الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَبْضُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ فَلَزِمَتْ كَالْوَصِيَّةِ إذَا قُبِلَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقُبِضَتْ.
(الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَبُولُ عَطِيَّةٍ عِنْدَهَا) لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ فِي الْحَالِ فَيُعْتَبَرُ شُرُوطُهُ وَقْتَ وُجُودِهِ (وَالْوَصِيَّةُ بِخِلَافِهِ) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَاعْتُبِرَ عِنْدَ وُجُودِهِ؛ إذْ لَا حُكْمَ لِقَبُولِهَا وَلَا رَدِّهَا قَبْلَهُ.
(الرَّابِعُ: أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِي عَطِيَّتِهِ) مِنْ حِينِ وُجُودِهَا بِشُرُوطِهَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِبَةً فَمُقْتَضَاهَا تَمْلِيكُهُ الْمَوْهُوبَ فِي الْحَالِ كَعَطِيَّةِ الصِّحَّةِ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ مُحَابَاةً أَوْ إعْتَاقًا، وَيَكُونُ هَذَا الثُّبُوتُ (مُرَاعًى) لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ هَذَا مَرَضُ الْمَوْتِ أَوْ لَا؟ وَلَا نَعْلَمُ هَلْ يَسْتَفِيدُ مَالًا أَوْ يُتْلِفُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ؟ فَتَوَقَّفْنَا لِنَعْلَمَ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ لِنَعْمَلَ بِهَا، (فَإِذَا) مَاتَ وَ (خَرَجَتْ) الْعَطِيَّةُ (مِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ تَبْيِنًا أَنَّهُ) - أَيْ: الْمِلْكَ - (كَانَ ثَابِتًا) مِنْ حِينِ الْإِعْطَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ثُبُوتِهِ كَوْنُهُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ.
تَتِمَّةٌ: تُخَالِفُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ أَيْضًا فِي أَنَّهَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ إلَّا الْعِتْقُ.
[فَصْلٌ فِي مَنْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ قِنًّا فِي مَرَضِهِ فَكَسَبَ]
(فَصْلٌ: وَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ قِنًّا) لِغَيْرِ وَارِثِهِ (فِي مَرَضِهِ، فَكَسَبَ) الرَّقِيقُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ، فَخَرَجَ) الرَّقِيقُ (مِنْ الثُّلُثِ فَكَسْبُ مُعْتَقٍ لَهُ) لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ حِينِ الْعِتْقِ صَارَ حُرًّا، فَكَانَ كَسْبُهُ لَهُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ (وَ) كَانَ كَسْبُ قِنٍّ (مَوْهُوبٍ لِمُتَّهِبٍ) لِأَنَّ الْكَسْبَ تَابِعٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مَوْهُوبًا لَهُ.
(وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ) - أَيْ: الْعَتِيقِ أَوْ الْمَوْهُوبِ - مِنْ الثُّلُثِ دُونَ بَقِيَّتِهِ (فَلَهُمَا) - أَيْ: الْعَتِيقِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ - (مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ) أَيْ: قَدْرِ الْبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّلُثِ - فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ رُبْعُ الْعَبْدِ كَانَ لَهُ أَوْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ رُبْعُ كَسْبِهِ، وَبَاقِيه لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْعَبْدِ كَانَ لَهُ أَوْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفُ كَسْبِهِ وَالنِّصْفُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ كَانَ لَهُ أَوْ
لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثَا كَسْبِهِ، وَبَاقِيهِ لِلْوَرَثَةِ، وَهَكَذَا، وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى الدَّوْرِ.
(فَ) مِنْ ذَلِكَ (لَوْ أَعْتَقَ) الْمَرِيضُ (قِنًّا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَكَسْبُ) الْعَتِيقِ (مِثْلُ قِيمَتِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ؛ فَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ حِينَ أَعْتَقَهُ وَبَاقِيهِ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّ الْكَسْبَ يَتْبَعُ مَا تَنْفُذُ فِيهِ الْعَطِيَّةُ، دُونَ غَيْرِهِ، ثُمَّ التَّرِكَةُ تُتْبَعُ بِحِصَّةِ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْعِتْقِ مِلْكٌ لِلْعَبْدِ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، فَلَا تَدْخُلُ فِي التَّرِكَةِ، وَإِذَا اتَّسَعَتْ التَّرِكَةُ (فَيَزْدَادُ بِهِ) - أَيْ: بِكَسْبِهِ - (مَالُهُ) - أَيْ: مَالُ الْعَبْدِ - (وَتَزْدَادُ حُرِّيَّتُهُ لِذَلِكَ) الْكَسْبِ (وَيَزْدَادُ حَقُّهُ مِنْ كَسْبِهِ) وَمِنْ ضَرُورَةِ هَذَا نُقْصَانُ حِصَّةِ التَّرِكَةِ (فَيَنْقُصُ) بِهِ حَقُّ السَّيِّدِ مِنْ الْكَسْبِ، وَيَنْقُصُ (بِذَلِكَ قَدْرُ الْعِتْقِ مِنْهُ) فَتَزِيدُ الْحُرِّيَّةُ، فَتَدُورُ زِيَادَتُهُ عَلَى نُقْصَانِهِ، وَنُقْصَانُهُ عَلَى زِيَادَتِهِ، وَلِاسْتِخْرَاجِ الْمَقْصُودِ وَانْفِكَاكِ الدَّوْرِ طُرُقٌ حِسَابِيَّةٌ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا عَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ.
وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (فَيُسْتَخْرَجُ ذَلِكَ بِالْجَبْرِ، فَيُقَالُ قَدْ عَتَقَ مِنْهُ) - أَيْ: الْعَبْدُ - (شَيْءٌ وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ) لِأَنَّ كَسْبَهُ مِثْلُهُ، (وَلِلْوَرَثَةِ مِنْهُ شَيْءٌ وَمِنْ كَسْبِهِ شَيْئَانِ) لِأَنَّ لَهُمْ مِثْلَيْ مَا عَتَقَ مِنْهُ، وَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يُحْبَسُ عَلَى الْمُكْتَسِبِ مَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، لَا مِنْ جِهَةِ سَيِّدِهِ (فَصَارَ) الْعَبْدُ (وَكَسْبُهُ نِصْفَيْنِ) لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا اسْتَحَقَّ بِعِتْقِهِ شَيْئًا وَبِكَسْبِهِ شَيْئًا؛ كَانَ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ.
(يُعْتَقُ مِنْهُ نِصْفُهُ وَلَهُ نِصْفُ كَسْبِهِ) غَيْرُ مَحْسُوبٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ لَا مِنْ جِهَةِ سَيِّدِهِ، (وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُمَا) أَيْ: نِصْفُ الْمُكْتَسِبِ وَنِصْفُ كَسْبِهِ، وَذَلِكَ مِثْلَا مَا عَتَقَ.
(فَلَوْ كَانَ) الْعَبْدُ (يُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ، فَكَسَبَ) قَبْلَ الْوَفَاةِ (مِثْلَهَا) اثْنَيْ عَشَرَ (عَتَقَ) مِنْهُ شَيْءٌ وَلَهُ مِنْ الْكَسْبِ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ، فَقَدْ عَتَقَ (نِصْفُهُ وَأَخَذَ سِتَّةً) لَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ (وَلِوَارِثٍ نِصْفُهُ) - أَيْ: الْعَبْدِ - (وَسِتَّةٌ) مِنْ كَسْبِهِ، وَذَلِكَ مِثْلَا مَا عَتَقَ.
(وَإِنْ كَسَبَ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ صَارَ لَهُ) مِنْ كَسْبِهِ (شَيْئَانِ) لِأَنَّ كَسْبَهُ مِثْلَاهُ (وَعَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلِوَارِثٍ شَيْئَانِ) فَيُقْسَمُ هُوَ وَكَسْبُهُ أَخْمَاسًا،
(فَيُعْتَقُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ كَسْبِهِ وَالْبَاقِي) وَهُوَ خُمْسَاهُ وَخُمُسَا كَسْبِهِ (لِوَارِثٍ) وَإِنْ كَسَبَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ قِيمَتِهِ؛ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مِنْ كَسْبِهِ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ، فَيُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثَاهُ وَلَهُ ثُلُثَا كَسْبِهِ وَلِلْوَرَثَةِ الْبَاقِي.
(وَإِنْ كَسَبَ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَهُ نِصْفُ شَيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ) لِأَنَّ كَسْبَهُ مِثْلُ نِصْفِهِ (وَلِوَارِثٍ شَيْئَانِ) فَالْجَمِيعُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ وَنِصْفٍ اُبْسُطْهَا تَكُنْ سَبْعَةً.
لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا (فَيُعْتَقُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ كَسْبِهِ وَالْبَاقِي) أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ كَسْبِهِ (لِوَارِثٍ) .
تَكْمِيلٌ: فَلَوْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ صُرِفَ فِيهِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ كَسْبِهِ وَقُسِّمَ النِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُعْتَقِ نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْكَسْبِ.
فَإِنْ كَسَبَ الْعَبْدُ مِثْلَ قِيمَتِهِ وَلِلسَّيِّدِ مَالٌ مِثْلُ قِيمَتِهِ؛ قَسَمْتَ الْعَبْدَ وَمِثْلَ قِيمَتِهِ عَلَى الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ: فَلِكُلِّ شَيْءٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ، فَيُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَسْبِهِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ، ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، وَكَسَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ قِيمَتِهِ؛ لَكَمُلَتْ الْحُرِّيَّةُ فِي الْعَبْدِ الْأَوَّلِ فَيُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ، وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ، وَيُقْسَمُ الْعَبْدَانِ وَكَسْبُهُمَا عَلَى الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ شَيْءٍ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ فَيُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَسْبِهِ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ بَدَأَ بِعِتْقِ الْأَدْنَى عَتَقَ كُلُّهُ، وَأَخَذَ كَسْبَهُ، وَتَسْتَحِقُّ الْوَرَثَةُ مِنْ الْعَبْدِ الْآخَرِ وَكَسْبِهِ مِثْلَيْ الْعَبْدِ الَّذِي عَتَقَ وَهُوَ نِصْفُهُ وَنِصْفُ كَسْبِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَيُعْتَقُ رُبْعُهُ، وَلَهُ رُبْعُ كَسْبِهِ [وَيَرِقُّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ] ، وَيَتْبَعُهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَسْبِهِ وَذَلِكَ مِثْلَا مَا انْعَتَقَ مِنْهُمَا، وَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ دَفْعَةً وَاحِدَةً قَرَعْنَا بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ بَدَأَ بِإِعْتَاقِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ قِيمَةِ أَحَدِهِمْ وَكَسْبُ أَحَدِهِمْ مِثْلُ قِيمَتِهِ؛ أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ لِإِخْرَاجِ الدَّيْنِ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُكْتَسِبِ؛ بِيعَ فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ
أَقْرَعْنَا بَيْنَ الْمُكْتَسِبِ وَالْآخَرِ لِأَجْلِ الْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى غَيْرِ الْمُكْتَسِبِ؛ عَتَقَ كُلُّهُ، وَالْمُكْتَسِبُ وَمَالُهُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ وَقَعَتْ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى الْمُكْتَسِبِ عَتَقَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَسْبِهِ، وَبَاقِيهِ وَبَاقِي كَسْبِهِ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ لِلْوَرَثَةِ كَمَا قُلْنَا فِيمَا إذَا كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ.
وَلَوْ وَقَعَتْ قُرْعَةُ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُكْتَسِبِ لَقَضَيْنَا الدَّيْنَ بِنِصْفِهِ وَنِصْفِ كَسْبِهِ، ثُمَّ أَقْرَعْنَا بَيْنَ بَاقِيهِ وَبَيْنَ الْعَبْدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فِي الْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى غَيْرِهِ عَتَقَ كُلُّهُ، وَلِلْوَرَثَةِ مَا بَقِيَ وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمُكْتَسِبِ عَتَقَ بَاقِيهِ، وَأَخَذَ بَاقِي كَسْبِهِ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ لِإِتْمَامِ الثُّلُثِ، فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَيَبْقَى ثُلُثَاهُ، وَالْعَبْدُ الْآخَرُ لِلْوَرَثَةِ.
(وَ) يَكُونُ الْحُكْمُ (فِي هِبَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ) مِنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ (وَبِقَدْرِهِ مِنْ كَسْبِهِ) لِأَنَّ الْكَسْبَ يَتْبَعُ الْمِلْكَ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَكَسَبَ تِسْعَةً فَاجْعَلْ لَهُ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ شَيْئًا، فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مِائَةُ شَيْءٍ، وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ، وَلِلْوَرَثَةِ مِائَتَا شَيْءٍ، فَيُعْتَقُ مِنْهُ مِائَةُ جُزْءٍ وَتِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ، وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَهُ مِائَتَا جُزْءٍ مِنْ نَفْسِهِ وَمِائَتَا جُزْءٍ مِنْ كَسْبِهِ.
فَرْعٌ: رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْ الْقِيمَةِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي حَيَاتِهِ؛ أَقْرَعَ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى الْمَيِّتِ فَالْحَيُّ رَقِيقٌ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَ نِصْفُهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ مَعَ الْوَرَثَةِ مِثْلَيْ نِصْفِهِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْحَيِّ؛ عَتَقَ ثُلُثُهُ، وَلَا يُحْسَبُ الْمَيِّتُ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ) الْمَرِيضُ (أَمَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا، ثُمَّ وَطِئَهَا) الْمُعْتِقُ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ مُكْرَهَةً (وَمَهْرُ مِثْلِهَا نِصْفُ قِيمَتُهَا فَ) هُوَ (كَمَا لَوْ كَسَبَتْهُ) أَيْ: فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا لَوْ كَسَبَتْ نِصْفَ قِيمَتِهَا (فَيُعْتَقُ) مِنْهَا (ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا، سُبْعٌ بِمَا مَلَكَتْهُ) مِنْ نَفْسِهَا بِحَقِّهَا (مِنْ مَهْرِهَا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ) لِأَحَدٍ.
قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ " وَنَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ
عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ (وَسُبْعَانِ) يُعْتَقَانِ (بِإِعْتَاقِ الْمَرِيضِ) . قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَفِي التَّشْبِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْكَسْبَ يَزِيدُ بِهِ مِلْكُ السَّيِّدِ، ذَلِكَ يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ فِي الْعِتْقِ وَالْمَهْرِ يَنْقُصُهُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي نُقْصَانَ الْعِتْقِ. وَنَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ عَنْ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ.
(وَلَوْ وَهَبَهَا) الْمَرِيضُ (لِمَرِيضٍ آخَرَ لَا مَالَ لَهُ) أَيْضًا غَيْرَهَا (فَوَهَبَهَا الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) وَمَاتَا جَمِيعًا (صَحَّتْ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي شَيْءٍ وَعَادَ إلَيْهِ بِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ ثُلُثُهُ، وَبَقِيَ لِوَرَثَةِ الْآخَرِ ثُلُثَا شَيْءٍ وَلِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ شَيْئَانِ) فَاضْرِبْ الشَّيْئَيْنِ وَالثُّلُثَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ لِيَزُولَ الْكَسْرُ؛ تَكُنْ ثَمَانِيَةُ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ (فَلَهُمْ) - أَيْ: لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ - (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا) سِتَّةٌ (وَلِوَرَثَةِ الثَّانِي رُبْعُهَا) شَيْئَانِ، وَإِنْ شِئْت قُلْتَ: الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ صَحَّتْ فِي ثُلُثِ الْمَالِ، وَهِبَةُ الثَّانِي صَحَّتْ فِي ثُلُثِ الثُّلُثِ، فَتَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةٍ. اضْرِبْهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَكُنْ تِسْعَةً، أَسْقِطْ السَّهْمَ الَّذِي صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ الثَّانِيَةُ؛ بَقِيَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ؛ وَطَرِيقُهَا بِالْجَبْرِ أَنْ تَقُولَ صَحَّتْ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْجَارِيَةِ، فَبَقِيَتْ جَارِيَةٌ إلَّا شَيْئًا، وَصَحَّتْ هِبَةُ الثَّانِي فِي ثُلُثِ الشَّيْءِ يَبْقَى مَعَ الْأَوَّلِ جَارِيَةٌ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا صَحَّتْ فِيهِ هِبَتُهُ، وَهُوَ شَيْءٌ، وَضِعْفُهُ شَيْئَانِ، فَتُجْبَرُ الْجَارِيَةُ بِزِيَادَةِ ثُلُثَيْ شَيْءٍ، وَتُقَابَلُ بِزِيَادَتِهِمَا الشَّيْئَيْنِ، فَتَبْقَى جَارِيَةٌ كَامِلَةٌ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ، فَتُقْسَمُ الْجَارِيَةُ عَلَى الْأَشْيَاءِ فَتَقُولُ وَاحِدُ عَلَى اثْنَيْنِ وَثُلُثَيْنِ، وَيَخْرُجُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ، وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي صَحَّتْ فِيهِ هِبَةُ الْأَوَّلِ، فَيَبْقَى مَعَهُ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الْجَارِيَةِ، وَصَحَّتْ هِبَةُ الثَّانِي فِي ثُلُثِ ثَلَاثَةِ الْأَثْمَانِ، فَيَجْتَمِعُ مَعَ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ سِتَّةُ أَثْمَانٍ، وَهُوَ ضِعْفُ مَا صَحَّتْ فِيهِ هِبَةُ الْأَوَّلِ، وَمَعَ وَرَثَةِ الثَّانِي ثُمْنَانِ وَهُمَا ضِعْفُ مَا صَحَّتْ فِيهِ هِبَةُ الثَّانِي.
(وَلَوْ)(بَاعَ مَرِيضٌ قَفِيزًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ يُسَاوِي) الْقَفِيزُ (ثَلَاثِينَ بِقَفِيزٍ) مِنْ جِنْسِهِ (يُسَاوِي عَشَرَةً، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) ، فَيُحْتَاجُ إلَى تَصْحِيحِ الْبَيْعِ بِجُزْءٍ
مِنْهُ مَعَ التَّخَلُّصِ مِنْ الرِّبَا؛ لِامْتِنَاعِ التَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا (فَأَسْقِطْ) عَشَرَةً (قِيمَةَ الرَّدِيءِ مِنْ) ثَلَاثِينَ (قِيمَةِ الْجَيِّدِ، ثُمَّ اُنْسُبْ الثُّلُثَ إلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْإِسْقَاطِ، وَهُوَ) - أَيْ: الثُّلُثُ - (عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ) الَّتِي هِيَ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ (تَجِدْهُ) - أَيْ: الثُّلُثَ - (نِصْفَهَا) - أَيْ: الْعِشْرِينَ - (فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ) الْقَفِيزِ (الْجَيِّدِ بِنِصْفِ) الْقَفِيزِ (الرَّدِيءِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَابَلَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ تَعَذُّرِ أَخْذِ جَمِيعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ بِثَمَنٍ، فَانْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَيَبْطُلُ) الْبَيْعُ (فِيمَا بَقِيَ) بَعْدَ نِصْفِهَا؛ لِانْتِفَاءِ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْجَيِّدِ بِقِيمَةِ الرَّدِيءِ، وَيَبْطُلُ فِي غَيْرِهِ (لِئَلَّا يُفْضِيَ) تَصْحِيحُ الْبَيْعِ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِأَقَلَّ مِنْ الْآخَرِ (إلَى رِبَا الْفَضْلِ) وَهُوَ مُحَرَّمٌ؛ لِكَوْنِهِ بَيْعَ ثُلُثِ الْجَيِّدِ بِكُلِّ الرَّدِيءِ، وَذَلِكَ رِبًا (وَ) لَا شَيْءَ (لِمُشْتَرٍ) سِوَى (الْخِيَارِ) لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَإِنْ شِئْتَ) فِي عَمَلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (فَاضْرِبْ مَا حَابَاهُ) بِهِ، وَهُوَ عِشْرُونَ (فِي ثَلَاثَةٍ) مَخْرَجُ الثُّلُثِ (يَبْلُغُ سِتِّينَ، وَنِسْبَةُ قِيمَةِ جَيِّدٍ) ثَلَاثِينَ (إلَيْهَا) فَهُوَ (نِصْفٌ؛ فَيَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ الْجَيِّدِ بِنِصْفِ الرَّدِيءِ، وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ الثُّلُثَانِ، وَمَخْرَجُهُمَا ثَلَاثَةٌ، فَخُذْ لِمُشْتَرٍ سَهْمَيْنِ مِنْهُ) - أَيْ: مِنْ الْمَخْرَجِ - وَهُوَ ثَلَاثَةٌ (وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ) مِثْلَا مَا لِلْمُشْتَرِي (ثُمَّ اُنْسُبْ الْمَخْرَجَ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ (إلَى الْكُلِّ) وَهُوَ السِّتَّةُ تَجِدْهُ (بِالنِّصْفِ؛ فَيَصِحُّ بَيْعُ) نِصْفِ (أَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الْآخَرِ) وَإِنْ شِئْت فَانْسُبْ ثُلُثَ الْأَكْثَرِ وَهُوَ ثَلَاثُونَ وَثُلُثُهُ عَشَرَةٌ، فَانْسُبْهُمَا مِنْ الْمُحَابَاةِ وَهِيَ عِشْرُونَ؛ تَكُنْ النِّصْفَ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِمَا بِالنِّسْبَةِ، وَهُوَ هُنَا نِصْفُ الْجَيِّدِ بِنِصْفِ الرَّدِيءِ.
وَبِطَرِيقِ الْجَبْرِ يُقَالُ يَصِحُّ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْأَعْلَى بِشَيْءٍ مِنْ الْأَدْنَى قِيمَتُهُ ثُلُثُ شَيْءٍ مِنْ الْأَعْلَى، فَتَكُونُ الْمُحَابَاةُ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ مِنْ الْجَيِّدِ، فَأَلْقِهَا مِنْهُ يَبْقَ قَفِيزٌ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ تَعْدِلُ مِثْلَ الْمُحَابَاةِ مِنْهُ، وَهُوَ شَيْءٌ وَثُلُثُ شَيْءٍ، فَإِذَا جَبَرْت وَقَابَلْت عَدْلَ شَيْئَيْنِ؛ فَالشَّيْءُ نِصْفُ قَفِيزٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَدْنَى يُسَاوِي عِشْرِينَ
صَحَّتْ فِي جَمِيعِ الْجَيِّدِ بِجَمِيعِ الرَّدِيءِ، وَإِنْ كَانَ الْأَدْنَى يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ فَاعْمَلْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، يَصِحُّ بَيْعُ ثُلُثَيْ الْجَيِّدِ بِثُلُثِ الرَّدِيءِ، وَيَبْطُلُ فِيمَا عَدَاهُ.
(فَلَوْ لَمْ يُفِضْ إلَى رِبَا كَعَبْدٍ) بَاعَهُ الْمَرِيضُ (يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَبْدٍ يُسَاوِي عَشَرَةً) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْمُحَابَاةَ (صَحَّ بَيْعُ ثُلُثِهِ) - أَيْ: الْعَبْدِ الْمُسَاوِي ثَلَاثِينَ - (بِالْعَشَرَةِ) - أَيْ: بِالْعَبْدِ الْمُسَاوِي لَهَا - (وَالثُّلُثَانِ) مِنْ الْعَبْدِ الْمُسَاوِي ثَلَاثِينَ (كَالْهِبَةِ) لِأَنَّهُ لَا مُقَابِلَ لَهُمَا (لِلْمُبْتَاعِ نِصْفُهَا) وَهُوَ عَشَرَةٌ يَرُدُّهُ الْأَجْنَبِيُّ، وَيَأْخُذُ عَشَرَةً بِالْمُحَابَاةِ (وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ مَعَ وَارِثٍ صَحَّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِهِ) - أَيْ: الْعَبْدِ بِالْعَشَرَةِ - (وَلَا مُحَابَاةَ) حَيْثُ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ، وَلِلْأَجْنَبِيِّ وَالْوَارِثِ فَسْخُ الْبَيْعِ؛ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
(وَإِنْ)(أَقَالَ) الْمَرِيضُ فِي عَقْدٍ سَلَمٍ (مَنْ أَسْلَمَهُ عَشَرَةَ) دَرَاهِمَ مَثَلًا (فِي كُرٍّ) جَمْعُهُ أَكْرَارَ كَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ، وَهُوَ سِتُّونَ قَفِيزًا وَالْقَفِيزُ ثَمَانِيَةُ مَكَاكِيكَ، وَالْمَكُّوكُ صَاعٌ وَنِصْفٌ (حِنْطَةٍ وَقِيمَتُهُ) - أَيْ: الْكُرِّ - (عِنْدَ الْإِقَالَةِ ثَلَاثُونَ) مِنْ جِنْسِ الْعَشَرَةِ، وَلَا مِلْكَ لَهُ غَيْرُ الْكُرِّ (صَحَّتْ) الْإِقَالَةُ (فِي نِصْفِهِ) - أَيْ: الْكُرِّ - (بِخَمْسَةٍ) مِنْ الْعَشَرَةِ، وَكَانَ كَبَيْعِ قَفِيزٍ جَيِّدٍ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِقَفِيزٍ رَدِيءٍ يُسَاوِي عَشَرَةَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا أَنْ تُسْقِطَ قِيمَةَ الرَّدِيءِ مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدِ، وَتَنْسِبَ الثُّلُثَ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إلَى الْبَاقِي مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدِ بَعْدَ إسْقَاطِ قِيمَةِ الرَّدِيءِ مِنْهُ، فَأُسْقِطَ هُنَا قِيمَةُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ قِيمَةِ الْكُرِّ وَهُوَ ثَلَاثُونَ يَبْقَى عِشْرُونَ، اُنْسُبْ إلَيْهَا الثُّلُثَ وَهُوَ عَشَرَةٌ يَكُنْ نِصْفُ فَتْحِ الْإِقَالَةِ فِي نِصْفِ الْكُرِّ بِنِصْفِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَهُوَ خَمْسَةٌ، وَتَبْطُلُ فِي الْبَاقِي؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ صِحَّتُهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ بِزِيَادَةٍ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَارِثًا، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعُ الْوَارِثِ.
(وَإِنْ)(أَصْدَقَ) الْمَرِيضُ (امْرَأَةً عَشَرَةً لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَصَدَاقُ مِثْلِهَا) - أَيْ:
الْمَرْأَةِ (خَمْسَةٌ، فَمَاتَتْ) تَحْتَهُ، ثُمَّ وَرِثَهَا (ثُمَّ مَاتَ) وَلَمْ يُخْلِفْ غَيْرَ مَا أَصْدَقَهَا؛ دَخَلَهَا الدَّوْرُ (فَ) نَقُولُ (لَهَا بِالصَّدَاقِ خَمْسَةٌ) الَّتِي هِيَ مَهْرُ مِثْلِهَا (وَ) لَهَا (شَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ) بَقِيَ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ خَمْسَةُ الْأَشْيَاءِ، ثُمَّ (رَجَعَ إلَيْهِ) - أَيْ: الزَّوْجِ - (نِصْفُهُ) - أَيْ: الَّذِي لَهَا - وَهُوَ الْخَمْسَةُ وَ (شَيْءٌ بِمَوْتِهَا) وَهُوَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ وَنِصْفُ شَيْءٍ (صَارَ لَهُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ إلَّا نِصْفُ شَيْءٍ) لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ خَمْسَةٌ إلَّا نِصْفِ شَيْءٍ، وَوَرِثَ اثْنَيْنِ وَنِصْفًا وَنِصْفَ شَيْءٍ (يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ) لِأَنَّهُ مِثْلَا مَا اسْتَحَقَّتْهُ الْمَرْأَةُ بِالْمُحَابَاةِ، وَذَلِكَ شَيْءٌ (اُجْبُرْهُمَا) - أَيْ: الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ إلَّا نِصْفُ شَيْءٍ (بِنِصْفِ شَيْءٍ) بِأَنْ تُقَدِّرَ إضَافَةَ نِصْفِ شَيْءٍ إلَى ذَلِكَ، فَتَصِيرَ سَبْعَةً وَنِصْفًا تَامَّةً (وَقَابِلْ) الْجَبْرَ بِتَقْدِيرِ إضَافَةِ نِصْفِ شَيْءٍ عَلَى الشَّيْئَيْنِ، فَتَصِيرُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا (يَخْرُجُ الشَّيْءُ ثَلَاثَةً) لِأَنَّ السِّتَّةَ تُقَابِلُ شَيْئَيْنِ، وَالْوَاحِدُ وَنِصْفٌ تَكْمِلَةُ السَّبْعَةِ وَنِصْفٌ تُقَابِلُ نِصْفَ شَيْءٍ (فَلِوَرَثَتِهِ) - أَيْ: الزَّوْجِ - (سِتَّةٌ) لِأَنَّ لَهُمْ شَيْئَيْنِ (وَلِوَرَثَتِهَا أَرْبَعَةٌ) لِأَنَّهَا كَانَ لَهَا خَمْسَةٌ وَشَيْءٌ وَهُوَ - أَيْ: الشَّيْءُ - ثَلَاثَةٌ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ إلَى وَرَثَتِهِ نِصْفُهَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، وَالطَّرِيقُ فِي هَذَا أَنْ تَنْظُرَ مَا بَقِيَ فِي يَدِ وَرَثَةِ الزَّوْجِ، فَخُمُسَاهُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي صَحَّتْ الْمُحَابَاةُ فِيهِ، وَلِذَلِكَ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْجَبْرِ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا وَالشَّيْءُ هُوَ خُمْسَاهَا، وَإِنْ شِئْتَ أَسْقَطْتَ خَمْسَةً وَأَخَذْتَ نِصْفَ مَا بَقِيَ (وَإِنْ مَاتَ) زَوْجُهَا (قَبْلَهَا وَرِثَتْهُ) - أَيْ: وَرِثَتْ - فَرْضَهَا مِنْهُ بِالزَّوْجِيَّةِ (وَسَقَطَتْ الْمُحَابَاةُ) فَلَا تَصِحُّ نَصًّا إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا بَاقِي الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ، فَإِنْ لَمْ تَرِثْهُ لِنَحْوِ مُخَالَفَةِ دِينٍ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَثُلُثُ مَا حَابَاهَا بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ.
(وَمَنْ وَهَبَ زَوْجَتَهُ كُلَّ مَالِهِ فِي مَرَضِهِ، فَمَاتَتْ قَبْلَهُ) ثُمَّ مَاتَ (فَلِوَرَثَتِهِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَلِوَرَثَتِهَا خُمْسُهُ) وَطَرِيقُهُ بِالْجَبْرِ أَنْ تَقُولَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي شَيْءٍ وَعَادَ إلَيْهِ نِصْفُهُ بِالْإِرْثِ؛ يَبْقَى لِوَرَثَتِهِ الْمَالُ كُلُّهُ إلَّا نِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ، فَإِذَا أَجْبَرَتْ، وَقَابَلَتْ خَرَجَ الشَّيْءُ خُمْسَيْ الْمَالِ وَهُوَ مَا صَحَّتْ فِيهِ