الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ غَصَبَ دَجَاجَةً فَبَاضَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ حَضَنَتْ بَيْضَهَا، فَصَارَ فِرَاخًا؛ فَهُمَا لِمَالِكِهَا، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي عَلَفِهَا، قَالَ أَحْمَدُ فِي طَيْرَةٍ جَاءَتْ إلَى دَارِ قَوْمٍ، فَازْدَوَجَتْ عِنْدَهُمْ وَفَرَّخَتْ يَرُدُّونَهَا وَفِرَاخَهَا إلَى أَصْحَابِ الطَّيْرَةِ.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَيَرْجِعُ إلَى رَبِّهَا بِمَا أَنْفَقَهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ.
[فَصْلٌ يَضْمَنُ غَاصِبٌ نَقْصَ مَغْصُوبٍ بَعْدَ غَصْبِهِ وَقَبْلَ رَدِّهِ]
(فَصْلٌ: وَيَضْمَنُ) غَاصِبٌ (نَقْصَ مَغْصُوبٍ) بَعْدَ غَصْبِهِ وَقَبْلَ رَدِّهِ - (وَلَوْ) كَانَ النَّقْصُ (رَائِحَةَ مِسْكٍ أَوْ نَحْوَهُ) كَعَنْبَرٍ - لِأَنَّ قِيمَتَهُ تَخْتَلِفُ بِالنَّظَرِ إلَى قُوَّةِ رَائِحَتِهِ وَضَعْفِهَا، (أَوْ) كَانَ النَّقْصُ (بِنَبَاتِ لِحْيَةِ قِنٍّ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي الْقِيمَةِ بِتَغَيُّرِ صِفَةٍ، أَشْبَهَ النَّقْصَ بِتَغَيُّرِ بَاقِي الصِّفَاتِ، وَكَذَا قَطْعُ ذَنَبِ حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ فَرَسٍ إذْ الْقَصْدُ بِالضَّمَانِ جَبْرُ حَقِّ الْمَالِكِ بِإِيجَابِ قَدْرِ مَا فَوَّتَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ الْجَمِيعُ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ، فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ قَدْرُهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ كَغَيْرِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ غَصَبَ قِنًّا فَعَمِيَ عِنْدَهُ؛ قُوِّمَ صَحِيحًا ثُمَّ أَعْمَى، وَأُخِذَ مِنْ غَاصِبٍ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَكَذَا لَوْ نَقَصَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ شَجَّةٍ.
(وَإِنْ) غَصَبَ عَبْدًا وَ (خَصَاهُ) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِخُصَاهُ لَهُ، أَوْ أَزَالَ) مِنْهُ (مَا تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ) كَامِلَةٌ (مِنْ حُرٍّ) كَأَنْفِهِ أَوْ لِسَانِهِ أَوْ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ؛ (رَدَّهُ) عَلَى مَالِكِهِ، (وَ) رَدَّ (قِيمَتَهُ) كُلَّهَا نَصًّا، وَلَا يَمْلِكُهُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْمُتْلَفَ الْبَعْضُ، فَلَا يَتَوَقَّفُ ضَمَانُهُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ؛ كَقَطْعِ خُصْيَتَيْ ذَكَرٍ مُدَبَّرٍ، وَلِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الْمُفَوِّتُ، فَلَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ غَيْرِهِ بِضَمَانِهِ؛ كَمَا لَوْ قَطَعَ تِسْعَ أَصَابِعَ.
(وَإِنْ قَطَعَ) غَاصِبٌ مِنْ رَقِيقٍ مَغْصُوبٍ (مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ) مِنْ حُرٍّ (دُونَ الدِّيَةِ) الْكَامِلَةِ؛ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ جَفْنٍ أَوْ هُدْبٍ وَنَحْوِهِ؛ فَعَلَى غَاصِبٍ (أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ) مِنْ دِيَةِ الْمَقْطُوعِ أَوْ نَقْصِ قِيمَتِهِ؛ لِوُجُودِ سَبَبِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَوَجَبَ أَكْثَرُهُمَا، وَدَخَلَ فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَالْيَدَ وُجِدَا فِيهِ جَمِيعًا.
فَلَوْ غَصَبَ
عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ، فَزَادَتْ قِيمَتُهٌ عِنْدَهُ إلَى أَلْفَيْنِ، ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ، فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ؛ كَانَ عَلَيْهِ مَعَ رَدِّهِ أَلْفٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَاطِعُ لِيَدِهِ غَيْرَ الْغَاصِبِ، وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ مِائَتَيْنِ قَبْلُ، وَصَارَ بَعْدَ الْقَطْعِ يُسَاوِي أَرْبَعَمِائَةٍ؛ كَانَ عَلَى الْجَانِي أَرْبَعُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ مَضْمُونَةٌ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَهِيَ حِينَ الْقَطْعِ ثَمَانُمِائَةٍ، وَعَلَى الْغَاصِبِ مِائَتَانِ؛ لِأَنَّهَا نَقَصَتْ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي يَدِهِ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ مَا عَلَيْهِ، وَعَلَى الْجَانِي، لِأَنَّ مَا وَجَدَهُ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ مِنْهُ، (وَيَرْجِعُ غَاصِبٌ غَرِمَ) الْجَمِيعَ (مِنْ جَانٍ بِأَرْشِ جِنَايَةٍ) ؛ لِحُصُولِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ، فَيَسْتَقِرُّ ضَمَانُهُ عَلَى الْغَاصِبِ (فَقَطْ) - أَيْ: دُونَ مَا زَادَ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْجَانِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَمِّنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا بَقِيَ مِنْ النَّقْصِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ.
(وَلَا يَرُدُّ مَالِكٌ) تَعَيَّبَ مَالُهُ عِنْدَ غَاصِبٍ، وَاسْتَرَدَّهُ وَأَرْشَ عَيْبِهِ (أَرْشَ مَعِيبٍ أَخَذَهُ) مِنْ غَاصِبٍ (بِزَوَالِهِ) - أَيْ: الْعَيْبِ - (عِنْدَهُ) - أَيْ: الْمَالِكِ - كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا، فَمَرِضَ عِنْدَهُ، فَرَدَّهُ وَأَرْشَ نَقْصِهِ بِالْمَرَضِ، ثُمَّ بَرِئَ عِنْدَ مَالِكٍ بِحَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِهِ نَقْصٌ؛ فَلَا يُرَدُّ أَرْشُهُ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَا حَصَلَ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ النَّقْصِ بِتَعَدِّيهِ، وَاسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ نَاقِصًا، فَإِنْ أَخَذَهُ مَالِكُهُ دُونَ أَرْشِهِ، فَزَالَ عَيْبُهُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ؛ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرِئَ فِي يَدِ غَاصِبٍ، فَيَرُدُّ مَالِكُهُ أَرْشَهُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ.
(وَلَا يَضْمَنُ) غَاصِبٌ رَدَّ مَغْصُوبًا بِحَالِهِ (نَقْصَ سِعْرٍ) ؛ كَثَوْبٍ غَصَبَهُ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً، وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى نَقَصَ سِعْرُهُ، فَصَارَ يُسَاوِي ثَمَانِينَ مَثَلًا؛ فَلَا يَلْزَمُهُ بِرَدِّهِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ بِحَالِهَا لَمْ تَنْقُصْ عَيْنًا وَلَا صِفَةً، بِخِلَافِ السِّمَنِ وَالصِّفَةِ، وَلَا حَقَّ لِلْمَالِكِ فِي الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِيهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ كَمَا كَانَتْ؛ (كَهُزَالٍ زَادَ بِهِ) سِعْرُ الْمَغْصُوبِ، أَوْ لَمْ يَزِدْ بِهِ وَلَمْ يَنْقُصْ؛ كَعَبْدٍ مُفْرِطٍ
فِي السِّمَنِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبٍ ثَمَانُونَ، فَهَزِلَ عِنْدَ غَاصِبٍ، فَصَارَ يُسَاوِي مِائَةً، أَوْ بَقِيَتْ قِيمَتُهُ بِحَالِهَا، فَلَا يَرُدُّ مَعَهُ، الْغَاصِبُ شَيْئًا؛ لِعَدَمِ نَقْصِهِ.
(وَيَضْمَنُ) غَاصِبٌ (زِيَادَةَ مَغْصُوبٍ) بِأَنْ سَمُنَ أَوْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً (عِنْدَهُ) ، ثُمَّ هَزِلَ أَوْ نَسِيَ الصَّنْعَةَ؛ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، سَوَاءٌ طَالَبَهُ الْمَالِكُ بِرَدِّهِ زَائِدًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي نَفْسِ الْمَغْصُوبِ، فَضَمِنَهَا الْغَاصِبُ كَمَا لَوْ طَالَبَهُ بِرَدِّهَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ، وَلِأَنَّهَا زَادَتْ مِلْكَ مَالِكِهَا فَضَمِنَهَا الْغَاصِبُ كَالْمَوْجُودَةِ حَالَ الْغَصْبِ، بِخِلَافِ زِيَادَةِ السِّعْرِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهَا؛ وَالصِّنَاعَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ فَهِيَ صِفَةٌ فِيهِ وَتَابِعَةٌ لَهُ.
وَ (لَا) يَضْمَنُ غَاصِبٌ (مَرَضًا) طَرَأَ عَلَى مَغْصُوبٍ بِيَدِهِ وَ (بَرِئَ مِنْهُ فِي يَدِهِ) - أَيْ: الْغَاصِبِ - لِزَوَالِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ فِي يَدِهِ، وَكَذَا لَوْ حَمَلَتْ فَنَقَصَتْ، ثُمَّ وَضَعَتْ فِي يَدِ غَاصِبٍ، فَزَالَ نَقْصُهَا، لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا.
(وَلَا) يَضْمَنُ غَاصِبٌ شَيْئًا (إنْ) زَادَ مَغْصُوبٌ، فَزَادَتْ قِيمَتُهُ، ثُمَّ زَالَتْ الزِّيَادَةُ، ثُمَّ (عَادَتْ كَسِمَنٍ زَالَ ثُمَّ عَادَ) ؛ لِأَنَّ مَا ذَهَبَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَادَ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَهُوَ بِيَدِهِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ مَرِضَ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ، ثُمَّ بَرِئَ فَعَادَتْ الْقِيمَةُ، وَكَذَا لَوْ نَسِيَ صَنْعَةً ثُمَّ تَعَلَّمَهَا أَوْ بَدَّلَهَا، فَعَادَتْ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ.
(وَلَا) يَضْمَنُ غَاصِبٌ سِوَى الرَّدِّ (إنْ نَقَصَ) الْمَغْصُوبُ فِي يَدِهِ، (فَزَادَ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ) - أَيْ: مِثْلِ النَّقْصِ مِنْ جِنْسِهِ - كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا نَسَّاجًا يُسَاوِي مِائَةً، فَنَسِيَ الصَّنْعَةَ عِنْدَهُ، فَصَارَ يُسَاوِي ثَمَانِينَ، ثُمَّ تَعَلَّمَ الصَّنْعَةَ الَّتِي نَسِيَهَا، فَعَادَ إلَى مِائَةٍ؛ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَقْصِهِ حَتَّى (وَلَوْ) كَانَ مَا تَعَلَّمَهُ (صَنْعَةً بَدَلَ صَنْعَةٍ) نَسِيَهَا، كَمَا لَوْ تَعَلَّمَ الْخِيَاطَةَ بَدَلَ النِّسَاجَةِ الَّتِي نَسِيَهَا، فَعَادَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةٍ؛ لِأَنَّ الصَّنَائِعَ كُلَّهَا جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِ الزِّيَادَةِ فِي الرَّقِيقِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِهُزَالِهِ ثُمَّ عَادَتْ بِسِمَنِهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ الْمَنْسِيُّ عِلْمًا، فَتَعَلَّمَ عِلْمًا آخَرَ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الصَّنْعَةِ الَّتِي تَعَلَّمَهَا (مُسَاوِيَةً) لِلصَّنْعَةِ الَّتِي
نَسِيَهَا، (أَوْ أَعْلَى) مِنْهَا فِي الشَّرَفِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ أَحْسَنَ صَنْعَةً أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا فِي الشَّرَفِ، لَكِنَّهَا دُونَهَا فِي الرِّبْحِ؛ فَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّقْصِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الزِّيَادَةِ الذَّاهِبَةِ، مِثْلُ أَنْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَتَعَلَّمَ صَنْعَةً، فَصَارَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ؛ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعِدْ مَا ذَهَبَ، بِخِلَافِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَابَّةً وَنَقَصَتْ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ ضَمِنَ الْغَاصِبُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ بِتَلَفِ إحْدَى عَيْنَيْهَا فَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَهُ عَلَى الْمَالِكِ.
(وَإِنْ نَقَصَ) الْمَغْصُوبُ قَبْلَ رَدِّهِ (نَقْصًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ) ؛ بِأَنْ يَكُونَ سَارِيًا غَيْرَ وَاقِفٍ؛ (كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وَعَفِنَتْ) - بِكَسْرِ الْفَاءِ - وَطَلَبَهَا مَالِكُهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَى حَالَةٍ يَعْلَمُ فِيهَا قَدْرَ أَرْشِ نَقْصِهَا؛ (خُيِّرَ) مَالِكُهَا (بَيْنَ) أَخْذِ (مِثْلِهَا) مِنْ مَالِ غَاصِبٍ (أَوْ تَرْكِهَا) بِيَدِ غَاصِبٍ (حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهَا، وَيَأْخُذُهَا) مَالِكُهَا (وَ) يَأْخُذُ (أَرْشَ نَقْصِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمِثْلُ ابْتِدَاءً؛ لِوُجُودِ عَيْنِ مَالِهِ؛ وَلَا أَرْشَ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَا ضَبْطُهُ إذَنْ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ صَارَتْ الْخِيرَةُ إلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِالتَّأْخِيرِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ التَّعْجِيلِ، فَيَأْخُذُ الْعَيْنَ عِنْدَ اسْتِقْرَارِ فَسَادِهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَيَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ أَرْشَ نَقْصِهَا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ تَحْتَ يَدِهِ الْعَادِيَةِ؛ أَشْبَهَ تَلَفَ جُزْءٍ مِنْ الْمَغْصُوبِ.
(وَعَلَى غَاصِبٍ جِنَايَةُ) قِنٍّ (مَغْصُوبٍ) ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ نَقْصٌ فِيهِ؛ لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ، فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ؛ كَسَائِرِ نَقْصِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الْمَالَ، (وَ) عَلَيْهِ (إتْلَافُهُ) - أَيْ: بَدَلِ مَا يُتْلِفُهُ - (وَلَوْ) كَانَتْ الْجِنَايَةُ (عَلَى رَبِّهِ) - أَيْ: مَالِكِهِ - (أَوْ) كَانَ الْإِتْلَافُ (لِمَالِهِ) - أَيْ: مَالَ مَالِكِهِ -
(بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ) جِنَايَتِهِ (أَوْ قِيمَتِهِ) - أَيْ: الْعَبْدِ - لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ مِنْ جُمْلَةِ جِنَايَاتِهِ، فَكَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْغَاصِبِ؛ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا حُكْمُ مَا أَتْلَفَهُ الْقِنُّ الْمَغْصُوبُ مِنْ مَالِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ سَيِّدِهِ لِمَا سَبَقَ، وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِرَدِّ الْغَاصِبِ لَهُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ وَجَدَهُ فِي يَدِهِ. فَلَوْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ الرَّدِّ؛ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ؛ لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَ الْمَغْصُوبُ سَيِّدَهُ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ قِنًّا، فَقُتِلَ بِهِ؛ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ؛ لِتَلَفِهِ بِيَدِهِ، فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ، وَضَمِنَهُ الْغَاصِبُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ، وَإِنْ قَطَعَ يَدًا مَثَلًا، فَقُطِعَتْ يَدُهُ قِصَاصًا؛ فَعَلَى غَاصِبٍ نَقْصُهُ؛ كَمَا لَوْ سَقَطَتْ بِلَا جِنَايَةٍ، وَإِنْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ.
(وهِيَ) - أَيْ: جِنَايَةُ مَغْصُوبٍ - (عَلَى غَاصِبٍ هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِهِ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ فَسَقَطَ، (وَكَذَا) جِنَايَةُ الْمَغْصُوبِ (عَلَى مَالِهِ) - أَيْ: الْغَاصِبِ - هَدَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ إلَّا إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ (فِي قَوَدٍ) ؛ فَلَا تُهْدَرُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ تَعَلَّقَ بِنَفْسِهِ لَا يُمْكِنُ تَضْمِينُهُ لِغَيْرِهِ، فَاسْتُوْفِيَ مِنْهُ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ مَغْصُوبٌ عَبْدًا لِلْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ لِسَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ (يُقْتَلُ) قِصَاصًا إنْ كَانَ قَتْلُهُ لَهُ عَمْدًا، وَلِسَيِّدِ الْمَقْتُولِ (إنْ طَلَبَ) الْقَوَدَ قَتْلُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ، (وَيَرْجِعُ) السَّيِّدُ (عَلَيْهِ) - أَيْ: عَلَى الْغَاصِبِ - (بِقِيمَتِهِ) ؛ لِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ بِيَدِهِ.
(وَزَوَائِدُ مَغْصُوبٍ) كَوَلَدِ حَيَوَانٍ وَثَمَرِ شَجَرٍ (إذَا تَلِفَتْ، أَوْ نَقَصَتْ) فِي يَدِ الْغَاصِبِ، (أَوْ جَنَتْ) عَلَى الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ (كَهُوَ) - أَيْ: كَالْمَغْصُوبِ بِالْأَصَالَةِ - سَوَاءٌ تَلِفَتْ مُنْفَرِدَةً أَوْ مَعَ أَصْلِهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكٌ لَمَالِكِ الْأَصْلِ، وَقَدْ حَصَلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ بِسَبَبِ إثْبَاتِ يَدِهِ الْمُعْتَدِيَةِ عَلَى الْأَصْلِ، فَتَبِعَتْهُ فِي الْحُكْمِ، فَإِذَا غَصَبَ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا، فَحَمَلَتْ عِنْدَهُ وَوَلَدَتْ؛ فَالْوَلَدُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا. وَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا وَقَدْ غَصَبَهَا حَامِلًا؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛