الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَارَ عَبْدًا لِلْوَرَثَةِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ بِمَا عَلَيْهِ، وَالْأَمْرُ فِي تَعْجِيزِهِ لِلْوَرَثَةِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَمَا قَبَضَهُ الْمُوصَى لَهُ فَهُوَ لَهُ، وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْهُ، لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ.
[فَصْلٌ كِتَابَةُ عَدَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ]
(فَصْلٌ: وَتَصِحُّ كِتَابَةُ عَدَدٍ) مِنْ رَقِيقِهِ (بِعِوَضٍ) وَاحِدٍ كَأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَيْنِ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى سَنَتَيْنِ كُلُّ سَنَةٍ مِائَةٌ، كَمَا لَوْ بَاعَهُمْ كَذَلِكَ لِوَاحِدٍ (وَيُقَسَّطُ) الْعِوَضُ بَيْنَهُمْ (عَلَى الْقِيَمِ) ؛ أَيْ: قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ (يَوْمَ الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ زَمَنُ الْمُعَاوَضَةِ، لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا، وَاشْتَرَى عَبِيدًا وَرَدَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ بِعَيْبٍ (وَيَكُونُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) مِنْ الْعِوَضِ؛ فَمَنْ أَدَّى مِنْهُمْ مِنْ كِتَابَتِهِ؛ فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ) وَحْدَهُ (بِأَدَائِهَا، وَيُعَجَّزُ بِعَجْزٍ عَنْهَا) ؛ أَيْ: قَدْرِ حِصَّتِهِ (وَحْدَهُ) لِأَنَّ الْحِصَّةَ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ الْمَنْقُودِ، وَمَنْ جَنَى مِنْهُمْ فَجِنَايَتُهُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَضَامَنُوا) أَيْ الْعَبِيدُ الَّذِينَ كَاتَبَهُمْ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ (لَمْ يَصِحَّ) الضَّمَانُ. (وَلَوْ شَرَطَ) أَيْ: شَرَطَ السَّيِّدُ عَلَيْهِمْ الضَّمَانَ (فِي عَقْدِ) الْكِتَابَةِ (فَسَدَ) الـ (شَّرْطُ) لِأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ لَيْسَ لَازِمًا، وَلَا يَئُولَ إلَى اللُّزُومِ؛ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَ (لَا) يَفْسُدُ الـ (عَقْدُ) بِفَسَادِ الشَّرْطِ؛ لِقِصَّةِ بَرِيرَةَ.
(وَإِنْ أَدَّوْا) مَا كُوتِبُوا عَلَيْهِ جَمِيعَهُ (وَاخْتَلَفُوا) بَعْدَ أَدَائِهِ (فِي قَدْرِ مَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ بِأَنْ قَالَ أَكْثَرُهُمْ قِيمَةً: أَدَّيْنَا عَلَى قَدْرِ قِيَمِنَا، وَقَالَ الْأَقَلُّ قِيمَةً: أَدَّيْنَا عَلَى السَّوَاءِ، فَبَقِيَتْ لَنَا عَلَى الْأَكْثَرِ قِيمَةُ بَقِيَّةٍ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ مُدَّعٍ أَدَاءَ الْوَاجِبِ) ؛ أَيْ: قَدْرَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَدَاءُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِيهِ؛ لِاعْتِضَادِهِ بِالظَّاهِرِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا يُدَّعَى بِهِ عَلَيْهِ، وَ (لَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَدَاءِ (مَا زَادَ) عَلَى الْوَاجِبِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(وَيَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ) السَّيِّدُ (بَعْضَ عَبْدِهِ كَنِصْفِهِ) كَالْبَيْعِ، وَيَجِبُ أَنْ
يُؤَدِّيَ إلَى سَيِّدِهِ مِنْ كَسْبِهِ بِحَسَبِ مَا لَهُ فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، وَيُؤَدِّي فِي الْكِتَابَةِ بِحَسَبِ مَا كُوتِبَ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَرْضَى سَيِّدُهُ بِتَأْدِيَةِ الْجَمِيعِ فِي الْكِتَابَةِ (فَإِذَا أَدَّى مِثْلَيْ كِتَابَتِهِ؛ عَتَقَ) مِنْهُ قَدْرُ مَا كُوتِبَ بِالْكِتَابَةِ وَبَاقِيهِ بِالسِّرَايَةِ، فَيَصِيرُ (كُلُّهُ) حُرًّا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إذَا سَرَى إلَى مِلْكِ غَيْرِ السَّيِّدِ، فَلَأَنْ يَسْرِيَ إلَى مِلْكِهِ أَوْلَى، وَإِذَا كَاتَبَ رَقِيقَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ أَلْفٌ، وَشَرَطَ السَّيِّدُ أَنْ يُعْتَقَ الْمُكَاتَبُ عِنْدَ أَدَاءِ الْأَلْفِ الْأَوَّلِ؛ صَحَّ الْعَقْدُ، وَكَانَ عَلَى مَا شَرَطَ، وَيَعْتِقُ عِنْدَ أَدَائِهِ الْأَلْفَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ أَدَاءِ شَيْءٍ؛ صَحَّ، فَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ عِتْقَهُ عِنْدَ أَدَاءِ بَعْضِ الْكِتَابَةِ، وَيَبْقَى الْأَلْفُ الْآخَرُ دَيْنًا عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِهِ.
(وَ) يَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ (شِقْصًا مِنْ) رَقِيقٍ (مُشْتَرَكٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ) مُوسِرًا كَانَ الشَّرِيكُ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى نَصِيبِهِ، فَصَحَّ كَبَيْعِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مِلْكٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ؛ فَصَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَالْكَامِلِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا، وَلَا يُمْنَعُ الْكَسْبَ وَأَخْذَ الصَّدَقَةِ بِجُزْئِهِ الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِذَلِكَ الْجُزْءِ كَمَا لَوْ وَرِثَ الْمُبَعَّضُ شَيْئًا بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، فَإِنْ هَايَأَ مَالِكَ الْبَقِيَّةِ؛ فَكَسَبَ فِي نَوْبَتِهِ شَيْئًا اخْتَصَّ بِهِ الْمُكَاتَبُ، وَإِنْ لَمْ يُهَايِئْهُ؛ فَمَا كَسَبَهُ بِجُمْلَتِهِ فَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِ الْجُزْءِ الْمُكَاتَبِ مِنْهُ، وَلِسَيِّدِهِ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْمَمْلُوكِ.
(وَيَمْلِكُ مُكَاتَبٌ) بَعْضَهُ (مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ) ؛ أَيْ: الْجُزْءِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْمُكَاتَبَةِ (فَإِذَا أَدَّى) الْمُكَاتَبُ بَعْضَ (مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ) لِمَنْ كَاتَبَهُ (وَدَفَعَ لِ) لِلشَّرِيكِ (الْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ (مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ كَانَ مَنْ كَاتَبَهُ) ؛ أَيْ: كَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْهُ (مُوسِرًا) بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْجُزْءُ الْمُكَاتَبُ بِالْأَدَاءِ وَالْآخَرُ بِالسِّرَايَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى مَنْ كَاتَبَهُ شَيْئًا حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ مِنْهُ سَوَاءٌ أَذِنَ الشَّرِيكُ فِي كِتَابَتِهِ أَوْ
لَمْ يَأْذَنْ، فَلَوْ أَدَّى الْكِتَابَةَ مِنْ جَمِيعِ كَسْبِهِ؛ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ مَا لَيْسَ لَهُ (وَعَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الشَّرِيكِ الَّذِي كَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَأَدَّى إلَيْهِ (قِيمَةَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ) رَقِيقًا لَا مُكَاتَبًا، إذْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ الَّتِي فَوَّتَهَا كَانَتْ فِي الرِّقِّ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَهُ بِالْعِتْقِ، أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ نَصِيبِهِ بِشَرْطٍ، فَوُجِدَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي كَاتَبَهُ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ سِوَى نَصِيبِهِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِبَعْضِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ عَتَقَ بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَهُ الشَّرِيكُ) الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ؛ أَيْ: أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ (قَبْلَ أَدَائِهِ) كِتَابَتَهُ (عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ) بِالسِّرَايَةِ (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ كَوْنُهُ مُوسِرًا بِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُ مُكَاتَبًا (وَغَرِمَ) الشَّرِيكُ الْمُعْتِقُ (قِيمَةَ مَا لِشَرِيكِهِ) الَّذِي كَاتَبَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ (مُكَاتَبًا) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، لَمْ يَعْتِقْ سِوَى نَصِيبِهِ، وَيَبْقَى نَصِيبُ شَرِيكِهِ عَلَى كِتَابَتِهِ، فَإِذَا أَدَّاهَا؛ كَمُلَتْ حُرِّيَّتُهُ عَلَيْهِمَا، وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا عَتَقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ.
(وَلَهُمَا) ؛ أَيْ: الشَّرِيكَيْنِ فِي قِنٍّ (كِتَابَةُ عَبْدِهِمَا) أَوْ أَمَتِهِمَا، سَوَاءٌ تُسَاوَى مِلْكُهُمَا فِيهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (عَلَى تَسَاوٍ) فِي مَالِ الْكِتَابَةِ كَأَنْ يُكَاتِبَاهُ عَلَى أَلْفَيْنِ لِكُلٍّ أَلْفٌ (وَ) عَلَى (تَفَاضُلٍ) كَأَنْ يُكَاتِبَاهُ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ، لِوَاحِدٍ أَلْفَانِ، وَالْآخَرِ أَلْفٌ، سَوَاءٌ كَاتَبَاهُ فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْقِدُ عَلَى نَصِيبِهِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ، فَجَازَ أَنْ يَخْتَلِفَا فِي الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤَدِّي إلَيْهِمَا عَلَى التَّسَاوِي، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّنْجِيمِ، أَوْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا فِي النُّجُومِ قَبْلَ النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُعَجِّلَ لِمَنْ تَأَخَّرَ نَجْمُهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ، وَيُعْطِي مَنْ قَلَّ نَجْمُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي الدَّفْعِ إلَى الْآخَرِ قَبْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُنْظِرَهُ مَنْ حَلَّ نَجْمُهُ، أَوْ يَرْضَى مَنْ لَهُ الْكَثِيرُ بِأَخْذِ دُونَ حَقِّهِ، وَإِذَا أَمْكَنَ إفْضَاءُ الْعَقْدِ إلَى مَقْصُودِهِ؛ فَلَا يُبْطِلُهُ بِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْإِفْضَاءِ إلَيْهِ، وَإِذَا عَجَزَ قَسَمَ مَا كَسَبَهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكَيْنِ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا يَنْتَفِعُ إلَّا بِمَا يُقَابِلُ مِلْكَهُ،
وَعَادَ الْأَمْرُ بَعْدَ زَوَالِ الْكِتَابَةِ إلَى حُكْمِ الرِّقِّ، كَمَا لَوْ لَمْ يَزُلْ.
(وَلَا) يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ (يُؤَدِّيَ إلَيْهِمَا) ؛ أَيْ إلَى سَيِّدَيْهِ (إلَّا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا) مِنْهُ، فَلَا يَزِيدُ أَحَدَهُمَا، وَلَا يُقَدِّمُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِيهِ، فَيَتَسَاوَيَانِ فِي كَسْبِهِ، وَحَقُّهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي يَدِهِ تَعَلُّقًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخُصَّ أَحَدَهُمَا مِنْهُ بِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ شَيْئًا؛ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ، وَلِلْمَفْضُولِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُمَا؛ فَلَهُمَا الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ، فَإِنْ فَسَخَا جَمِيعًا، أَوْ أَمْضَيَا الْكِتَابَةَ؛ جَازَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا، وَأَمْضَى الْآخَرُ؛ جَازَ، وَعَادَ نِصْفُهُ رَقِيقًا وَنِصْفُهُ مُكَاتَبًا (فَإِنْ كَاتَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ) فِي صَفْقَتَيْنِ (فَوَفَّى) الْمُكَاتَبُ (أَحَدَهُمَا) ؛ أَيْ: الشَّرِيكَيْنِ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً (أَوْ أَبْرَأَهُ) أَحَدُهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ (عَتَقَ نَصِيبُهُ خَاصَّةً إنْ كَانَ) الْمُسْتَوْفِي لِنَصِيبِهِ أَوْ الْمُبَرِّئُ (مُعْسِرًا) بِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ؛ عَتَقَ عَلَيْهِ (كُلُّهُ) بِالسِّرَايَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مُكَاتَبًا، وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ.
(وَإِنْ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً) فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (فَوَفَّى أَحَدَهُمَا) ؛ أَيْ: أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَهُ عَلَيْهِ (بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ؛ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ) لَتَعَلُّقِ حَقِّ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ تَعَلُّقًا وَاحِدًا (وَلَهُ) ؛ أَيْ: الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا أَوْ دَفَعَ لَهُ دُونَ حِصَّتِهِ (أَخْذُ حِصَّتِهِ) أَوْ مَا زَادَ فِي يَدِ شَرِيكِهِ (مِنْهُ) ؛ أَيْ: مِنْ شَرِيكِهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ (وَإِنْ كَانَ) أَدَاؤُهُ لِأَحَدِهِمَا (بِإِذْنِهِ) أَيْ: الْآخَرِ (عَتَقَ نَصِيبُهُ) لِصِحَّةِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الشَّرِيكِ الْآخَرِ، وَقَدْ زَالَ بِالْإِذْنِ (وَسَرَى) الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ كَوْنُ الْمُسْتَوْفِي مُوسِرًا بِقِيمَةِ بَاقِيهِ (وَضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ مُكَاتَبًا) حَالَ الْعِتْقِ؛ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ بَاقِيًا عَلَى كِتَابَتِهِ، وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ.
وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ لِلَّذِي لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا مَعَ
كَوْنِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِقَدْرِ مَا قَبَضَ صَاحِبُهُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ الَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ وَنِصْفَهُ بِالسِّرَايَةِ، فَحِصَّةُ مَا عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ لِلْعَبْدِ، وَحِصَّةُ مَا عَتَقَ بِالسِّرَايَةِ لِلسَّيِّدِ.
(وَإِذَا كَاتَبَ ثَلَاثَةٌ عَبْدًا) لَهُمْ (فَادَّعَى الْأَدَاءَ إلَيْهِمْ) كُلِّهِمْ (فَأَنْكَرَهُ) ؛ أَيْ: أَنْكَرَ وَفَاءَ مَالِ كِتَابَتِهِ (أَحَدُهُمْ) أَيْ: أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَأَقَرَّ الْآخَرَانِ (شَارَكَهُمَا) الْمُنْكِرُ (فِيمَا أَقَرَّا بِقَبْضِهِ) مِنْ الْعَبْدِ، فَلَوْ كَانُوا كَاتَبُوهُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، وَاعْتَرَفَ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِقَبْضِ مِائَتَيْنِ، وَأَنْكَرَ الثَّالِثُ قَبْضَ الْمِائَةِ؛ شَارَكَهُمَا فِي الْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ اعْتَرَفَا بِقَبْضِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا اعْتَرَفَا بِأَخْذِهِمَا مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ، فَثَمَنُهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ، وَلِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لَهُمْ، وَاَلَّذِي أَخَذَاهُ كَانَ فِي يَدِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَ فِيهِ الْجَمِيعُ (وَنَصُّهُ) ؛ أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى الْمُنْكِرِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ الْعَبْدِ
قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا لِلْعَبْدِ بِأَدَاءِ مَا يَعْتِقُ بِهِ، فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ رُجُوعَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَلَيْهِمَا بِحِصَّتِهِ مِمَّا قَبَضَاهُ، وَإِلَّا لَمَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا، يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا بِهَا مَغْرَمًا، فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكَانِ غَيْرَ عَدْلَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، لَكِنْ يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا، فَيَعْتِقُ نُصِيبُهُمَا، وَيَبْقَى نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَوْقُوفًا عَلَى الْقَبْضِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُكَاتَبِ بِنَصِيبِهِ أَوْ مُشَارَكَةُ صَاحِبَيْهِ فِيمَا أَخَذَا. وَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ وَلَمْ يَشْهَدَا؛ أَخَذَ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا ثُلُثَيْ مِائَةٍ، وَمِنْ الْعَبْدِ تَمَامَهَا، وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِينَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ؛ فَهُوَ يَقُولُ ظَلَمَنِي، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ؛ فَهُمَا يَقُولَانِ ظَلَمَنَا، وَأَخَذَ مِنَّا مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْنَا، وَالْمَظْلُومُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِظُلَامَتِهِ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ.
وَإِنْ أَنْكَرَ الثَّالِثُ الْكِتَابَةَ فَنَصِيبُهُ بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا كَاتَبَهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِالْكِتَابَةِ مَعَ عَدَالَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجُرَّانِ بِهَا إلَى أَنْفُسِهِمَا نَفْعًا (وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "" وَالشَّرْحِ "(وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَصَاحِبُ " الرَّوْضَةِ "" وَالْمُحَرَّرِ " وَصَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ "؛ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا مَغْرَمًا.