الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِنْتَ عَمَّتِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَجَدَّتُهُ) ؛ أَيْ: الْمُتَزَوِّجِ لِأَبِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَلَدِ الَّذِي وُلِدَ بَيْنَهُمَا (أُمّ أُمُّ أُمِّهِ) ؛ أَيْ: وَلَدِهِمَا (وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ) فَتَرِثُ مَعَهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ ثُلُثَ السُّدُسِ، (وَ) إنْ تَزَوَّجَ (بِنْتَ خَالَتِهِ) فَأَتَتْ بِوَلَدٍ (فَجَدَّتُهُ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَلَدِ (أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ) فَتَرِثُ أُمُّ أَبِي أَبِيهِ مَعَهَا ثُلُثَ السُّدُسِ (وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَرِثَ جَدَّةٌ لِجِهَةٍ) وَاحِدَةٍ (مَعَ) جَدَّةٍ (ذَاتِ ثَلَاثِ) جِهَاتٍ (فَلَوْ تَزَوَّجَ هَذَا الْوَلَدُ بِنْتَ خَالَةٍ لَهُ، فَالْجَدَّةُ الْمَذْكُورَةُ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ [أُمِّ] أَبٍ، وَ [أُمُّ] أُمِّ أَبِي أَبٍ) فَهَذِهِ الْجَدَّةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ يَنْحَصِرُ السُّدُسُ فِيهَا؛ لِأَنَّا لَا نُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ.
[فَرْعٌ حَالَاتُ الْأَبِ وَالْجَدِّ]
(فَرْعٌ: لِلْأَبِ وَالْجَدِّ ثَلَاثُ حَالَاتٍ) الْأُولَى أَنَّهُمَا (يَرِثَانِ بِتَعْصِيبٍ فَقَطْ مَعَ عَدَمِ فَرْعٍ وَارِثٍ) كَوَلَدٍ وَوَلَدِ ابْنٍ، (وَ) الثَّانِيَةُ أَنَّهُمَا يَرِثَانِ (بِفَرْضٍ فَقَطْ مَعَ ذُكُورِيَّتِهِ) ؛ أَيْ: الْفَرْعِ الْوَارِثِ كَالِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ، (وَ) الثَّالِثَةُ أَنَّهُمَا يَرِثَانِ (بِفَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ مَعَ أُنُوثَتِهِ) ؛ أَيْ: الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْعَصَبَاتِ]
(بَابُ الْعَصَبَاتِ) الْعَصَبَاتُ: جَمْعُ عَصَبَةٍ، وَهُوَ جَمْعُ عَاصِبٍ مِنْ الْعَصَبِ، وَهُوَ الشَّدُّ، وَمِنْ عِصَابَةِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ يُعَصَّبُ بِهَا؛ أَيْ: يَشُدُّ، وَالْعَصَبُ؛ لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْأَعْضَاءَ، وَعِصَابَةُ الْقَوْمِ لِاشْتِدَادِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَهَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ؛ أَيْ: شَدِيدٌ، فَسُمِّيَتْ الْقَرَابَةُ عَصَبَةً؛ لِشِدَّةِ الْأَزْرِ. وَفِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ الْوَارِثُ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ، أَوْ مَنْ يَحُوزُ الْمَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَيَأْتِي.
وَهُمْ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ كَالْمُعْتِقِ وَكُلُّ ذَكَرٍ نَسِيبٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أُنْثَى كَالِابْنِ،
وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ كَالْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ، كُلٌّ بِأَخِيهَا. (النِّسَاءُ كُلُّهُنَّ صَاحِبَاتُ فَرْضٍ، وَلَيْسَ فِيهِنَّ) ؛ أَيْ: النِّسَاءِ (عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ إلَّا الْمُعْتِقَةَ) فَإِنَّهَا عَصَبَةٌ بِنَفْسِهَا لِلْعَتِيقِ وَلِمَنْ انْتَمَى إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ. (وَالرِّجَالُ كُلُّهُمْ عَصَبَاتٌ بِأَنْفُسِهِمْ سِوَى زَوْجٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ) فَإِنَّهُمَا صَاحِبَا فَرْضٍ. (وَالْأَخَوَاتُ) الشَّقِيقَاتُ أَوْ لِأَبٍ الْوَاحِدَةُ فَأَكْثَرُ (مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٌ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَ الْأُخْتِ أَخُوهَا، فَإِنْ كَانَ فَهِيَ عَصَبَةٌ بِالْغَيْرِ لَا مَعَ الْغَيْرِ.
فَائِدَةٌ: حَيْثُ صَارَتْ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ عَصَبَةً مَعَ الْغَيْرِ صَارَتْ كَالْأَخِ الشَّقِيقِ، فَتَحْجُبُ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ، ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْعَصَبَاتِ، وَحَيْثُ صَارَتْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ عَصَبَةً مَعَ الْغَيْرِ صَارَتْ كَالْأَخِ، فَتَحْجُبُ بَنِي الْإِخْوَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْعَصَبَاتِ. (وَالْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتُ الشَّقِيقَاتُ أَوْ لِأَبٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَ أَخِيهَا عَصَبَةٌ بِهِ، لَهُ) ؛ أَيْ: أَخِيهَا (مَثَلًا مَا لَهَا) ؛ أَيْ: فَتَكُونُ الْأُنْثَى مِنْهُنَّ مَعَ الذَّكَرِ الْمُسَاوِي لَهَا عَصَبَةً بِالْغَيْرِ، وَتَزِيدُ بِنْتُ الِابْنِ عَلَيْهِنَّ بِأَنَّهُ يُعَصِّبُهَا ابْنُ ابْنٍ فِي دَرَجَتِهَا، سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا، وَيُعَصِّبُهَا أَيْضًا ابْنُ ابْنٍ أَنْزَلُ مِنْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَتَزِيدُ الْأُخْتُ شَقِيقَةً كَانَتْ أَوْ لِأَبٍ بِأَنَّهَا يُعَصِّبُهَا الْجَدُّ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ بِنْتٌ فَأَكْثَرُ مَعَ ابْنٍ فَأَكْثَرَ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بِنْتُ ابْنِ ابْنٍ سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا، وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ مَعَ أَخٍ شَقِيقٍ، وَأُخْتٌ لِأَبٍ مَعَ أَخٍ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ، فِي الْجَمِيعِ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَابْنُ ابْنٍ فِي دَرَجَتِهَا، سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا، لِلْبِنْتِ
النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ مَعَ ابْنِ الِابْنِ الْبَاقِي، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
بِنْتُ ابْنٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ أَنْزَلُ مِنْهَا، لَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي لَهُ، فَلَا يُعَصِّبُهَا لِاسْتِغْنَائِهَا بِفَرْضِهَا.
بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ فَأَكْثَرُ وَابْنُ ابْنٍ، لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَالْبَاقِي لِابْنِ ابْنِ الِابْنِ النَّازِلِ، فَلَا يُعَصِّبُهَا؛ لِمَا مَرَّ.
بِنْتَا ابْنٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ، لَهُمَا الثُّلُثَانِ، وَالْبَاقِي لَهُ؛ لِمَا مَرَّ.
بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ، وَابْنُ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ نَازِلٍ، لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ ابْنِ ابْنِ الِابْنِ مَعَ ابْنِ ابْنِ ابْنِ الِابْنِ الْمَذْكُورِ؛ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ.
أُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ مَعَ جَدٍّ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَمَا سَيَأْتِي، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] وَقِيَاسُ أَوْلَادِ الِابْنِ عَلَى أَوْلَادِ الصُّلْبِ مَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَحُكْمُ الْعَاصِبِ أَخْذِ كُلِّ التَّرِكَةِ) لِأَنَّهُ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ، فَمَتَى لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ أَخَذَ الْبَاقِيَ، وَاخْتَصَّ التَّعْصِيبُ بِالذُّكُورِ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الشِّدَّةِ وَالنُّصْرَةِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُمْ فِي الشِّدَّةِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَانَ الْأَقْرَبُ أَوْلَى، وَمَتَى أُطْلِقَ الْعَاصِبُ فَالْمُرَادُ الْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ (إذَا انْفَرَدَ) أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ تَعْصِيبًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] وَغَيْرُ الْأَخِ كَالْأَخِ (أَوْ) يَأْخُذُ (مَا أَبْقَتْ الْفُرُوضُ) إنْ كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ وَاحِدٍ فَأَكْثَرُ؛ لِحَدِيثِ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» .
(وَإِنْ) اسْتَوْعَبَتْ الْفُرُوضُ الْمَالَ وَ (لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ) الْعَاصِبُ؛ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا، أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَأَكْثَرَ (وَإِخْوَةٌ لِأَبٍ أَوْ) إخْوَةٌ (لِأَبَوَيْنِ) ذَكَرٌ فَأَكْثَرُ (أَوْ أَخَوَاتٌ) وَاحِدَةٌ فَأَكْثَرُ (لِأَبٍ أَوْ) أَخَوَاتٌ (لِأَبَوَيْنِ مَعَهُنَّ أَخُوهُنَّ وَهُوَ)
الْمُسَمَّى بِالْأَخِ (الْمَشْئُومِ) لِأَنَّ وُجُودَهُ صَارَ سَبَبًا لِحِرْمَانِ نَفْسِهِ وَأُخْتِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ (لِلزَّوْجِ نِصْفُ) التَّرِكَةِ ثَلَاثَةٌ (وَلِلْأُمِّ سُدُسُ) هَا وَاحِدٌ (وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ ثُلُثُ) هَا اثْنَانِ (وَسَقَطَ سَائِرُهُمْ) أَيْ: بَاقِيهِمْ؛ لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ (وَتُسَمَّى) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (مَعَ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ) الذَّكَرِ فَأَكْثَرَ، أَوْ الذَّكَرِ مَعَ الْإِنَاثِ (الْمُشَرَّكَةَ) وَكَذَلِكَ كُلُّ مَسْأَلَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ وَاثْنَانِ فَصَاعِدًا مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَعَصَبَةٌ مِنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ الْمُشَرَّكَةَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ شَرَّكَ فِيهَا وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ وَوَلَدَ الْأُمِّ فِي فَرْضِ وَلَدِ الْأُمِّ، فَقَسَمَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ (وَ) تُسَمَّى (الْحِمَارِيَّةَ) لِأَنَّهُ يُرْوَى أَنَّ عُمَرَ أَسْقَطَ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: هَبْ أَبَانَا حِمَارًا، أَلَيْسَتْ أُمُّنَا وَاحِدَةً؟ فَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ، وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَدُ الْأُمِّ عَلَى الْخُصُوصِ، فَمَنْ شَرَّكَ بَيْنَهُمْ، فَلَمْ يُعْطِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ الْآيَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] يُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ سَائِرُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَهُمْ يُسَوُّونَ بَيْنَ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» .
وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ عَصَبَةٌ لَا فَرْضَ لَهُمْ، وَقَدْ تَمَّ الْمَالُ بِالْفُرُوضِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطُوا؛ كَمَا لَوْ كَانَ مَكَانَ وَلَدِ الْأُمِّ ابْنَتَانِ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَمِائَةٌ مِنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ؛ لَكَانَ لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ، وَلِلْمِائَةِ السُّدُسُ الْبَاقِي، لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ، فَإِذَا جَازَ أَنْ يَفْضُلَهُمْ الْوَاحِدُ هَذَا الْفَضْلَ كُلَّهُ، فَلَأَنْ يُسْقِطَهُمْ وُجُودُ الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ بَابِ أَوْلَى
(وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمْ) ؛ أَيْ: مَكَانَ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ (عَالَتْ) الْمَسْأَلَةُ (إلَى عَشَرَةٍ) لِازْدِحَامِ الْفُرُوضِ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَاحِدٌ، وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ، وَلِلْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ (وَتُسَمَّى) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ الْفُرُوخِ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، لِكَثْرَةِ عَوْلِهَا شَبَّهُوا أَصْلَهَا بِالْأُمِّ، وَعَوْلَهَا بِفُرُوخِهَا، وَلَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَا يَعُولُ بِثُلُثَيْهِ سِوَاهَا وَشَبَهِهَا (وَ) تُسَمَّى أَيْضًا (الشُّرَيْحِيَّةَ) لِحُدُوثِهَا زَمَنَ الْقَاضِي شُرَيْحٍ، رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ - وَهُوَ قَاضٍ بِالْبَصْرَةِ - فَقَالَ: مَا نَصِيبُ الرَّجُلِ مِنْ زَوْجَتِهِ؟ قَالَ: النِّصْفُ مَعَ غَيْرِ الْوَلَدِ وَالرُّبْعُ مَعَهُ، فَقَالَ: امْرَأَتِي مَاتَتْ وَخَلَّفْتنِي وَأُمَّهَا وَأُخْتَيْهَا لِأُمِّهَا وَأُخْتَيْهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا، فَقَالَ: لَك إذَنْ ثَلَاثَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ أَرَ كَقَاضِيكُمْ لَمْ يُعْطِنِي نِصْفًا وَلَا ثُلُثًا، فَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ لَهُ إذَا لَقِيَهُ: إذَا رَأَيْتنِي ذَكَرْت حَاكِمًا جَائِرًا، وَإِذَا رَأَيْتُك ذَكَرْت رَجُلًا فَاجِرًا، إنَّك تَكْتُمُ الْقَضِيَّةَ، وَتُشِيعُ الْفَاحِشَةَ.
(وَمَتَى عُدِمَتْ الْعَصَبَةُ مِنْ النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ، وَلَوْ) كَانَ (أُنْثَى) لِحَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَلِحَدِيثِ: «الْوَلَاءُ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ.
، وَالنَّسَبُ يُورَثُ بِهِ، فَكَذَا الْوَلَاءُ، وَرَوَى سَعِيدٌ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ:«كَانَ لِبِنْتِ حَمْزَةَ مَوْلًى أَعْتَقَتْهُ، فَمَاتَ، وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَمَوْلَاتَهُ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِنْتَهُ النِّصْفَ، وَأَعْطَى مَوْلَاتَهُ بِنْتَ حَمْزَةَ النِّصْفَ» .
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمِيرَاثُ لِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ فَلِلْمَوْلَى» . (ثُمَّ عَصَبَتِهِ) ؛ أَيْ: الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، كَنَسَبٍ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: «أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ، وَتَرَكَتْ ابْنًا لَهَا وَأَخَاهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ مَوْلَاهَا مِنْ بَعْدِهَا، فَأَتَى أَخُو الْمَرْأَةِ وَابْنُهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِيرَاثِهِ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: مِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ أَخُوهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَرَّ جَرِيرَةً