الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ وَجَدَهُ) - أَيْ اللَّقِيطَ - (بِفَضَاءٍ خَالٍ) مِنْ السُّكَّانِ؛ (نَقَلَهُ حَيْثُ شَاءَ) قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "" وَالتَّلْخِيصِ " إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّرْجِيحِ.
[فَائِدَةٌ لَا يُقَرُّ اللَّقِيطُ بِيَدِ مُبَذِّرٍ]
ٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا
قَالَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " فَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِهِ لَمْ يُمْنَعْ؛ لِلْأَمْنِ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَسْتُورَ الْحَالِ، لَمْ تُعْرَفُ مِنْهُ حَقِيقَةً عَدَالَةٌ وَلَا خِيَانَةٌ؛ أَقَرَّ اللَّقِيطُ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَدْلِ فِي لُقَطَةِ الْمَالِ، وَالْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ، وَفِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةُ وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:" الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ". .
فَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِلَقِيطِهِ لِغَيْرِ نَقْلَةٍ؛ أُقِرَّ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يُقَرُّ فِي يَدِهِ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ مُشْرِفٍ يُضَمُّ إلَيْهِ، فَأَشْبَهَ الْعَدْلَ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ السَّتْرُ وَالصِّيَانَةُ.
(وَحَيْثُ قُلْنَا: لَمْ يُقَرَّ) اللَّقِيطُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ، (فَإِنَّمَا هُوَ) - أَيْ: عَدَمُ إقْرَارِهِ (عِنْدَ وُجُودِ الْأَوْلَى بِهِ) مِنْ الْمُلْتَقِطِ، (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) أَوْلَى مِنْهُ، (فَإِقْرَارُهُ بِيَدِهِ أَوْلَى كَيْف كَانَ) ؛ لِرُجْحَانِهِ بِالسَّبْقِ إلَيْهِ.
(وَيُقَدَّمُ مُوسِرٌ وَمُقِيمٌ مِنْ مُلْتَقِطَيْنِ) لِلَّقِيطِ مَعًا (عَلَى ضِدِّهِمَا) ، فَيُقَدَّمُ الْمُوسِرُ عَلَى الْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّهُ أَحَظُّ لِلَّقِيطِ، وَيُقَدَّمُ الْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ.
(فَإِنْ اسْتَوَيَا) - أَيْ: الْمُلْتَقِطَانِ - بِأَنْ لَمْ يَتَّصِفْ أَحَدُهُمَا بِمَا يَكُونُ بِهِ أَوْلَى، وَتَشَاحَّا؛ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَإِنْ تَهَايَآهُ، بِأَنْ جُعِلَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ؛ أَضَرَّ بِالطِّفْلِ؛ لِأَنَّهُ تَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الْأَغْذِيَةُ وَالْأُنْسُ وَالْإِلْفُ، وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ بِالتَّحَكُّمِ لِتَسَاوِي حَقِّهِمَا؛ فَتَعَيَّنَ الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمَا؛ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي تَعْيِينِ السِّهَامِ بِالْقِسْمَةِ، وَكَمَا يُقْرَعُ بَيْنَ النِّسَاءِ فِي الْبُدَاءَةِ بِالْقَسَمِ.
وَلَا تُرَجَّحُ الْمَرْأَةُ فِي الِالْتِقَاطِ، كَمَا تُرَجَّحُ فِي حَضَانَةِ وَلَدِهَا عَلَى أَبِيهِ. لِأَنَّهَا إنَّمَا رَجَحَتْ هُنَاكَ لِشَفَقَتِهَا عَلَى وَلَدِهَا، وَتَوَلِّيهَا لِحَضَانَتِهِ بِنَفْسِهَا، وَالْأَبُ يَحْضُنُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ، فَكَانَتْ أُمُّهُ أَحَظَّ لَهُ، وَأَمَّا هَاهُنَا فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْ اللَّقِيطِ، وَالرَّجُلُ يَحْضُنُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ؛ فَاسْتَوَيَا.
وَ (لَا) يُقَدَّمُ (ظَاهِرُ عَدَالَةٍ، أَوْ كَرِيمٌ، أَوْ بَلَدِيٌّ عَلَى ضِدِّهِ) ؛ أَيْ: ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَمَسْتُورُهَا سَوَاءٌ، وَالْكَرِيمُ وَالْبَخِيلُ سَوَاءٌ، وَالْبَلَدِيُّ وَالْقَرَوِيُّ سَوَاءٌ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْأَهْلِيَّةِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) - أَيْ: الْمُتَنَازِعَانِ - (فِي الْمُلْتَقِطِ مِنْهُمَا) ؛ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الَّذِي الْتَقَطَ وَحْدَهُ؛ فَاللَّقِيطُ (لِمَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ) بِهِ بِلَا نِزَاعٍ، سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ؛ إعْمَالًا لِبَيِّنَتِهِ.
فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ؛ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ إنَّمَا أَخَذَ مِمَّنْ ثَبَتَ الْحَقُّ لَهُ.
قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "" وَالْكَافِي "" وَالشَّرْحِ "" وَالْهِدَايَةِ "" وَالْمُذَهَّبِ "" وَالْمُسْتَوْعِبِ "" وَالْخُلَاصَةِ " وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ اللَّقِيطَ لَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ، فَهُوَ كَالْمَالِ؛ فَيَجْرِي مَا فِي بَيِّنَةِ الْمَالِ مِنْ رِوَايَةِ اعْتِبَارِ سَبْقِ التَّارِيخِ، وَرِوَايَةِ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ، فَإِنْ اتَّحَدَتَا تَارِيخًا، أَوْ أُطْلِقَتَا، أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى؛ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا؛ فَكَدَعْوَى الْمَالِ؛ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ خَارِجٍ، (عَدِمَاهَا) - أَيْ: الْبَيِّنَةَ - وَهُوَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا؛ فَاللَّقِيطُ (لِذِي الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تُفِيدُ الْمِلْكَ، فَأَوْلَى أَنْ تُفِيدَ الِاخْتِصَاصَ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْآخَرِ.
(فَإِنْ كَانَ) اللَّقِيطُ (بِيَدَيْهِمَا) ، وَلَا بَيِّنَةَ؛ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا؛ لِتَسَاوِيهِمَا فِي السَّبَبِ وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِي كَفَالَةِ اللَّقِيطِ، كَمَا تَقَدَّمَ [ (فَمَنْ قَرَعَ) - أَيْ: خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ - (سُلِّمَ) اللَّقِيطُ (إلَيْهِ بِيَمِينِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ] .
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا) - أَيْ: لِمَنْ عَدِمَتْ بَيِّنَتَاهُمَا أَوْ تَعَارَضَتَا، - (يَدٌ)