الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي تَعْلِيق عِتْقٍ بِصِفَةٍ]
(فَصْلٌ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَ) قَوْلِهِ (إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، فَصَحَّ كَالتَّدْبِيرِ (وَلَا يَمْلِكُ) السَّيِّدُ (إبْطَالَهُ) ؛ أَيْ: التَّعْلِيقِ (مَا دَامَ مِلْكَهُ) عَلَى الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ لَازِمَةٌ أَلْزَمَهَا نَفْسَهُ، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا بِالْقَوْلِ كَالنَّذْرِ، وَلَوْ اتَّفَقَ السَّيِّدُ وَالرَّقِيقُ عَلَى إبْطَالِهِ؛ لَمْ يَبْطُلْ لِذَلِكَ (وَلَا يَعْتِقُ) مَقُولٌ لَهُ: إنْ أَعْطَيْتنِي أَوْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا (بِإِبْرَاءِ) سَيِّدِهِ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ يُبْرِئُهُ مِنْهُ (وَيَسْتَمِرُّ التَّعْلِيقُ) إلَى الْأَدَاءِ (فَإِذَا أَدَّى) الْمَقُولُ لَهُ ذَلِكَ (الْأَلْفَ كُلَّهُ عَتَقَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَمَا فَضَلَ عَنْهُ) ؛ أَيْ: الْأَلْفِ بِيَدِ رَقِيقٍ (فَلِسَيِّدٍ) كَالْمُنْجَزِ عِتْقُهُ، وَمَا يَكْسِبُهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُهُ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ يَحْسِبُ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأَلْفِ، فَإِذَا كَمُلَ أَدَاؤُهُ؛ عَتَقَ، وَلَا يَكْفِيه إعْطَاؤُهُ مِنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ (وَ) إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَجِيءِ وَقْتٍ كَقَوْلِهِ (أَنْتَ حُرٌّ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ) لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَجِيءَ رَأْسُ الْحَوْلِ (أَوْ) قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ (إلَى أَنْ يَجِيءَ فُلَانٌ فَحَتَّى يُوجَدَ) الْمَجِيءُ.
قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ لِغُلَامِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إلَى أَنْ يَقْدُمَ فُلَانٌ وَيَجِيءَ فُلَانٌ، وَإِلَى رَأْسِ السَّنَةِ، وَإِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ، إنَّمَا يُرِيدُ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ جَاءَ رَأْسُ الْهِلَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا؛ كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا، فَأَنْتَ حُرٌّ.
(وَلَهُ) ؛ أَيْ: السَّيِّدِ (أَنْ يَطَأَ) أَمَةً عَلَّقَ عِتْقَهَا بِصِفَةٍ قَبْلَ وُجُودِهَا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا الْعِتْقَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ إبَاحَةَ الْوَطْءِ كَالِاسْتِيلَادِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ؛ فَإِنَّهَا اشْتَرَتْ نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَمَلَكَتْ أَكْسَابَهَا وَمَنَافِعَهَا
(وَ) لِلسَّيِّدِ أَنْ (يَقِفَ) رَقِيقًا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ قَبْلهَا (وَ) لَهُ أَنْ (يَنْقُلَ مِلْكَ مِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ) بِصِفَةٍ (قَبْلَهَا) ثُمَّ إنْ وُجِدَتْ وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِحَدِيثِ: «لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ وَلَا بَيْعَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» .
وَلِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقَعْ عِتْقُهُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ (وَإِنْ عَادِ مِلْكُهُ) ؛ أَيْ: الْمُعَلِّقِ بِشِرَائِهِ
أَوْ إرْثِهِ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ بَعْدَ وُجُودِهَا) ؛ أَيْ: الصِّفَةِ (حَالَ زَوَالِهِ) ؛ أَيْ: مِلْكِ الْمُعَلِّقِ عَنْهُ (عَادَتْ) الصِّفَةُ فَمَتَى وُجِدَتْ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالشَّرْطَ وُجِدَا فِي مِلْكِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا زَوَالُ مِلْكٍ وَلَا وُجُودُ صِفَةٍ حَالَ زَوَالِهِ، وَلَا يَعْتِقُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ بِكَمَالِهَا كَالْجُعَلِ فِي الْجَعَالَةِ.
(وَيَبْطُلُ تَعْلِيقٌ بِمَوْتِ) الْمُعَلِّقِ؛ لِزَوَالِ مِلْكِهِ زَوَالًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْعَوْدِ (فَقَوْلُهُ) : أَيْ: السَّيِّدِ لِرَقِيقِهِ (إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ، لَغْوٌ) كَقَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ تُوجَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَزَوَالِ مِلْكِهِ؛ فَلَمْ تَصِحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ بَيْعِي لَك فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِأَنَّهُ إعْتَاقٌ لَهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِهِ كَالْمُنَجَّزِ.
(وَيَصِحُّ) مِنْ مَالِكٍ قَوْلُهُ لِقِنِّهِ: (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ أَبِي مُوسَى، كَمَا لَوْ وَصَّى بِإِعْتَاقِهِ، وَكَمَا لَوْ وَصَّى أَنْ تُبَاعَ سِلْعَتُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا (فَلَا يَمْلِكُ وَارِثٌ بَيْعَهُ) ؛ أَيْ: الرَّقِيقِ الَّذِي قِيلَ لَهُ ذَلِكَ (قَبْلَهُ) ؛ أَيْ: قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ (كَ) مَا لَا يَمْلِكُ وَارِثٌ بَيْعَ (مُوصًى بِعِتْقِهِ قَبْلَهُ) ؛ أَيْ: قَبْلَ عِتْقِهِ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَكَمَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَ مُوصًى بِهِ (لِمُعَيَّنٍ قَبْلَ قَبُولِهِ) ؛ أَيْ: قَبُولِ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ (وَكَسْبُهُ) ؛ أَيْ: الْمَقُولِ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ (بَعْدِ مَوْتِ) سَيِّدِهِ (وَقَبْلَ انْقِضَاءِ شَهْرٍ لِوَرَثَةِ) سَيِّدِهِ، كَكَسْبِ أُمِّ الْوَلَدِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا (وَكَذَا) قَوْلُ سَيِّدٍ لِرَقِيقِهِ:(اخْدِمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي، ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ) فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَتَقَ (فَلَوْ أَبْرَأَهُ زَيْدٌ مِنْ الْخِدْمَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ) ؛ أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ.
(عَتَقَ فِي الْحَالِ) ؛ أَيْ: حَالَ إبْرَاءِ زَيْدٍ لَهُ مِنْ الْخِدْمَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا وُهِبَتْ لَهُ، فَبَرِئَ مِنْهَا (وَإِنْ جَعَلَهَا) ؛ أَيْ: الْخِدْمَةَ (لِكَنِيسَةٍ) بِأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: اخْدِمْ الْكَنِيسَةَ سَنَةً، ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ (وَهُمَا) ؛ أَيْ: السَّيِّدُ وَالْقِنُّ (كَافِرَانِ، فَأَسْلَمَ) الـ (قِنُّ قَبْلَ خِدْمَتِهِ) وَبَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (عَتَقَ مَجَّانًا) ؛ أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ الْمَشْرُوطَةَ
عَلَيْهِ صَارَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا، فَيَبْطُلُ اشْتِرَاطُهَا، كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ شَرْطًا بَاطِلًا.
(وَ) مَنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ (إنْ خَدَمَتْ ابْنِي حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَخَدَمَهُ حَتَّى كَبُرَ وَاسْتَغْنَى عَنْ رَضَاعٍ؛ عَتَقَ) فَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنٍ عَنْ الرَّضَاعِ؛ فَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ إلْقَامِ الطَّعَامِ، وَعَنْ التَّنَجِّي مِنْ الْغَائِطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ زَمَنِ الْخِدْمَةِ. فَمَنْ قَالَ لِقِنِّهِ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَ زَيْدًا مُدَّةَ حَيَاتِي؛ صَحَّ؛ لِحَدِيثِ سَفِينَةَ قَالَ: " كُنْت مَمْلُوكًا لِأُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: أَعْتِقُك، وَأَشْتَرِطُ عَلَيْك أَنْ تَخْدُمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا عِشْت، فَقُلْت: إنْ لَمْ تَشْتَرِطِي عَلَيَّ مَا فَارَقْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا عِشْت، فَاعْتِقِينِي وَاشْتَرِطِي عَلَيَّ ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلِأَنَّ الْقِنَّ وَمَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ فَإِذَا أَعْتَقَهُ، وَاسْتَثْنَى مَنَافِعَهُ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ الرَّقَبَةَ، وَأَبْقَى الْمَنْفَعَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ عِلْمُ زَمَنِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَالزَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِطُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا.
(وَ) لَوْ قَالَ مَالِكُهُ لِرَقِيقِهِ: (إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَفَعَلَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَدَخَلَهَا (فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ صَارَ مُدَبَّرًا) لِوُجُودِ شَرْطِ التَّدْبِيرِ، وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ؛ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ظَرْفًا لِوُقُوعِ الْحُرِّيَّةِ؛ وَذَلِكَ يَقْتَضِي سَبْقَ وُجُودِ الشَّرْطِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ الْجَزَاءَ.
(وَيَصِحُّ) مِنْ حُرٍّ (لَا مِنْ رَقِيقٍ عِتْقُ قِنَّ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ) بِخِلَافِ الرَّقِيقِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْلِيقُ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعِتْقِ مِنْهُ حِينَ التَّعْلِيقِ؛ لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ إذَا كَانَ مُكَاتَبًا، فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِخِلَافِ الْحُرِّ.
(وَيَتَّجِهُ) ب (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَكَرَقِيقٍ) فِي الْحُكْمِ شَخْصٌ (غَيْرُ رَشِيدٍ)
لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ عَلَّقَ عِتْقَ رَقِيقِهِ بِصِفَةٍ؛ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ (وَلَوْ مَلَكَهُ) ؛ أَيْ: الرَّقِيقَ (بَعْدَ رُشْدِهِ) لِأَنَّهُ حِينَ عَقَدَ الصِّفَةَ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَالتَّعْلِيقُ (نَحْوُ) قَوْلِهِ: (إنْ مَلَكْت فُلَانًا) فَهُوَ حُرٌّ (أَوْ) قَوْلِهِ: (كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ) فَإِذَا مَلَكَهُ جَائِزُ التَّصَرُّفِ حِينَ التَّعْلِيقِ؛ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى حَالٍ يَمْلِكُ عِتْقَهُ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ، وَهُوَ فِي مِلْكِهِ.
وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْغُلَامَ فَهُوَ حُرٌّ، فَاشْتَرَاهُ؛ عَتَقَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنْ الْمِلْكِ، وَالنِّكَاحُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا فِيهِ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْقَائِلَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ لَا يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ عَلَى رَقِيقٍ أَصْلًا؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ (إذَنْ تَعَذُّرُ عِتْقِهِ) ؛ أَيْ: الْقَائِلِ ذَلِكَ (قِنًّا عَنْ كَفَّارَةٍ) لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ رَقِيقًا يَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَيُحْتَمَلُ) أَنَّ الْقَائِلَ ذَلِكَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فِي عِتْقٍ (إلَّا فِي) صُورَةٍ هِيَ أَنْ يَقُولَ لِمَالِكِ عَبْدٍ: (أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي) فَيَفْعَلُ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ، وَيَقَعُ عَنْ كَفَّارَةِ الْقَائِلِ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ لِلْمَقُولِ لَهُ ثَمَنُ الْعَبْدِ بِالْتِزَامِهِ
بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، وَالْوَلَاءُ لِمُعْتَقٍ عَنْهُ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَلَاءِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَ (لَا) يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِ قِنٍّ (بِغَيْرِ مِلْكِهِ) لَهُ (نَحْوُ) قَوْلِهِ (إنْ كَلَّمْت عَبْدَ زَيْدٍ فَ) هُوَ (حُرٌّ، فَلَا يَعْتِقُ إنْ مَلَكَهُ، ثُمَّ كَلَّمَهُ) رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِتَنْجِيزِهِ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِتَعْلِيقِهِ، وَإِنَّمَا خُولِفَ الْقِيَاسُ فِي تَعْلِيقِهِ بِمِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنْ الْمِلْكِ
(وَ) إنْ قَالَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ: (أَوَّلُ) قِنٍّ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (أَوْ) قَالَ: (آخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ) حُرٌّ (أَوْ) قَالَ: أَوَّلُ أَوْ آخِرُ مَنْ (يَطْلُعُ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ، فَلَمْ يَمْلِكْ إلَّا وَاحِدًا؛ عَتَقَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْأَوَّلِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ ثَانٍ، وَلَا مِنْ شَرْطِ الْآخِرِ أَنْ يَأْتِيَ قَبْلَهُ أَوَّلٌ، وَلِذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى: الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ (وَلَوْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا أَوَّلًا وَآخِرًا) عَتَقَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ، وَكَذَا لَوْ طَلَعَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مَعًا، نَصًّا
(أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ) فَهُوَ (حُرٌّ، فَوَلَدَتْ) وَلَدَيْنِ (حَيَّيْنِ) خَرَجَا (مَعًا عَتَقَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ) لِشُمُولِ صِفَةِ الْأَوَّلِيَّةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ، وَالْمُعَلِّقُ إنَّمَا أَرَادَ عِتْقَ وَاحِدٍ فَقَطْ، فَمُيِّزَ بِالْقُرْعَةِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: (آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ حَيًّا، ثُمَّ مَيِّتًا؛ لَمْ يَعْتِقْ حَيٌّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَخِرٍ، فَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ الصِّفَةُ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا، ثُمَّ وَلَدَتْ حَيًّا؛ فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ) الْحَيُّ؛ لِوُجُودِ الصِّفَةِ فِيهِ (وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا) ؛ أَيْ:
الْوَلَدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ (وَأَشْكَلَ) آخِرُهُمَا خُرُوجًا (أُخْرِجَ بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ، وَلَمْ يُعْلَمْ بِعَيْنِهِ، فَوَجَبَ إخْرَاجُهُ بِالْقُرْعَةِ.
وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ، أَوْ إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا حَيًّا؛ لَمْ يَعْتِقْ الْحَيُّ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ إنَّمَا وُجِدَتْ فِي الْمَيِّتِ، وَلَيْسَ مَحَلُّ الْعِتْقِ، فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِإِمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ (أَوَّلُ أَمَةٍ) لِي تَطْلُعُ (أَوْ) أَوَّلُ (امْرَأَةٍ لِي تَطْلُعُ) فَالْأَمَةُ (حُرَّةٌ أَوْ) الْمَرْأَةُ (طَالِقٌ، فَطَلَعَ الْكُلُّ) مِنْ إمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ مَعًا (أَوْ) طَلَعَ (اثْنَتَانِ) مِنْهُنَّ (مَعًا عَتَقَ) مِنْ الْإِمَاءِ وَاحِدَةَ بِقُرْعَةٍ (وَطَلَّقَ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (وَاحِدَةً بِقُرْعَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْأَوَّلِيَّةِ شَامِلَةٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِانْفِرَادِهَا، وَالْمُعْتِقُ وَنَحْوُهُ إنَّمَا أَرَادَ عِتْقَ أَوْ طَلَاقَ إحْدَاهُنَّ، فَتُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ، إذْ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهَا إلَّا بِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ (لَا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ شَيْءٌ خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ (فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ) وَأَوَّلُ مَنْ تَقُومُ مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ أَوَّلُ مَنْ قَامَ مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ، فَقَامَ الْكُلُّ دَفْعَةً وَاحِدَةً؛ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ تَبِعَ فِيهِ " الشَّرْحَ " وَ " الْمُبْدِعَ " وَهُوَ احْتِمَالٌ مَرْجُوحٌ
(وَإِنْ) قَالَ لِإِمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ: أَوَّلُ مَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ فَهِيَ حُرَّةٌ فَ (قَامَ) مِنْهُنَّ (اثْنَتَانِ فَأَكْثَرُ مَعًا، ثُمَّ قَامَتْ) مِنْهُنَّ (أُخْرَى؛ وَقَعَ) الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ (بِمَنْ قَامَ) مِنْهُنَّ (أَوَّلًا) وَتَخْرُجُ بِقُرْعَةٍ
(وَ) إنْ قَالَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ: (آخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ) فَهُوَ (حُرٌّ، فَمَلَكَ عَبِيدًا) أَوْ إمَاءً أَوْ مِنْ الصِّنْفَيْنِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (ثُمَّ مَاتَ) السَّيِّدُ
(فَ) يَعْتِقُ (آخِرُهُمْ) مِلْكًا (مِنْ حِينِ مَلَكَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْمِلْكُ بِشِرَاءٍ أَوْ اتِّهَابٍ أَوْ إصْدَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَا دَامَ حَيًّا يُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَنَحْوُهُ آخِرٌ بَعْدَ الَّذِي فِي مِلْكِهِ، فَيَكُونُ هُوَ الْآخِرُ، فَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ وَاحِدٍ مِنْ رَقِيقِهِ، فَإِذَا مَاتَ عَلِمْنَا أَنَّ آخِرَ مَا مَلَكَهُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ يَقِينًا (وَكَسْبُهُ) ؛ أَيْ: الَّذِي تَبَيَّنَ عِتْقُهُ (لَهُ) دُونَ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مِنْ حِينِ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى مَنْ قَالَ: آخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (وَطِئَ أَمَةً) اشْتَرَاهَا وَنَحْوُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (حَتَّى يَمْلِكَ غَيْرَهَا) لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَمْلِكَ بَعْدَهَا قِنًّا، فَتَكُونُ حُرَّةً مِنْ حِينِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ، وَيَكُونُ وَطْؤُهُ فِي حُرَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ؛ وَلَا يَزُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ إلَّا بِمِلْكِهِ غَيْرَهَا، وَكَذَا الثَّانِيَةُ وَهَلُمَّ جَرًّا، كُلَّمَا مَلَكَ أَمَةً حُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا حَتَّى يَمْلِكَ غَيْرَهَا.
(تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ مَلَكَ قَائِلُ ذَلِكَ أَمَةً، وَأَتَتْ مِنْهُ بِأَوْلَادٍ، وَمَاتَ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا آخِرُ مَا مَلَكَ مِنْ الْأَرِقَّاءِ، كَانَ أَوْلَادُهَا أَحْرَارًا مِنْ حِينِ عَلِقَتْ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ حُرَّةٍ فَتَبِعُوهَا، وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا آخِرٌ؛ فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَطِئَ حُرَّةً بِشُبْهَةٍ.
(وَ) إنْ قَالَ (آخِرُ مَنْ تَدْخُلُ الْحَمَّامَ) مِنْ زَوْجَاتِهِ (طَالِقٌ، فَدَخَلَ بَعْضُهُنَّ) ؛ أَيْ: زَوْجَاتِهِ (لَمْ يُحْكَمْ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ دُخُولِ غَيْرِهَا بِمَوْتِهِ) ؛ أَيْ: الزَّوْجِ (أَوْ) يَيْأَسَ بِ (مَوْتِهِنَّ) ؛ أَيْ: الزَّوْجَاتِ (فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِآخِرِهِنَّ دُخُولًا مِنْ حِينِ مَوْتِهِ، وَكَذَا) حُكْمُ (عِتْقٍ) إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَمِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ لَوْ قَالَ سَيِّدٌ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ مَثَلًا فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا؛ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا، فَيَعْتِقُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ؛ لِلْيَأْسِ مِنْ ضَرْبِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ صَحَّ، وَلَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ
(وَيَتْبَعُ مُعْتِقَهُ بِصِفَةٍ) عَلَّقَ عَلَيْهَا عِتْقَهَا (وَلَدٌ) ؛ أَيْ: وَلَدُهَا فِي عِتْقِهِ إنْ (كَانَتْ حَامِلًا بِهِ حَالَ عِتْقِهَا) بِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا عَلَيْهَا؛ لِوُجُودِ الْعِتْقِ فِيهَا، وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ،
فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا فِي الْعِتْقِ كَالْمُنَجَّزِ عِتْقُهَا (أَوْ) كَانَتْ حَامِلًا بِهِ (حَالَ تَعْلِيقِهِ) ؛ أَيْ: الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ التَّعْلِيقِ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، فَسَرَى التَّعْلِيقُ إلَيْهِ، فَلَوْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ؛ عَتَقَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فِي الصِّفَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَتَقَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ. وَ (لَا) يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ (مَا) ؛ أَيْ: وَلَدٌ (حَمَلَتْهُ، وَوَضَعَتْهُ بَيْنَهُمَا) ؛ أَيْ: بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حَالَ التَّعْلِيقِ وَلَا حَالَ وُجُودِ الصِّفَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا قَبْلَ التَّعْلِيقِ.
(وَ) مَنْ قَالَ لِقِنِّهِ: (أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ) فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ بِلَا شَيْءٍ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ عِوَضًا لَمْ يَقْبَلْهُ، فَعَتَقَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
(وَ) إنْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ (عَلَى أَلْفٍ أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ (بِأَلْفٍ، أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ (عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا، أَوْ) قَالَ لَهُ: (بِعْتُك نَفْسَك بِأَلْفٍ، لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَقْبَلَ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضٍ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِدُونِ قَبُولِهِ، وَلِأَنَّ عَلَى تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالْعِوَضِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] وَقَالَ تَعَالَى: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} [الكهف: 94] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27]
(وَ) مَنْ قَالَ لِقِنِّهِ: أَنْتَ حُرٌّ (عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً) وَنَحْوَهَا كَشَهْرٍ فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ) فِي الْحَالِ (بِلَا قَبُولٍ) مِنْهُ (وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعِتْقِ وَاسْتِثْنَاءِ الْخِدْمَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ (وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ) اسْتَثْنَى (نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً) فَيَصِحُّ لِخَبَرِ سَفِينَةَ (وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهُمَا) ؛ أَيْ: بَيْعُ الْخِدْمَةِ وَمُدَّةِ النَّفْعِ الْمَعْلُومَةِ (لِلْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ) نَقَلَ حَرْبٌ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِمَا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِمَّنْ شَاءَ، قَالَ فِي " الْإِقْنَاعِ " وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَبِيعِ الْإِجَارَةُ؛ أَيْ: لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ السَّابِقَةِ لَا تَتَأَتَّى