الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَقَرَّ لَقِيطٌ بَالِغٌ (بِكُفْرٍ، وَقَدْ نَطَقَ بِإِسْلَامٍ، وَهُوَ مُمَيِّزٌ يَعْقِلُهُ) - أَيْ: الْإِسْلَامَ - أَوْ أَقَرَّ بِهِ لَقِيطٌ بَالِغٌ (مُسْلِمٌ حُكْمًا) ؛ بِأَنْ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ مِنْ طَرِيقِ الظَّاهِرِ (تَبَعًا لِلدَّارِ) ؛ بِأَنْ كَانَ وُجِدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِ مُسْلِمٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ؛ (فَ) هُوَ (مُرْتَدٌّ) ؛ أَيْ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ، يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ فِي الصُّورَتَيْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَبِلَا نِزَاعٍ فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مُتَيَقَّنٌ؛ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمَا يُنَافِيهِ.
وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ وُجِدَ عُرْيًا عَنْ الْمَعَارِضِ، وَثَبَتَ حُكْمُهُ وَاسْتَقَرَّ؛ فَلَمْ يَجُزْ إزَالَةُ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ ابْنٌ مُسْلِمٌ، وَقَوْلُهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ فِي الْحَالِ مَنْ كَانَ أَبُوهُ، وَلَا مَا كَانَ دِينُهُ، وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.
[فَائِدَةٌ أَمَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ وَلَدَتْ مِنْ فُجُورٍ]
فَائِدَةٌ قَالَ أَحْمَدُ فِي أَمَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ وَلَدَتْ مِنْ فُجُورٍ: وَلَدُهَا مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ أَبَوَيْهِ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ، وَهَذَا لَيْسَ مَعَهُ إلَّا أُمُّهُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) ؛ أَيْ: بِأَنَّ اللَّقِيطَ وَلَدُهُ، (مَنْ) - أَيْ: إنْسَانٌ - (كَوْنُهُ) - أَيْ: اللَّقِيطِ - (مِنْهُ) - أَيْ: مِنْ الْمُقِرِّ - وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ (كَافِرًا، أَوْ قِنًّا، أَوْ أُنْثَى ذَاتَ زَوَاجٍ أَوْ) ذَاتَ (نَسَبٍ مَعْرُوفٍ) ، أَوْ ذَاتَ إخْوَةٍ؛ (أُلْحِقَ) اللَّقِيطُ، (وَلَوْ) كَانَ (مَيِّتًا، بِهِ) - أَيْ: بِالْمُقِرِّ - لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ مَصْلَحَةٌ مَحْضَةٌ لِلَّقِيطِ لِاتِّصَالِ نَسَبِهِ، وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ؛ فَقُبِلَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ.
وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ رَجُلًا حُرًّا مُسْلِمًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ.
نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَعَلَى الصَّحِيحِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ نَصِّ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِنَسَبِ مَجْهُولِ النَّسَبِ، وَلَيْسَ فِي إقْرَارِهِ إضْرَارٌ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْحَقُهُ فِي النَّسَبِ لَا فِي الدِّينِ؛ فَصَحَّ إقْرَارُهُ. كَالْمُسْلِمِ.
وَعَلَى الصَّحِيحِ أَيْضًا، فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ أُنْثَى ذَاتَ زَوْجٍ، أَوْ نَسَبٍ مَعْرُوفٍ، أَوْ إخْوَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ؛ فَثَبَتَ النَّسَبُ بِدَعْوَاهَا، كَالْأَبِ.
وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا، كَمَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ الرَّجُلِ، بَلْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي بِهِ مِنْ زَوْجٍ، وَمَنْ وَطِئَ شُبْهَةً، وَيَلْحَقُهَا وَلَدُهَا مِنْ الزِّنَا دُونَ الرَّجُلِ.
وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ اللَّقِيطِ عَلَى الْقِنِّ الَّذِي أَلْحَقْنَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَلَا حَضَانَةَ لَهُ عَلَى مَنْ اسْتَلْحَقَهُ؛ لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّيِّدِ، فَيَضِيعُ، فَلَا يَتَأَهَّلُ لِلْحَضَانَةِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ جَازَ؛ لِانْتِفَاءِ مَانِعِ الشَّغْلِ. وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ الْقِنُّ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، وَالسَّيِّدُ غَيْرُ نَسِيبٍ لَهُ، وَتَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.
وَلَا يَلْحَقُ (بِزَوْجِ) امْرَأَةٍ (مُقِرَّةٍ) بِهِ، بِدُونِ تَصْدِيقِ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا لَا يَنْفُذُ عَلَى غَيْرِهَا، فَلَا يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ نَسَبُ وَلَدٍ لَمْ يُولَدْ عَلَى فِرَاشِهِ، وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ.
فَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِ زَوْجِهَا؛ لَحِقَ بِهِ.
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا ادَّعَى نَسَبَهُ؛ لَمْ يَلْحَقْ بِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَيْهَا.
(وَلَا يَتْبَعُ) اللَّقِيطُ رَقِيقًا ادَّعَى نَسَبَهُ (فِي رِقٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَبَعِيَّتِهِ النَّسَبَ الرِّقُّ بِدُونِ بَيِّنَةٍ.
(وَ) لَا يَتْبَعُ لَقِيطٌ كَافِرًا اسْتَلْحَقَهُ فِي (كُفْرٍ) ، لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ، فَلَا يَتَأَثَّرُ بِدَعْوَى الْكَافِرِ، وَلِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ، وَفِيهِ إضْرَارٌ بِاللَّقِيطِ وَلَا حَقَّ لِلْكَافِرِ فِي حَضَانَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِكَفَالَةِ مُسْلِمٍ، وَلَا تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ وَطِىءَ) اثْنَانِ (مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ) امْرَأَةً (كَافِرَةً) بِشُبْهَةٍ، وَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، (وَأَلْحَقَتْهُ) الْقَافَةُ (بِالْكَافِرِ) ؛ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ فِي النَّسَبِ، وَلَا يَتْبَعُهُ فِي الدِّينِ؛ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الْمُسْلِمِ.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ.