الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تَنْبِيهٌ يَبْرَأُ الْغَاصِبَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا إذَا أَجَرَهُ لِمَالِكِهِ]
تَنْبِيهٌ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا إذَا أَجَرَهُ لِمَالِكِهِ، لِدُخُولِهِ عَلَى ضَمَانِهَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، (خِلَافًا لَهُمَا) - أَيْ:" لِلْمُنْتَهَى "" وَالْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُمَا قَالَا: أَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ: (فِيمَا يُوهِمُ) أَنَّهُمَا لَمْ يُصَرِّحَا بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا صَرَّحَا بِهِ، وَالْمَنْصُوصُ كَمَا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ) الْمَغْصُوبُ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوْ اسْتَقْرَضَهُ مَالِكُهُ مِنْ الْغَاصِبِ؛ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْهُ لِلْغَاصِبِ؛ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ بِنَحْوِ عَيْبٍ، فَيَتْلَفُ بَعْدَهُ؛ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ الْغَاصِبُ لَهُ - أَيْ: لِمَالِكِهِ - (أَمَانَةً) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ضَمَانِ ذَلِكَ؛ إذْ لَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا.
(وَإِنْ صَدَرَ مَا تَقَدَّمَ) ذِكْرُهُ (مِنْ مَالِكٍ) ؛ بِأَنْ أَطْعَمَ الْمَالِكُ مَا غُصِبَ مِنْهُ (الْغَاصِبَ) أَوْ لِدَابَّتِهِ، أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ رَهَنَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ، أَوْ أَجَرَهُ إيَّاهُ، أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ، أَوْ أَعَارَهُ لَهُ، وَاسْتَأْجَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ عَلَى قِصَارَةِ الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى تَعْلِيمِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ؛ (بَرِئَ) الْغَاصِبُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا، سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَالِكُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِلْكَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً، فَتَبَيَّنَتْ زَوْجَتُهُ؛ فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَلَا غَيْرَهُ [، وَكَمَا لَوْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ يَظُنُّ أَنْ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ غَرَبَتْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ] ، مِنْ ضَمَانِ (غَصْبٍ) فَقَطْ، لَا مِنْ إثْمِهِ الْحَاصِلِ بِارْتِكَابِهِ الِاسْتِيلَادَ وَالْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَ مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَصُدُورُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَالِكِ مُبَرِّئٌ لِلْغَاصِبِ مِنْ الْغَصْبِ، وَمُزِيلٌ لِحُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ؛ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ الدَّرَاهِمَ الْمَغْصُوبَةَ، فَإِنَّ حُكْمَ الْغَصْبِ فِيهَا إذَا اتَّجَرَ بِهَا الْغَاصِبُ أَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ لِمَالِكِهَا، وَالْحُكْمُ
فِيمَا بَعْدَ اقْتِرَاضِهَا مِنْ مَالِكِهَا أَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ لِلَّذِي اغْتَصَبَهَا، وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ أَعَارَهُ؛ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِدُخُولِهِ عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةٍ، كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ؛ وَكَمَا لَوْ زَوَّجَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ عُهْدَةِ غَصْبِهَا، وَتَصِيرُ بِيَدِهِ أَمَانَةً؛ كَمَا لَوْ لَمْ يَغْصِبْهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهَا؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَغْصُوبِ حَصَلَ بِأَمْرِ مَالِكِهِ، وَبَقَاؤُهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ حَصَلَ بِرِضَى مَالِكِهِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ غَصْبٌ.
(وَمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا، فَغَرَسَ) فِيهَا، (أَوْ بَنَى فِيهَا، فَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً) لِغَيْرِ بَائِعِهَا، (وَقَلَعَ غَرْسَهُ) - أَيْ: غَرْسَ الْمُشْتَرِيَ - (وَبِنَاءَهُ) ؛ لِكَوْنِهِ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ (رَجَعَ) مُشْتَرٍ (عَلَى بَائِعٍ بِمَا غَرِمَهُ) بِسَبَبِ ذَلِكَ (مِنْ ثَمَنٍ) أَقْبَضَهُ، (وَأُجْرَةِ غَارِسٍ وَبَانٍ وَثَمَنِ مُؤَنٍ) مُسْتَهْلَكَةٍ (وَأَرْشِ نَقْصٍ بِقَلْعٍ) وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأُجْرَةِ دَارٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَرَّ الْمُشْتَرِيَ بِبَيْعِهِ إيَّاهَا، وَأَوْهَمَهُ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي غِرَاسِهِ وَبِنَائِهِ وَانْتِفَاعِهِ، فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ.
وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي (بِمَا أَنْفَقَ عَلَى قِنٍّ وَحَيَوَانٍ وَخَرَاجِ أَرْضٍ) - إذَا اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً وَغَرِمَ خَرَاجَهَا، ثُمَّ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً؛ فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي؛ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ؛ (لِأَنَّهُ) - أَيْ: الْمُشْتَرِيَ - (دَخَلَ فِي الشِّرَاءِ مُلْتَزِمًا ضَمَانَ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي النَّفَقَةَ عَلَى الْمَبِيعِ وَدَفْعِ خَرَاجِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْت: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا خَرَجَتْ مَغْصُوبَةً؛ كَمَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْحُرَّةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَبَيْعُ لْخَرَاجِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَالْمُرَادُ هُنَا إذَا حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ النُّزُولُ عَنْهَا لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الِانْتِفَاعِ وَوَزْنِ الْخَرَاجِ كَمَا يَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ.
(وَيَجُوزُ تَمَلُّكُ زَرْعِهِ) - أَيْ: الْغَاصِبِ - بِبَدَلِ بَذْرِهِ وَعِوَضِ لَوَاحِقِهِ، (وَمَنْ) اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ (أُخِذَ) ؛ أَيْ: اُنْتُزِعَ (مِنْهُ بِحُجَّةٍ) مُطْلَقَةٍ؛ أَيْ: بِأَنْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؛ بِأَنْ لَمْ تَقُلْ: مَلَكَهُ مِنْ وَقْتِ كَذَا (مَا اشْتَرَاهُ) مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ (رَدَّ بَائِعُهُ) لِلْمُشْتَرِي (مَا قَبَضَهُ) مِنْهُ مِنْ الثَّمَنِ؛
لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ حُدُوثِ مِلْكٍ نَاشِئٍ عَنْ الْمُشْتَرِي، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى زَمَنِ الشِّرَاءِ.
(وَمَنْ اشْتَرَى قِنًّا) مِنْ إنْسَانٍ، (فَأَعْتَقَهُ، فَادَّعَى شَخْصٌ - وَلَا بَيِّنَةَ أَنْ الْبَائِعَ) لِلْقِنِّ (غَصَبَهُ مِنْهُ) أَيْ الْقِنِّ - (فَصَدَّقَهُ) عَلَى مُدَّعَاهُ (أَحَدُهُمَا) - أَيْ: الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (لَمْ يُقْبَلْ) تَصْدِيقُهُ (عَلَى الْآخَرِ) الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ (بَلْ) يُقْبَلُ تَصْدِيقُهُ (عَلَى نَفْسِهِ) فَقَطْ. (وَإِنْ صَدَّقَاهُ) أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي - (مَعَ) الْقِنِّ (الْمَبِيعَ؛ لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُهُ؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ) تَعَالَى بِهِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِعِتْقِهِ، وَأَنْكَرَهُ الْعَبْدُ؛ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَمْ يُقْبَلْ إنْكَارُهُ مَعَ اتِّفَاقِ السَّيِّدِ وَالْقِنِّ عَلَى الرِّقِّ.
(وَكَذَا مَنْ قَالَ: أَنَا حُرٌّ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ؛ لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ. وَلِمَالِكٍ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهَا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعِتْقِ، (وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ) - أَيْ: ضَمَانَ الْقِيمَةِ - (عَلَى مُعْتِقِهِ) لِمُدَّعِي الْغَصْبِ يَوْمَ الْعِتْقِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ حَكَاهُ شَارِحُ الْمُنْتَهَى؛ يُقْبَلُ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِالْإِتْلَافِ بِالْعِتْقِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ.
(وَيَتَّجِهُ وَيَرُدُّ بَائِعٌ) قِنٍّ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِمُشْتَرٍ (مَا) - أَيْ ثَمَنًا - (أَخَذَهُ مِنْهُ) ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي " الْمُبْدِعِ "" وَالشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَمَتَى أَنْ حَكَمْنَا بِالْحُرِّيَّةِ؛ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ قِيمَتِهِ يَوْمَ عِتْقِهِ، فَإِنْ ضَمِنَ؛ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ مِنْهُ، فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ انْتَهَى.
(وَلَوْ مَاتَ الْقِنُّ، وَخَلَّفَ مَالًا - وَلَا وَارِثَ) لَهُ - فَالْمَالُ الْمُخَلَّفُ عَنْهُ (لِمُدَّعٍ) ؛ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَهُ، (وَلَا وَلَاءَ) لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِلْمُعْتِقِ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِ عِتْقِهِ، فَإِنْ خَلَّفَ وَارِثًا؛ فَالْمَالُ لَهُ لِلْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّ الْبَائِعَ غَصَبَ مِنْهُ عَبْدَهُ؛ بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَالِكٍ وَلَا مَأْذُونِهِ، وَبَطَلَ الْعِتْقُ أَيْضًا؛ لِتَرَتُّبِهِ عَلَى الْبَيْعِ الْبَاطِلِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ؛ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ.
(وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْهُ مُشْتَرٍ) ، وَادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّهُ غَصَبَهُ الْبَائِعُ مِنْهُ، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ؛ انْتَقَضَ الْبَيْعُ،
وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ؛ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ - أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي - (بِغَصْبِهِ لِمُدَّعِيهِ) ؛ أَيْ: بِأَنَّ الْبَائِعَ غَصَبَهُ مِنْ الْمُدَّعِي؛ (بَطَل بَيْعٌ) ؛ لِإِقْرَارِهِمَا بِالْغَصْبِ، (وَرُدَّ ثَمَنٌ) قَبَضَهُ بَائِعٌ لِمُشْتَرٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَهُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا) بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي مِنْ غَصْبِ الْقِنِّ؛ (لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ (عَلَى الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْبَائِعِ بِقَوْلِهِ:(فَيَلْزَمُ بَائِعًا أَقَرَّ لَهُ) - أَيْ: لِلْمُدَّعِي بِمُدَّعَاهُ - وَكَانَ إقْرَارُهُ لَهُ (بَعْدَ) انْقِضَاءِ مُدَّةِ (خِيَارِ قِيمَتِهِ) - أَيْ: الْعَبْدِ - لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَقَدْ أُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيُقَرُّ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فِي الظَّاهِرِ.
(وَلَهُ) - أَيْ: الْبَائِعُ - (تَحْلِيفُ مُشْتَرٍ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ، فَإِنْ نَكَلَ؛ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ. (وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (مَا قَبَضَ الثَّمَنَ؛ لَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ) ؛ لِإِقْرَارِهِ بِمَا يُسْقِطُهُ، (وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ قَدْ (قَبَضَهُ) - أَيْ: الثَّمَنَ (لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مُشْتَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ، فَإِنْ عَادَ [قِنٌّ لِمُقِرٍّ] ) وَهُوَ الْبَائِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، بِفَسْخٍ لِلْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ؛ وَجَبَ عَلَيْهِ (رَدُّهُ لِمُدَّعِيهِ) ؛ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ.
وَلَهُ اسْتِرْجَاعُ مَا أُخِذَ مِنْهُ فِي نَظِيرِ الْحَيْلُولَةِ لِزَوَالِهَا (وَ) إنْ كَانَ إقْرَارُ الْبَائِعِ؛ بِأَنَّ غَصْبَهُ مِنْهُ (فِي) مُدَّةِ (خِيَارٍ) ؛ فَإِنَّهُ (يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَهُ، فَقُبِلَ إقْرَارُهُ بِمَا يَفْسَخُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ خِيَارُ مَجْلِسٍ أَوْ خِيَارُ شَرْطٍ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ، لَا لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَأَشَارَ إلَى الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ:(وَيَلْزَمُ مُشْتَرِيًا أَقَرَّ) بِأَنَّ الْبَائِعَ غَصَبَهُ مِنْ مُدَّعِيهِ؛ (رَدُّ عَبْدٍ) لِلْمُدَّعِي؛ لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي (دَفْعُ ثَمَنٍ لِبَائِعٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ فِي الظَّاهِرِ.
(وَإِنْ أَقَامَ) الْمُشْتَرِي (بَيِّنَةً) بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ غَصْبِ الْبَائِعِ لِلْعَبْدِ؛ (عُمِلَ بِهَا) - أَيْ: بِالْبَيِّنَةِ - لِعَدَمِ مَا يُنَافِيهَا، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ حِينَئِذٍ؛ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ،