الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التُّهْمَةِ، وَأَقْطَعُ مِنْ الْمَظِنَّةِ، وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ، وَحِفْظٌ لِمَالِهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ
[تَنْبِيهٌ يَنْبَغِي لِوَلِيِّ اللَّقِيطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ]
ِ، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، فَإِذَا بَلَغَ وَاخْتَلَفَا هُوَ وَوَاجِدُهُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّفْرِيطِ فِي الْإِنْقَاقِ بِأَنْ قَالَ اللَّقِيطُ: أَنْفَقْتُ فَوْقَ الْمَعْرُوفِ، وَأَنْكَرَهُ وَاجِدُهُ؛ فَقَوْلُ الْمُنْفِقِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ.
(وَكَذَا) لِوَاجِدِ اللَّقِيطِ (قَبُولُ هِبَةٍ) لِلَّقِيطِ، وَقَبُولُ (وَصِيَّةٍ) لَهُ، وَزَكَاةٍ، وَنَذْرٍ، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَلِأَنَّ الْقَبُولَ مَحْضُ مَصْلَحَةٍ، فَكَانَ لَهُ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ، كَحِفْظِهِ وَتَرْبِيَتِهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يَجِبُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِاللَّقِيطِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ.
(وَيَصِحُّ) - أَيْ: يَجُوزُ - (الْتِقَاطُ قِنٍّ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ) ، بَلْ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ تَخْلِيصٌ لَهُ مِنْ الْمَهْلَكَةِ؛ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ لِانْحِصَارِهِ فِيهِ.
وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ (ذِمِّيٍّ لِذِمِّيٍّ) ، وَيُقَرُّ بِيَدِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] .
(وَلَوْ الْتَقَطَ) لَقِيطًا (كَافِرًا) اثْنَانِ (مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ) ؛ فَهُمَا (سَوَاءٌ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِالْتِقَاطِ.
وَلِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ الْوِلَايَةُ (وَاخْتَارَ جَمْعٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " وَالشَّارِحِ وَالنَّظْمِ " أَنَّ (الْمُسْلِمَ أَحَقُّ بِهِ) .
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ بِلَا تَرَدُّدٍ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ يَنْشَأُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيَتَعَلَّمُ شَرَائِعَ الدِّينِ، فَيَفُوزُ بِالسَّعَادَةِ الْكُبْرَى.
(وَيُقَرُّ) لَقِيطٌ (بِيَدِ مَنْ) الْتَقَطَهُ (بِالْبَادِيَةِ مُقِيمًا فِي حِلَّةٍ) - بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - وَهُوَ بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ لِلِاسْتِيطَانِ؛ لِأَنَّهَا كَالْقَرْيَةِ، فَإِنَّ أَهْلَهَا لَا يَرْحَلُونَ عَنْهَا لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ.
(أَوْ) لَمْ يَكُنْ فِي حِلَّةٍ، لَكِنَّهُ (يُرِيدُ) وَاجِدُهُ (نَقْلَهُ)
أَيْ: اللَّقِيطِ (إلَى الْحَضَرِ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُهُ مِنْ أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالشَّقَاءِ، إلَى أَرْضِ الرَّفَاهِيَةِ وَالدِّينِ.
وَ (لَا) يُقَرُّ بِيَدِ مُلْتَقِطِهِ إنْ كَانَ (بَدَوِيًّا يَنْتَقِلُ فِي الْمَوَاضِعِ) ؛ لِأَنَّهُ إتْعَابٌ لِلطِّفْلِ بِنَقْلِهِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَى مَنْ فِي قَرْيَةٍ، لِأَنَّهُ أَرْفَهُ لَهُ وَأَخَفُّ عَلَيْهِ.
(أَوْ) - أَيْ: وَلَا يُقَرُّ أَيْضًا بِيَدِ (مَنْ وَجَدَهُ) - أَيْ: اللَّقِيطَ - (فِي الْحَضَرِ، فَأَرَادَ نَقْلَهُ لِلْبَادِيَةِ) ؛ لِأَنَّ مَقَامَهُ فِي الْحَضَرِ أَصْلَحُ لَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَأَرْفَهُ لَهُ، وَكَوْنُهُ وُجِدَ فِي الْحَضَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ فِيهِ، فَبَقَاؤُهُ فِيهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ، وَظُهُورِ أَهْلِهِ، وَاعْتِرَافِهِمْ بِهِ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يُقَرُّ بِيَدِ وَاجِدِهِ (مَعَ فِسْقِهِ) الظَّاهِرِ، (أَوْ رِقِّهِ) ؛ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْحَضَانَةِ وَالْوِلَايَةِ عَلَى الْأَحْرَارِ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ؛ فَهُوَ نَائِبُهُ.
وَلَا يُقَرُّ بِيَدِ مُدَبَّرٍ، وَأُمِّ وَلَدٍ، وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَمُكَاتَبٍ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ؛ لِقِيَامِ الرِّقِّ وَتَقَدَّمَ.
(أَوْ) مَعَ (كُفْرِهِ) - أَيْ: الْوَاجِدِ - (وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ) ؛ لِانْتِفَاءِ وِلَايَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، وَلَا يُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ فِي الدِّينِ، وَلَا يُقَرُّ بِيَدِ صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ، وَسَفِيهٍ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلْوِلَايَةِ.
(وَإِنْ الْتَقَطَهُ حَضَرًا مَنْ يُرِيدُ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ) ؛ لَمْ يُقَرَّ بِيَدِهِ.
(أَوْ) الْتَقَطَهُ فِي الْحَضَرِ مَنْ يُرِيدُ النَّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ؛ أَوْ إلَى (قَرْيَةٍ) ، أَوْ الْتَقَطَهُ مَنْ يُرِيدُ النَّقْلَةَ (مِنْ حِلَّةٍ إلَى حِلَّةٍ؛ لَمْ يُقَرَّ بِيَدِهِ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي بَلَدِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ أَوْ حِلَّتِهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ. وَكَالْمُنْتَقِلِ بِهِ إلَى الْبَادِيَةِ.
وَمَحَلُّ الْمَنْعِ (مَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ الَّذِي كَانَ) - أَيْ: وُجِدَ - (بِهِ وَبِيئًا) - أَيْ: وَخِيمًا (كَغَوْرِ بَيْسَانِ) - بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، وَبَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ، ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ - مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، (وَنَحْوُهُ) أَيْ: نَحْوِ غَوْرِ بَيْسَانِ مِنْ الْأَرَاضِي الْوَبِيئَةِ؛ كَالْجُحْفَةِ بِالْحِجَازِ، فَإِنَّ اللَّقِيطَ يُقَرُّ بِيَدِ الْمُنْتَقِلِ عَنْهَا إلَى الْبِلَادِ الَّتِي لَا وَبَاءَ فِيهَا، أَوْ دُونَهَا فِي الْوَبَاءِ؛ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِي النَّقْلِ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.