الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَزَلَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُل يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا، وَلِقَوْل أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ أَدْرَكَهُ الْكِبَرُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ صِيَامَ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ لِكُل يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ قَمْحٍ وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَمَكْحُولٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرَبِيعَةُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، لأَِنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الصَّوْمِ لِعَجْزِهِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَكَالْمَرِيضِ الَّذِي تَرَكَ الصِّيَامَ لِمَرَضٍ اتَّصَل بِهِ الْمَوْتُ، إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ إِعْطَاءُ الْفِدْيَةِ.
مِقْدَارُ الْفِدْيَةِ
11 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مِقْدَارَ الْفِدْيَةِ مُدٌّ عَنْ كُل يَوْمٍ، وَبِهِ قَال طَاوُوسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمِقْدَارَ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْفِدْيَةِ هُوَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، وَذَلِكَ عَنْ كُل يَوْمٍ يُفْطِرُهُ، يُطْعِمُ بِهِ مِسْكِينًا.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْوَاجِبُ مُدُّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ (1) .
(1) البدائع 2 / 92، 97، وجواهر الإكليل 1 / 146، والمجموع للنووي 6 / 257 - 259، والمغني 3 / 141.
اشْتِرَاطُ الْيَسَارِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ
12 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ لَوْ كَانَ مُوسِرًا.
وَقَال النَّوَوِيُّ: إِذَا أَوْجَبْنَا الْفِدْيَةَ عَلَى الشَّيْخِ. . . وَكَانَ مُعْسِرًا هَل يَلْزَمُهُ إِذَا أَيْسَرَ أَمْ يَسْقُطُ عَنْهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الأَْصَحُّ هُنَا أَنَّهَا تَسْقُطُ وَلَا يَلْزَمُهُ إِذَا أَيْسَرَ كَالْفِطْرَةِ، لأَِنَّهُ عَاجِزٌ حَال التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ، وَلَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا، وَقَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَنَّهُ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ الإِْفْطَارِ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ، فَإِنْ لَمْ يَفْدِ حَتَّى مَاتَ لَزِمَ إِخْرَاجُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، قَال: لأَِنَّ الإِْطْعَامَ فِي حَقِّهِ كَالْقَضَاءِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ إِذَا مَاتَا قَبْل تَمَكُّنِهِمَا مِنَ الْقَضَاءِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَإِنْ زَال عُذْرُهُمَا وَقَدَرَا عَلَى الْقَضَاءِ لَزِمَهُمَا، فَإِنْ مَاتَا قَبْلَهُ وَجَبَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُمَا مَكَانَ كُل يَوْمٍ مُدَّ طَعَامٍ، فَكَذَا هُنَا، وَإِلَى مِثْل هَذَا ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالشَّيْخُ الْهِمُّ - أَيِ الْفَانِي - لَهُ ذِمَّةٌ صَحِيحَةٌ فَإِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنِ الإِْطْعَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (1)، قَال تَعَالَى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا} (2) .
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 119، والمجموع 6 / 258، والمغني لابن قدامة 3 / 140.
(2)
سورة البقرة / 286.