الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لبقي: انشر علمك، وقال بقيّ لقد غرست للمسلمين غرسا بالأندلس لا يقلع إلا بخروج الدجّال. وقال ابن حزم «1» : كان بقي ذا خاصة من أحمد بن حنبل وجاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي، وقال بقي: كل من رحلت إليه فماشيا على قدمي، وكان بقي مجاب الدعوة، ويؤثر عنه إيثار حتى بثوبه، وقيل إنه كان يختم القرآن كل ليلة في ثلاث عشرة ركعة، ويسرد الصوم، وحضر سبعين غزوة، ومات في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومائتين.
ومنهم
118- محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي
«2» الحافظ المشهور، تنازعت فيه الجزائر، وسارعت/ (ص 237) إلى تلقي خياله الزائر، أفرشه الأندلس نمارقه الخضر فأباها، وأحلّه مفارقه البيض فنفس بنفسه على رباها، وأخذ يسمو سمّو حباب «3» الماء حالا على حال، ويتعقب سفائن بحر وسفائن آل «4» ، إلى أن نزل بكنف بغداد المخصب، وتطرّف بمطرف «5» العراق
المعشب، ثم حرّم على الرحال ظهورها، وإلى الارتحال ظهورها، وسكن بجانب دجلة لا يسقى إلا بمائها، ولا يظلّل إلا بسمائها، وحبّب إلى أهلها لوجود الملاءمة ووجوه المحاسن التي تخلّق بأخلاقها، وعداه اللائمة، أصله من قرطبة من ربض «1» الرصافة، وهو من أهل جزيرة ميورقة تجاه شرق الأندلس، روى عن أبي محمد ابن حزم واختص به، وأكثر من الأخذ عنه وشهر بصحبته، وعن أبي عمر بن عبد البر «2» وغيرهما من الأئمة، ورحل إلى الشرق سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، فحج وسمع بإفريقية والأندلس وبمكة حرسها الله وشرّفها، وبمصر والشام والعراق، واستوطن بغداد، وكان موصوفا بالنباهة والمعرفة والإتقان والدين والورع، وكانت له نغمة حسنة في قراءة الحديث. وقال أبو نصر بن ماكولا «3» لم أر مثله في عفّته ونزاهته وتشاغله بالعلم، وكان من اجتهاده ينسخ بالليل في الحرّ، وكان يجلس في إجانة «4» ماء يتبرد به وكان إماما في الحديث وعلله ورواته، متحققا في علم التحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث، متبحرا في علم الأدب والترسل، وله كتاب الجمع بين الصحيحين، وهو مشهور، وأخذه الناس عنه، وله مصنفات أخر مفيدة، توفي ليلة الثلاثاء سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ببغداد، ودفن من الغد بالقرب من قبر الشيخ
أبي إسحاق الشيرازي «1» ، وصلى عليه أبو بكر الشاشي «2» في جامع القصر، ثم نقل بعد ذلك في صفر سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى/ (ص 238) مقبرة باب حرب، ودفن عند قبر بشر الحافي «3» ، ومولده قبل العشرين وأربعمائة، ومن نظمه:[الوافر]
لقاء الناس ليس يفيد شيئا
…
سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا
…
لأخذ العلم أو لصلاح حال
ومنه قوله: [الوافر]
طريق الزهد أفضل ما طريق
…
وتقوى الله بادية الحقوق
فثق بالله يكفك واستعنه
…
يعنك وذر بنيّات الطريق
ومنه قوله: [الوافر]
كتاب الله عز وجل قولي
…
وما صحّت به الآثار ديني
وما اتفق الجميع عليه بدءا
…
وعودا فهو عن حق مبين
فدع ما صدّ عن هذي وخذها
…
تكن منها على عين اليقين