الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بَعْدَهُ لِوَلَدِهِ مَثَلًا؛ فَلَهُ الطَّلَبُ بِمَا فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مِنْ حِينِ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَى وَلَدِهِ.
وَذَكَرَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ " الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ، سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَكَذَبَ فِي إقْرَارِهِ، أَمْ لَمْ يَعْلَمْ؛ فَإِنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَقِّ لَهُ لَا يَنْتَقِلُ بِكَذِبِهِ. انْتَهَى.
قَالَ الْمُحِبُّ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ كَوْنُ الْمُقِرِّ يَمْلِكُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي يُقِرُّ بِهَا، وَمُسْتَحِقُّ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ؛ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ، وَلَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي رَيْعِهِ إلَّا بَعْدَ حُصُولِهِ فِي يَدِهِ، فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ جَوَازِ بَيْعِهِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَلَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ بِالرَّيْعِ قَبْلَ مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ؛ لَاُتُّخِذَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى إجَارِهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً؛ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَحِقُّ عِوَضَهَا مِنْ شَخْصٍ عَنْ رَيْعِهِ أَوْ عَنْ رَقَبَتِهِ، وَيُقِرُّ لَهُ بِهِ، فَيَسْتَحِقُّهُ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُقِرِّ، أَوْ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِ الْمُقِرِّ؛ فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ إقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْوَقْفِ وَلَا بِرَيْعِهِ إلَّا بِشَرْطِ مِلْكِهِ لِلرَّيْعِ، وَلَمْ أَزَلْ أُفْتِي بِهَذَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، مِنْ غَيْرِ أَنْ أَكُونَ قَدْ وَقَفْتُ عَلَى كَلَامِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ، وَلَا رَأَيْتُ فِيهِ كَلَامًا لِغَيْرِهِ، وَلَكِنِّي قُلْته تَفَقُّهًا، وَلَا أَظُنُّ لِمَنْ لَهُ نَظَرٌ تَامٌّ فِي الْفِقْهِ يَقُولُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ يَأْكُلُ نَاظِرُ الْوَقْفِ بِمَعْرُوفٍ]
ٍ نَصًّا
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا، قَالَهُ فِي " الْقَوَاعِدِ " وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ مَعَ فَقْرِهِ انْتَهَى.
(وَلَوْ تَصَادَقَ) مُسْتَحِقُّو وَقْفٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَصَارِفِهِ، وَ (عَلَى) مَقَادِيرِ (اسْتِحْقَاقِهِمْ فِيهِ) - أَيْ: الْوَقْفِ - (وَنَحْوِهِ) ؛ كَدَفْعِ سَهْمٍ لِمُدَّعٍ اسْتِحْقَاقًا، (ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابُ الْوَقْفِ مُنَافِيًا لِمَا تَصَادَقُوا) عَلَيْهِ؛ (عُمِلَ بِهِ) ؛ أَيْ: بِمَا تَضْمَنَّهُ كِتَابُ الْوَقْفِ وُجُوبًا، عَلَى حَسَبِ مَا وَظَّفَهُ الْوَاقِفُ مِنْ تَعْيِينِ مَصَارِفَ وَتَقْدِيرِ
وَظَائِفِ، (وَأُلْغِيَ التَّصَادُقُ) الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمْ؛ لِمُخَالِفَتِهِ كِتَابَ الْوَاقِفِ.
(أَفْتَى بِهِ) الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(وَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى (فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ": يَعْمَلُ وَالِي الْمَظَالِمَ فِي وَقْفٍ عَامٍّ) لَيْسَ لَهُ نَاظِرٌ مُعَيَّنٌ بِكِتَابِ (دِيوَانِ حَاكِمٍ) ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ الْقُضَاةُ سِجِلًّا؛ إذْ هُوَ لِلصِّحَّةِ وَالضَّبْطِ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ.
(أَوْ) يَعْمَلُ بِمَا فِي دِيوَانِ (سَلْطَنَةٍ) ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالدَّفْتَرِ السُّلْطَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونُ التَّزْوِيرِ، وَمَحْفُوظٌ مِنْ التَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ.
(أَوْ) يَعْمَلُ (بِكِتَابِ) وَقْفٍ (قَدِيمٍ) ظَهَرَ، وَعَلَيْهِ أَمَارَاتُ الصِّدْقِ، بِحَيْثُ (يَقَعُ فِي النَّفْسِ صِحَّتُهُ) ، وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إلَى مَنْ يَشْهَدُ؛ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ مَا تَضْمَنَّهُ.
وَلِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْكِتَابِ الْقَدِيمِ مُتَعَذِّرٌ، فَاكْتُفِيَ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ.
(وَلَوْ جَهِلَ) ؛ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ (شَرْطَ) كَيْفِيَّةِ (قَسَمِ وَاقِفِ) غَلَّةٍ مَا وَقَفَهُ، وَأَمْكَنَ التَّأَنُّسَ بِصَرْفِ مَنْ تَقَدَّمَ، مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ؛ رَجَعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَرْجَحُ مِمَّا عَدَاهُ، وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ صَرْفِهِ وَوُقُوعِهِ عَلَى الْوَاقِفِ؛ فَإِنْ تَعَذَّرَ، وَكَانَ الْوَقْفُ عَلَى عِمَارَةٍ أَوْ إصْلَاحٍ؛ صُرِفَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.
قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْمٍ؛ (عُمِلَ) - بِالْبِنَاءِ الْمَجْهُولِ - (بِعَادَةٍ جَارِيَةٍ) ، إنْ كَانَتْ، (ثُمَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ؛ عُمِلَ (بِعُرْفٍ) مُسْتَقِرٍّ فِي الْوَقْفِ فِي مَقَادِيرِ الْوَقْفِ؛ كَفُقَهَاءِ الْمَدَارِسِ؛ (لِأَنَّهُ) - أَيْ: الْعُرْفَ الْمُسْتَقِرَّ - (يَدُلُّ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ أَكْثَرَ مِنْ) دَلَالَةِ لَفْظِ (الِاسْتِفَاضَةِ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
وَلِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ الشَّرْطِ عَلَى وَقْفِهِ وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ تَقْيِيدِ الْوَاقِفِ، فَيَكُونُ مُطْلَقًا، وَالْمُطْلَقُ مِنْهُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْعُرْفِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
(ثُمَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ، وَلَا عُرْفٌ بِبَلَدِ الْوَقْفِ؛ كَمَا لَوْ كَانَ بِبَادِيَةٍ لَيْسَ لَهَا عَادَةٌ وَلَا عُرْفٌ، (التَّسَاوِي) ؛ أَيْ: سَاوَى فِيهِ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ ثَبَتَتْ، وَلَمْ يَثْبُتْ التَّفْضِيلُ، فَوَجَبَتْ التَّسْوِيَةُ. وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ فِي أَيْدِيهِمْ، أَوْ لَا يَدَ لِوَاحِدٍ