الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَابْنُ أَخٍ شَقِيقٍ أَوْلَى مِنْ ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ، وَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ لَيْسَ مِنْ الْعَصَبَاتِ، وَيَأْخُذُ فَرْضَهُ مَعَ الشَّقِيقِ، وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ كَأَخٍ شَقِيقٍ؛ فَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ لِأَبٍ وَبَنُو الْإِخْوَةِ أَشِقَّاءٌ أَوْ لِأَبٍ، وَكَذَا الْأُخْتُ لِأَبٍ يَسْقُطُ بِهَا مَعَ الْبِنْتِ بَنُو الْإِخْوَةِ كَذَلِكَ؛ إذْ الْعُصُوبَةُ جَعَلَتْهَا فِي مَعْنَى الْأَخِ.
[بَابُ الْحَجْبِ]
(بَابُ الْحَجْبِ)(الْحَجْبُ) : وَهُوَ لُغَةً: الْمَنْعُ. مَأْخُوذٌ مِنْ الْحِجَابِ وَمِنْهُ الْحَاجِبُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ الدُّخُولَ، وَحَاجِبُ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَا يَنْحَدِرُ إلَيْهَا. وَاصْطِلَاحًا: مَنْعُ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ مِنْ الْإِرْثِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ مِنْ أَوْفَرِ حَظَّيْهِ.
(الْحَجْبُ) ضَرْبَانِ: حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ، وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا بِالْمَوَانِعِ، وَالثَّانِي حَجْبٌ بِالشَّخْصِ، وَيَأْتِي مُفَصَّلًا.
أَمَّا الْحَجْبُ (بِالْوَصْفِ) وَهُوَ أَحَدُ نَوْعَيْ حَجْبِ الْحِرْمَانِ؛ فَإِنَّهُ (يَدْخُلُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ) أُصُولًا وَفُرُوعًا وَحَوَاشٍ كَاتِّصَافِ الْوَارِثِ بِالرِّقِّ أَوْ الْقَتْلِ أَوْ اخْتِلَافِ الدِّينِ.
(وَ) أَمَّا الْحَجْبُ (بِالشَّخْصِ) وَهُوَ الْحَجْبُ (نُقْصَانًا) فَ (كَذَلِكَ) يَدْخُلُ عَلَى كُلِّ الْوَرَثَةِ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ.
أَحَدُهَا: الِانْتِقَالُ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَهُ فَرْضَانِ كَالزَّوْجَيْنِ وَالْأُمِّ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ.
وَثَانِيهَا: الِانْتِقَالُ مِنْ فَرْضٍ إلَى تَعْصِيبٍ فِي حَقِّ ذَوَاتِ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ.
وَثَالِثُهَا: الِانْتِقَالُ مِنْ تَعْصِيبٍ إلَى فَرْضٍ فِي حَقِّ الْأَبِ وَالْجَدِّ.
وَرَابِعُهَا: الِانْتِقَالُ مِنْ تَعْصِيبٍ إلَى تَعْصِيبٍ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْأُخْتِ لِغَيْرِ
أُمٍّ؛ فَإِنَّ لَهَا مَعَ أَخِيهَا أَقَلَّ مِمَّا لَهَا مَعَ الْبِنْتِ، فَإِذَا مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ بِنْتٍ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ؛ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ الْبَاقِي.
وَخَامِسُهَا: الْمُزَاحَمَةُ فِي الْفَرْضِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَالْجَدَّةِ، وَذَوَاتِ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَبِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ، وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ وَأَوْلَادِ الْأُمِّ.
وَسَادِسُهَا: الْمُزَاحَمَةُ فِي التَّعْصِيبِ فِي حَقِّ كُلِّ عَاصِبٍ غَيْرِ الْأَبِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ.
وَسَابِعُهَا الْمُزَاحَمَةُ فِي الْعَوْلِ، كَمَا صَارَ ثُمُنُ الْمَرْأَةِ فِي الْمِنْبَرِيَّةِ تُسْعًا، وَنِصْفُ الزَّوْجِ فِي الْغَرَّاءِ ثُلُثًا، وَسُدُسُ الْأُمِّ فِي أُمِّ الْفُرُوخِ عُشْرًا.
(وَ) أَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ نَوْعَيْ الْحَجْبِ بِالشَّخْصِ (حِرْمَانًا فَلَا يَدْخُلُ عَلَى سِتَّةٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ (الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدَيْنِ) وَضَابِطُهُمْ: مَنْ أَدْلَى إلَى الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ غَيْرَ الْمَوْلَى.
(وَلَا يَرِثُ أَبْعَدُ بِتَعْصِيبٍ مَعَ أَقْرَبَ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ أَشَدُّ وَأَقْوَى مِنْ الْأَبْعَدِ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْمِيرَاثِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِتَعْصِيبٍ عَنْ إرْثِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ السُّدُسَ مَعَ الِابْنِ أَوْ ابْنِهِ.
(وَأَقْرَبُ الْعَصَبَةِ ابْنٌ فَابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ) فَلَا يَرِثُ أَبٌ وَلَا جَدٌّ مَعَ فَرْعٍ ذَكَرٍ وَارِثٍ بِالْعُصُوبَةِ، بَلْ السُّدُسُ فَرْضًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11] الْآيَةَ.
وَلِأَنَّهُ جُزْؤُهُ، وَجُزْءُ الشَّيْءِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ. (فَأَبٌ فَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا) بِمَحْضِ الذُّكُورِ؛ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ وَلَهُ إيلَادٌ، وَلِذَلِكَ يَأْخُذُ السُّدُسَ مَعَ الِابْنِ، وَإِذَا بَقِيَ السُّدُسُ فَقَطْ أَخَذَهُ، وَسَقَطَتْ الْإِخْوَةُ، وَإِذَا بَقِيَ دُونَ السُّدُسِ أَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أُعِيلَ لَهُ بِالسُّدُسِ، وَسَقَطَتْ الْإِخْوَةُ (فَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ) لِتَرَجُّحِهِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ (فَ) أَخٌ
(لِأَبٍ) لِتَسَاوِيهِمَا فِي قَرَابَةِ الْأَبِ (فَابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ فَ) ابْنُ أَخٍ (لِأَبٍ وَإِنْ نَزَلَا) بِمَحْضِ الذُّكُورِ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ وَأَبْنَاءَهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْأَبِ.
وَيَسْقُطُ الْبَعِيدُ مِنْ بَنِي الْإِخْوَةِ بِالْقَرِيبِ مِنْهُمْ كَمَا سَبَقَ (فَأَعْمَامٌ) لِأَبَوَيْنِ فَأَعْمَامٌ لِأَبٍ (فَأَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ) ؛ أَيْ: يُقَدَّمُ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ لِأَبٍ (فَأَعْمَامُ أَبٍ فَأَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ) يُقَدَّمُ مَنْ لِأَبَوَيْنِ عَلَى مَنْ لِأَبٍ (فَ) أَعْمَامُ (جَدٍّ فَأَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ) يُقَدَّمُ مَنْ لِأَبَوَيْنِ عَلَى مَنْ لِأَبٍ، ثُمَّ أَعْمَامُ أَبِي الْجَدِّ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ أَبَدًا (فَلَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي) أَبٍ (أَقْرَبَ مِنْهُ، وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَوْلَى هُنَا بِمَعْنَى أَقْرَبَ، لَا بِمَعْنَى أَحَقَّ، لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالْجَهَالَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَنْ هُوَ الْأَحَقُّ، وَقَوْلُهُ ذَكَرٍ، بَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الْبَالِغِ، بَلْ الذَّكَرُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ (فَيَسْقُطُ كُلُّ جَدٍّ بِأَبٍ) حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعَ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ (وَ) يَسْقُطُ كُلُّ (جَدٍّ) أَبْعَدُ بِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ لِإِدْلَائِهِ بِهِ (وَ) كُلُّ (ابْنٍ أَبْعَدُ بِأَقْرَبَ) مِنْهُ، فَيَسْقُطُ أَبُو أَبِي أَبٍ بِأَبِي أَبٍ، وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ بِابْنِ ابْنٍ، وَهَكَذَا (وَ) تَسْقُطُ (كُلُّ جَدَّةٍ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ (بِأُمٍّ) لِأَنَّ الْجَدَّاتِ يَرِثْنَ بِالْوِلَادَةِ، فَكَانَتْ الْأُمُّ أَوْلَى مِنْهُنَّ؛ لِمُبَاشَرَتِهَا الْوِلَادَةَ (وَ) تَسْقُطُ (كُلُّ جَدَّةٍ بُعْدَى بِ) جَدَّةٍ (قُرْبَى مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمٍّ وَأُمِّهَا اتِّفَاقًا، لِأَنَّهَا مُدْلِيَةٌ بِهَا، أَوْ كَانَتَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، كَأُمِّ الْأَبِ وَأُمِّهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَدْلَتْ بِهَا، وَلِأَنَّهَا جَدَّةٌ قُرْبَى؛ فَتَحْجُبُ الْبُعْدَى كَاَلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثًا وَاحِدًا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ كَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَةِ وَالْبَنَاتِ.
(وَلَا يَحْجُبُ أَبٌ أُمَّهُ أَوْ أُمَّ أَبِيهِ) وَكَذَلِكَ الْجَدُّ لَا يَحْجُبُ أُمَّهُ، كَمَا لَوْ كَانَ عَمًّا.
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ
- رضي الله عنهم؛ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ: «أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا وَابْنُهَا حَيٌّ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
، إلَّا أَنَّ لَفْظَهُ: أَوَّلُ جَدَّةٍ أُطْعِمَتْ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا، وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثَ الْأُمِّ لَا مِيرَاثَ الْأَبِ؛ فَلَا يُحْجَبْنَ بِهِ كَأُمَّهَاتِ الْأُمِّ.
(وَيَسْقُطُ) الْإِخْوَةُ (الْأَشِقَّاءُ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا أَوْ خَنَاثَى (بِاثْنَيْنِ بِالِابْنِ، وَإِنْ نَزَلَ وَ) يَسْقُطُونَ أَيْضًا (بِالْأَبِ الْأَقْرَبِ) دُونَ الْجَدِّ؛ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ، وَيَأْتِي حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ إرْثَهُمْ فِي الْكَلَالَةِ، وَهِيَ مَنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِابْنِ وَالْأَبِ، وَكَذَا ابْنُ الِابْنِ أَوْلَى مِنْ الْإِخْوَةِ. (وَ) يَسْقُطُ (الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا بِالِابْنِ وَابْنِهِ وَالْأَبِ وَ (بِ) الْأَخِ (الشَّقِيقِ أَيْضًا) وَبِالشَّقِيقَةِ إذَا صَارَتْ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ. (وَ) يَسْقُطُ (ابْنُهُمَا) ؛ أَيْ: ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ (بِجَدٍّ وَإِنْ عَلَا) بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ. (وَ) يَسْقُطُ (الْأَعْمَامُ) مُطْلَقًا (بِابْنِ الْأَخِ وَإِنْ نَزَلَ) . (وَ) يَسْقُطُ (وَلَدُ الْأُمِّ بِفُرُوعِ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا وَبِوَلَدِ الِابْنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَ) يَسْقُطُ وَلَدُ الْأُمِّ (بِأُصُولِهِ) ؛ أَيْ: أُصُولِ الْمَيِّتِ (الذُّكُورِ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ، وَإِنْ عَلَا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى شَرَطَ فِي إرْثِ إخْوَةِ الْأُمِّ الْكَلَالَةَ، وَهِيَ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ: مَنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا، وَالْوَلَدُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَوَلَدُ الِابْنِ كَذَلِكَ، وَالْوَالِدُ يَشْمَلُ الْأَبَ وَالْجَدَّ. (وَتَسْقُطُ بَنَاتُ الِابْنِ بِبِنْتَيْ الصُّلْبِ مَا لَمْ يُعَصِّبْهُنَّ) ؛ أَيْ: بَنَاتِ الِابْنِ (ذَكَرٌ بِإِزَائِهِنَّ) كَأَخِيهِنَّ؛ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُهُنَّ، وَيَمْنَعُهُنَّ مِنْ الْفَرْضِ، وَيُقْسَمُ
مَا وَرِثُوهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ؛ سَقَطَ بَنَاتُ الِابْنِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَفْرِضْ لِلْأَوْلَادِ إذَا كَانُوا نِسَاءً إلَّا الثُّلُثَيْنِ، قَلِيلَاتٍ كُنَّ أَوْ كَثِيرَاتٍ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَخْرُجْنَ عَنْ كَوْنِهِنَّ نِسَاءً مِنْ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ ذَهَبَ الثُّلُثَانِ، وَالْمُشَارَكَةُ مُمْتَنِعَةٌ؛ لِأَنَّهُنَّ دُونَ دَرَجَتِهِنَّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ كَأَخِيهِنَّ (أَوْ أَنْزَلُ مِنْهُنَّ) كَابْنِ أَخِيهِنَّ أَوْ ابْنِ عَمِّهِنَّ أَوْ ابْنِ ابْنِ عَمِّهِنَّ؛ فَيُعَصِّبُهُنَّ فِيمَا بَقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَهُوَ) الْقَرِيبُ (الْمُبَارَكُ) إذْ لَوْلَاهُ لَسَقَطَتْ الْأُنْثَى الَّتِي يُعَصِّبُهَا، وَأَمَّا الْقَرِيبُ الْمَشْئُومُ فَهُوَ الَّذِي لَوْلَاهُ لَوَرِثَتْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا مُسَاوِيًا لِلْأُنْثَى مِنْ أَخٍ مُطْلَقًا وَابْنِ عَمٍّ لِبِنْتِ الِابْنِ، وَلَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَبٌ وَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ؛ فَلِلزَّوْجِ الرُّبْعُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْأَبِ السُّدُسُ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ؛ فَتَقُولُ: الْمَسْأَلَةُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ ابْنُ ابْنٍ سَقَطَ، وَسَقَطَتْ مَعَهُ بِنْتُ الِابْنِ؛ لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ، وَتَكُونُ إذْ ذَاكَ عَائِلَةً لِثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَلَوْلَاهُ لَوَرِثَتْ كَمَا بَيَّنَّاهُ، فَهُوَ أَخٌ مَشْئُومٌ عَلَيْهَا.
(وَلَا يُعَصِّبُ) ابْنُ الِابْنِ (ذَاتَ فَرْضٍ) كَنِصْفٍ أَوْ سُدُسٍ (أَعْلَى) مِنْهُ كَعَمَّتِهِ وَبِنْتِ عَمِّ أَبِيهِ، بَلْ يَكُونُ بَاقِي الْمَالِ لَهُ، وَلَا يُشَارِكُ أَهْلُ الْفَرْضِ فِي فَرْضِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِصَاحِبِ الْفَرْضِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ عَمَّتُهُ أَوْ بِنْتُ عَمِّهِ لَيْسَ لَهَا فَرْضٌ؛ فَيُعَصِّبُهَا وَيَأْخُذُ مِثْلَيْهَا بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِهِ.
(وَلَا) يُعَصِّبُ ابْنُ الِابْنِ (مَنْ هِيَ أَنْزَلُ) مِنْهُ كَبِنْتِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ، بَلْ يَحْجُبُهَا، وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَصَّبَهَا لَاقْتَضَى مُشَارَكَتَهَا، وَالْأَبْعَدُ لَا يُشَارِكُ الْأَقْرَبَ (وَهَكَذَا) يَسْقُطُ (كُلُّ بَنَاتِ ابْنٍ بِبَنَاتِ ابْنٍ أَعْلَى مِنْهُنَّ) فَإِذَا خَلَّفَ خَمْسَ بَنَاتٍ ابْنُ بَعْضِهِنَّ أَنْزَلُ مِنْ بَعْضٍ لَا ذَكَرَ مَعَهُنَّ؛ كَانَ لِلْعُلْيَا النِّصْفُ، وَلِلثَّانِيَةِ السُّدُسُ، وَسَقَطَ سَائِرُهُنَّ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ
كَانَ مَعَ الْعُلْيَا أَخُوهَا أَوْ ابْنُ عَمِّهَا؛ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسَقَطَ سَائِرُهُنَّ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الثَّانِيَةِ عَصَبَتُهَا كَانَ الْبَاقِي - وَهُوَ النِّصْفُ - بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الثَّالِثَةِ؛ فَالْبَاقِي - وَهُوَ الثُّلُثُ - بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الرَّابِعَةِ؛ فَالْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْخَامِسَةِ؛ فَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ مِنْ الْخَامِسَةِ؛ فَكَذَلِكَ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا اخْتِلَافًا بِتَوْرِيثِ بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بَنِي الِابْنِ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهِ الثُّلُثَيْنِ.
فَائِدَةٌ: لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَنْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ وَعَمَّتَهُ وَعَمَّةَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَبَنَاتِ أَعْمَامِهِ وَبَنَاتِ أَعْمَامِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ إلَّا الْمُتَسَفِّلَ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ.
(وَكَذَا) يَسْقُطُ (أَخَوَاتٌ لِأَبٍ مَعَ) وُجُودِ (أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ) لِقُرْبِهِنَّ إلَى الْمَيِّتِ بِإِدْلَائِهِنَّ إلَيْهِ بِسَبَبَيْنِ (إلَّا أَنَّهُ لَا يُعَصِّبُهُنَّ) ؛ أَيْ: الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ أَحَدٌ (إلَّا أَخُوهُنَّ) فَقَطْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، خِلَافًا لِابْنِ مَسْعُودٍ وَأَتْبَاعِهِ، فَلَوْ اسْتَكْمَلَ الْأَخَوَاتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، وَثَمَّةَ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَابْنِ أَخٍ لَهُنَّ؛ لَمْ يَكُنْ لِلْأَخَوَاتِ اللَّاتِي لِلْأَبِ شَيْءٌ، وَكَانَ الْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي ابْنِ الِابْنِ؛ فَإِنَّهُ ابْنٌ وَإِنْ نَزَلَ، وَابْنُ الْأَخِ لَيْسَ بِأَخٍ. (وَحَيْثُ عَصَّبَ الْبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ حَجَبْنَ مَنْ بَعْدَهُنَّ) هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(وَمَنْ لَا يَرِثُ) لِمَانِعٍ فِيهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ قَتْلٍ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ (لَا يَحْجُبُ) نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِي أَخٍ مَمْلُوكٍ وَابْنِ أَخٍ حُرٍّ.
الْمَالُ لِابْنِ أَخِيهِ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ (مُطْلَقًا) لَا حِرْمَانًا وَلَا نُقْصَانًا؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ (إلَّا الْإِخْوَةَ فَقَدْ لَا يَرِثُونَ) لِوُجُودِ الْأَبِ (وَيَحْجُبُونَ الْأُمَّ نُقْصَانًا) مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ.