الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعقد الشروط، ثم اقتصر على إسماع العلم وعلى هذه الصناعة، وهي كانت بضاعته، والرواة عنه لا يحصون، واستوعب ابن الزبير «1» ترجمته، وقال: كان يؤثر الخمول «2» والقناعة بالدون من العيش، ولم يتدنّس رحمه الله بخطة تحطّ من قدره، حتى لم يجد أحد إلى الكلام فيه من سبيل، توفي في ثامن شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة عن أربع وثمانين سنة.
ومنهم
120- عبد الحق بن عبد الرحمن بن الحسين بن سعيد الحافظ أبو محمد الأزدي الإشبيلي
«3» ويعرف بابن الخرّاط، فاضل أرشفته الدنيا ريقها، وألحفته وريقها، ثم نغصت له جرعها، وخلعت عن منكبيه خلعها، واستردت منه أيّام عواريها، وردّت إليه سهام عواديها، وقلبت له ظهر مجنّها، ودهر أمنها، فنابته نوائبها، وأصابته صوائبها، وأخذ فيها من حيث ظنّ أنها سالمته، وقد اغترّ بأنها في زخرفها ساهمته، وخدعته بغرورها، وما عرف أنها أوهمته، سكن إليها وهي التي لا يسكن إليها ذو حجى، واطمأن بها وكيف يطمئن خابط في الدجى، سكن
بجاية وقت الفتنة التي زالت فيها الدولة اللمتونية «1» فنشر بها علمه، وصنّف التصانيف واشتهر اسمه، وبعد صيته وسعد قسمه، وولي خطابة بجاية. ذكره أبو عبد الله الأبار «2» فقال:/ (ص 240)
كان فقيها حافظا عالما بالحديث وعلله، عارفا بالرجال، موصوفا بالخير والصلاح والزهد والورع، ولزوم السنة، والتقلل من الدنيا، مشاركا في الأدب وقول الشعر، وصنّف في الأحكام نسختين: كبرى وصغرى، سبقه إلى مثل ذلك أبو العباس بن أبي مروان «3» الشهيد بلبله، فحظي عبد الحق دونه، وله في الجمع بين الصحيحين مصنّف، وله أيضا مصنّف كبير جمع فيه بين الكتب الستة، وله مصنفات أخر، منها كتاب في اللغة حافل، ضاهى به كتاب الغريبين للهروي «4» . وتوفى ببجاية بعد محنة نالته من قبل الدولة في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. ومن شعره قوله:[الخفيف]
إن في الموت والمعاد لشغلا
…
وادّكارا لذي النهى وبلاغا
فاغتنم خطّتين قبل المنايا
…
صحة الجسم يا أخي والفراغا