الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَضُمِنَتْ بِالْغَصْبِ؛ كَمَنَافِع الْعَبْدِ، وَلَا أُجْرَةَ (إنْ مَنَعَ) إنْسَانٌ آخَرَ - (وَلَوْ) كَانَ الْمَمْنُوعُ (قِنًّا) - (الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ) ، وَلَا حَبْسٍ؛ لِعَدَمِ تَلَفِهَا تَحْتَ يَدِهِ، وَلِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ أَوْ سَيِّدِهِ، وَمَنَافِعُهُ تَلِفَتْ مَعَهُ؛ كَمَا لَا يُضْمَنُ هُوَ وَلَا ثِيَابُهُ إذَنْ.
(وَلَا يُضْمَنُ رِبْحٌ فَاتَ) عَلَى مَالِكٍ (بِحَبْسِ) غَاصِبٍ (مَالَ تِجَارَةٍ) مُدَّةً يُمْكِنُ أَنْ يَرْبَحَ فِيهَا إذَا لَمْ يَتَّجِرْ فِيهِ غَاصِبٌ؛ كَمَا لَوْ حَبَسَ عَبْدًا يُرِيدُ مَالِكُهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ صِنَاعَةً مُدَّةً يُمْكِنُ تَعْلِيمُهُ الصِّنَاعَةَ فِيهَا، فَإِنَّ الصِّنَاعَةَ لَا تَقُومُ عَلَى غَاصِبٍ فِي تَضْمِينِ مَنَافِعِهِ، وَلَا فِي تَضْمِينِ عَيْنِهِ، إنْ تَلِفَ؛ لِأَنَّهَا لَا وُجُودَ لَهَا. .
[فَصْلٌ يَجِبُ عَلَى غَاصِبٍ رَدُّ مَغْصُوبٍ]
(فَصْلٌ: وَيَجِبُ عَلَى غَاصِبٍ رَدُّ مَغْصُوبٍ) إلَى مَحِلِّهِ الَّذِي غُصِبَ مِنْهُ إنْ (قَدَرَ) الْغَاصِبُ (عَلَيْهِ) - أَيْ: عَلَى رَدِّهِ - بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا، (وَلَوْ) كَانَ رَدُّهُ (بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ) - أَيْ: لِمَغْصُوبٍ - (لِكَوْنِهِ بُنِيَ عَلَيْهِ) ؛ بِأَنْ غَصَبَ حَجَرًا أَوْ خَشَبًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ، فَبَنَى عَلَيْهِ، وَاحْتَاجَ فِي إخْرَاجِهِ وَرَدِّهِ إلَى خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، (أَوْ) لِكَوْنِهِ (بَعِيدًا) ؛ بِأَنْ حَمَلَ مَغْصُوبًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ بِحَيْثُ تَكُونُ أُجْرَةُ حَمْلِهِ إلَى الْبَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ، (أَوْ خُلِطَ بِمُتَمَيِّزٍ) ؛ بِأَنْ غَصَبَ شَعِيرًا، فَخَلَطَهُ بِذُرَةٍ (وَنَحْوِهِ) ؛ كَمَا لَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا وَأَفْلَتَهُ بِمَكَانٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، لَكِنَّهُ تَعَسَّرَ مَسْكُهُ فِيهِ، وَيَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى أُجْرَةٍ؛ فَتَلْزَمُ الْغَاصِبَ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَلِحَدِيثِ:«لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا أَوْ جَادًّا، فَإِذَا أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلِيَرُدَّهَا إلَيْهِ، أَوْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّهُ أَزَالَ يَدَ الْمَالِكِ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَزِمَهُ إعَادَتُهَا، وَأَمَّا كَوْنُهُ يُلْزَمُ غُرْمَ تَخْلِيصِهِ وَمُؤْنَةَ حَمْلِهِ، فَلِأَنَّ ذَلِكَ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ، فَكَانَ أَوْلَى بِغُرْمِهِ مِنْ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَنْظُرْ إلَى مَصْلَحَةِ الْمُتَعَدِّي.
(وَإِنْ قَالَ رَبُّ) مَغْصُوبٍ (عَبْدٍ) لِغَاصِبٍ بَعَّدَهُ عَنْ بَلَدِ الْغَصْبِ:
(دَعْهُ) بِالْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهَا، (وَأَعْطِنِي أُجْرَةَ رَدِّهِ إلَى بَلَدِ غَصْبِهِ)، أَوْ طَلَبَ مِنْ الْغَاصِبِ حَمْلَ الْمَغْصُوبِ إلَى مَكَانٍ آخَرَ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الرَّدِّ؛ (لَمْ يَجِبْ) ؛ أَيْ: لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إجَابَتُهُ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ بَذَلَ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَلَا يَسْتَرِدُّهُ، فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ مِنْ الْغَاصِبِ رَدَّ الْمَغْصُوبِ إلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقَطْ؛ لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَى جَمِيعِ الْمَسَافَةِ، فَلَزِمَهُ إلَى بَعْضِهَا كَمَا لَوْ أَسْقَطَ رَبُّ الدَّيْنِ عَنْ الْمَدِينِ بَعْضَ الدَّيْنِ، وَطَلَبَ مِنْهُ بَاقِيَهُ، وَمَهْمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ؛ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا.
(وَإِنَّ سَمَّرَ) الْغَاصِبُ (بِالْمَسَامِيرِ) الْمَغْصُوبَةِ (بَابًا) أَوْ غَيْرَهُ؛ (قَلَعَهَا) وُجُوبًا، (وَرَدَّهَا) ؛ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا أَثَرَ لِضَرَرِهِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ.
تَنْبِيهٌ: وَإِنْ كَانَتْ الْمَسَامِيرُ مِنْ الْخَشَبَةِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ كَانَتْ مِنْ مَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ؛ لِتَعَدِّيهِ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُهَا؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْمَالِكُ بِقَلْعِهَا، فَيَلْزَمُهُ الْقَلْعُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَسَامِيرُ لِلْغَاصِبِ، فَوَهَبَهَا لِلْمَالِكِ؛ لَمْ يُجْبَرْ الْمَالِكُ عَلَى قَبُولِهَا؛ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمِنَّةِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ عَلَى عَمَلِ شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورِ؛ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّ الْعَامِلَ.
(وَإِنْ زَرَعَ) الْغَاصِبُ (الْأَرْضَ) الْمَغْصُوبَةَ، ثُمَّ رَدَّهَا - وَقَدْ حَصَدَ زَرْعَهُ - (فَلَيْسَ لِرَبِّهَا) - أَيْ: الْأَرْضِ - (بَعْدَ حَصْدِ) الزَّرْعِ (إلَّا الْأُجْرَةَ) - أَيْ: أُجْرَةَ الْمِثْلِ عَنْ الْأَرْضِ إلَى تَسْلِيمِ الْغَاصِبِ - لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى نَفْعَهَا، فَوَجَبَ عَلَيْهِ عِوَضُهُ؛ كَمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ بِالْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَالٌ، فَوَجَبَ أَنْ تُضْمَنَ كَالْعَيْنِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ النَّقْصِ إنْ نَقَصَتْ؛ كَسَائِرِ الْغُصُوبِ، وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ، فَنَقَصَتْ لِتَرْكِ الزِّرَاعَةِ؛ كَأَرَاضِي الْبَصْرَةِ، أَوْ نَقَصَتْ لِغَيْرِ ذَلِكَ؛ ضَمِنَ نَقْصَهَا؛ لِحُصُولِهِ بِيَدِهِ الْعَادِيَةِ، وَإِنْ أَدْرَكَ الْأَرْضَ رَبُّهَا - وَالزَّرْعُ قَائِمٌ - فَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ؛ لِمَا رَوَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ؛ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ، وَلَهُ نَفَقَتُهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَالِكِهِ مِنْ غَيْرِ إتْلَافِ مَالِ الْغَاصِبِ عَلَى قُرْبٍ مِنْ الزَّمَانِ، فَلَمْ يَجُزْ إتْلَافُهُ؛ كَمَا لَوْ غَصَبَ سَفِينَةً، فَحَمَلَ فِيهَا مَتَاعَهُ، وَأَدْخَلَهَا لُجَّةَ الْبَحْرِ؛ لَا يُجْبَرُ عَلَى إلْقَائِهِ فَكَذَا هُنَا؛ صِيَانَةً لِلْمَالِ عَنْ التَّلَفِ، وَفَارَقَ الشَّجَرَ لِطُولِ مُدَّتِهِ، وَحَدِيثُ:«لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» .
مَحْمُولٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَنَا فِي الزَّرْعِ، فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (وَيُخَيَّرُ) مَالِكٌ (قَبْلَهُ) - أَيْ: قَبْلَ حَصَادِهِ - (وَلَوْ) كَانَ الْمَالِكُ (مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ) - أَيْ: مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ بِإِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا (بَيْنَ تَرْكِهِ) - أَيْ: الزَّرْعَ - (إلَيْهِ) - أَيْ: إلَى الْحَصَادِ - (بِأُجْرَتِهِ) - أَيْ: أُجْرَةِ مِثْلِهِ - وَأَرْشِ نَقْصِهَا إنْ نَقَصَتْ، (أَوْ تَمَلُّكٍ) - أَيْ: الزَّرْعَ - (بِنَفَقَتِهِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْصُلُ بِهِ غَرَضُهُ، فَمَلَكَ الْخِيرَةَ بَيْنَهُمَا تَحْصِيلًا لِغَرَضِهِ، (وَهِيَ مِثْلُ الْبَذْرِ وَعِوَضِ لَوَاحِقِهِ مِنْ حَرْثٍ وَسَقْيٍ) وَغَيْرِهِمَا؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ:«وَلَهُ نَفَقَتُهُ» . قَالَ الْإِمَامُ: إنَّمَا أَذْهَبُ إلَى هَذَا الْحُكْمِ اسْتِحْسَانًا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ - أَيْ: اسْتِحْسَانًا لِلْعَمَلِ بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الْمُتَقَدِّمِ - وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِحْسَانَ الْأُصُولِيَّ الَّذِي هُوَ فِي اللُّغَةِ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ حَسَنًا، وَفِي عُرْفِ الْأُصُولِيِّينَ الْعُدُولُ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ نَظَائِرِهَا لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَمِلَ الْحَرْثَ وَنَحْوَهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ مُتَقَوِّمٌ اُسْتُهْلِكَ لِمَصْلَحَةِ الزَّرْعِ، فَوَجَبَ رَدُّ عِوَضِهِ؛ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ عَمِلَهُ، وَلِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ تَبْقِيَتِهِ بِأُجْرَتِهِ وَتَمَلُّكِهِ بِنَفَقَتِهِ تَحْصِيلًا لِغَرَضِ رَبِّ الْأَرْضِ، فَمَلَكَ الْخِيرَةَ بَيْنَهُمَا، وَحَيْثُ اخْتَارَ الْمَالِكُ أَخْذَ الزَّرْعِ بِنَفَقَتِهِ؛ فَلَا أُجْرَةَ عَلَى الْغَاصِبِ لِمُدَّةِ مُكْثِهِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَادَتْ إلَى الْمَالِكِ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ عِوَضَهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَيُذَكِّي الزَّرْعَ رَبُّ الْأَرْضِ إنْ أَخَذَهُ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ؛ لِوُجُوبِهَا وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، إنْ تَمَلَّكَهُ بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ؛ فَذَكَاتُهُ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَقْتَ وُجُوبِهَا، صَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ ".
فَائِدَةٌ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ زَرَعَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ، وَالْعَادَةُ بِأَنَّ مَنْ زَرَعَ فِيهَا لَهُ نَصِيبٌ مَعْلُومٌ، وَلِرَبِّهَا قَسْمُ مَا زَرَعَهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَذَلِكَ قَالَ: وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ أَنْ يَزْرَعَهُ أَوْ يُهَايِئَهُ فِيهَا فَأَبَى؛ فَلِلْأَوَّلِ الزَّرْعُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ بِلَا أُجْرَةٍ كَدَارٍ بَيْنَهُمَا فِيهَا بَيْتَانِ، سَكَنَ أَحَدَهُمَا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِمَّا يَلْزَمُهُ انْتَهَى، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ.
(وَإِنْ غَرَسَ) غَاصِبٌ (أَوْ بَنَى فِيهَا) - أَيْ: الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ - (أُخِذَ) ؛ أَيْ: أُلْزِمَ (بِقَلْعِ غَرْسِهِ أَوْ بِنَائِهِ) إذَا طَلَبَ رَبُّ الْأَرْضِ بِذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ، فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ، وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عُمٌّ» . وَالْعُمُّ الطِّوَالُ.
قَالَ أَحْمَدُ: (وَ) أُخِذَ الْغَاصِبُ أَيْضًا (بِتَسْوِيَتِهَا) - أَيْ: الْأَرْضِ - (وَأَرْشِ نَقْصِهَا) ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ حَصَلَ بِفِعْلِهِ؛ فَلَزِمَهُ إزَالَتُهُ كَغَيْرِهِ، (وَ) عَلَيْهِ (أُجْرَتُهَا) - أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ - مُدَّةَ احْتِبَاسِهَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا ذَهَبَتْ تَحْتَ يَدِهِ الْعَادِيَةِ، فَكَانَ عَلَيْهِ عِوَضُهَا كَالْأَعْيَانِ، (حَتَّى وَلَوْ كَانَ) الْغَاصِبُ (أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ) فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، (أَوْ لَمْ يَغْصِبْهَا) الْغَارِسُ أَوْ الْبَانِي فِيهَا، (لَكِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ) لِلتَّعَدِّي.
(وَلَا يَمْلِكُ) رَبُّ الْأَرْضِ (أَخْذَهُ) - أَيْ: الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ - مِنْ الْغَاصِبِ مَجَّانًا وَلَا (بِقِيمَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِ الْغَاصِبِ، فَلَمْ يَمْلِكُ رَبُّ الْأَرْضِ أَخْذَهُ؛ كَمَا لَوْ وَضَعَ فِيهَا أَثْلَاثًا أَوْ نَحْوَهُ، وَلِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَلَمْ يُجْبَرْ الْمَالِكُ عَلَيْهَا وَهَذَا مَقْطُوعٌ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ.
فَائِدَةٌ: إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْغِرَاسِ؛ فَالْوَاجِبُ قِيمَةُ الْغِرَاسِ، حَكَاهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ. .
(وَلَوْ) أَدْرَكَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (الثَّمَرَ) فِيهَا وَأَرَادَ أَخْذَهُ (فَقَطْ) دُونَ أَصْلِهِ (قَهْرًا) ؛ مُنِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَرُ شَجَرِ الْغَاصِبِ، فَكَانَ لَهُ؛ كَالْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ وَلَبَنِ الشَّاةِ وَنَسْلِهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ تَمَلُّكُ الزَّرْعِ بِنَفَقَتِهِ؛ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا صَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ؛ لِلْأَثَرِ، فَيَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهِ، وَلَا يُعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الثَّمَرَةَ تُفَارِقُ الزَّرْعَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ الزَّرْعَ نَمَاءُ الْأَرْضِ، فَكَانَ لِصَاحِبِهَا، وَالثَّمَرُ نَمَاءُ الشَّجَرِ؛ فَكَانَ لِصَاحِبِهِ. الثَّانِي - أَنَّهُ يَرُدُّ عِوَضَ الزَّرْعِ إذَا أَخَذَهُ مِثْلُ الْبَذْرِ الَّذِي نَبَتَ مِنْهُ الزَّرْعُ مَعَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ؛ وَلَا يُمْكِنُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الثَّمَرَةِ.
تَنْبِيهٌ: وَإِنْ غَصَبَ شَجَرًا فَأَثْمَرَ؛ فَالثَّمَرُ لِصَاحِبِ الشَّجَرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ عَيْنَ مِلْكِهِ نَمَا وَزَادَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَالَتْ أَغْصَانُهُ، وَيَرُدُّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ، وَإِنْ كَانَ رَطْبًا فَصَارَ تَمْرًا، أَوْ عِنَبًا فَصَارَ زَبِيبًا، فَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ بِعَمَلِهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلشَّجَرِ؛ لِأَنَّ أُجْرَتَهَا لَا تَجُوزُ فِي الْعُقُودِ؛ فَكَذَلِكَ فِي الْغَصْبِ، وَإِنْ نَفَعَ الشَّجَرَ تَرْبِيَةُ الثَّمَرِ وَإِخْرَاجُهُ، وَقَدْ عَادَتْ هَذِهِ الْمَنَافِعُ إلَى الْمَالِكِ، وَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَةً؛ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ وَلَدِهَا إنْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ، وَضَمَانُ لَبَنِهَا بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَيَضْمَنُ أَوْبَارَهَا، وَأَشْعَارَهَا بِمِثْلِهِ؛ كَالْقُطْنِ.
(وَإِنْ وَهَبَ) الْغَاصِبُ الْغِرَاسَ أَوْ الْبِنَاءَ (لِمَالِكِهَا) - أَيْ: الْأَرْضِ - لِيَتَخَلَّصَ مِنْ قَلْعِهِ، فَقَبِلَهُ الْمَالِكُ؛ جَازَ؛ لِتَرَاضِيهِمَا، وَإِنْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَ ذَلِكَ، وَكَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي قَلْعِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، أَوْ لَا؛ (لَمْ يُجْبَرْ) رَبُّ الْأَرْضِ (عَلَى قَبُولِهِ) مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَيْهِ؛ فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ.
(وَ) إنْ زَرَعَ الْغَاصِبُ فِيهَا (نَوًى) ، فَصَارَ شَجَرًا، فَحُكْمُهُ (كَغَرْسٍ) كَمَا تَقَدَّمَ، (وَنَحْوُ رَطْبَةٍ) كَنَعْنَاعٍ وَبُقُولٍ مِمَّا يَخْرُجُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (وَقِثَّاءٍ) يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ وَبَاذِنْجَانٍ؛ (كَزَرْعٍ)
فِيمَا تَقَدَّمَ فِي أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إذَا أَدْرَكَهُ قَائِمًا لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِنَفَقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ قَوِيٌّ، أَشْبَهَ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ.
(وَمَتَى كَانَتْ آلَاتُ الْبِنَاءِ مِنْ مَغْصُوب) ؛ بِأَنْ كَانَ فِيهِ لَبِنًا أَوْ آجُرًّا، أَوْ ضَرَبَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَبَنَى بِهِ فِيهِ؛ فَعَلَيْهِ (أُجْرَتُهَا مَبْنِيَّةً) ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالْأَرْضَ مِلْكٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَا أُجْرَةَ لِلْغَاصِبِ لِبِنَائِهِ، (وَلَا يَمْلِكُ) غَاصِبٌ (هَدْمَهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ فِيهِ، فَإِنْ نَقَضَهُ؛ فَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّقْضِ الْحَاصِلِ بِنَقْضِهِ، (وَإِلَّا) تَكُنْ آلَاتُ الْبِنَاءِ مِنْ الْمَغْصُوبِ، بَلْ إنْ كَانَتْ لِلْغَاصِبِ؛ بِأَنْ بَنَاهَا بِلَبِنٍ مِنْ غَيْرِ تُرَابِهَا، (فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا) غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا غَصَبَ الْأَرْضَ وَحْدَهَا، وَأَمَّا بِنَاؤُهُ بِآلَاتِهِ فَلَهُ.
(فَلَوْ أَجَّرَهُمَا) ؛ أَيْ: أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ وَبِنَاءَهَا الَّذِي لَيْسَ مِنْهَا؛ (فَالْأُجْرَةُ) الْمُسْتَقِرَّةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَرَبِّ الْأَرْضِ (بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا) ؛ أَيْ: تُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا بِالْمُحَاصَّةِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَأَجْرِ الْبِنَاءِ، فَيَنْظُرُ كَمْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مَبْنِيَّةً ثُمَّ أُجْرَتُهَا خَالِيَةً؛ فَمَا بَيْنَهُمَا فَهُوَ أُجْرَةُ الْبِنَاءِ، فَيَخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِأُجْرَةِ مَالِهِ، وَلَوْ جَصَّصَ الْغَاصِبُ الدَّارَ أَوْ زَوَّقَهَا؛ فَحُكْمُهُ كَالْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِمَا لَا حُرْمَةَ لَهُ.
(وَمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَغِرَاسًا مَنْقُولًا مِنْ) شَخْصٍ (وَاحِدٍ فَغَرَسَهُ) - أَيْ الْغِرَاسَ (فِيهَا) - أَيْ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ - فَالْكُلُّ لِمَالِكِ الْأَرْضِ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي نَظِيرِ فِعْلِهِ؛ لِتَعَدِّيهِ بِهِ، (وَلَمْ يَمْلِكْ) الْغَاصِبُ (قَلْعَهُ) ؛ لِأَنَّ مَالِكَهَا وَاحِدٌ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِهِ فِي مِلْكِهِ بِلَا إذْنِهِ، (وَعَلَيْهِ) - أَيْ: الْغَاصِبِ - (إنْ فَعَلَ) ؛ أَيْ: قَلَعَ الْغِرَاسَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكٍ، تَسْوِيَتُهَا وَنَقْصُهَا وَنَقْصُ غِرَاسِهِ؛ لِتَعَدِّيهِ بِهِ، (أَوْ طَلَبَهُ) - أَيْ: الْقَلْعَ - (رَبُّهُمَا) - أَيْ: رَبُّ الْأَرْضِ وَالْغِرَاسِ - (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ) ؛ بِأَنْ كَانَ لَا يُنْتَجُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ مَثَلًا (لَا عَبَثٍ) ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْعَبَثِ (تَسْوِيَتُهَا) - أَيْ الْأَرْضِ - وَعَلَيْهِ أَرْشُ (نَقْصِهَا، وَ)
أَرْشُ (نَقْصِ غِرَاسٍ) ؛ لِحُصُولِهِ بِتَعَدِّيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ صَحِيحٌ؛ لَمْ يُجْبَرْ الْغَاصِبُ عَلَى الْقَلْعِ؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ، وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ قَلْعَ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْ الْمَالِكِ؛ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْقَلْعِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ التَّصَرُّفُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أُجْرَةُ الْمَغْصُوبِ مَبْنِيًّا؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالْأَرْضَ مِلْكٌ لِرَبِّهَا، وَتَقَدَّمَ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَيَتَّجِهُ وَيَلْزَمُهُ) - أَيْ الْقَابِضَ - (عَوْدُهُ) - أَيْ الْغِرَاسِ - إذَا قَلَعَهُ بِدُونِ إذْنِ مَالِكِ الْأَرْضِ (حَيْثُ) تَقَرَّرَ أَنَّهُ (لَا يَمْلِكُ) الْغَاصِبُ (قَلْعَهُ) ؛ كَمَا لَوْ هَدَمَ بِنَاءً، فَيَلْزَمُهُ عَوْدُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا لِرَجُلٍ، وَ) غَصَبَ (غَرْسًا لِ) شَخْصٍ (آخَرَ، فَغَرَسَهُ فِيهَا) - أَيْ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ - ثُمَّ وَقَعَ النِّزَاعُ فِي مُؤْنَةِ الْقَلْعِ؛ (فَمُؤْنَةُ قَلْعٍ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى غَاصِبٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي غُرْمِهِ، وَكَذَا إذَا زَرَعَ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ بِبَذْرِ الْغَيْرِ؛ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَمَلُّكُهُ وَلَا قَلْعُهُ، بَلْ يَبْقَى لِمَالِكِهِ إلَى أَوَانِ حَصَادِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِعُدْوَانِهِ.
(وَإِنْ غَصَبَ خَشَبًا فَرَقَّعَ بِهِ سَفِينَةً؛ قُلِعَ) إنْ كَانَتْ فِي السَّاحِلِ أَوْ فِي لُجَّةٍ وَلَا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ قَلْعِهِ لِكَوْنِهِ فِي أَعْلَاهَا وَدُفِعَ لِرَبِّهِ بِلَا إهْمَالٍ؛ لِوُجُوبِهِ فَوْرًا، (وَيُمْهَلُ) لِقَلْعٍ (مَعَ خَوْفٍ) عَلَى سَفِينَةٍ بِقَلْعِهِ؛ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ يَخَافُ مِنْهُ دُخُولَ الْمَاءِ إلَيْهَا وَهِيَ فِي اللُّجَّةِ (حَتَّى تُرْسِي) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ قَلْعُهُ إلَى إفْسَادِ مَا فِي السَّفِينَةِ مِنْ الْمَالِ مَعَ إمْكَانِ رَدِّ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ بَعْدَ زَمَنٍ، خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ كَمَا لَوْ كَانَ فِيهَا مَالُ غَيْرِهِ.
(فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِرْسَاءُ لِبُعْدِ الْبَرِّ؛ (فَلِمَالِكِ) خَشَبٍ مَغْصُوبٍ (أَخْذُ قِيمَتِهِ) ؛ لِلتَّضَرُّرِ بِرَدِّ عَيْنِهِ إذَنْ، فَإِذَا أَمْكَنَ رَدُّ الْخَشَبِ إلَى رَبِّهِ اسْتَرْجَعَهُ،