الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ؛ ضَمِنَ؛ وَإِنْ أَمَرَهُ بِشَدِّهَا مِمَّا يَلِي الْجَانِبَ الْآخَرَ فَشَدَّهَا مِمَّا يَلِي الْجَيْبَ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِشَدِّهَا عَلَى عَضُدِهِ مُطْلَقًا أَوْ أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا مَعَهُ، فَشَدَّهَا مِنْ أَيِّ الْجَانِبَيْنِ كَانَ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَ مَالِكِهَا مُحْرِزٌ لَهَا بِحِرْزِ مِثْلِهَا، وَإِنْ شَدَّهَا عَلَى وَسَطِهِ فَهُوَ أَحْرَزُ لَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَهَا فِي بَيْتِهِ فِي حِرْزِهَا.
[فَصْلٌ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً وَتَلِفَتْ]
(فَصْلٌ: وَإِنْ دَفَعَهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةَ - (إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ) - أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ - (عَادَةً) أَوْ دَفَعَهَا إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَ رَبِّهَا (كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَخَادِمِهِ) وَنَحْوهمْ كَخَازِنِهِ، وَتَلِفَتْ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ حِفْظُهَا فَلَهُ تَوَلِّيهِ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْمَاشِيَةَ إلَى الرَّاعِي، وَالْبَهِيمَةَ إلَى غُلَامِهِ لِيَسْقِيَهَا، وَلِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْمَالِكِ فِي الرَّدِّ، أَوْ دَفَعَهَا (لِعُذْرٍ) كَمَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْ أَرَادَ سَفَرًا وَلَيْسَ السَّفَرُ أَحْفَظَ لَهَا (إلَى أَجْنَبِيٍّ ثِقَةٍ) ؛ لَمْ يَضْمَنْ.
(وَ) حُكْمُ دَفْعِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ (إلَى شَرِيكِهِ) نَفْسِهِ أَوْ شَرِيكِ رَبِّهَا فِي غَيْرِهَا أَوْ فِيهَا كَحُكْمِ دَفْعِهَا (لِأَجْنَبِيٍّ) مَحْضٍ، فَإِنْ كَانَ بِلَا عُذْرٍ، ضَمِنَ، وَلِعُذْرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ؛ لَمْ يَضْمَنْ، أَوْ دَفَعَهَا (لِحَاكِمٍ) فَتَلِفَتْ؛ (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ، وَلَمْ يُفَرِّطْ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ قَبَضَ مِنْ يَدِ الْأُمَنَاءِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فِي حَالَةٍ يَجُوزُ إقْبَاضُهَا فَأَمَانَةٌ عِنْدَ الثَّانِي، قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ حِينَ دَفَعَهَا إلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمَحْضِ، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِيهَا شَرِيكٌ، وَلَا هُوَ مِمَّنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَ؛ (ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ بِلَا عُذْرٍ؛ كَمَا لَوْ نَهَاهُ عِنْدَ إيدَاعِهَا، وَلِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَرْضَ لَهَا غَيْرَهُ، (وَلِمَالِكِ) الْوَدِيعَةِ إذَنْ (مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا) بِبَدَلِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ مَا لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ أَشْبَهَ الْمُودِعَ مِنْ الْغَاصِبِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْأَجْنَبِيِّ (الْقَرَارُ) أَيْ: قَرَارُ الضَّمَانِ - (إنْ عَلِمَ) الْحَالَ، لِتَعَدِّيهِ، وَلِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ عِنْدَهُ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ فَلَهُ تَضْمِينُ
الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنَّهُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا) حُكْمُ (كُلِّ أَمَانَةٍ) كَعَارِيَّةٍ وَعَيْنٍ مَرْهُونَةٍ وَمَا بِيَدِ وَكِيلٍ وَمُضَارِبٍ إذَا دَفَعَهَا مَنْ هِيَ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إلَى أَجْنَبِيٍّ، وَتَلِفَتْ، فَمَعَ عِلْمِ الْأَجْنَبِيِّ يَضْمَنُ؛ لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ، وَمَعَ جَهْلِهِ الْحَالَ لَا يَضْمَنُ، لِدُخُولِهِ عَلَى أَنَّهَا أَمَانَةٌ.
وَيَتَّجِهُ (أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُطَالِبُ) بِبَدَلِ أَمَانَةٍ دُفِعَتْ إلَيْهِ وَتَلِفَتْ عِنْدَهُ بِلَا تَفْرِيطٍ (إلَّا مَعَ عِلْمٍ) بِالْحَالِ فَقَطْ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِالْبَدَلِ عَلِمَ الْحَالَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، لَكِنْ عَلَيْهِ الْقَرَارُ إنْ عَلِمَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ دَلَّ) وَدِيعٌ (لِصًّا) عَلَى الْوَدِيعَةِ، فَسَرَقَهَا (ضَمِنَا) - أَيْ: الْوَدِيعُ وَاللِّصُّ - أَمَّا الْوَدِيعُ؛ فَلِمُنَافَاةِ دَلَالَتِهِ الْحِفْظَ الْمَأْمُورَ بِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَهَا لِغَيْرِهِ وَأَمَّا اللِّصُّ، فَلِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ لَهَا، (وَعَلَى اللِّصِّ الْقَرَارُ) ؛ لِمُبَاشَرَتِهِ وَوُجُودُ التَّلَفِ فِي يَدِهِ.
(وَلَهُ) - أَيْ: الْوَدِيعِ - (الِاسْتِعَانَةُ بِأَجْنَبِيٍّ فِي حَمْلٍ وَنَقْلٍ) مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ (وَسَقْيٍ وَعَلَفِ دَابَّةٍ) ذَكَرَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ.
(وَ) لَهُ (السَّفَرُ بِوَدِيعَةٍ) - وَلَوْ مَعَ حُضُورِ مَالِكِهَا نَصًّا - فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ مَعَهُ، سَوَاءٌ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ أَوْ لَا (خِلَافًا لَهُمَا) - أَيْ:" لِلْمُنْتَهَى " وَ " الْإِقْنَاعِ " - (فِيمَا يُوهِمُ) امْتِنَاعَ السَّفَرِ بِهَا مَعَ حُضُورِ مَالِكِهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ (إنْ كَانَ) السَّفَرُ بِهَا (أَحْفَظَ لَهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةِ - (وَلَمْ يَنْهَهُ) رَبُّهَا عَنْ السَّفَرِ بِهَا، فَإِنْ نَهَاهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ السَّفَرُ بِهَا، فَإِنْ سَافَرَ بِهَا؛ ضَمِنَ لِمُخَالَفَتِهِ، [ (وَلَمْ يُفَاجِئْ
الْبَلَدَ عَدُوٌّ) ، فَإِنْ فَجَأَهُ عَدُوٌّ، أَوْ جَلَا أَهْلُهُ، أَوْ حَدَثَ فِيهِ حَرِيقٌ أَوْ غَرِيقٌ، وَأَرَادَ السَّفَرَ بِهَا؛ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، فَإِنْ تَرَكَهَا] إذَنْ؛ [وَتَلِفَتْ] فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِتَرْكِهِ فِعْلَ الْأَصْلَحِ، صَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَعِبَارَةُ " الْمُنْتَهَى ": وَلَا يُسَافِرُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ أَحْفَظَ لَهَا " الْمُنَقِّحُ " وَالْمَذْهَبُ بَلَى؛ أَيْ: لَهُ السَّفَرُ بِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، قَالَ شَارِحُهُ؛ أَيْ: إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا فِي السَّفَرِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الْإِقْنَاعِ " وَلَهُ السَّفَرُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا السَّفَرَ بِهَا، فَإِنْ سَافَرَ بِهَا؛ ضَمِنَ، وَمَا قَالَاهُ تَبِعَا فِيهِ الْمُوَفَّقَ فِي ثَانِي قَوْلَيْهِ فِي " الْمُغْنِي ".
وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ الْقَاضِي وَابْنَ عَقِيلٍ وَالْمُقَدَّمُ فِي " النَّظْمِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَ " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَنَصَرَاهُ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الْمَذْهَبُ [وَإِلَّا] يَكُنْ السَّفَرُ أَحْفَظَ لَهَا، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، أَوْ نَهَاهُ الْمَالِكُ عَنْ السَّفَرِ بِهَا، أَوْ فَجَأَ الْبَلَدَ عَدُوٌّ؛ (دَفَعَهَا لِمَالِكِهَا) الْحَاضِرِ (أَوْ مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً) كَزَوْجَتِهِ وَخَازِنِهِ (أَوْ وَكِيلِهِ فِي قَبْضِهَا كَحَاضِرٍ خَافَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَخْلِيصًا لَهُ مِنْ دَرْكِهَا وَإِيصَالًا لِلْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ السَّفَرُ بِهَا، (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَى الْوَدِيعِ الْمُرِيدِ لِلسَّفَرِ دَفَعَهَا إلَى مَالِكِهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ فَعَلَيْهِ دَفْعُهَا (لِحَاكِمٍ) مَأْمُونٍ؛ لِأَنَّ فِي السَّفَرِ بِهَا عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ عُرْضَةٌ لِلنَّهْبِ وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا، (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ؛ أَوْ كَانَ، وَتَعَذَّرَ دَفْعُهَا إلَيْهِ؛ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَأْمُونٍ، أَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ، وَلَمْ يَقْبَلْهَا؛ فَعَلَيْهِ دَفْعُهَا (لِثِقَةٍ) ؛ «لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ أَوْدَعَ الْوَدَائِعَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِأُمِّ أَيْمَنَ
وَأَمَرَ عَلِيًّا رضي الله عنه أَنْ يَرُدَّهَا إلَى أَهْلِهَا» ؛ (كَمَنْ) - أَيْ: كَوَدِيعٍ - (حَضَرَهُ الْمَوْتُ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ السَّفَرِ وَالْمَوْتِ سَبَبٌ لِخُرُوجِ الْوَدِيعَةِ عَنْ يَدِهِ، (أَوْ دَفَنَهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةَ - إنْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا الدَّفْنُ، (وَأَعْلَمَ) بِهَا (سَاكِنًا) بِالدَّارِ الَّتِي دَفَنَهَا بِهَا إنْ كَانَ (ثِقَةً) ؛ لِحُصُولِ الْحِفْظِ بِهِ، وَإِعْلَامُ الثِّقَةِ كَإِيدَاعِهِ، (فَإِنْ) دَفَنَهَا، وَلَمْ (يُعْلِمْهُ) - أَيْ: السَّاكِنَ - (أَوْ كَانَ) مَنْ أَعْلَمَهُ (غَيْرَ سَاكِنٍ) فِي الدَّارِ، أَوْ كَانَ مَنْ أَعْلَمَهُ غَيْرَ ثِقَةٍ.
قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ دَفَنَهَا خَارِجَ الدَّارِ، وَلَوْ رَآهُ أَحْفَظُ لَهَا، فَضَاعَتْ؛ ضَمِنَهَا الْوَدِيعُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ أَحَدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ فِي سَفَرِهِ، أَوْ يَضِلُّ عَنْ مَوْضِعِهَا؛ فَلَا يَصِلُ لِمَوْضِعِهَا، وَإِذَا أَعْلَمَ غَيْرَ ثِقَةٍ رُبَّمَا أَخَذَهَا، وَمَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ لَا يَتَأَتَّى حِفْظُهُ مَا فِيهَا، وَلَمْ يُودِعْهُ إيَّاهَا، وَلَا يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا.
(وَلَا يَضْمَنُ مُسَافِرٌ أُودِعَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ - وَدِيعَةً فِي سَفَرِهِ، (فَسَافَرَ بِهَا) الْوَدِيعُ؛ أَيْ: أَتَمَّ سَفَرَهُ، (فَتَلِفَتْ فِي السَّفَرِ) ؛ لِأَنَّ إيدَاعَ الْمَالِكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَقْتَضِي الْإِذْنَ فِي السَّفَرِ بِهَا.
(وَمَنْ تَعَدَّى) فِي وَدِيعَةٍ كَانَتْ دَابَّةً، (فَرَكِبَهَا) لِغَيْرِ نَفْعِهَا؛ كَرُكُوبِهِ (لَا لِسَقْيِ) الدَّابَّةِ أَوْ عَلَفِهَا، وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَجَانِبِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْحَمْلِ وَالنَّقْلِ، أَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ ثِيَابًا، (فَلَبِسَهَا وَنَحْوَهُ) ؛ كَافْتِرَاشِهِ فُرُشًا (لَا لِخَوْفِ عُثٍّ) - بِضَمِّ الْعَيْنِ - جَمْعُ عُثَّةٍ سُوسَةٌ تَلْحَسُ الصُّوفَ، وَكَاسْتِعْمَالِهِ آلَةَ صِنَاعَةٍ مِنْ خَشَبٍ لَا لِخَوْفٍ مِنْ الْأَرَضَةِ؛ بَطَلَتْ أَمَانَتُهُ.
(وَيَضْمَنُ) وَدِيعٌ ثِيَابَ نَقَصَهَا بِحُصُولِ عُثٍّ بِهَا (إنْ لَمْ يَنْشُرْهَا) ؛ لِأَنَّهُ مُفْرِطٌ، (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْوَدِيعَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ أَوْ نَقَصَ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبِ عُثٍّ، (مَا لَمْ يَقُلْ) لَهُ مَالِكُهَا:(لَا تَنْشُرْهَا) - أَيْ: الثِّيَابَ أَوْ الْفُرُشَ - (وَإِنْ خِفْت عَلَيْهَا) ؛ لِتَضَمُّنِ نَهْيِهِ الْإِذْنَ فِي إتْلَافِهَا.
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ آلَةَ صِنَاعَةٍ
مِنْ خَشَبٍ، وَنَهَاهُ عَنْ اسْتِعْمَالِهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى أَكَلَتْهَا الْأَرَضَةُ؛ فَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِامْتِثَالِهِ أَمْرَ مَالِكِهَا الْمُتَضَمِّنِ لِذَلِكَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(أَوْ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ) أَوْ الدَّنَانِيرَ الْمُودَعَةَ (لِيُنْفِقَهَا) ، أَوْ لِيَخُونَ فِيهَا، (أَوْ) أَخْرَجَهَا (لِيَنْظُرَ إلَيْهَا) شَهْوَةً إلَى رُؤْيَتِهَا، (ثُمَّ رَدَّهَا) إلَى وِعَائِهَا - وَلَوْ بِنِيَّةِ الْأَمَانَةِ - بِطَلَبِ أَمَانَتِهِ، وَضَمِنَ؛ لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ، (أَوْ كَسَرَ) الْوَدِيعُ (خَتْمَهَا، أَوْ حَلَّ كِيسَهَا) مِنْ غَيْرِ إخْرَاجٍ؛ ضَمِنَهَا؛ لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ، أَوْ كَانَتْ مَصْرُورَةً فِي خِرْقَةٍ، فَفَتَحَ الصُّرَّةَ، أَوْ مَقْفُولَةً فَأَزَالَ قُفْلَهَا؛ ضَمِنَ سَوَاءٌ أَخْرَجَ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ لَا؛ لِتَعَدِّيهِ، (أَوْ جَحَدَهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةَ - (ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا) ؛ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ بِجَحْدِهَا خَرَجَ عَنْ الِاسْتِئْمَانِ عَنْهَا، فَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ الضَّمَانُ بِالْإِقْرَارِ بِهَا؛ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ، أَوْ مَنَعَهَا مَالِكَهَا بَعْدَ طَلَبِهِ لَهَا أَوْ وَلِيَّهُ أَوْ وَكِيلَهُ الثَّابِتَةُ وَكَالَتُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ دَفْعِهَا إلَى طَالِبِهَا الشَّرْعِيِّ؛ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَادِيَةٌ إذَنْ بِمَنْعِهَا، (أَوْ خَلْطِهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةِ - بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ كَزَيْتٍ بِزَيْتٍ أَوْ شَيْرَجٍ، (وَلَوْ) كَانَ الْمَخْلُوطُ (نَقْدًا بِنَقْدٍ) كَدَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِدَنَانِيرَ (لَا يَتَمَيَّزُ) بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ؛ (بَطَلَتْ أَمَانَتُهُ فِيمَا تَعَدَّى) فِيهِ (فَقَطْ) ، وَلَوْ كَانَ التَّعَدِّي بِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ فِي إحْدَى عَيْنَيْنِ مُودَعَتَيْنِ، وَكَانَ فَعَلَ مَا تَقَدَّمَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ؛ بَطَلَتْ الْوَدِيعَةُ، وَضَمِنَ الْوَدِيعُ، لِأَنَّهُ صَيَّرَهَا فِي حُكْمِ التَّالِفِ، وَفَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ رَدَّهَا؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَلْقَاهَا فِي بَحْرٍ، وَسَوَاءٌ خَلَطَهَا بِمَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ مِثْلِهَا أَوْ دُونِهَا أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا، (وَ) حَيْثُ بَطَلَتْ؛ (وَجَبَ رَدُّهَا فَوْرًا) ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ، وَقَدْ زَالَتْ بِالتَّعَدِّي.