الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِفِضَّةٍ ضَبَّةً صَغِيرَةً بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَا يَحْرُمُ، وَإِنْ ضُبِّبَ بِفِضَّةٍ ضَبَّةً صَغِيرَةً لِزِينَةٍ، أَوْ كَبِيرَةً لِحَاجَةٍ، جَازَ فِي الأَْصَحِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ نَظَرًا لِلصِّغَرِ وَالْحَاجَةِ، وَضَبَّةُ مَوْضِعِ الاِسْتِعْمَال نَحْوِ الشُّرْبِ كَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ فِي الأَْصَحِّ، وَالْقَوْل الثَّانِي أَنَّهُ يَحْرُمُ إِنَاؤُهَا مُطْلَقًا لِمُبَاشَرَتِهَا بِالاِسْتِعْمَال (1) .
وَفِي ضَابِطِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ عِنْدَهُمْ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ الَّذِي يَسْتَوْعِبُ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الإِْنَاءِ بِكَمَالِهِ، وَالآْخَرُ: الْعُرْفُ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْكَثِيرَ مَا يَلْمَعُ لِلنَّاظِرِ عَلَى بُعْدٍ، وَالْقَلِيل خِلَافُهُ.
وَاخْتَارَ الرَّافِعِيُّ الثَّانِيَ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ الثَّالِثَ (2) .
وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الضَّبَّةَ تُبَاحُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ يَسِيرَةً، وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ لِلْحَاجَةِ؛ أَيْ لِمَصْلَحَةٍ وَانْتِفَاعٍ، مِثْل أَنْ تُجْعَل عَلَى شَقٍّ أَوْ صَدْعٍ وَإِنْ قَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا، وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: لَيْسَ هَذَا بِشَرْطٍ، وَيَجُوزُ الْيَسِيرُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِذَا لَمْ يُبَاشِرِ الاِسْتِعْمَال.
وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يُبَاشَرَ مَوْضِعَ الضَّبَّةِ
(1) شرح المحلي على المنهاج 1 / 28 و29، وانظر نهاية المحتاج 1 / 92، 93.
(2)
المجموع 1 / 258.
بِالاِسْتِعْمَال، فَلَا يَشْرَبُ مِنْ مَوْضِعِ الضَّبَّةِ، لأَِنَّهُ يَصِيرُ كَالشَّارِبِ مِنْ إِنَاءِ فِضَّةٍ، وَكَرِهَ الْحَلْقَةَ مِنَ الْفِضَّةِ، لأَِنَّ الْقَدَحَ يُرْفَعُ بِهَا، فَيُبَاشِرُهَا بِالاِسْتِعْمَال، وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ (1) .
ح -
الإِْنَاءُ الْمُمَوَّهُ بِفِضَّةٍ وَعَكْسُهُ:
10 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْوَانِيَ الْمُمَوَّهَةَ بِمَاءِ الْفِضَّةِ إِذَا كَانَ لَا يَخْلُصُ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا بَأْسَ بِالاِنْتِفَاعِ بِهَا فِي الأَْكْل وَالشُّرْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَا يَخْلُصُ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَحْرُمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، وَيُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي الأَْشْهَرِ عَنْهُ، كَالْمُضَبَّبِ (2) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ فِي الْمُمَوَّهِ، كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ، وَهُمَا التَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ، أَوِ الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ.
وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمُ الْجَوَازَ نَظَرًا لِقُوَّةِ الْبَاطِنِ (3) .
وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ جَوَازَ اسْتِعْمَال الْمُمَوَّهِ بِالْفِضَّةِ فِي الأَْصَحِّ، لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ.
وَالْقَوْل الثَّانِي الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ، أَنَّهُ يَحْرُمُ لِلْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ.
فَإِنْ كَثُرَ الْمُمَوَّهُ بِحَيْثُ يَحْصُل مِنْهُ شَيْءٌ
(1) المغني 1 / 78، والمبدع 1 / 68.
(2)
بدائع الصنائع 5 / 133، واللباب 4 / 160.
(3)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 64.