الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَائِدَةٌ لَا يُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الْغَصْبِ نَقْلُ الْعَيْنِ]
ِ، فَيَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْتِيلَاءِ، فَلَوْ دَخَلَ دَارًا قَهْرًا وَأَخْرَجَ رَبَّهَا؛ فَغَاصِبٌ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ قَهْرًا وَلَمْ يَدْخُلْ، أَوْ دَخَلَ مَعَ حُضُورِ رَبِّهَا وَقُوَّتِهِ؛ فَلَا، وَإِنْ دَخَلَ قَهْرًا، أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ؛ فَقَدْ غَصَبَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يُرِدْ الْغَصْبَ فَلَا، وَإِنْ دَخَلَهَا قَهْرًا فِي غَيْبَةِ رَبِّهَا؛ فَغَاصِبٌ - وَلَوْ كَانَ فِيهَا قُمَاشُهُ - ذَكَرَهُ فِي " الْمُبْدِعِ ".
(وَلَا تَثْبُتُ يَدُ غَاصِبٍ عَلَى بُضْعٍ) - بِضَمِّ الْبَاءِ - وَجَمْعُهُ أَبْضَاعٌ كَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ، يُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ وَالْجِمَاعِ وَالتَّزْوِيجِ، وَالْبِضَاعُ الْجِمَاعُ لَفْظًا وَمَعْنًى، (فَيَصِحُّ) مِنْ مَالِكٍ (تَزْوِيجُ أَمَةٍ غُصِبَتْ) وَهِيَ بِيَدِ غَاصِبِهَا - وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً، (وَلَا يَضْمَنُ) الْغَاصِبُ (مَهْرَهَا لَوْ) حَبَسَهَا عَنْ النِّكَاحِ حَتَّى (فَاتَ) نِكَاحُهَا (بِكِبَرِهَا، وَلَا) يَضْمَنُ الْغَاصِبُ (نَفْعَهُ) - أَيْ: الْبُضْعَ - لِأَنَّ النَّفْعَ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ إذَا كَانَ مِمَّا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ بِالْإِجَارَةِ، وَالْبُضْعُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
(وَإِنْ غَصَبَ) شَخْصٌ (خَمْرَ مُسْلِمٍ ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (مَا تَخَلَّلَ بِيَدِهِ) مِنْهَا إنْ تَلِفَتْ قَبْلَ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ خَلًّا عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْهُ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مَا تَخَلَّلَ؛ لِأَنَّ يَدَ الْأَوَّلِ لَمْ تَزُلْ عَنْهَا بِالْغَصْبِ، فَكَأَنَّهَا تَخَلَّلَتْ فِي يَدِهِ، وَقَوْلُهُ: مُسْلِمٌ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ خَمْرُ الذِّمِّيِّ إذَا تَخَلَّلَ بِيَدِ الْغَاصِبِ يَجِبُ رَدُّهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ التَّخَلُّلِ، فَبَعْدَهُ أَوْلَى.
وَ (لَا) يَضْمَنُ (مَا تَخَلَّلَ مِمَّا جَمَعَ) مِنْ خَمْرٍ (بَعْدَ إرَاقَةٍ) ، فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ؛ لِزَوَالِ يَدِهِ هُنَا بِالْإِرَاقَةِ.
(وَيَتَّجِهُ وَهُوَ) - أَيْ: الْمُتَخَلَّلُ بَعْدَ الْإِرَاقَةِ - (لِمُرِيقِهِ) يَمْلِكُهُ بِحَوْزِهِ كَالْمَاءِ وَالْكَلَأِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَمَعَهُ غَيْرُهُ، فَيَكُونُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْإِرَاقَةِ لَمْ يَكُنْ مَالًا، فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ مِلْكٌ بِمُجَرَّدِهَا، بَلْ بِجَمْعِهِ بَعْدَ التَّخْلِيلِ، (إلَّا أَنْ تُحِيلَ)
الْمُرِيقَ عَلَى التَّخْلِيلِ، فَيَمْنَعُ مِنْ تَنَاوُلِهَا، لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيَجِبُ رَدُّ خَمْرَةِ ذِمِّيِّ مُسْتَتِرَةٍ) غُصِبَتْ (كَخَمْرِ خَلَّالٍ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ إمْسَاكِهَا، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ دُهْنًا مُتَنَجِّسًا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ. .
(وَ) يَجِبُ رَدُّ (كَلْبٍ يُقْتَنَى) كَكَلْبٍ لِصَيْدٍ وَمَاشِيَةٍ وَحَرْثٍ؛ لِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَ (لَا) يَجِبُ رَدُّ (قِيمَتِهَا) - أَيْ: الْخَمْرَ - لِذِمِّيٍّ أَوْ خَلَّالٍ، وَلَا الْكَلْبِ (مَعَ تَلَفٍ) ؛ لِتَحْرِيمِهِمَا؛ فَهُمَا كَالْمَيْتَةِ.
(وَلَا) يَلْزَمُ رَدُّ (جِلْدِ مَيْتَةٍ غُصِبَ) - وَلَوْ دَبَغَهُ - (لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِدَبْغٍ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ أَنَّهُ (يَلْزَمُ رَدُّهُ) - أَيْ: جِلْدَ الْمَيِّتَةِ الَّذِي دُبِغَ - إنْ كَانَ (بَاقِيًا لِمَنْ يَرَى طَهَارَتَهُ) ؛ كَحَنَفِيٍّ غَصَبَهُ آخَرُ جِلْدَ مَيْتَةٍ بِطُهْرٍ لَوْ دُبِغَ، فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَوِّلٌ عِنْدَهُ، (وَكَذَا أَكْلُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ) ؛ كَدُهْنٍ مُتَنَجِّسٍ غُصِبَ مِمَّنْ يَرَى طَهَارَتَهُ بِغَسْلِهِ، فَيَلْزَمُ رَدُّهُ إلَيْهِ، (وَ) إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى (الْحَاكِمِ) ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ (يَحْكُمَ) إلَّا (بِمَذْهَبِهِ) ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ حُكِمَ بِرَدِّهِ، وَإِلَّا فَلَا، (وَمَعَ تَلَفِ) الْجِلْدِ (لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ) بِرَدِّ بَدَلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَوِّلٍ، وَاخْتَارَ الْحَارِثِيُّ يَجِبُ رَدُّهُ حَيْثُ قُلْنَا: يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْيَابِسَاتِ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا كَالْكَلْبِ الْمُقْتَنَى، وَصَحَّحَهُ فِي " تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ " وَهُوَ الْقِيَاسُ،
وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَجَبٍ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْمُوضِحُ وَقَالَ: وَصَرَّحُوا بِوُجُوبِ رَدِّهِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.
(وَلَا يُضْمَنُ حُرٌّ) كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا (بِاسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ) ؛ بِأَنْ حَبَسَهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ الطَّعَامَ وَالشُّرْبَ، فَمَاتَ عِنْدَهُ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا عَلَى الْحُرِّ، (وَتُضْمَنُ ثِيَابُ) حُرٍّ (صَغِيرٍ وَحُلِيِّهِ) - وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ مَالٌ، وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا مُمَانَعَةَ مِنْهُ عَنْ ذَلِكَ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَهُ مُنْفَرِدًا. وَعَلَى مَنْ أَبْعَدَهُ عَنْ بَيْتِ أَهْلِهِ رَدُّهُ إلَيْهِ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَ (لَا) يَضْمَنُ (هُوَ) - أَيْ: الصَّغِيرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَمَحَلُّ عَدَمِ ضَمَانِ الصَّغِيرِ، (مَا لَمْ يَغُلَّهُ) ؛ أَيْ: يَجْعَلَ فِي عُنُقِهِ حَدِيدَةً مُسْتَدِيرَةً، (أَوْ يُتْلِفَ الصَّغِيرَ بِنَحْوِ حَيَّةٍ) بِأَنْ يُلْقِيَهُ مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ، فَتَمُرُّ بِهِ دَابَّةٌ فَتَقْتُلُهُ، (كَمَا) يَأْتِي (فِي الدِّيَاتِ) مُفَصَّلًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، (وَيَتَّجِهُ وَمَعَ بَقَاءِ صَغِيرٍ) فِي الْحَيَاةِ (يُلْزَمُ) الْغَاصِبُ (بِتَحْصِيلِهِ) ، وَرَدِّهِ إلَى أَهْلِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا) تُضْمَنُ (دَابَّةٌ) غُصِبَتْ، وَ (عَلَيْهَا مَالِكُهَا الْكَبِيرُ وَمَتَاعُهُ) ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ مَالِكِهَا. قَالَهُ الْقَاضِي فِي " الْخِلَافِ الْكَبِيرِ " وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالتِّسْعِينَ.
(وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ) - أَيْ: الْحُرَّ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا - (كُرْهًا) فِي خِدْمَةٍ أَوْ خِيَاطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ؛ لِاسْتِيفَائِهِ مَنَافِعَهُ الْمُتَقَوِّمَةَ، فَضَمِنَهَا؛ كَمَنَافِعِ الْيَدِ، (أَوْ حَبَسَهُ) - أَيْ: الْحُرَّ - (مُدَّةً) لَهَا أُجْرَةٌ (فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ) مُدَّةَ حَبْسِهِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ الْحَبْسِ، وَهِيَ مَالٌ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهَا؛