الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَكَذَا بَائِعٌ) أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْ الْمُدَّعِي، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا أَقَرَّ بِهِ، (وَلَمْ يَقُلْ) بَائِعٌ (حَالَ بَيْعٍ: بِعْتُك عَبْدِي هَذَا، أَوْ) بِعْتُك (مِلْكِي)، بَلْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ مَثَلًا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ فِي حَالِ الْبَيْعِ قَالَ: بِعْتُك عَبْدِي هَذَا أَوْ مِلْكِي؛ لَمْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ (لِأَنَّهُ يُكَذِّبُهَا) بِقَوْلِهِ: عَبْدِي هَذَا أَوْ مِلْكِي. وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَكَذَا الْعِتْقُ إنْ كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لِلْمُدَّعِي بِأَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُدَّعَى الْعَبْدِ، فَلَهُ إحْلَافُهُمَا؛ لِحَدِيثِ:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» .
[تَتِمَّةٌ فِي رَجُلٍ يَجِدُ سَرِقَتَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهَا]
تَتِمَّةٌ: قَالَ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ يَجِدُ سَرِقَتَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهَا قَالَ: هُوَ مِلْكُهُ يَأْخُذُهَا. أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، يَتْبَعُ الْمُبْتَاعُ مَنْ بَاعَهُ» رَوَاهُ هُشَيْمِ عَنْ مُوسَى بْنِ السَّائِبِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَمُوسَى بْنِ السَّائِبِ ثِقَةٌ.
[فَصْلٌ أُتْلِفَ مَغْصُوبٌ بِإِتْلَافِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ لَهُ]
(فَصْلٌ: وَإِنْ أُتْلِفَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - مَغْصُوبٌ بِإِتْلَافِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ لَهُ؛ بِأَنْ قُتِلَ الْحَيَوَانُ الْمَغْصُوبُ، أَوْ أُحْرِقَ الْمَتَاعُ الْمَغْصُوبُ - وَلَوْ كَانَ إتْلَافُ الْغَاصِبِ لِلْمَغْصُوبِ بِلَا غَصْبٍ - بِأَنْ أَتْلَفَهُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ بَعْدَ أَنْ انْتَقَلَ إلَى يَدِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ نَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، (أَوْ تَلِفَ مَغْصُوبٌ) ؛ بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا فَمَاتَ، أَوْ مَتَاعًا فَاحْتَرَقَ وَنَحْوُهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ لَوْ غَصَبَهُ مَرِيضًا فَمَاتَ فِي يَدِهِ بِذَلِكَ الْمَرَضِ؛.
(ضُمِنَ) مَغْصُوبٌ (مِثْلِيٌّ) ؛ أَيْ: ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ أَوْ مَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ، (وَهُوَ) - أَيْ: الْمِثْلِيُّ - (الْفُلُوسُ، وَكُلُّ مَكِيلٍ) مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ وَمَائِعٍ وَغَيْرِهَا، (أَوْ مَوْزُونٍ) كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَرِيرٍ وَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ وَنَحْوِهَا (لَا صِنَاعَةَ فِيهِ) - أَيْ: الْمَكِيلِ - بِخِلَافِ نَحْوِ هَرِيسَةٍ، أَوْ الْمَوْزُونِ، بِخِلَافِ حُلِيٍّ وَأَسْطَالٍ وَنَحْوِهَا
(مُبَاحَةٌ) ، خَرَجَ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَتُضْمَنُ بِمِثْلِهَا؛ لِتَحْرِيمِ صِنَاعَتِهَا، وَيَأْتِي، (يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ) ، بِخِلَافِ نَحْوِ جَوْهَرٍ وَلُؤْلُؤٍ (بِمِثْلِهِ) - مُتَعَلِّقٌ يُضْمَنُ - نَصًّا، لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِمُمَاثِلَتِهِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الصُّورَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُعَيَّنِ، بِخِلَافِ الْقِيمَةِ؛ فَإِنَّهَا مُمَاثِلَةٌ مِنْ طَرِيقِ الظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ، وَسَوَاءٌ تَمَاثَلَتْ أَجْزَاءُ الْمِثْلِيِّ أَوْ تَفَاوَتَتْ كَالْأَثْمَانِ، وَلَوْ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً رَائِجَةً، وَالْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ وَنَحْوِهَا، (فَإِنْ أَعْوَزَ) مِثْلُ التَّالِفِ؛ قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": فِي الْبَلَدِ أَوْ حَوْلَهُ؛ كَأَنْ تَعَذَّرَ (لِبُعْدٍ أَوْ غَلَاءٍ) أَوْ عَدَمٍ؛ فَعَلَى الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ (قِيمَتُهُ) - أَيْ: الْمَغْصُوبِ الْمِثْلِيِّ - لِأَنَّهَا أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ، فَوَجَبَ عِنْدَ تَعَذُّرِ أَصْلِهِ كَالْآخَرِ (يَوْمَ إعْوَازِهِ) - أَيْ: الْمِثْلِ - لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ حِينَ انْقِطَاعِ الْمِثْلِ، فَاعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ حِينَئِذٍ كَتَلَفِ الْمُتَقَوِّمِ، وَدَلِيلُ وُجُوبِهَا إذَنْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ طَلَبَهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَدَاؤُهَا، وَلَا يَبْقَى وُجُوبُ الْمِثْلِ؛ لِلْعَجْزِ عَنْهُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ طَلَبَهُ وَلَا اسْتِيفَاؤَهُ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ إعْوَازِهِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ مَكَانُ الْوُجُوبِ، (فَإِنْ قَدَرَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمِثْلُ (عَلَى الْمِثْلِ) بَعْدَ تَعَذُّرِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ، (لَا بَعْدَ أَخْذِهَا؛ وَجَبَ) الْمِثْلُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَقَدْ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الْبَدَلِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ؛ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ أَخَذَ الْمَالِكُ الْقِيمَةَ عَنْهُ؛ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا، وَلَمْ تُرَدَّ وَلَا طَلَبَ لِلْمِثْلِ إذَنْ؛ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِأَخْذِهَا، وَكَمَنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ إنْ قَدَرَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمِثْلُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ؛ لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ الْكُلَّ مِنْ مِثْلِيٍّ قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّ الْجَمِيعِ؛ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ (الْقِسْطِ) مِنْ مِثْلِيٍّ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَيَدْفَعُ الْقِيمَةَ عَنْ الْبَاقِي؛ إذْ لَا يُكَلَّفُ