الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرَدَّا؛ فَثُلُثُهَا وَقْفٌ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَثُلُثَاهَا مِيرَاثٌ، وَإِنْ رَدَّ الِابْنُ وَحْدَهُ؛ فَلَهُ ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ إرْثًا وَلِلْبِنْتِ ثُلُثُهُمَا وَقْفًا، وَإِنْ رَدَّتْ الْبِنْتُ وَحْدَهَا، فَلَهَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ إرْثًا، وَلِلِابْنِ نِصْفُهُمَا وَقْفًا، وَسُدُسُهُمَا إرْثًا، لِرَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لِرَدِّ التَّسْوِيَةِ فَقَطْ دُونَ أَصْلِ الْوَقْفِ كَمَا لَوْ قَالَ: رَدَدْت تَسْوِيَةَ وَالِدِي بَيْنِي وَبَيْنَ أُخْتِي فِي الْوَقْفِ؛ فَإِنَّهُ يُبْطَلُ الْوَقْفُ فِي سُدُسِ الثُّلُثَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ الْبِنْتِ الَّذِي بِهِ حَصَلَتْ التَّسْوِيَةُ، وَيَبْقَى لَهَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ وَقْفًا عَلَيْهَا، وَالسُّدُسُ الَّذِي يُبْطَلُ الْوَقْفُ فِيهِ يَكُونُ إرْثًا لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ مِنْ وَقْفٍ غَيْرِ النِّصْفِ، فَلَا نَحْكُمُ بِوَقْفِيَّةِ هَذَا السُّدُسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُقْتَضَى، وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ التَّشْبِيهِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ مَا إذَا أَرَادَتْ الْبِنْتُ وَحْدَهَا وَهُوَ أَنَّ نِصْفَ الثُّلُثَيْنِ لِلِابْنِ وَقْفًا، وَسُدُسَهُمَا لَهُ إرْثًا فِي الصُّورَتَيْنِ، فَهَذَا هُوَ الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا.
وَ (لَا) يَنْفُذُ وَقْفُ مَرِيضٍ (بِ) جُزْءٍ (زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ: ثُلُثِ مَالِهِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ (وَلَوْ) كَانَ وَقْفُهُ (عَلَى أَجْنَبِيٍّ) كَالْعَطِيَّةِ فِي الْمَرَضِ وَالْوَصِيَّةِ (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا) يَنْفُذُ وَقْفُ الْمَرِيضِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (بِلَا إجَازَةٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى بَعْضِهِمْ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ كَالْعَطِيَّةِ فِي الْمَرَضِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
[فَصْلٌ رُجُوعُ الواهب فِي هِبَتِهِ بَعْدَ قَبْضِ مُعْتَبَرٍ]
(فَصْلٌ: وَحُرِّمَ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ وَاهِبٍ) فِي هِبَتِهِ (بَعْدَ قَبْضِ مُعْتَبَرٍ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ أَوْ وَكِيلِهِ؛ لِلُزُومِهَا بِهِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْهِبَةُ (صَدَقَةً وَهَدِيَّةً وَنِحْلَةً، أَوْ نُقُوطًا وَحُمُولَةً فِي نَحْوِ عُرْسٍ) كَخِتَانٍ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ قَالَ قَتَادَةُ: وَلَا أَعْلَمُ الْقَيْءَ إلَّا حَرَامًا، وَسَوَاءٌ عُوِّضَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُعَوَّضْ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ لَا تَقْتَضِي الثَّوَابَ وَتَقَدَّمَ (إلَّا مَنْ وَهَبَتْ زَوْجَهَا) شَيْئًا (بِمَسْأَلَتِهِ) إيَّاهَا لَهُ (ثُمَّ ضَرَّهَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ إذَا وَهَبَتْ لَهُ مَهْرَهَا، فَإِنْ كَانَ سَأَلَهَا ذَلِكَ رَدَّهُ إلَيْهَا رَضِيَتْ أَوْ
كَرِهَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَهَبُ إلَّا مَخَافَةَ غَضَبِهِ أَوْ إضْرَارٍ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَأَلَهَا وَتَبَرَّعَتْ بِهِ؛ فَهُوَ جَائِزٌ انْتَهَى. لِأَنَّ شَاهِدَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَطِبْ بِهَا نَفْسًا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ طِيبِ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] وَغَيْرُ الصَّدَاقِ كَالصَّدَاقِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهَا (لَا) تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ (مُطْلَقًا بَلْ) تَرْجِعُ عَلَيْهِ (بِشُرُوطٍ) كَمَا لَوْ وَهَبَتْهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ، فَلَمْ يَنْدَفِعْ، أَوْ لِوُجُودِ شَرْطٍ فَلَمْ يُوجَدْ، وَهَذَا قَوْلٌ مَرْجُوحٌ فِي الْمَذْهَبِ (وَ) إلَّا (الْأَبُ) الْأَقْرَبُ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:«لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً وَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ بِرُجُوعِهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.
وَلَوْ وَهَبَ كَافِرٌ لِوَالِدِهِ الْكَافِرِ شَيْئًا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْوَلَدُ؛ فَلِأَبِيهِ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ.
قَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: لَيْسَ هِيَ عِنْدِي كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، بِخِلَافِ الْأُمِّ وَبِوِلَايَتِهِ وَحِيَازَتِهِ جَمِيعِ الْمَالِ وَهَذَا فِي الْأَبِ (الْوَاحِدِ خَاصَّةً)
بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى وَلَدًا مَجْهُولَ النَّسَبِ اثْنَانِ، وَوَهَبَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا؛ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ؛ لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِ الدَّعْوَى، وَإِنْ ثَبَتَ اللِّحَاقُ بِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ الرُّجُوعُ (وَلَوْ) كَانَ مَا قَبَضَهُ الْوَلَدُ (صَدَقَةً) إذْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْهِبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَنَصَرَاهُ (أَوْ تَعَلَّقَ بِمَا وَهَبَ) الْأَبُ لِوَلَدِهِ (حَقٌّ كَفَلَسٍ) أَيْ: كَأَنْ يُفْلِسَ الْوَلَدُ وَالْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَجْرَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْإِقْنَاعِ " أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ مَانِعٍ مِنْ الرُّجُوعِ كَالرَّهْنِ؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَالْمُرْتَهِنِ بِالْعَيْنِ، وَفِي الرُّجُوعِ إبْطَالٌ لِذَلِكَ، وَفِي الْحَدِيثِ:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .
وَقَالَ الْحَارِثِيُّ عِنْدَ عَدَمِ الرُّجُوعِ فِيهِ أَنَّهُ الصَّوَابُ بِلَا خِلَافٍ، فَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَلَسٍ لَا حَجْرَ مَعَهُ لِيُوَافِقَ مَا ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) تَعَلَّقَ بِالْمَوْهُوبِ (رَغْبَةٌ كَتَزْوِيجٍ) أَيْ: بِأَنْ يُزَوِّجُوا الْمَوْهُوبَ لَهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا رَغْبَةً فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ، أَوْ يَتَزَوَّجُوهَا إنْ كَانَتْ أُنْثَى رَغْبَةً فِيمَا بِيَدِهَا مِنْ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَايَنُوا الْمَوْهُوبَ لَهُ أَوْ أَقْرَضُوهُ أَوْ بَاعُوهُ أَوْ أَجَرُوهُ وَنَحْوُهُ؛ لِوُجُودِ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ رُجُوعَ الْأَبِ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ (إلَّا إذَا وَهَبَهُ) أَيْ: وَهَبَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ (سُرِّيَّةً لِإِعْفَافِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهَا (وَلَوْ اسْتَغْنَى) عَنْهَا الْوَلَدُ بِتَزَوُّجِهِ أَوْ شِرَائِهِ غَيْرَهَا وَنَحْوِهِ (أَوْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالزَّوْجَةِ (أَوْ) إلَّا (إذَا أَسْقَطَ) الْأَبُ (حَقَّهُ مِنْ رُجُوعٍ) فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ، فَيَسْقُطُ خِلَافًا لِمَا فِي " الْإِقْنَاعِ " وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ مُجَرَّدُ حَقِّهِ، وَقَدْ أَسْقَطَهُ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ؛ فَإِنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْمَرْأَةِ بِدَلِيلِ إثْمِهِ بِالْعَضْلِ، بِخِلَافِ الرُّجُوعِ (وَلَا يَمْنَعُهُ) أَيْ: الرُّجُوعُ (نَقْصَ) عَيْنٍ مَوْهُوبَةٍ بِيَدِ وَلَدٍ سَوَاءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا أَوْ ذَاتُهَا بِتَآكُلِ بَعْضِ أَعْضَائِهَا أَوْ جَنَى عَلَيْهَا، أَوْ جَنَى الْمَوْهُوبُ، فَتَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ، وَعَلَى الْأَبِ فِي هَذِهِ إنْ
رَجَعَ ضَمَانُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الِابْنِ لِلْأَبِ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَمَتَى رَجَعَ فِي رَقِيقٍ أَوْ بَهِيمَةٍ - وَقَدْ جَنَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا - فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِلِابْنِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ (فَيَرْجِعُ) الْأَبُ (فِي) مَوْهُوبٍ (مُتَعَيِّبٍ) وَتَقَدَّمَتْ أَمْثِلَتُهُ (وَ) فِي (بَاقٍ مِنْ تَالِفٍ) فِي عَبْدٍ (وَآبِقٍ) لِبَقَاءِ الْمِلْكِ (وَجَانٍ) كَمَا ذَكَرْنَا (وَلَا) يَمْنَعُ الرُّجُوعَ (زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ كَثَمَرٍ جُذَّ) أَيْ: جَذَّهُ الْوَلَدُ وَكَوَلَدِ الْبَهِيمَةِ وَكَسْبِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْأَصْلِ دُونَ النَّمَاءِ (لَا) إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً كَثَمَرٍ (قَبْلَ) جَذِّهِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَوْهُوبُ (نَخْلًا أُبِّرَ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُتَّصِلًا مَا لَمْ يُجَذُّ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ وَهَبَهُ نَخْلًا، فَحَمَلَتْ فَقَبْلَ التَّأْبِيرِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وَبَعْدَهُ مُنْفَصِلَةٌ (وَهِيَ) أَيْ: الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ لِ (لْوَلَدِ) لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهِ، وَلَا تُتَّبَعُ فِي الْفُسُوخِ فَكَذَا هُنَا (إلَّا إذَا حَمَلَتْ الْأَمَةُ) الْمَوْهُوبَةُ لِلْوَلَدِ (وَوَلَدَتْ) عِنْدَهُ (فَيُمْنَعُ) الرُّجُوعُ (فِي الْأُمِّ) الْمَوْهُوبَةِ؛ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا (وَتَمْنَعُهُ) أَيْ: الرُّجُوعَ زِيَادَةٌ (مُتَّصِلَةٌ تَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ) أَيْ: قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ (كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَحَمْلٍ) بِأَنْ وَهَبَ الْأَبُ وَلَدَهُ أَمَةً أَوْ بَهِيمَةً حَامِلًا، فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الِابْنِ؛ فَالْوَلَدُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِاعْتِبَارِ الْكِبَرِ، وَإِنْ وَهَبَهُ أَمَةً أَوْ بَهِيمَةً حَامِلًا، ثُمَّ رَجَعَ الْأَبُ فِيهَا حَامِلًا، فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا بِالْحَمْلِ؛ فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ (وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ) أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ قُرْآنٍ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ، فَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ فِيهَا كَالْمُنْفَصِلَةِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ فِيهَا امْتَنَعَ فِي الْأَصْلِ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَضَرَرِ التَّشْقِيصِ، وَلِأَنَّهُ اسْتِرْجَاعٌ لِلْمَالِ بِفَسْخٍ لِغَيْرِ عَيْبٍ فِي عِوَضِهِ؛ فَمَنْعُهُ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ كَاسْتِرْجَاعِ الصَّدَاقِ بِفَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ نِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ رُجُوعِ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ لِفَلَسِ الْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ
الْمُشْتَرِي، وَقَدْ رَضِيَ بِبَذْلِ الزِّيَادَةِ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَإِنْ زَادَ بِبُرْئِهِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ صَمَمٍ؛ مُنِعَ الرُّجُوعُ كَسَائِرِ الزِّيَادَاتِ (وَيُصَدَّقُ الْأَبُ فِي عَدَمِهَا) أَيْ: الزِّيَادَةِ إنْ أَنْكَرَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ.
(وَ) يَمْنَعُ الرُّجُوعَ (رَهْنُ) مَوْهُوبٍ (لَزِمَ) لِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ إبْطَالًا لَحِقَ الْمُرْتَهِنِ وَإِضْرَارًا بِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا (إلَّا أَنْ يَنْفَكَّ) الرَّهْنُ بِوَفَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ فَيَمْلِكُ الرُّجُوعَ إذَنْ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الِابْنِ لَمْ يَزُلْ وَإِنَّمَا طَرَأَ مَعْنَى قَطْعِ التَّصَرُّفِ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ، فَمُنِعَ الرُّجُوعُ، فَإِذَا زَالَ زَالَ الْمَنْعُ وَيُمْنَعُ الرُّجُوعُ أَيْضًا (وَهِبَةُ وَالِدٍ) مَا وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ (لِوَلَدِهِ) لِأَنَّ فِي رُجُوعِ الْأَبِ إبْطَالًا لِمِلْكِ غَيْرِ ابْنِهِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ هُوَ) أَيْ: الْوَاهِبُ الثَّانِي فِي هِبَتِهِ لِابْنِهِ، فَإِنَّ الْوَاهِبَ الْأَوَّلَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ هِبَتَهُ بِرُجُوعِهِ، فَعَادَ إلَيْهِ الْمِلْكُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ (وَ) يَمْنَعُ الرُّجُوعَ (بَيْعُهُ) أَيْ: الْوَلَدِ (وَنَحْوِهِ مِمَّا يَنْتَقِلُ لِمِلْكِهِ) فِي الرَّقَبَةِ؛ كَأَنْ يَهَبَهُ أَوْ يَقِفَهُ، وَكَذَا مَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَوْهُوبَةِ كَاسْتِيلَادِهَا، أَوْ لَمْ يَهَبْهَا لَهُ لِذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) الْمَبِيعُ (إلَيْهِ) أَيْ: الْوَلَدِ (بِفَسْخٍ أَوْ فَلَسِ مُشْتَرٍ) فَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيهِ إذَنْ؛ لِعَوْدِ الْمِلْكِ لِلْوَلَدِ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ، فَكَأَنَّهُ مَا انْتَقَلَ (لَا) إنْ رَجَعَ الْمَبِيعُ لِلْوَلَدِ (بِنَحْوِ شِرَاءٍ) أَوْ اتِّهَابٍ؛ فَلَا رُجُوعَ لِأَبٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ لِلْوَلَدِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ لَمْ يَسْتَفِدْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، فَلَمْ يَمْلِكْ إزَالَتَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْهُوبًا (وَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ) تَصَرُّفُ الِابْنِ فِي الرَّقَبَةِ تَصَرُّفًا (غَيْرَ نَاقِلٍ لِلْمِلْكِ كَإِجَارَةٍ وَمُزَارَعَةٍ) عَلَيْهَا (وَ) جَعْلُهَا مُضَارَبَةً فِي (عَقْدِ شَرِكَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ وَعِتْقٍ مُعَلَّقٍ) عَلَى صِفَةٍ قَبْلَ وُجُودِهَا وَوَطْءٍ مُجَرَّدٍ عَنْ إحْبَالٍ (وَكَذَا وَصِيَّةٌ) لَمْ تُقْبَضْ (وَهِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ) لِبَقَاءِ مِلْكِ الِابْنِ وَسَلْطَنَةِ تَصَرُّفِهِ (وَيَمْلِكُهُ) أَيْ: الرُّجُوعَ أَيْضًا (مَعَ بَقَاءِ إجَارَةٍ) بِحَالِهَا (وَ) مَعَ بَقَاءِ (كِتَابَةٍ وَتَزْوِيجٍ) كَاسْتِمْرَارِهِ مَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَلَدِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْأَبِ فِعْلًا فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَهُ لِوَلَدِهِ تَسْلِيطٌ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَلَا كَذَلِكَ الشَّفِيعُ، فَإِنْ كَانَ التَّصَرُّفُ