، وقدح له ولهم زنادا «3» أراهم ضياه، لكنه أصابه وما أخطاهم، ثم قال التثبت إذ سبق الأوائل: مهلا سبقت، وما توانى أولئك أناة وحلما، وقال الفهم حين أصاب الصواب (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما)«4»

كان في الدرجة العالية من النسك والصلاح.

طوّف البلاد وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين، والمصريين، والجزريين «5» ، وجمع كتاب السنن قديما، وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده «6» واستحسنه، وعده أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء من جملة أصحاب الإمام أحمد.

ص: 436

قال إبراهيم الحربي «1» - لما صنف أبو داود كتابه السنن-: ألين له الحديث كما ألين لداود الحديد «2» .

وكان يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس مائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب- يعني السنن- جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان من ذلك أربعة أحاديث «3» :

أحدها: قوله: «الأعمال بالنيات «4» »

ص: 437

وجاء سهل بن عبد الله التّستري «1» ، فقيل له: يا أبا دواد هذا سهل قد جاءك زائرا، قال: فرحب به وأجلسه، فقال: يا أبا دواود لي إليك حاجة (ص 176) قال: وما هي؟

قال: حتى تقول قضيتها. قال: أقضيها مع الإمكان.

قال: أخرج لسانك الذي حدثت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبّله. قال:

فأخرج لسانه فقبّله.

توفي بالبصرة يوم الجمعة منتصف شوال سنة خمس وسبعين ومائتين.

ومولده سنة اثنتين ومائتين.

ومنهم:

85-

محمد بن إدريس «2» بن المنذر الحنظلي

«3» أبو حاتم الرازي أحد الأعلام، وأحد سيوف الإسلام، ممن تجوّل وطاف لا

ص: 439

تسعى به إلا قدمه، ولا تصحبه إلا هممه، يقطع الأرض ركضا، ويقنع بما هو عليه من الدأب، ويرضى؛ حتى أخذ من الحديث الشريف النبوي- زاده الله شرفا- ما شد به إليه لأجله الرّحل «1» والقتب «2» ، وألاق «3» له كل طالب دواته وكتب.

قال أبو حاتم: أول ما رحلت أقمت سبع سنين، ومشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، ثم تركت العدد وخرجت من البحرين إلى مصر ماشيا، ثم إلى

ص: 440

الرملة «1» ماشيا، ثم إلى طرسوس «2» ولي عشرون سنة، وكتبت عن النفيلي «3» نحو أربعة عشر ألفا.

قال موسى بن إسحاق الأنصاري: ما رأيت بعد محمد بن يحيى الذهلي أحفظ للحديث، ولا أعلم بمعانيه من أبي حاتم.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: قلت على باب أبي داود الطيالسي «4» : من أغرب عليّ حديثا صحيحا «5» ، فله درهم. وكان ثمة خلق أبو زرعة، فمن دونه، وإنما كان مرادي أن يلقى عليّ ما لم أسمع به، لأذهب إلى راويه، وأسمعه، فلم يتهيأ لأحد أن يغرب عليّ.

قال: وسمعت أبي يقول: قدم الري محمد بن يحيى «6» ، فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثا من حديث الزهري، فلم يعرف إلا ثلاثة أحاديث.

وقال: بعت ثيابي (ص 177) سنة أربع عشرة ونفقت «7» ثمنها حتى نفد، وجعت يومين، فأعلمت رفيقي، فقال: معي دينار، فأعطاني نصفه، وطلعنا مرة من البحر «8» قد فرغ زادنا، فمشينا ثلاثة أيام لا نأكل شيئا، فألقينا بأنفسنا، فسقط

ص: 441