الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الشُّفْعَةِ]
ِ - بِإِسْكَانِ الْفَاءِ - مِنْ الشَّفَاعَةِ - أَيْ: الزِّيَادَةِ أَوْ التَّقْوِيَةِ - أَوْ مِنْ الشَّفْعِ، وَهُوَ أَحْسَنُهَا؛ فَإِنَّ الشَّفِيعَ هُوَ الزَّوْجُ، وَالشَّفِيعُ كَانَ نَصِيبُهُ مُنْفَرِدًا فِي مِلْكِهِ؛ فَبِالشُّفْعَةِ ضَمَّ الْمَبِيعَ إلَى مِلْكِهِ، فَصَارَ شَفْعًا، وَالشَّافِعُ هُوَ جَاعِلُ الْوِتْرِ شَفْعًا، وَالشَّفِيعُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
أَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» . وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إثْبَاتِ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ فِيمَا بِيعَ مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ أَوْ حَائِطٍ، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَرَادَ بَيْعَ نَصِيبِهِ، وَيُمْكِنُ مِنْ بَيْعِهِ لِشَرِيكِهِ وَتَخْلِيصِهِ مِمَّا كَانَ بِصَدَدِهِ مِنْ تَوَقُّعِ الْخَلَاصِ وَالِاسْتِخْلَاصِ، فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ حُسْنُ الْعِشْرَةِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ لِيَصِلَ إلَى غَرَضِهِ مِنْ بَيْعِ نَصِيبِهِ وَتَخْلِيصٍ لِشَرِيكِهِ مِنْ الضَّرَرِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَبَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ سَلَّطَ الشَّرْعُ الشَّرِيكَ عَلَى صَرْفِ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ. وَهِيَ فِي الشَّرْعِ (اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ) فِي مِلْكِ الرَّقَبَةِ - وَلَوْ مُكَاتَبًا - (انْتِزَاعَ شِقْصِ شَرِيكِهِ) الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ.
وَالشِّقْصُ بِكَسْرِ الشِّينِ النَّصِيبُ (مِنْ) يَدِ (مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ) ؛ كَالْمُنْتَقِلِ بِالْبَيْعِ الصَّرِيحِ أَوْ بِمَا فِي حُكْمِهِ؛ كَصُلْحٍ بِمَعْنَى بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ بِشَرْطِ الثَّوَابِ (إنْ كَانَ) الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ (مِثْلَهُ)
أَيْ: الشَّفِيعُ - فِي الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ (أَوْ دُونَهُ) - أَيْ: الشَّرِيكُ - بِأَنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا وَالْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ الشِّقْصَ كَافِرًا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْمَوْرُوثِ وَالْمُوصَى بِهِ وَالْمَوْهُوبِ بِلَا عِوَضٍ وَلَا الْمَجْعُولِ مَهْرًا أَوْ عِوَضًا فِي خُلْعٍ وَنَحْوِهِ أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَنَحْوِهِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَأَوْرَدَ عَلَى قَيْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ لَمَا حَسُنَ أَنْ يُقَالَ هَلْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ أَوْ لَا. انْتَهَى
وَيُرَدُّ بِأَنَّ السُّؤَالَ لَا يَكُونُ مِمَّنْ عَرَفَ هَذَا الْحَدَّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْجَاهِلِ بِهِ، فَيُجَابُ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ لَا الْجَارِ.
(وَلَا تَسْقُطُ) الشُّفْعَةُ (بِاحْتِيَالٍ) عَلَى إسْقَاطِهَا، (وَيَحْرُمُ) الِاحْتِيَالُ عَلَى إسْقَاطِهَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الْحِيَلِ فِي إبْطَالِهَا وَلَا إبْطَالِ حَقٍّ مُسَلَّمٍ لَهُ.
وَاسْتَدَلَّ الْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» .
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ الْمُخَادِعِينَ بِقَوْلِهِ:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9]، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَنْ يَخْدَعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ.
وَمَعْنَى الْحِيلَةِ أَنْ يُظْهِرُوا فِي الْبَيْعِ شَيْئًا لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ مَعَهُ، وَيَتَوَاطَئُوا فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِهِ؛ كَإِظْهَارِ (هِبَةِ شِقْصٍ) مَشْفُوعٍ (لِمُشْتَرٍ، وَ) إظْهَارِ هِبَةِ (ثَمَنٍ) مِنْ مُشْتَرٍ (لِبَائِعٍ) بَعْدَ أَنْ تَوَاطَأَ عَلَى ذَلِكَ، (أَوْ إظْهَارِ ثَمَنٍ كَثِيرٍ وَهُوَ قَلِيلٌ) مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يَقْتَضِيهِ عَنْهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ يَشْرِيهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَيَقْتَضِيهِ عَنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ يَشْتَرِي الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ يَبِيعُهُ الشِّقْصَ بِالْأَلْفِ، أَوْ يَشْتَرِي شِقْصًا بِأَلْفٍ يَدْفَعُ مِنْهَا مِائَةً، (وَيُبْرِئُهُ) الْبَائِعُ (مِنْ الْبَاقِي) وَهِيَ تِسْعُمِائَةٍ، أَوْ يَشْتَرِي جُزْءًا مِنْ الشِّقْصِ بِمِائَةٍ، ثُمَّ يَهَبُ لَهُ الْبَائِعُ بَاقِيَهُ، (أَوْ) يُعْقَدُ الْبَيْعُ
بِثَمَنٍ مَجْهُولِ الْمِقْدَارِ كَأَنْ (يَبِيعَهُ) الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ (بِصُبْرَةٍ يُجْهَلُ قَدْرُهَا) أَوْ حَفْنَةِ قُرَاضَةٍ أَوْ جَوْهَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ غَيْرِ مَوْصُوفَةٍ أَوْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلُؤْلُؤَةٍ وَأَشْبَاهِ هَذَا، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَحَيُّلٍ سَقَطَتْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ تَحَيُّلًا [بِهِ] عَلَى إسْقَاطِهَا لَمْ تَسْقُطْ.
(وَيُؤْخَذُ شِقْصٌ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا ظَهَرَ التَّوَاهُبُ (بِمِثْلِ ثَمَنٍ وُهِبَ) لِلْبَائِعِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، (أَوْ) - أَيْ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ - وَهِيَ مَا إذَا كَانَ قِيمَةُ الشِّقْصِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَأَظْهَرَا أَنْ الثَّمَنَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، يُؤْخَذُ شِقْصٌ بِمِثْلِ ثَمَنٍ (عُقِدَ بَاطِنًا) ، وَهُوَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَضَاهُ عَنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ؛ يُؤْخَذُ مِائَةُ دِرْهَمٍ دُونَ الْمِائَةِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ الْمَقْصُودَةِ، وَفِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ، وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِأَلْفٍ؛ يُؤْخَذُ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ قِيمَتُهَا ذَهَبًا؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ دُونَ الْأَلْفِ، وَفِي الصُّورَةِ الْخَامِسَةِ، وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى شِقْصًا بِأَلْفٍ فَدَفَعَ مِنْهَا مِائَةً، وَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ تِسْعِمِائَةٍ؛ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِائَةٌ، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(أَوْ أَخَذَ) - أَيْ: الْبَاقِيَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ - لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ لَيْسَ مَقْصُودًا حَقِيقَةً، وَفِي الصُّورَةِ السَّادِسَةِ، وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ الشِّقْصِ بِمِائَةٍ، ثُمَّ وَهَبَ لَهُ الْبَائِعُ بَقِيَّةَ الشِّقْصِ؛ يُؤْخَذُ أَيْضًا مِائَةٌ لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ بَقِيَّةَ الشِّقْصِ عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْجُزْءَ، وَفِي الصُّورَةِ السَّابِعَةِ، وَهِيَ مَا إذَا بَاعَهُ الشِّقْصَ بِصُبْرَةِ دَرَاهِمَ مُشَاهَدَةٌ مَجْهُولٌ قَدْرُهَا حِيلَةً، أَوْ بِحَفْنَةِ قُرَاضَةٍ، أَوْ جَوْهَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا مَجْهُولَةُ الْقِيمَةِ حِيلَةً، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَمَعَ جَهْلِ ثَمَنِ شِقْصٍ) ؛ فَيُؤْخَذُ مِثْلُ الثَّمَنِ الْمَجْهُولِ أَوْ مِنْ الدَّرَاهِمِ (بِقِيمَتِهِ) إذَا كَانَ جَوْهَرَةً وَنَحْوَهَا إنْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا، وَلَوْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ مَعَ الْحِيلَةِ بِتَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، أَوْ مَوْتِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ الْمَجْعُولِ ثَمَنًا؛ دَفَعَ الشَّفِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّهَا لَوْ وَقَعَتْ
بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَكَانَتْ مُحَابَاةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا.
قَالَ فِي " الْفَائِقِ ": وَمِنْ صُوَرِ التَّحَيُّلِ أَنْ يَقِفَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَهَبَهُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِهَا؛ فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَيُغَلِّطُ مَنْ يَحْكُمُ بِهَا مِمَّنْ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ أَحْمَدَ، وَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِدُونِ حُكْمٍ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ: هَذَا الْأَظْهَرُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ عِلْمُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ حِيلَةٍ فِي ذَلِكَ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ؛ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَعْلَمُ قَدْرَ الثَّمَنِ - وَلَا بَيِّنَةَ بِهِ - فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ الثَّمَنِ
(وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ حِيلَةٍ) عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ.
(وَتَسْقُطُ) الشُّفْعَةُ حَيْثُ جَهِلَ قَدْرَ الثَّمَنِ بِلَا حِيلَةٍ؛ كَمَا لَوْ عَلِمَ قَدْرَهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ نَسِيَ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تُسْتَحَقُّ بِغَيْرِ بَدَلٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا يَدَّعِيهِ، وَدَعْوَاهُ لَا تُمْكِنُ مَعَ جَهْلِهِ.
وَإِنْ خَالَفَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَا تَوَاطَآ عَلَيْهِ، وَأَظْهَرَا خِلَافَهُ؛ كَمَا تَوَاطَآ عَلَى أَنْ الثَّمَنَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَأَظْهَرَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَطَالَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا أَظْهَرَاهُ - وَهُوَ الْأَلْفُ فِي الْمِثَالِ - فَإِنَّهُ (يَلْزَمُ) الْمُشْتَرِيَ دَفْعُ (مَا أَظْهَرَ) الْمُتَبَايِعَانِ - وَهُوَ الْأَلْفُ (حُكْمًا) - لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّوَاطُؤِ، قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْت: إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالتَّوَاطُؤِ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَاطَأْ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ.
(وَيَحْرُمُ بَاطِنًا عَلَى غَارٍّ الْأَخْذُ) مِنْ الْمُشْتَرِي (بِغَيْرِ مَا تَوَاطَآ عَلَيْهِ) ؛ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ زِيَادَةً؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ.
تَتِمَّةٌ: قَدْ مَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ قِرَدَةً بِحِيَلِهِمْ، فَإِنَّهُمْ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْصِبُونَ شِبَاكَهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْفِرُ جِبَابًا، وَيُرْسِلُ إلَيْهَا الْمَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا جَاءَتْ الْحِيتَانُ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَعَتْ فِي الشِّبَاكِ وَالْجِبَابِ، فَيَدَعُونَهَا إلَى لَيْلَةِ الْأَحَدِ، فَيَأْخُذُونَهَا، وَيَقُولُونَ: مَا اصْطَدْنَا يَوْمَ