المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌14- علي بن حمزة الكسائي - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٥

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌منهجنا في خدمة الكتاب وتحقيقه

- ‌الفصل الأول: وهو الخطابي

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌[مشرق الأرض ومغربها]

- ‌[تشبيه بعض الحكماء للأرض]

- ‌[تفضيل المشرق على المغرب]

- ‌[الأنبياء والرسل]

- ‌[الجهات الشريفة]

- ‌[الحواريون والصحابة]

- ‌[جماهير الكرماء والعظماء في الجاهلية والإسلام]

- ‌[الأئمة والفقهاء]

- ‌[السادات الأولياء أئمة التحقيق]

- ‌[الفلاسفة والحكماء والأطباء ورجال الفلك والعلوم]

- ‌[أصحاب الموسيقى]

- ‌[حكم الشرع في السماع وآلاته]

- ‌[قول ابن بسام في خطبة كتاب الذخيرة]

- ‌[أصحاب الصنائع العملية (الكتابة) والفلاحة والسيوف، والرماح، والديباج]

- ‌[في الشرق رست قواعد الخلافة]

- ‌[المقايسة بين سلاطين المشرق والمغرب والخلافة]

- ‌[مسعود بن محمود بن سبكتكين]

- ‌[السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان]

- ‌[السلطان علاء الدين خوارزم شاه]

- ‌[الملك العادل، وجلال الدين محمد]

- ‌[فتنة البساسيري]

- ‌[الحيوان والنبات والمعادن]

- ‌[الجواهر والأحجار]

- ‌[العقاقير]

- ‌[بعض ما في المغرب مما سبق]

- ‌الفصل الثانى فى الإنصاف بين المشرق والمغرب على حكم التحقيق

- ‌[خطا الأطوال والعروض…الشرق والغرب أمر نسبي]

- ‌[المشرق أطول من المغرب]

- ‌[للمشرق الفخر]

- ‌[قول ابن سعيد.. المحاسن مقسمة.. الأغلب على البلاد المشرقية]

- ‌[رد ابن فضل الله العمري على ابن سعيد]

- ‌[ما فعله يوسف بن تاشفين مع بني عباد ملوك الأندلس]

- ‌[الموازنة بين المشرق والمغرب]

- ‌[الحيوان والنبات]

- ‌[المغرب والمشرق واللغة وبعض الشعراء]

- ‌[العلوم العقلية]

- ‌[المتنزهات.. والقلاع والمدن والأنهار]

- ‌[شعر في مدح المشرق والمغرب وغلمانهما]

- ‌[الإسكندر وبلاد فارس وأرسطو وصاحب الصين]

- ‌[تشبيه ابن سعيد الأرض بطائر]

- ‌[من أحكام المناظرة بين المشارقة والمغاربة]

- ‌[نشأة الخلافة]

- ‌[المناظرة بين الأشخاص: الخلفاء ونحوهم]

- ‌[من عظماء الأدارسة…الناصر علي بن حمود]

- ‌[بنو عبد المؤمن]

- ‌[الشبه بين المأمون بن المنصور الموحدي والمأمون العباسي]

- ‌[خراسان سلطنة عريضة]

- ‌[سجستان ودولة بني الصفار]

- ‌[كرمان وديلمان]

- ‌[مازندران (طبرستان) ]

- ‌[عراق العجم]

- ‌[فارس]

- ‌[خوزستان (الأهواز) ]

- ‌[العراق السلطنة العظمى]

- ‌[شهرزور]

- ‌[الجزيرة]

- ‌[الشام سلطنة جليلة]

- ‌[جزيرة العرب]

- ‌[وهجر سلطنة واليمامة]

- ‌[أذربيجان]

- ‌[أرمينية.. وبلاد الروم]

- ‌[سلطنات المغرب الديار المصرية]

- ‌[برقة وإفريقية]

- ‌[سلطنة المغرب الأقصى]

- ‌[بلاد السودان]

- ‌[أرض النوبة والكانم]

- ‌[جزيرة الأندلس ومن تولى عليها]

- ‌[سلطنات رومية والقسطنطينية]

- ‌[الجندية في المشرق والمغرب رجالها عتادها وما يتبع ذلك وعطاؤهم]

- ‌[الوزارة]

- ‌[الكتاب بالمشرق]

- ‌[جاء في المتأخرين من لم يرض طرق المتقدمين]

- ‌مشاهير قراء المشرق

- ‌[مقدمة]

- ‌1- أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك ابن النجار أبو المنذر الأنصاري

- ‌2- ومن أعلام القراء أبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفة

- ‌3- مجاهد بن جبر الإمام

- ‌4- عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة

- ‌5- عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان أبو معبد الكناني الداري المكي

- ‌6- يزيد بن القعقاع أبو فرج القاري أحد العشرة

- ‌7- عاصم بن أبي النجود بهدلة الأسدي

- ‌8- حمزة بن حبيب الزيات

- ‌9- أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري

- ‌10- نافع بن عبد الرحمن الليثي أبو رويم المقرئ

- ‌11- إسماعيل بن عبد الله المخزومي قارئ أهل مكة

- ‌12- حفص بن سليمان أبو عمر الأسدي

- ‌13- سليم بن عيسى بن سليم بن عامر

- ‌14- علي بن حمزة الكسائي

- ‌15- أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي

- ‌16- يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي

- ‌17- يعقوب بن إسحاق بن يزيد بن عبد الله

- ‌18- يحيى بن آدم بن سليمان أبو زكريا القرشي

- ‌19- حسين بن علي الجعفي مولاهم الكوفي

- ‌20- قالون أبو موسى

- ‌21- أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة

- ‌22- خلاد بن خالد

- ‌23- خلف بن هشام بن تغلب أبو محمد البغدادي المقرئ البزار

- ‌24- الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي المقرئ

- ‌25- عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان

- ‌26- هشام بن عمار بن نصير

- ‌27- أبو عمر الدوري

- ‌28- أبو شعيب السوسي

- ‌29- قنبل مقرئ أهل مكة

- ‌30- أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد شيخ العصر أبو بكر البغدادي

- ‌32- محمد بن النضر بن مرّ بن الحر الربعي الإمام أبو الحسن ابن الأخرم الدمشقي

- ‌34- محمد بن الحسن بن محمد بن زياد أبو بكر النقاش الموصلي ثم البغدادي

- ‌[قراء الجانب الغربي]

- ‌[قراء مصر]

- ‌64- محمد بن علي بن أحمد

- ‌66- محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن علي بن سالم بن مكي (الشروطي)

- ‌[المحدّثون من أهل المشرق]

- ‌67- أبو هريرة الدوسي اليماني

- ‌69- قتادة بن دعامة بن قتادة الحافظ

- ‌70- شعبة بن الحجاج بن الورد

- ‌71- عبد الرحمن بن مهدي

- ‌72- أبو داود الطيالسي

- ‌76- عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي

- ‌77- عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل

- ‌78- الإمام العلم أبو عبد الله البخاري

- ‌79- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس

- ‌86- أبو عيسى الترمذي

- ‌93- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الكوفي

- ‌98- محمد بن إسحاق بن محمد بن أبي زكريا يحيى بن منده

- ‌99- أبو عبد الله الحاكم

- ‌101- أبو ذر الهروي

- ‌103- الخطيب أبو بكر بن أحمد بن علي بن ثايت بن أحمد البغدادي، خطيب بغداد

- ‌104- أبو نصر بن ماكولا

- ‌105- أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي

- ‌108- أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن عساكر

- ‌112- محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن البغدادي، المعروف بابن النجار

- ‌113- القاسم محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يدّاش البرزاليّ

- ‌114- يوسف بن الزّكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك القضاعي

- ‌115- محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز ابن الذهبي أبو عبد الله شمس الدين

- ‌فأما الحفاظ بالجانب الغربي

- ‌116- يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس

- ‌117- بقيّ بن مخلد

- ‌118- محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي

- ‌119- خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال أبو القاسم الأنصاري الأندلسي

- ‌120- عبد الحق بن عبد الرحمن بن الحسين بن سعيد الحافظ أبو محمد الأزدي الإشبيلي

- ‌121- محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيّد الناس اليعمري الأندلسي الإشبيلي

- ‌122- يزيد بن أبي حبيب الإمام الكبير أبو رجاء الأزدي

- ‌123- عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الحافظ النّسابة أبو محمد الأزدي المصري

- ‌124- أبو طاهر الأصبهاني واسمه أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سلفة الأصبهاني

- ‌125- عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن التوني الدمياطي الشافعي شرف الدين أبو محمد

- ‌[فقهاء المحدثين: الجانب الشرقى]

- ‌126- علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك

- ‌127- القاضي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي

- ‌128- سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم القرشي المدني

- ‌129- عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى القرشي الأسدي

- ‌130- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي

- ‌131- سعيد بن جبير الوائلي مولاهم الكوفي

- ‌132- إبراهيم بن يزيد بن الأسود الفقيه الكوفي النخعي

- ‌133- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي

- ‌134- خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان أبو زيد الأنصاري

- ‌135- عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الشعبي الكوفي

- ‌136- طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني أبو عبد الرحمن

- ‌137- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي

- ‌138- القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي

- ‌139- سليمان بن يسار

- ‌140- الحسن بن أبي الحسن يسار البصري أبو سعيد

- ‌141- مكحول بن عبد الله الشامي

- ‌142- عطاء بن أبي رباح

- ‌143- أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني القرشي

- ‌144- ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ مولى آل المنكدر

- ‌145- يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الحافظ

- ‌146- سليمان بن مهران

- ‌147- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن

- ‌148- عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج الرومي

- ‌149- عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي

- ‌150- سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة أبو عبد الله الثوري الكوفي الفقيه الإمام

- ‌151- حماد بن سلمة بن دينار

- ‌152- عبد الله بن المبارك

- ‌153- سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي

- ‌154- إسحاق بن أبي الحسن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه أبو يعقوب

- ‌155- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي الفقيه البغدادي أبو ثور

- ‌156- محمد بن نصر الإمام أبو عبد الله المروزي

- ‌157- محمد بن إبراهيم بن المنذر أبو بكر النيسابوري

- ‌158- أبو سليمان الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب القرشي العدوي البستي من ولد زيد بن الخطاب ابن نفيل

- ‌159- الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي أبو الفضائل القرشي العدوي العمري عرف بالصغّاني الحنفي

- ‌160- أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر الكردي الشهرزوري، عرف بابن الصلاح

- ‌161- يحيى بن شرف بن مزي بن الحسن بن الحسين الحزامي النووي

- ‌162- أحمد بن عبد الحليم (ابن تيمية)

- ‌فأما من نذكر من مشاهير الجانب الغربي فمنهم:

- ‌163- أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي

- ‌164- أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري

- ‌165- القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي

- ‌166- أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف ب (ابن العربي) المعافري

- ‌ومن متقدميهم بالديار المصرية:

- ‌ومن متأخريهم:

- ‌171- علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس الكتاب

الفصل: ‌14- علي بن حمزة الكسائي

ومائة- «1» . ومولده سنة ثلاثين ومائة. وقال خلف: بل سنة تسع عشرة «2» .

ومنهم

‌14- علي بن حمزة الكسائي

«3» الإمام أبو الحسن الأسدي مولاهم الكوفي المقرئ النحوي، أحد الأعلام «4» ، لف الفضل كله كساؤه، وردّ على العلم جميعه رداؤه، ونشر كساء كسائية أضواء من ملاءة النهار، وأظهر من غرر فوائده أمتع من كواكب الأسحار «5» ، وأسعد الله بصلته ببيت الخلافة جدّه، ولازم تأديب الأمين بن الرشيد حتى أوتي رشده «6» ،

ص: 236

وأغدقت عليه أم جعفر «1» المواهب، وأغصت بالعطايا إليه حلوق المذاهب، وأصبح بانضمامه إلى جناح ابنها يحلّق «2» حيث تقصّ القوادم «3» ، وتقصّر لوامع البروق «4» في الليالي العواتم، وعزّت إفاداته، حتى عدّت للقعود للطلبة أوقاته «5» . وكان لا يجلس إلا مجلسا عاما، وينصب له كرسيّ يصعده، وذو التحصيل يصغي إلى ما يقرأ به ويقيده، إذ كان زمانه لا يسع إشغال كل واحد بمفرده، ولا قوله بلسانه وتقييده بيده «6» . ولد في حدود سنة عشرين ومائة «7» ، وسمع من جماعة (ص 92) وقرأ القرآن وجوّده على حمزة الزيات «8» ، وعيسى ابن عمر الهمداني وزايده، ونقل أبو عمرو الداني وغيره أن الكسائي قرأ على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضا، واختار لنفسه قراءة «9» ، ورحل إلى البصرة فأخذ العربية عن الخليل بن أحمد «10» وأخذ الحروف أيضا عن أبي بكر ابن عياش وغيره «11» ، وخرج إلى البوادي فغاب مدّة طويلة، وكتب الكثير من اللغات والغريب عن الأعراب بنجد وتهامه، ثم قدم وقد أنفد خمس عشرة قنينة

ص: 237

حبر «1» ، وقرأ عليه أبو عمر الدوري وأبو الحرث الليث وخلق سواهم «2» ، وانتهت إليه الإمامة في القرآن والعربية. قال ابن معين: ما رأيت بعيني أصدق لهجة من الكسائي «3» ، وقال أبو عبيد في كتاب القراءات: كان الكسائي يتخيّر القراءات، فأخذ من قراءة حمزة بعضا، وترك بعضا «4» ، وكان من أهل القراءة، وهي كانت علمه وصناعته، ولم يجالس أحدا كان أضبط ولا أقوم بها منه «5» . وقال خلف:

قرأ الكسائي على حمزة القرآن أربع مرات «6» ، وقال أبو بكر بن الأنباري اجتمعت في الكسائي أمور: كان أعلم الناس بالنحو، وواحدهم في الغريب، وكان أوحد الناس في القرآن، فكانوا يكثرون عليه، حتى لا يضبط الأخذ عليهم، فيجمعهم ويجلس على كرسي، ويتلو القرآن من أوله إلى آخره، وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادي «7» ، وكان في الكسائي تيه وحشمة، لما نال من الرياسة بإقراء محمد الأمين ولد الرشيد وتأديبه أيضا للرشيد، فنال ما لم ينله أحد من الجاه والمال والإكرام، وحصل له رياسة العلم والدنيا «8» . وقال خلف: عملت وليمة فدعوت الكسائي واليزيدي «9» ، فقال

ص: 238

اليزيدي للكسائي: يا أبا الحسن أمور تبلغنا عنك ننكر بعضها فقال الكسائي:

أو مثلي يخاطب بهذا، وهل مع العالم (ص 93) من العربية إلا فضل بصاقي هذا، ثم بصق فسكت اليزيدي «1» . وكان الكسائي يؤدب الأمين بن هارون الرشيد ويعلمه الأدب، ولم تكن له زوجة ولا جارية، فكتب إلى الرشيد يشكو العزبة في هذه الأبيات:[الكامل المرفل]

قل للخليفة ما تقول لمن

أمسى إليك بحرمة يدلي

ما زلت مذ صار الأمين معي

عبدي يدي ومطيتي رجلي

وعلى فراشي من ينبهني

من نومة «2» وقيامه قبلي

أسعى برجل منه ثالثة

موفورة مني بلا رجل

وإذا ركبت أكون مرتدفا

قدّام سرجي راكب «3» مثلي

فامنن عليّ بما يسكّن

هـ عني وأهد الغمد للنصل

فأمر له الرشيد بعشرة آلاف درهم وجارية حسناء بجميع آلاتها، وخادم وبرذون بجميع آلاته «4» . واجتمع يوما محمد بن الحسن الشيباني «5» والكسائي في مجلس الرشيد «6» . فقال الكسائي: من تبحر في علم تهدّى إلى جميع العلوم. فقال له محمد: ما تقول فيمن سها في سجود السهو هل يسجد مرة أخرى؟ فقال الكسائي: لا. قال: لماذا؟ قال: لأن النحاة يقولون: المصغر لا

ص: 239

يصغر «1» . فقال محمد: ما تقول في تعليق الطلاق بالملك؟ قال: لا يصح. قال:

لم؟ قال: لأن السيل لا يسبق المطر. كذا وردت هذه الحكاية في عدة مواضع.

وذكر أبو بكر الخطيب في تاريخه أن هذه القصة جرت بين محمد بن الحسن والفرّاء «2» .

وقال الكسائي: صليت بهارون الرشيد فأعجبتني قراءتي، فغلطت في آية ما أخطأ فيها صبي قط أردت أن أقول: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

«3» فقلت: لعلهم يرجعين. فو الله ما اجترأ هارون أن يقول أخطأت، ولكنه لما سلّم قال: أيّ لغة هذه؟ قلت: (ص 94) يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد. قال: أما هذا فنعم «4» .

وقال ابن الدورقي: اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد فحضرت صلاة فقدموا الكسائي يصلي فأرتج «5» عليه قراءة يا أيها الكافرون. فقال اليزيدي:

قراءة (قل يا أيها الكافرون) ترتج على قارئ الكوفة!!؟ قال: فحضرت صلاة فقدموا اليزيدي فأرتج عليه في الحمد فلما سلم قال: [الكامل]

احفظ لسانك لا تقول فتبتلى

إن البلاء موكّل بالمنطق «6»

وعن الفرّاء قال: ناظرت الكسائيّ يوما وزدت فكأني كنت طائرا أشرب من

ص: 240

بحر «1» . قال: وإنما تعلم النحو على كبر لأنه جاء إلى قوم وقد أعيى «2» فقال: قد عييت. فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن!؟ قال: كيف لحنت؟ قالوا له: إن كنت أردت من التعب فقل: أعييت، وإن أردت انقطاع الحيلة والحيرة في الأمر فقل:

عييت. فأنف من ذلك. وقام من فوره فسأل عمن يعلم النحو فدل على معاذ الهرّاء «3» فلزمه، ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل، ثم خرج إلى بادية الحجاز «4» . قال الشافعي: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي «5» . وقال الفرّاء: لقيت الكسائي يوما، فرأيته كالباكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: هذا الملك يحيى بن خالد يحضرني فيسألني عن الشيء، فإن أبطأت في الجواب لحقني منه عتب، وإن بادرت لم آمن الزلل. فقلت: يا أبا الحسن من يعترض عليك؟ قل ما شئت فأنت الكسائي. فأخذ لسانه بيده وقال:

قطعه الله إذا إن قلت ما لا أعلم «6» . وروى نصير بن يوسف قال: دخلت على الكسائي في مرض موته فأنشأ يقول: [الكامل]

قدر أحلك ذا النخيل وقد أرى

وأبي، ومالك ذو النخيل بدار

ص: 241

إلا كداركم بذي بقر اللوى

هيهات ذو بقر من المزدار «1»

(ص 95) فقلت: كلا ويمتع الله الجميع بك. فقال: لئن قلت ذلك: لقد كنت أقرئ الناس في مسجد دمشق فأغفيت في المحراب، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم داخلا من باب المسجد، فقام إليه رجل فقال: بحرف من تقرأ؟ فأومأ إليّ «2» .

وقال أبو سعيد السيرافي رثى يحيى اليزيدي محمد بن الحسن والكسائي، وكانا خرجا مع الرشيد فماتا في الطريق، فقال:[الطويل]

تصرمت الدنيا فليس خلود

وما قد ترى من بهجة فيبيد «3»

لكل امرئ كأس من الموت مترع

وما إن لبا إلا عليه ورود

ألم تر شيبا شاملا ينذر البلى

وأنّ الشباب الغض ليس يعود

سيأتيك ما أفنى القرون التي

مضت فكن مستعدا فالفناء عتيد «4»

ص: 242

أسيت على قاضي القضاة محمد

فأذريت دمعي والفؤاد عميد «1»

وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا

بإيضاحه يوما وأنت فقيد

وأقلقني موت الكسائي بعده

وكادت لي الأرض الفضاء تميد «2»

وأذهلني عن كل عيش ولذة

وآرق عيني والعيون هجود

هما عالمانا أوديا وتخرّما

وما لهما في العالمين نديد

فحزني أن يخطر على القلب خطرة

بذكرهما حتى الممات جديد «3»

قال أبو عمر الدوري توفي الكسائي بالري بقرية أرنبويه، وقال مجاهد برنبويه سنة تسع وثمانين ومائة على الصحيح، وقيل إنه عاش سبعين سنة، ومات هو ومحمد بن الحسن في يوم واحد. فقال الرشيد: دفنا الفقه والنحو بالري «4» . وسمي الكسائي لأنه أحرم في كساء «5» .

(ص 96) ومنهم

ص: 243