الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
108- أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن عساكر
«1» الإمام الحافظ، فخر الأئمة، محدث الشام، ثقة الدين، صاحب التصانيف، والتاريخ الكبير، ممن ولدتهم دمشق، وولته ما يستحق، وشرّفته على أبنائها، وصرّفته في أنبائها (ص 213) ، وعرفته أسرار بنائها، وأخبار أنبيائها، وأوقفته على أندية «2» سكانها، ووافقته على تطهير أوطانها، وخاطبته شفاها لو أنها
تتكلم، ولاعبته أعطاف «1» صباها، فإما عرف حقائق أخبارها، وإما تنسم «2» ، فاستطالت به، وطال لسانها، وشكر إحسانها، وعاد بها عصر آل جفنة وحسانها «3» ، ومثلت خلفاؤها من بني مروان، ومن خلفهم إلى من آواهم ذلك الأوان، ومن وفد عليها، وورد إليها، وبحث عما بين العريش «4» إلى الفرات حتى حسرت عن كنوزها، وسحرت برموزها، وشنأت «5» العراق، وعيرتها بغدر ابن جرموزها «6» ، وعابتها إذ ذكرت أيام صفين «7» بنشوزها، وأصغرت قدر تاريخها،
وقد جهد فيه الخطيب، وحمد عليه، وما اهتز غصنه الرطيب، حمية توقدت بين جانبيه لبلدته التي أخرجته من أقدم بيوتها، وجاءت به مفاخرها لثبوتها من بقية كان زمان يزيد بن معاوية أولهم، ثم انتهى إليه موئلهم، ثم ما ارتفع بعده لبيته المنيف جدار، ولا ألمّ الفضل له بدار.
ولد سنة تسع وتسعين، وأربع مائة في أولها، وسمع سنة خمس، وخمس مائة باعتناء أبيه، وأخيه الإمام صائن الدين هبة الله «1» ، وعدد شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ، ونيّف، وثمانون امرأة، وصنف التاريخ في ثمانين مجلدا «2» ، وله مصنفات أخر تقارب ثلاثين مجلدا، وأما الأجزاء فشيء كثير، وأملى في أبواب العلم أربع مائة مجلس، وثمانية مجالس «3» ، وخرج لجماعة.
قال السمعاني «4» : أبو القاسم حافظ، ثقة، ديّن، خيّر، حسن السمت، جمع بين معرفة المتن، والإسناد، وكان كثير العلم، غزير الفضل، صحيح القراءة، متثبتا، رحل، وتعب، وبالغ في الطلب، وجمع ما لم يجمعه غيره، وأربى على الأقران (ص 214) .
وحكي عن الفراوي «1» قال: قدم ابن عساكر، فقرأ ثلاثة أيام، فأكثر، وأضجرني، وآليت على نفسي أن أغلق بابي، فلما أصبحنا قدم علي شخص، وقال: أنا رسول رسول الله- صلى الله عليه وسلم إليك، قلت: مرحبا بك فقال:
قال لي في النوم: امض إلى الفراوي، وقل له: قدم بلدكم رجل شامي، أسمر اللون، يطلب حديثي، فلا تمل منه. قال الراوي: فما كان الفراوي يقوم حتى يقوم ابن عساكر.
وقال المحدث بهاء الدين القاسم «2» : كان أبي- رحمه الله مواظبا على الجماعة، والتلاوة، ويختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيي ليلة النصف، والعيدين بالصلاة، والذكر، ويحاسب نفسه على لحظة تذهب، قال لي: لما حملت أمي، قيل لها في منامها: تلدين غلاما يكون له شأن.
وحدثني أن أباه رأى رؤيا معناها: يولد لك ابن، يحيي الله به السنة.
وقال أبو المواهب بن صصرى «1» : كنت أذاكر أبا القاسم الحافظ عن الحفاظ الذين لقيهم، فقال: أما ببغداد فأبو عامر العبدري «2» ، وأما بأصبهان فأبو نصر اليونارتي «3» ، لكن إسماعيل بن محمد «4» الحافظ كان أشهر، فقلت: فعلى هذا، ما رأى سيدنا مثل نفسه! قال: لا تقل هذا، قال الله: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ
«5» قلت:: فقد قال وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
«6» فقال: لو قال قائل:
إن عيني لم تر مثلي لصدق.
قال أبو المواهب: وأنا لم أر مثله، ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة من لزوم الصلوات في الصف الأول إلا من عذر، والاعتكاف في رمضان، وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل
الأملاك، وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب (ص 215) من الإمامة، والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
قال لي: لما عزمت على التحديث- والله المطلع أنه ما حملني على ذلك حب الرئاسة، والتقدم بل قلت: متى أروي كل ما سمعت؟ وأي فائدة في كوني أخلفه صحائف- فاستخرت الله، واستأذنت أعيان شيوخي، ورؤساء البلد، وطفت عليهم، فكلهم قال: من أحق بهذا منك؟! فشرعت في ذلك سنة ثلاث وثلاثين، وخمس مائة، وكان حافظ العصر أبو الحجاج المزي «1» يميل إلى أن ابن عساكر لم ير مثل نفسه.
وقال الحافظ عبد القادر «2» : ما رأيت أحفظ من ابن عساكر.
وقال ابن النجار «3» : أبو القاسم إمام المحدثين في وقته، انتهت إليه الرياسة في الحفظ، والإتقان، والثقة، والمعرفة التامة، وبه ختم هذا الشأن، وكان فقيها أديبا سنيا.
[كان قد توجه لزيارة القدس، ثم أتى مصر، فأكرم الملك العزيز»
مقدمه، وسرّ به كافة أهل مصر، كتب الفاضل «2» إلى الملك الناصر «3» في أمره كتابا منه:" المملوك يقبل الأرض بين يدي مولانا الملك الناصر لا زالت عواطفه مرجوة، ومحاسنه متلوة، وعوارفه برة بالحظوظ المحفوة، ومكارمه تأخذ كتاب السؤال بقوة، وينهي- إن كان وصل الخبر- بأن الشيخ الفقيه الإمام الحافظ أبا القاسم بن عساكر قد زار بيت المقدس، قدّس الله فاتحه، ومنح النصر مانحه، فاستشرف أهل مصر شرف منادمته لقربه، واستشفعوا بالإمام «4» أولادهم للقراءة، والإجازة، فلما توجه منصب إمامته «5» ولا خفاء عن مولانا أنه أقرب رسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمة عهدا، إسنادا عاليا، وفهما واعيا، وأدبا، ولسانا راويا، ولما لقيه المملوك عرفه أنه جمع بين الغرضين، وهو الزيارة الشافعية، والإسماع لأهل الديار المصرية، ومن الوفادة على مولانا عز جنابه، وسعد بالوافدين بابه، ذكر منه ما استأذن عليه أن يحيى به.] «1»
توفي في حادي عشر رجب سنة إحدى وسبعين، وخمس مائة، ورئي له منامات حسنة، ورثي بقصائد، وقبره يزار بباب الصغير «2» .
ومنهم:
109-
أبو موسى «1» المديني
«2» واسمه محمد بن أبي بكر عمر بن عيسى الأصبهاني «3» الحافظ المشهور فما به حاجة إلى التعريف، والمشهود فضله نورا يشف في زجاج التصنيف، الأصبهاني الذي ما تنور البصائر إلا بكحل مداده، ولا يجلو بياض العين أنفع من كحل سواده، وزنت به الجبال فرجح على سؤددها «4» ، وازّينت به أصفهان،
وليس سوى سيادته صيت «1» إثمدها «2» ، رحل عن بلده أصفهان، ثم عاد إليها مشرفا مدينيّه «3» لمدينتها، مشرفا أسوارها لحمايتها به ولزينتها، فحل بها حيث يأوي الأسد من الغيل «4» ، وأقام يدوس لممها، وغيره يتمنى أن يكتحل من ترابها بميل «5» .
(ص 216) ولد في ذي القعدة سنة إحدى وخمس مائة بأصبهان، وكان إمام عصره في الحفظ والمعرفة، وله في الحديث تواليف مفيدة، وصنف كتاب" المقيت" كمل به كتاب" الغريبين"«6» للهروي «7» ، واستدرك عليه، وله مصنفات أخر، ورحل من أصبهان في طلب الحديث، ثم رجع إليها، وأقام بها، وانتهى إليه التقدم في هذا الشأن مع علو الإسناد، والمعرفة التامة، والرواية الواسعة.
قال الدبيثي «8» : عاش أبو موسى حتى صار أوحد وقته، وشيخ زمانه
إسنادا، وحفظا. وقال عبد القادر «1» : حصل من المسموعات بأصبهان ما لم يتحصل لأحد في زمانه، وانضم إلى ذلك الحفظ، والاتقان، وله شيء يسير يتريح به، وينفق منه، ولا يقبل من أحد شيئا قط، أوصى إليه غير واحد بمال فردّه، فيقال: فرقه على من ترى. فيمتنع، وكان من التواضع بحيث إنه يقرئ الصغير والكبير، ويرشد المبتدئ، رأيته يحفظ الصبيان القرآن في الألواح، ويمنع من يمشي معه «2» ، فعلت ذلك مرة، فزجرني، وترددت إليه نحوا من سنة، ونصف، فما رأيت منه، ولا سمعت عنه سقطة تعاب عليه.
وكان أبو مسعود كوتاه «3» يقول: أبو موسى كنز مخفي.
وقال الحسين بن يوحن الباورني «4» : كنت في مدينة الخان «5» ، فسألني سائل عن رؤيا قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي، فقلت: إن صدقت رؤياك يموت إمام لا نظير له في زمانه، فإن مثل هذا المنام رؤي حال وفاة الشافعي،
والثوري، وأحمد، فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى، وكانت وفاته ليلة الأربعاء تاسع جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وخمس مائة بأصبهان (ص 217) .
قال عبد الله بن محمد الخجندي: لما مات أبو موسى لم يكادوا أن يفرغوا حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، وكان الماء قليلا بأصبهان.
ومنهم:
110-
عبد الغني بن عبد الواحد «1» بن علي بن سرور المقدسي «2» ، ثم الصالحي «3» الحنبلي الحافظ، تقي الدين، أبو محمد.
صاحب التصانيف، والجبل الذي لا تنسفه الزعانيف «4» ، والقائم في ذات
الله لا تأخذه لومة لائم، تمضّه «1» تعنيفه، ويمضي فيه تصريفه، ويقضي عليه سيفه الماضي إما يقتله، وإما يخيفه، ما لان لمن قصد به غضاضة «2» ولا هان، وقد قذف نجمه يريد انقضاضه، بل رفعه الله من حيث أراد العدو أن يضعه، وقربه من حيث أبعد موضعه، ما ضره وهو الغمام أن أنأى محله، ولا نقصه- وهو الذهب- حيث أحله، وعاش لا يبالي بالخمول، وقد أنامه في مرقده وأسكنه في قرارة ملحده «3» ، وألقاه في جانب بيته لا يستطيع حراك لسانه ولا يده، وبقي لا يشكو قترا ولا قتارا «4» ، ودام على هذه الحال حتى مات فتعوض خيرا من الأهل أهلا، ومن الدار دارا.
ولد سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، هو وابن خالته موفق الدين «5»
بجماعيل «1» ، واصطحبا مدة في أول اشتغالهما ورحلتهما، وحدث أبو محمد بالكثير وصنف في الحديث التصانيف الحسنة، وكان غزير الحفظ، من أهل الإتقان والتجويد، قيّما بجميع فنون الحديث، تكلم في الصفات والقرآن بشيء أنكره أهل التأويل، فعقد له مجلس بدار السلطان بدمشق، فأصر وأباحوا قتله، فشفع فيه أمراء الأكراد على أن ينزح من دمشق فذهب إلى مصر، وأقام به خاملا إلى أن مات (ص 218) قال أبو موسى المديني: قل من وفد علينا من الأصحاب من يفهم هذا الشأن كفهم الإمام عبد الغني زاده الله توفيقا، وقد وفق لتبيين هذه الغلطات- يعني التي في كتاب معرفة الصحابة لأبي نعيم «2» -، ولو كان الدارقطني وأمثاله في الأحياء لصوبوا فعله، وقل من يفهم في زماننا ما فهمه.
وقال الحافظ ضياء الدين «3» : خرج عبد الغني إلى أصبهان، وليس معه كيس فلوس، فسهل الله من حمله، وأنفق عليه، فأقام بأصبهان مدة، وحصل بها الكتب الجيدة، قال: وسمعت إسماعيل بن ظفر «4» يقول: جاء رجل إلى الحافظ عبد الغني، فقال: رجل حلف بالطلاق أنك تحفظ مائة ألف حديث.
فقال: لو قال أكثر لصدق.
قال: وشاهدت عبد الغني- غير مرة- بجامع دمشق يسأله بعض الحاضرين، وهو على المنبر: اقرأ لنا من غير الجزء. فيقرأ علينا بأسانيدها عن ظهر قلبه، فقيل له: لم لا تقرأ دائما من غير الجزء؟ فقال: أخاف العجب.
وقال تاج الدين الكندي «1» : لم يكن بعد الدارقطني مثل عبد الغني المقدسي، قال: ولم ير مثل نفسه.
وقال الشيخ موفق الدين: كان عبد الغني رفيقي، وما كنا نستبق إلى خير إلا سبقني إليه إلا القليل، وكمل الله فضيلته بابتلائه بما أوذي به، وصبر عليه، ورزق العلم، وتحصيل الكتب الكثيرة إلا أنه لم يعمر حتى يبلغ غرضه في روايتها، ونشرها.
وقال الضياء: كان عبد الغني لا يرى منكرا إلا غيره بيده، أو بلسانه، وكان لا يأخذه في الله لومة لائم، رأيته مرتين يريق خمرا، فسل صاحبه السيف، فلم يخف، وكان قويا، فأخذ السيف من الرجل، وكان يكسر الشبابات «2» ،
والطنابير «1» (ص 219) .
قال: وسمعت أبا بكر بن أحمد الطحان يقول: جعلوا الملاهي عند باب جيرون «2» ، فجاء الحافظ عبد الغني، فكسر كثيرا، وصعد المنبر، فجاء رسول القاضي يطلبه ليناظره في الدف «3» ، والشبابة، فقال: ذاك حرام، ولا أمشي إليه، إن كان له حاجة يجيء هو. قال: فعاد الرسول يقول: لا بد من مجيئك، قد أبطلت هذه الأشياء على السلطان، فقال: ضرب الله رقبته، ورقبة السلطان، فمضى الرسول، وخفنا من فتنة، فما أتى من جديد.
قال أبو موسى عبد الله بن عبد الغني: مرض والدي أياما ووضأته وقت الصبح، فقال: يا عبد الله صلّ بنا، وخفف فصليت بالجماعة وصلى معنا جالسا ثم قال: اقرأ عند رأسي (يس) فقرأتها، وقلت: هنا دواء تشربه، فقال، ما بقي إلا الموت. فقلت ما تشتهي شيئا؟ قال: أشتهي النظر إلى وجه الله فقلت: ما أنت عني راض؟ قال: بلى. وجاءوا يعودونه، ففتح عينيه، وقال: ما هذا؟ اذكروا الله، قولوا" لا إله إلا الله" ثم دخل درع النابلسي فقمت لأناوله كتابا من جانب
المسجد، ورجعت، وقد توفي يوم الاثنين الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة ستمائة بمصر.
قال الضياء: وسمعت يقول لي: رأيت أخاك عبد الرحيم في المنام، فقلت:
أين أنت؟ قال: في جنة عدن فقلت: أيما أفضل الحافظ عبد الغني، أو الشيخ أبو عمر؟ فقال: لا أدري، وأما عبد الغني فينصب له كرسي تحت العرش، وينثر عليه الدر، وهذا نصيبي منه، وأشار إلى كمه.
وكان عبد الغني ليس بالأبيض الأمهق «1» ، يميل إلى سمرة، حسن الثغر، كث اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه، ضعف بصره من كثرة النسخ، والمطالعة، والبكاء وكان جوادا كريما لا يدخر درهما، وقيل: كان يخرج ليلا بالقفاف فيها الدقيق (ص 220) فإذا فتحوا له ترك ما معه، ومضى لئلا يعرف، وربما كان عليه ثوب مرقع «13» .
111-
ومنهم محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي «13» المقدسي ثم الدمشقي الصالحي
«1» الحنبلي ضياء الدين أبو عبد الله الحافظ، الحجة محدّث الشام شيخ السنة.
طلب «2» وما نهنه «3» ، ولغب «4» وما أغبّ «5» المهمه «6» ، ولم يلق حبل قلمه عن غاربه «7» ، ولم يلق مداد دواته إلا بعرق متاعبه «8» ، أخذ لرحلته أهبتها، وعاجل الأيام ووثبتها، وشدّ نسوع نجائبه «9» ، وأجدّ شسوع مذاهبه «10» ، وتعب حتى استراح، وتمنّى حتى فرّغ الامتراح «11» ، ولم يدع واديا
تفد «1» ، أفواج ريحه، ولا جبلا تسرّج لمم شيحه «2» ، حتى جال بين جنبيه، أو داس مفرقه وصعد عليه، إلى أن ضبط عن كل امرئ ما هو به لافظ، وهبط عن مطامطيّه «3» وهو يدعى للإمام الحافظ.
ولد سنة تسع وستين وخمس مائة، ورحل مرتين إلى إصبهان وسمع بها مالا يوصف كثرة، وحصّل أصولا كثيرة، ونسخ وصنّف وصحح وليّن، وجرح وعدّل، وكان مرجوعا إليه في هذا الشأن، قال تلميذه عمر بن الحاجب «4» :
شيخنا أبو عبد الله شيخ وقته، ونسيج وحده علما وحفظا وثقة ودينا، من العلماء الربانيين، وهو أكبر من أن يدلّ عليه مثلي، وكان شديد التحرّي في الرواية، مجتهدا في العبادة.
ذكروه فأطنبوا في حقه، ومدحوه بالحفظ والزهد. وقال ابن النجار «5» :
حافظ، متقن، حجة، عالم بالرجال، ورع تقي، ما رأيت مثله، توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة.