المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌67- أبو هريرة الدوسي اليماني - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٥

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌منهجنا في خدمة الكتاب وتحقيقه

- ‌الفصل الأول: وهو الخطابي

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌[مشرق الأرض ومغربها]

- ‌[تشبيه بعض الحكماء للأرض]

- ‌[تفضيل المشرق على المغرب]

- ‌[الأنبياء والرسل]

- ‌[الجهات الشريفة]

- ‌[الحواريون والصحابة]

- ‌[جماهير الكرماء والعظماء في الجاهلية والإسلام]

- ‌[الأئمة والفقهاء]

- ‌[السادات الأولياء أئمة التحقيق]

- ‌[الفلاسفة والحكماء والأطباء ورجال الفلك والعلوم]

- ‌[أصحاب الموسيقى]

- ‌[حكم الشرع في السماع وآلاته]

- ‌[قول ابن بسام في خطبة كتاب الذخيرة]

- ‌[أصحاب الصنائع العملية (الكتابة) والفلاحة والسيوف، والرماح، والديباج]

- ‌[في الشرق رست قواعد الخلافة]

- ‌[المقايسة بين سلاطين المشرق والمغرب والخلافة]

- ‌[مسعود بن محمود بن سبكتكين]

- ‌[السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان]

- ‌[السلطان علاء الدين خوارزم شاه]

- ‌[الملك العادل، وجلال الدين محمد]

- ‌[فتنة البساسيري]

- ‌[الحيوان والنبات والمعادن]

- ‌[الجواهر والأحجار]

- ‌[العقاقير]

- ‌[بعض ما في المغرب مما سبق]

- ‌الفصل الثانى فى الإنصاف بين المشرق والمغرب على حكم التحقيق

- ‌[خطا الأطوال والعروض…الشرق والغرب أمر نسبي]

- ‌[المشرق أطول من المغرب]

- ‌[للمشرق الفخر]

- ‌[قول ابن سعيد.. المحاسن مقسمة.. الأغلب على البلاد المشرقية]

- ‌[رد ابن فضل الله العمري على ابن سعيد]

- ‌[ما فعله يوسف بن تاشفين مع بني عباد ملوك الأندلس]

- ‌[الموازنة بين المشرق والمغرب]

- ‌[الحيوان والنبات]

- ‌[المغرب والمشرق واللغة وبعض الشعراء]

- ‌[العلوم العقلية]

- ‌[المتنزهات.. والقلاع والمدن والأنهار]

- ‌[شعر في مدح المشرق والمغرب وغلمانهما]

- ‌[الإسكندر وبلاد فارس وأرسطو وصاحب الصين]

- ‌[تشبيه ابن سعيد الأرض بطائر]

- ‌[من أحكام المناظرة بين المشارقة والمغاربة]

- ‌[نشأة الخلافة]

- ‌[المناظرة بين الأشخاص: الخلفاء ونحوهم]

- ‌[من عظماء الأدارسة…الناصر علي بن حمود]

- ‌[بنو عبد المؤمن]

- ‌[الشبه بين المأمون بن المنصور الموحدي والمأمون العباسي]

- ‌[خراسان سلطنة عريضة]

- ‌[سجستان ودولة بني الصفار]

- ‌[كرمان وديلمان]

- ‌[مازندران (طبرستان) ]

- ‌[عراق العجم]

- ‌[فارس]

- ‌[خوزستان (الأهواز) ]

- ‌[العراق السلطنة العظمى]

- ‌[شهرزور]

- ‌[الجزيرة]

- ‌[الشام سلطنة جليلة]

- ‌[جزيرة العرب]

- ‌[وهجر سلطنة واليمامة]

- ‌[أذربيجان]

- ‌[أرمينية.. وبلاد الروم]

- ‌[سلطنات المغرب الديار المصرية]

- ‌[برقة وإفريقية]

- ‌[سلطنة المغرب الأقصى]

- ‌[بلاد السودان]

- ‌[أرض النوبة والكانم]

- ‌[جزيرة الأندلس ومن تولى عليها]

- ‌[سلطنات رومية والقسطنطينية]

- ‌[الجندية في المشرق والمغرب رجالها عتادها وما يتبع ذلك وعطاؤهم]

- ‌[الوزارة]

- ‌[الكتاب بالمشرق]

- ‌[جاء في المتأخرين من لم يرض طرق المتقدمين]

- ‌مشاهير قراء المشرق

- ‌[مقدمة]

- ‌1- أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك ابن النجار أبو المنذر الأنصاري

- ‌2- ومن أعلام القراء أبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفة

- ‌3- مجاهد بن جبر الإمام

- ‌4- عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة

- ‌5- عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان أبو معبد الكناني الداري المكي

- ‌6- يزيد بن القعقاع أبو فرج القاري أحد العشرة

- ‌7- عاصم بن أبي النجود بهدلة الأسدي

- ‌8- حمزة بن حبيب الزيات

- ‌9- أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري

- ‌10- نافع بن عبد الرحمن الليثي أبو رويم المقرئ

- ‌11- إسماعيل بن عبد الله المخزومي قارئ أهل مكة

- ‌12- حفص بن سليمان أبو عمر الأسدي

- ‌13- سليم بن عيسى بن سليم بن عامر

- ‌14- علي بن حمزة الكسائي

- ‌15- أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي

- ‌16- يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي

- ‌17- يعقوب بن إسحاق بن يزيد بن عبد الله

- ‌18- يحيى بن آدم بن سليمان أبو زكريا القرشي

- ‌19- حسين بن علي الجعفي مولاهم الكوفي

- ‌20- قالون أبو موسى

- ‌21- أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة

- ‌22- خلاد بن خالد

- ‌23- خلف بن هشام بن تغلب أبو محمد البغدادي المقرئ البزار

- ‌24- الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي المقرئ

- ‌25- عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان

- ‌26- هشام بن عمار بن نصير

- ‌27- أبو عمر الدوري

- ‌28- أبو شعيب السوسي

- ‌29- قنبل مقرئ أهل مكة

- ‌30- أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد شيخ العصر أبو بكر البغدادي

- ‌32- محمد بن النضر بن مرّ بن الحر الربعي الإمام أبو الحسن ابن الأخرم الدمشقي

- ‌34- محمد بن الحسن بن محمد بن زياد أبو بكر النقاش الموصلي ثم البغدادي

- ‌[قراء الجانب الغربي]

- ‌[قراء مصر]

- ‌64- محمد بن علي بن أحمد

- ‌66- محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن علي بن سالم بن مكي (الشروطي)

- ‌[المحدّثون من أهل المشرق]

- ‌67- أبو هريرة الدوسي اليماني

- ‌69- قتادة بن دعامة بن قتادة الحافظ

- ‌70- شعبة بن الحجاج بن الورد

- ‌71- عبد الرحمن بن مهدي

- ‌72- أبو داود الطيالسي

- ‌76- عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي

- ‌77- عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل

- ‌78- الإمام العلم أبو عبد الله البخاري

- ‌79- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس

- ‌86- أبو عيسى الترمذي

- ‌93- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الكوفي

- ‌98- محمد بن إسحاق بن محمد بن أبي زكريا يحيى بن منده

- ‌99- أبو عبد الله الحاكم

- ‌101- أبو ذر الهروي

- ‌103- الخطيب أبو بكر بن أحمد بن علي بن ثايت بن أحمد البغدادي، خطيب بغداد

- ‌104- أبو نصر بن ماكولا

- ‌105- أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي

- ‌108- أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن عساكر

- ‌112- محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن البغدادي، المعروف بابن النجار

- ‌113- القاسم محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يدّاش البرزاليّ

- ‌114- يوسف بن الزّكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك القضاعي

- ‌115- محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز ابن الذهبي أبو عبد الله شمس الدين

- ‌فأما الحفاظ بالجانب الغربي

- ‌116- يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس

- ‌117- بقيّ بن مخلد

- ‌118- محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي

- ‌119- خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال أبو القاسم الأنصاري الأندلسي

- ‌120- عبد الحق بن عبد الرحمن بن الحسين بن سعيد الحافظ أبو محمد الأزدي الإشبيلي

- ‌121- محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيّد الناس اليعمري الأندلسي الإشبيلي

- ‌122- يزيد بن أبي حبيب الإمام الكبير أبو رجاء الأزدي

- ‌123- عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الحافظ النّسابة أبو محمد الأزدي المصري

- ‌124- أبو طاهر الأصبهاني واسمه أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سلفة الأصبهاني

- ‌125- عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن التوني الدمياطي الشافعي شرف الدين أبو محمد

- ‌[فقهاء المحدثين: الجانب الشرقى]

- ‌126- علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك

- ‌127- القاضي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي

- ‌128- سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم القرشي المدني

- ‌129- عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى القرشي الأسدي

- ‌130- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي

- ‌131- سعيد بن جبير الوائلي مولاهم الكوفي

- ‌132- إبراهيم بن يزيد بن الأسود الفقيه الكوفي النخعي

- ‌133- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي

- ‌134- خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان أبو زيد الأنصاري

- ‌135- عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الشعبي الكوفي

- ‌136- طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني أبو عبد الرحمن

- ‌137- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي

- ‌138- القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي

- ‌139- سليمان بن يسار

- ‌140- الحسن بن أبي الحسن يسار البصري أبو سعيد

- ‌141- مكحول بن عبد الله الشامي

- ‌142- عطاء بن أبي رباح

- ‌143- أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني القرشي

- ‌144- ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ مولى آل المنكدر

- ‌145- يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الحافظ

- ‌146- سليمان بن مهران

- ‌147- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن

- ‌148- عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج الرومي

- ‌149- عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي

- ‌150- سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة أبو عبد الله الثوري الكوفي الفقيه الإمام

- ‌151- حماد بن سلمة بن دينار

- ‌152- عبد الله بن المبارك

- ‌153- سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي

- ‌154- إسحاق بن أبي الحسن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه أبو يعقوب

- ‌155- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي الفقيه البغدادي أبو ثور

- ‌156- محمد بن نصر الإمام أبو عبد الله المروزي

- ‌157- محمد بن إبراهيم بن المنذر أبو بكر النيسابوري

- ‌158- أبو سليمان الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب القرشي العدوي البستي من ولد زيد بن الخطاب ابن نفيل

- ‌159- الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي أبو الفضائل القرشي العدوي العمري عرف بالصغّاني الحنفي

- ‌160- أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر الكردي الشهرزوري، عرف بابن الصلاح

- ‌161- يحيى بن شرف بن مزي بن الحسن بن الحسين الحزامي النووي

- ‌162- أحمد بن عبد الحليم (ابن تيمية)

- ‌فأما من نذكر من مشاهير الجانب الغربي فمنهم:

- ‌163- أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي

- ‌164- أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري

- ‌165- القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي

- ‌166- أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف ب (ابن العربي) المعافري

- ‌ومن متقدميهم بالديار المصرية:

- ‌ومن متأخريهم:

- ‌171- علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس الكتاب

الفصل: ‌67- أبو هريرة الدوسي اليماني

[المحدّثون من أهل المشرق]

وسنبدأ بالمحدّثين بالجانب الشرقي أخذا بالترتيب، وأبتدئ بالبحر الزاخر، ثم القليب «1» ، ونفتتحهم بالإمام العلم أحفظ أهل الأرض، وهو:

‌67- أبو هريرة الدوسي اليماني

«2» صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو وإن كان من في الرواية واحدا من ركب نهلوا «3» من مكرع «4» ، وشربوا جميعهم من منبع، فإنه أمسّ هنا بالذكر من

ص: 373

بقية أصحابه لأنه هو الذي تروّى «1» حتى روي، وروّى، وربما تدأدأ «2» دون المطلع وتكأكأ «3» عن بعض ما عليه اطلع، خوفا في تلك الأيام التي وقدت «4» فتنتها، وقدّت «5» الطلا «6» والأبدان محنها، فكتم ولم يبح (ص 151) وكعم فمه «7» ولم ينح، وقعد قائمه عن شعب تلك الأهواء ولم يرح، وخمد برقه في عوارض «8» تلك الفتن ولم يلح، وروي أنه كان يقول: الصلاة خلف علي أفضل، وطعام معاوية أدسم، والقعود فوق التل أسلم، وقد كان أكثر القوم ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال: كنت ألزمه لشبع بطني، وإخواننا يلهيهم البيع، والصفق بالأسواق «9» .

ص: 374

واسمه- على الأشهر-: عبد الرحمن بن صخر في الإسلام، وفي الجاهلية" عبد شمس"«1» وكني بأبي هريرة لأنه كان يرعى غنما، فوجد هرة وحشية، فلما أبصرههن، وسمع أصواتهن، أخبر أباه، فقال له: أبا هر «2» .

قال أبو هريرة: نشأت يتيما، وهاجرت مسكينا، وكنت أجيرا لابنة غزوان «3» بطعام بطني، وعقبة رحلي، أحدو بهم إذا ركبوا، وأحتطب إذا نزلوا، «4» فالحمد لله الذي جعل الدين قواما، وأبا هريرة إماما «5» .

ص: 375

وقدم مهاجرا ليالي فتح خيبر «1» ، وذلك في صفر سنة سبع «2» ، وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير،، وروي له نيفا وخمسة آلاف حديث «3» .

قال الإمام أبو عبد الله البخاري «4» : روى عنه ثمان مائة نفس أو أكثر «5» .

وقال أبو هريرة: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين فأما أحدهما فبثثته للناس، وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم" «6» .

ص: 376

وقال أبو صالح السمان «1» : كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم «2» .

وقال أبو هريرة: لا أعرف أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحفظ لحديثه مني «3» .

ص: 377

وقال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره «1» .

وكان أبو هريرة من كبار أئمة العلم، والفتوى مع الجلالة، والعبادة، والتواضع، وكثرة التلاوة، والذكر.

قال أبو عثمان النهدي «2» : تضيفت (ص 152) أبا هريرة سبعا، وكان هو وامرأته «3» يعتقبون الليل أثلاثا، يصلي هذا، ثم يوقظ الآخر فيصلي، ثم يوقظ الثالث.

وكان أبو هريرة من أصحاب الصّفّة «4» فقيرا، ذاق الجوع، ثم بعد النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 378

صلح حاله، وكثر ماله.

وقال أبو هريرة: لقد رأيتني أصرع من الجوع بين القبر والمنبر حتى يقولوا مجنون، فيجلس الرجل على صدري، فأرفع رأسي، فأقول: ليس الذي ترى، إنما هو الجوع «1» .

ثم إن أبا هريرة ولي إمرة المدينة، وناب- أيضا- عن مروان «2» في إمرتها، وكان يمر في السوق يحمل الحزمة، وهو يقول: أوسعوا الطريق للأمير «3» .

وكان يقول لابنته: لا تلبسي الذهب، فإني أخشى عليك من اللهب «4» .

وقال أبو هريرة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسألني من هذه الغنائم؟ فقلت:

أسألك أن تعلمني ما علمك الله تعالى، فنزع نمرة على ظهري، فبسطها بيني وبينه حتى كأني أنظر إلى القمل يدب عليها، فحدثني حتى إذا استوعب حديثه، قال: اجمعها، فصرها إليك، قال: فأصبحت، وأنا لا أسقط حرفا «5» .

ص: 379

وقال أبو هريرة: إني لأستغفر الله تعالى، وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة، وذلك على قدر ديتي «1» . وكان له خيط فيه ألفا عقدة لا ينام حتى يسبح به «2» ، وكان آدم «3» ، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين «4» ، له ضفيرتان، يخضب بالحمرة، وكان من أصحاب الصفة، وله مسائل معروفة، أفتى بحضرة فقهاء الصحابة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اللهم حبب عبيدك هذا- يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما. «5» "

ص: 380

توفي سنة ثمان وخمسين- في قول جماعة-، وقيل سنة سبع وخمسين، وقيل سنة تسع «1» . (ص 153)

وأما ما نذكره من مشاهير الحفاظ، فمنهم:

68-

محمد بن مسلم بن عبيد الله «2» بن عبد الله بن شهاب «3» القرشي الزهري المدني الإمام

والمدني ما نأى على الأفهام، المتوقد لأنه ابن شهاب، المتوقل «4» لأنه على ذيل الأصحاب، المتوفي الزلل فما حفظ شيئا ثم نسيه، ولا استحضره ثم غاب، الناهض به شرف الأسرة في زهرة بن كلاب، والنابض عرقه في أعراق

ص: 381

السراب «1» ، والنافض صبغ دجى الليل بضوء صبحه المجاب «2» ، والناقض حبال الآراء إنكاثا «3» برأيه الصواب، الطالع في أقمار زهرة حيث تشرق خؤولة النبوة «4» ، ويشرب في قلوب الآباء حب البنوة، وتلوي ذوائب لؤي بن غالب على ما تجل مفارقه أن تمس بالطيب، أو تدخن باللألؤة «5» .

ولد سنة خمسين، ورأى جماعة من الصحابة، وحدث عنهم، وعن كبار التابعين، وروى عنه جماعة من الأئمة منهم: مالك بن أنس «6» ، والسفيانان «7» .

وقال أبو داود «8» : حديثه ألفان ومائتان، النصف منها مسند.

ص: 382

وقال أبو الزناد «1» : كنا نطوف مع الزهري على العلماء، ومعه الألواح والصحف يكتب كل ما سمع «2» .

وقال الليث «3» : ما رأيت عالما قط أجمع من الزهري يحدث في الترغيب، فنقول: لا يحسن إلا هذا «4» وإن حدث عن العرب، والأنساب، قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن القرآن والسنة، فكذلك «5» .

قال الزهري: ما صبر أحد على العلم صبري، ولا نشره أحد نشري.

وقال عمر بن عبد العزيز «6» : لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية من

ص: 383

الزهري «1» .

وقال مالك: بقي ابن شهاب، وماله في الدنيا نظير.

وقال عمرو بن دينار «2» : ما رأيت الدينار عند أحد أهون منه عند الزهري كان بمنزلة البعر. (ص 154) وروي عن عمرو بن دينار أنه قال: أي شيء عند الزهري؟! أنا لقيت ابن عمر، وابن عباس- رضي الله عنهم ولم يلقهما، فقدم الزهري مكة، فقال عمرو: احملوني إليه.- وكان قد أقعد- فحمل إليه، فلم يأت إلى أصحابه إلا بعد ليل، فقالوا له: كيف رأيته؟ فقال: والله، ما رأيت مثل هذا الفتى القرشي.

وقيل لمكحول «3» : من أعلم من رأيت؟ فقال: ابن شهاب.

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: عليكم بابن شهاب، فإنكم لا تجدون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه.

ص: 384

وقال سعيد بن عبد العزيز «1» : أدى هشام «2» عن الزهري سبعة آلاف دينار، وكان يأدب ولده، ويجالسه.

وقال سعيد- أيضا-: سأل هشام بن عبد الملك الزهري أن يملي على بعض ولده شيئا، فأملى عليه أربعمائة حديث، وخرج الزهري، فقال: أين أنتم، يا أصحاب الحديث، فحدثهم بتلك الأربع مائة، ثم لقي هشاما بعد شهر، أو نحوه فقال للزهري: إن ذلك الكتاب ضاع، فدعا بكاتب، فأملاها عليه، ثم قابل الكتاب الأول فما غادر حرفا واحدا.

ومن حفظ الزهري: أنه حفظ القرآن في ثمانين ليلة، وقال: ما استعدت «3» عالما قط.

وقال مالك: قدم الزهري المدينة، فأخذ بيد ربيعة «4» ، ودخلا بيت الديوان، فلما خرجا وقت العصر، خرج ابن شهاب وهو يقول: ما ظننت أن بالمدينة مثل ربيعة، وخرج ربيعة وهو يقول: ما ظننت أن أحدا بلغ من العلم ما بلغ ابن شهاب.

وقال معمر: كنا نظن أنا قد أكثرنا عن الزهري، حتى قتل الوليد بن

ص: 385

يزيد، فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزائنه، نقول: من علم الزهري «2» .

وكان الزهري إذا جلس في بيته وضع الكتب حوله يشتغل بها عن كل شيء من أمور الدنيا، فقالت له امرأته- يوما-: والله، لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر «3» .

ولم يزل الزهري مع (ص 155) عبد الملك، ثم مع هشام بن عبد الملك، وكان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه.

وتوفي ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة، وقيل: بعد ذلك «4» ، ودفن في ضيعته" أدامى"«5» بين الحجاز والشام.

ص: 386