الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ]
ِ (الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدِينَ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْجَدَّ أَبَ الْأَبِ لَا يَحْجُبُهُ عَنْ الْمِيرَاثِ غَيْرُ الْأَبِ، وَأَنْزَلُوا الْجَدَّ فِي الْحَجْبِ أَوْ الْمِيرَاثِ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، أَحَدُهَا زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، وَالثَّانِيَةُ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ، لِلْأُمِّ فِيهِمَا ثُلُثُ الْبَاقِي مَعَ الْأَبِ، وَثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ، وَالثَّالِثَةُ اخْتَلَفُوا فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي إسْقَاطِ بَنِي الْإِخْوَةِ وَوَلَدِ الْأُمِّ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، وَذَهَبَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه إلَى أَنَّ الْجَدَّ يُسْقِطُ جَمِيعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ كَمَا يُسْقِطُهُمْ الْأَبُ، وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنهم، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم يُوَرِّثُونَهُمْ مَعَهُ وَلَا يَحْجُبُونَهُمْ بِهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَتَسَاوَوْنَ فِيهِ، فَإِنَّ الْجَدَّ وَالْأَخَ يُدْلِيَانِ بِالْأَبِ، الْجَدُّ أَبُوهُ وَالْأَخُ ابْنُهُ، وَقَرَابَةُ الْبُنُوَّةِ لَا تَنْقُصُ عَنْ قَرَابَةِ الْأُبُوَّةِ، بَلْ رُبَّمَا كَانَتْ أَقْوَى؛ فَإِنَّ الِابْنَ يُسْقِطُ تَعْصِيبَ الْأَبِ، وَلِذَلِكَ مِثْلُهُ عَلَى شَجَرَةٍ أَنْبَتَتْ غُصْنًا، فَانْفَرَدَ مِنْهَا غُصْنَانِ، كُلٌّ مِنْهُمَا أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَصْلِ الشَّجَرَةِ، وَمِثْلُهُ زَيْدٌ بِوَادٍ خَرَجَ مِنْهُ نَهْرٌ، تَفَرَّقَ مِنْهُ جَدْوَلَانِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْوَادِي.
وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِتَوْرِيثِهِمْ مَعَهُ فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ عَلَى
مَذَاهِبَ، مِنْهَا مَذْهَبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ:(الْجَدُّ) لِأَبٍ، وَإِنْ عَلَا بِمَحْضِ الذُّكُورِ (مَعَهُمْ) ؛ أَيْ: مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: سَوَاءٌ كَانُوا لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدِينَ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ يُقَاسِمُهُمْ (كَأَخٍ بَيْنَهُمْ) ؛ أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ الثُّلُثُ أَحَظَّ لَهُ مِنْ: الْمُقَاسَمَةِ، فَيَأْخُذُهُ، وَالْبَاقِي لِلْإِخْوَةِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ فَلَهُ خَيْرُ أَمْرَيْنِ الْمُقَاسَمَةُ أَوْ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَضَابِطُ كَوْنِهَا) ؛ أَيْ: الْمُقَاسَمَةِ (خَيْرًا لَهُ، أَنْ يَكُونُوا) ؛ أَيْ: الْإِخْوَةُ (أَقَلَّ مِنْ مِثْلَيْهِ) وَذَلِكَ فِي خَمْسِ صُوَرٍ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (كَجَدٍّ وَأَخٍ، أَوْ) جَدٍّ وَ (أُخْتٍ، أَوْ) جَدٍّ وَ (أُخْتَيْنِ، أَوْ) جَدٍّ وَ (ثَلَاثِ) أَخَوَاتٍ (أَوْ) جَدٍّ وَ (أَخٍ وَأُخْتٍ) فَلَا يَعْدِلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ عَنْ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهَا أَحَظُّ لَهُ (فَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، مَسْأَلَتُهُمْ (مِنْ أَرْبَعَةٍ) إجْمَاعًا غَيْرَ أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْقِسْمَةِ مُخْتَلِفَةٌ (وَتُسَمَّى مُرَبَّعَةَ الْجَمَاعَةِ) فَمَذْهَبُ زَيْدٌ وَمَنْ وَافَقَهُ، لِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا (فَإِنْ كَانُوا) أَيْ: الْإِخْوَةُ (مِثْلَيْهِ اسْتَوَى لَهُ الْأَمْرَانِ) وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: كَجَدٍّ وَ (أَخَوَيْنِ، أَوْ) جَدٍّ وَ (أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ) أَوْ جَدٍّ وَأَخٍ وَأُخْتَيْنِ، وَحَيْثُ اسْتَوَى لَهُ الْأَمْرَانِ؛ فَسَمِّ لَهُ مَا شِئْت مِنْهُمَا (فَإِنْ زَادُوا) ؛ أَيْ: الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ (تَعَيَّنَ لَهُ الثُّلُثُ) كَجَدٍّ وَ (ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ، أَوْ) جَدٍّ وَ (خَمْسِ أَخَوَاتٍ) فَأَكْثَرَ، وَلَا حَصْرَ لِصُوَرِهِ (فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ) ؛ أَيْ: الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ (ذُو فَرْضٍ) مِنْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ (فَلَهُ) ؛ أَيْ: الْجَدِّ بَعْدَ أَخْذِ ذِي الْفَرْضِ فَرْضَهُ، وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا (خَيْرُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ) وَهِيَ (الْمُقَاسَمَةُ) لِلْإِخْوَةِ كَأَخٍ مِنْهُمْ (أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي) مِنْ الْمَالِ (أَوْ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ) وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ مَعَ الْوَلَدِ، فَمَعَ غَيْرِهِ أَوْلَى. (هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ بَقِيَ بَعْدَ ذِي الْفَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ السُّدُسِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ) بَعْدَ ذِي الْفَرْضِ (غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ السُّدُسِ (كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَجَدٍّ)
وَإِخْوَةٍ، لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، يَبْقَى سُدُسٌ يَأْخُذُهُ الْجَدُّ، وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ (أَوْ بَقِيَ دُونَهُ) ؛ أَيْ: السُّدُسِ (كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ) فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ سَهْمَانِ (أَوْ لَمْ يَبْقَ) لِلْجَدِّ (شَيْءٌ، كَبِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ) وَإِخْوَةٍ (فَلِلْجَدِّ السُّدُسُ إنْ كَانَ) كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (أَوْ يُعَالُ لَهُ) كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ أَيْضًا، وَتَعُولُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، فَتُعْطِي الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ ثَمَانِيَةً، وَالزَّوْجَ الرُّبْعَ ثَلَاثَةً، وَالْأُمَّ السُّدُسَ اثْنَيْنِ، وَالْجَدَّ السُّدُسَ اثْنَيْنِ (وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ مُطْلَقًا) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا أَوْ إيَّاهُمَا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى، فَمَعَ غَيْرِهِ أَوْلَى
(إلَّا فِي) الْمَسْأَلَةِ الْمُسَمَّاةِ (بِالْأَكْدَرِيَّةِ) ؛ وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ أُخْتٌ (لِأَبٍ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ قِيلَ: لِتَكْدِيرِهَا لِأُصُولِ زَيْدٍ فِي الْجَدِّ؛ فَإِنَّهُ أَعَالَهَا وَلَا عَوْلَ عِنْدَهُ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ؛ وَفَرَضَ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ، وَلَمْ يَفْرِضْ لِأُخْتٍ مَعَ جَدٍّ ابْتِدَاءً فِي غَيْرِهَا، وَجَمَعَ سِهَامَهَا وَسِهَامَهُ، فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمَا، وَلَا نَظِيرَ لِذَلِكَ، وَقِيلَ: لِأَنَّ زَيْدًا أَكْدَرَ عَلَى الْأُخْتِ مِيرَاثَهَا بِإِعْطَائِهَا النِّصْفَ وَاسْتِرْجَاعِ بَعْضِهِ مِنْهَا، وَقِيلَ، لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ سَأَلَ عَنْهَا رَجُلًا اسْمُهُ أَكْدَرُ، فَأَفْتَى فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ، وَأَخْطَأَ فَنُسِبَتْ إلَيْهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ كَانَ اسْمُهَا كُدْرَةَ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَ اسْمُ زَوْجِهَا أَكْدَرَ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَ اسْمَ السَّائِلِ، وَقِيلَ، بَلْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا وَتَكَدُّرِهَا (لِلزَّوْجِ نِصْفٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ، وَلِلْجَدِّ سُدُسٌ، وَلِلْأُخْتِ نِصْفٌ، فَتَعُولُ لِتِسْعَةٍ) وَلَمْ تُحْجَبْ الْأُمُّ عَنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى إنَّمَا حَجَبَهَا عَنْهُ بِالْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ، وَلَيْسَ هُنَا وَلَدٌ وَلَا إخْوَةٌ (ثُمَّ يُقْسَمُ نَصِيبُ الْأُخْتِ وَالْجَدِّ بَيْنَهُمَا) ؛ أَيْ: الْأُخْتِ وَالْجَدِّ، وَالنَّصِيبَانِ (أَرْبَعَةٌ) مِنْ تِسْعَةٍ (عَلَى ثَلَاثَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مَعَهُ إلَّا بِحُكْمِ الْمُقَاسَمَةِ، وَإِنَّمَا أَعَالَهَا زَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا لَسَقَطَتْ، وَلَيْسَ فِي الْفَرِيضَةِ مَنْ يُسْقِطُهَا، فَإِنْ قِيلَ: هِيَ عَصَبَةٌ
بِالْجَدِّ فَتَسْقُطُ بِاسْتِكْمَالِ الْفُرُوضِ؛ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا يُعَصِّبُهَا إذَا كَانَ عَصَبَةً، وَلَيْسَ الْجَدُّ بِعَصَبَةٍ مَعَ هَؤُلَاءِ، بَلْ يُفْرَضُ لَهُ.
وَالْأَرْبَعَةُ (لَا تَنْقَسِمُ) عَلَى ثَلَاثَةٍ (وَتُبَايَنُ، فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي) الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا (تِسْعَةٍ فَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ) وَهِيَ ثُلُثُ الْمَالِ (وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ) وَهِيَ ثُلُثُ الْبَاقِي (وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ) وَهِيَ الْبَاقِي بَعْدَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ (وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ) وَهِيَ ثُلُثُ بَاقِي الْبَاقِي، وَيُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ: أَرْبَعَةٌ وَرِثُوا مَالَ مَيِّتٍ، أَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَهُ، وَالثَّانِي ثُلُثَ مَا بَقِيَ، وَالثَّالِثُ ثُلُثَ بَاقِي مَا بَقِيَ، وَالرَّابِعُ مَا بَقِيَ، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
مَا فَرْضُ أَرْبَعَةٍ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ
…
مِيرَاثُ مَيِّتِهِمْ بِفَرْضٍ وَاقِعِ
فَلِوَاحِدِ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَثُلُثُ مَا
…
يَبْقَى لِثَانِيهِمْ بِحُكْمٍ جَامِعِ
وَلِثَالِثِ مَنْ بَعْدَهُمْ ثُلُثُ الَّذِي
…
يَبْقَى وَمَا يَبْقَى نَصِيبُ الرَّابِعِ
وَيُقَالُ: امْرَأَةٌ جَاءَتْ قَوْمًا، فَقَالَتْ: إنِّي حَامِلٌ، فَإِنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَلَهَا تُسْعُ الْمَالِ وَثُلُثُ تُسْعِهِ، وَإِنْ وَلَدْت وَلَدَيْنِ؛ فَلَهُمَا السُّدُسُ، وَيُقَالُ أَيْضًا: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا فَلِي ثُلُثُ الْمَالِ، وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَلِي تُسْعَاهُ، وَإِنْ وَلَدْتُ وَلَدَيْنِ فَلِي سُدُسُهُ (وَلَا عَوْلَ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ) وَالْإِخْوَةِ وَغَيْرِهَا (وَلَا فَرْضَ لِلْأُخْتِ مَعَهُ) ؛ أَيْ: الْجَدِّ ابْتِدَاءً (فِي غَيْرِهَا) ؛ أَيْ: الْأَكْدَرِيَّةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: ابْتِدَاءً مَسَائِلُ الْمُعَادَةِ (وَالشَّقِيقَةِ، وَإِنْ فَرَضَ لَهَا فِي الْمُعَادَةِ؛ فَإِنَّمَا هُوَ) ؛ أَيْ: الْفَرْضُ لَهَا يَكُونُ (بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ) بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مُحْتَرَزِ أَرْكَانِهَا، فَقَالَ:(فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ أَخٌ سَقَطَ) لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ، وَقَدْ اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ التَّرِكَةَ، وَصَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ، وَلَا عَوْلَ، لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ، وَلِلْجَدِّ سَهْمٌ (وَ) إنْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ (أُخْتٌ أُخْرَى) انْحَجَبَتْ الْأُمُّ إلَى السُّدُسِ.
وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، لِلزَّوْجِ سِتَّةٌ، وَلِلْأُمِّ
اثْنَانِ، وَلِلْجَدِّ كَذَلِكَ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ وَاحِدٌ (أَوْ) كَانَ مَعَ الْأُخْتِ (أَخٌ) أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أُخْتٍ أَوْ أَخٍ (انْحَجَبَتْ الْأُمُّ إلَى السُّدُسِ) وَأَخَذَ الزَّوْجُ النِّصْفَ، وَالْأُمُّ السُّدُسَ، وَالْجَدُّ السُّدُسَ (وَيَبْقَى لَهُمَا) ؛ أَيْ: الْأَخِ وَالْأُخْتِ (السُّدُسُ) عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (وَلَا عَوْلَ) فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأُخْتِ إلَّا أَخٌ لِأُمٍّ أَوْ أُخْتٌ لِأُمٍّ؛ لَمْ يَرِثْ وَلَدُ الْأُمِّ لِحَجْبِهِ بِالْجَدِّ إجْمَاعًا، وَتَقَدَّمَ، وَانْحَجَبَتْ الْأُمُّ إلَى السُّدُسِ؛ لِوُجُودِ عَدَدٍ مِنْ الْإِخْوَةِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ زَوْجٌ) بَلْ كَانَ فِيهَا أُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ (فَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ) وَمُخْرَجُهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ فَلَهَا وَاحِدٌ (وَمَا بَقِيَ) اثْنَانِ (فَبَيْنَ جَدٍّ وَأُخْتٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ) لَا تَنْقَسِمُ، وَتُبَايَنُ (وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ) حَاصِلَةٍ مِنْ ضَرْبِ الثَّلَاثَةِ عَدَدِ رُءُوسِ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٍ (وَتُسَمَّى) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (الْخَرْقَاءَ؛ لِكَثْرَةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا) فَكَأَنَّ الْأَقْوَالَ خَرَقَتْهَا (وَ) تُسَمَّى (الْمُسَبَّعَةَ) لِأَنَّ فِيهَا سَبْعَةَ أَقْوَالٍ: قَوْلُ زَيْدٍ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ.
وَقَوْلُ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَمُوَافِقِيهِ: لِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَقَوْلُ عَلِيٍّ: لِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَقَوْلُ عُمَرَ: لِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَلِلْجَدِّ ثُلُثَاهُ: وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: لِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهُ إلَّا أَنَّهُ سُمِّيَ لِلْأُمِّ فِي هَذَا السُّدُسُ، وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا: لِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَيْنِ، فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ إحْدَى مُرَبَّعَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَوْلُ عُثْمَانَ: لِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلْأُخْتِ الثُّلُثُ، وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ (وَ) تُسَمَّى (الْمُسَدَّسَةَ) لِأَنَّ الْأَقْوَالَ فِيهَا تَرْجِعُ إلَى سِتَّةٍ، وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَ) تُسَمَّى (الْمُخَمَّسَةَ) لِاخْتِلَافِ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيهَا: عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدٌ (وَ) تُسَمَّى (الْمُرَبَّعَةَ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إحْدَى مُرَبَّعَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ (وَ) تُسَمَّى (الْمُثَلَّثَةَ) لِقِسْمِ عُثْمَانَ لَهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ