الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّقَبَةِ) ؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بِهَا (كَالْوَرَثَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا) مِنْ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ.
[تَتِمَّةٌ وَصَّى لِرَجُلٍ بِحَبِّ زَرْعِهِ وَلِآخَرَ بِتِبْنِهِ]
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِحَبِّ زَرْعِهِ وَلِآخَرَ بِتِبْنِهِ؛ صَحَّ، وَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا عَلَى الْإِنْفَاقِ مَعَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا وَإِضَاعَةٌ لِلْمَالِ، وَتَكُونُ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْحَبِّ وَالتِّبْنِ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي أَصْلِ الزَّرْعِ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ لِرَجُلٍ (بِخَاتَمٍ وَلِآخَرَ بِفَصِّهِ) ؛ أَيْ: الْخَاتَمِ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا (وَحَرُمَ تَصَرُّفُ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بِلَا إذْنِ الْآخَرِ) لِأَنَّهُ كَالْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا (وَأَيُّهُمَا طَلَبَ قَلْعَ فَصٍّ) مِنْ الْخَاتَمِ (وَجَبَتْ إجَابَتُهُ) إلَيْهِ، وَأُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ لِتَمْيِيزِ حَقِّهِ.
(وَمَنْ وَصَّى لَهُ بِمُكَاتَبٍ صَحَّ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، (وَكَانَ) مُوصَى لَهُ بِهِ (كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ أَشْبَهَتْ الشِّرَاءَ، فَإِنْ أَدَّى، عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لَهُ كَالْمُشْتَرِي، وَإِنْ عَجَزَ عَادَ رَقِيقًا لَهُ، وَإِنْ عَجَزَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي لَمْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ رِقَّهُ لَا يُنَافِيهَا، وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ بَطَلَتْ، وَيَأْتِي. فَإِنْ قَالَ: إنْ عَجَزَ وَرُقَّ فَهُوَ لَك بَعْدَ مَوْتِي، فَعَجَزَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي صَحَّتْ، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ، وَإِنْ قَالَ: إنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِي فَهُوَ لَكَ؛ فَفِيهِ وَجْهَانِ، لَكِنْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ الصِّحَّةُ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَالِ الْكِتَابَةِ) كُلِّهِ (وَبِنَجْمٍ مِنْهَا) لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِمَا لَيْسَ بِمُسْتَقِرٍّ، كَمَا تَصِحُّ بِمَا لَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَالِ كَحَمْلِ الْجَارِيَةِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ الِاسْتِيفَاءُ عِنْدَ حُلُولِهِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ، وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ بِأَحَدِهِمَا، وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْعَمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَأَرَادَ الْوَارِثُ تَعْجِيزَهُ، وَأَرَادَ الْمُوصَى لَهُ إنْظَارَهُ أَوْ عَكْسَهُ؛ فَالْحُكْمُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ إنَّمَا يَثْبُتُ عِنْدَ قِيَامِ الْعَقْدِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ، فَإِنْ عَجَزَ كَانَ الْعَقْدُ مُسْتَحِقَّ الْإِزَالَةِ، فَيَمْلِكُ الْوَارِثُ الْفَسْخَ
وَالْإِنْظَارَ، فَإِنْ قَالَ لِوَرَثَتِهِ: ضَعُوا عَنْهُ بَعْضَ كِتَابَتِهِ أَوْ بَعْضَ مَا عَلَيْهِ؛ وَضَعُوا مَا شَاءُوا؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَيَّ نَجْمٍ شَاءَ رَجَعَ ذَلِكَ إلَى مَشِيئَتِهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْمُوصِي. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَكْبَرَ نُجُومِهِ، وَضَعُوا أَكْثَرَهَا مَالًا؛ لِأَنَّهُ أَكْبَرُهَا قَدْرًا. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَهَا - بِالْمُثَلَّثَةِ - وَضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا، فَإِنْ كَانَتْ النُّجُومُ خَمْسَةً، وَضَعُوا مِنْهَا ثَلَاثَةً، وَإِنْ كَانَتْ سِتَّةً، وَضَعُوا مِنْهَا أَرْبَعَةً؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الشَّيْءِ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِهِ.
(فَلَوْ وَصَّى) لَهُ (بِأَوْسَطِهَا) ؛ أَيْ: نُجُومِهِ (أَوْ قَالَ ضَعُوهُ) ؛ أَيْ: أَوْسَطَهَا عَنْ الْمُكَاتَبِ (وَالنُّجُومُ شَفْعٌ) مُتَسَاوِيَةُ الْقَدْرِ كَأَرْبَعَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ (صُرِفَ) اللَّفْظُ (لِشَفْعٍ مُتَوَسِّطٍ) مِنْهَا (كَثَانٍ وَثَالِثٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَالِثٍ وَرَابِعٍ مِنْ سِتَّةٍ) وَرَابِعٍ وَخَامِسٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، لِأَنَّهُ الْوَسَطُ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قَالَ فِي " الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ " ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيَّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَإِنْ كَانَتْ النُّجُومُ وَتْرًا مُتَسَاوِيَةَ الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ النُّجُومُ خَمْسَةً؛ تَعَيَّنَ النَّجْمُ الثَّالِثُ، أَوْ كَانَتْ النُّجُومُ سَبْعَةً؛ تَعَيَّنَ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ أَوْسَطُهَا، وَإِنْ كَانَتْ النُّجُومُ مُخْتَلِفَةَ الْمِقْدَارِ، فَبَعْضُهَا مِائَةٌ، وَبَعْضُهَا مِائَتَانِ، وَبَعْضُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ؛ فَأَوْسَطُهَا الْمِائَتَانِ، فَيَتَعَيَّنُ وَضْعُهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ.
(وَ) إنْ قَالَ مُوصٍ (ضَعُوا) عَنْهُ (نَجْمًا، فَمَا شَاءَ وَارِثٌ) مِنْ النُّجُومِ وَضَعَهُ عَنْهُ، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ أَوْ اخْتَلَفَتْ؛ لِصِدْقِ اللَّفْظِ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ (أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ وَمِثْلَ نِصْفِهِ؛ وُضِعَ) مِنْهُ (فَوْقَ نِصْفِهِ وَفَوْقَ رُبُعِهِ) ؛ أَيْ: مَا عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ نِصْفَ الْمَوْضُوعِ أَوَّلًا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَأَدْنَى زِيَادَةٍ.
(وَ) إنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ (مَا شَاءَ مِنْ مَالِهَا فَ) يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَضْعُ (مَا شَاءَ مِنْهُ، لَا) وَضْعُ (كُلِّهِ) لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ. قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَالْقَاضِي، وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ مَا شَاءَ؛ فَالْكُلُّ يُوضَعُ عَنْهُ إذَا شَاءَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ تَنْفِيذًا لِلْوَصِيَّةِ؛ لِدُخُولِ الشَّرْطِ عَلَى مُطْلَقٍ.
وَإِنْ قَالَ مُوصٍ: ضَعُوا عَنْهُ مَا عَلَيْهِ وَمِثْلَهُ، فَذَلِكَ الْكِتَابَةُ
كُلُّهَا وَزِيَادَةٌ عَلَيْهَا؛ فَتَصِحُّ فِي الْكِتَابَةِ، وَتَبْطُلُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِعَدَمِ مَحَلِّهَا.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِرَقَبَتِهِ) ؛ أَيْ: الْمُكَاتَبِ (لِشَخْصٍ، وَ) الْوَصِيَّةُ (لِآخَرَ بِمَا عَلَيْهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّقَبَةِ وَالدَّيْنِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ [بِهِ] مُفْرَدًا، فَجَازَ مُجْتَمِعًا (فَإِنْ أَدَّى) الْمُكَاتَبُ لِصَاحِبِ وَصِيَّةِ الْمَالِ؛ عَتَقَ (أَوْ أُبْرِئَ) بِأَنْ أَبْرَأَهُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ (عَتَقَ، وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِرَقَبَتِهِ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَهُ أَصْحَابُنَا (وَ) يَكُونُ (وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ) قَالَ فِي " الشَّرْحِ "(وَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ؛ فَهُوَ (رَقِيقٌ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ) عَمَلًا بِالْوَصِيَّةِ (وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْمَالِ فِيمَا بَقِيَ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (وَمَا كَانَ قَبَضَهُ) الْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ (فَ) هُوَ (لَهُ) وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ.
(وَ) إنْ وَصَّى (بِمَا عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُكَاتَبُ مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ (لِلْمَسَاكِينِ وَوَصَّى إلَى مَنْ) ؛ أَيْ: شَخْصٍ مُعَيَّنٍ (يَقْبِضُهُ) مِنْ الْمُكَاتَبِ (وَيُفَرِّقُهُ) عَلَيْهِمْ (فَدَفَعَهُ) ؛ أَيْ: دَيْنَ الْكِتَابَةِ (مُكَاتَبٌ ابْتِدَاءً) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْفَعَهُ لِمُوصَى إلَيْهِ لِيُوَصِّلَهُ (لِلْمَسَاكِينِ؛ لَمْ يَبْرَأْ) بِدَفْعِهِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ (وَلَمْ يَعْتِقْ) لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ.
(وَإِنْ وَصَّى) السَّيِّدُ (بِدَفْعِ الْمُكَاتَبِ الْمَالَ) الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَيْهِ (إلَى غُرَمَائِهِ) ؛ أَيْ: غُرَمَاءِ السَّيِّدِ (تَعَيَّنَ) عَلَى الْمُكَاتَبِ (الْقَضَاءُ) ؛ أَيْ: قَضَاءُ الْغُرَمَاءِ (مِنْهُ) ؛ أَيْ: مِنْ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَصِيًّا عَنْهُ فِي ذَلِكَ.
(وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَا) ؛ أَيْ: دَيْنٍ (عَلَى مَنْ) ؛ أَيْ: مُكَاتَبٍ (كُوتِبَ) عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ كَثَوْبٍ أَوْ فَرَسٍ لِصَيْرُورَةِ الْعَقْدِ عَلَى الْعِوَضِ الْمَجْهُولِ (فَاسِدًا) فَلَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الذِّمَّةِ يُوصِي بِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَكَ بِمَا أَقْبِضُهُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ فِي الْفَاسِدَةِ كَالْأَدَاءِ فِي الصَّحِيحَةِ، مِنْ تَرَتُّبِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ. وَإِنْ وَصَّى بِرَقَبَتِهِ، صَحَّ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ فِي الصَّحِيحَةِ، فَفِي الْفَاسِدَةِ أَوْلَى.
(وَ) إذَا قَالَ: (اشْتَرُوا بِثُلُثِي رِقَابًا وَأَعْتِقُوهَا؛ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ لِلْمُكَاتَبِينَ) لِأَنَّهُ أَوْصَى بِالشِّرَاءِ لَا بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ، وَإِنْ اتَّسَعَ الثُّلُثُ لِثَلَاثَةٍ؛ لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ أَقَلِّ مِنْهَا، فَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ أَمْكَنَ شِرَاءُ ثَلَاثَةٍ رَخِيصَةٍ وَحِصَّةٍ مِنْ رَابِعٍ، فَثَلَاثَةٌ غَالِيَةٌ أَوْلَى، وَيُقَدَّمُ مَنْ بِهِ تَرْجِيحٌ