الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشْتِرَاطِ الْحُلُول وَانْتِفَاءِ النَّسِيئَةِ، اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ قَبْل التَّفَرُّقِ مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فِي بَيْعِ جَمِيعِ الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةِ بِبَعْضِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْل التَّفَرُّقِ مِنَ الْمَجْلِسِ فِي الصَّرْفِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْل التَّقَابُضِ بَطَل الْعَقْدُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ النَّهْيَ عَنِ النَّسِيئَةِ ثَبَتَ فِي الصَّرْفِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ بِبَعْضِهَا، وَتَحْرِيمُ النَّسَاءِ وَوُجُوبُ التَّقَابُضِ مُتَلَازِمَانِ، إذْ مِنَ الْمُحَال أَنْ يَشْتَرِطَ الشَّارِعُ انْتِفَاءَ الأَْجَل فِي بَيْعِ جَمِيعِ الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةِ، وَيَكُونُ تَأْجِيل التَّقَابُضِ فِي بَعْضِهَا جَائِزًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: يَدًا بِيَدٍ وَهَاءَ وَهَاءَ فِي شَأْنِ بَيْعِ الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةِ السِّتَّةِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْحَدِيثِ إنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ التَّقَابُضِ فِيهَا جَمِيعًا (1) .
الثَّانِي: لِلْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْل التَّفَرُّقِ إلَاّ فِي الصَّرْفِ، أَمَّا فِي غَيْرِهِ - كَبَيْعِ حِنْطَةٍ بِشَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ حِنْطَةٍ - فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ، لأَِنَّ الْبَدَل فِي غَيْرِ الصَّرْفِ يَتَعَيَّنُ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ
(1) فتح العزيز 8 / 165 وما بعدها، وروضة الطالبين 3 / 378 وما بعدها، والمنتقى للباجي 4 / 260، 5 / 3، والإشراف للقاضي عبد الوهاب 1 / 256، وكشاف القناع 3 / 216، والمغني 4 / 9.
قَبْل الْقَبْضِ، وَيَتَمَكَّنُ مُشْتَرِيهِ بِمُجَرَّدِ التَّعَيُّنِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَلِذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْبَدَل فِي الصَّرْفِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِدُونِ الْقَبْضِ، إذِ الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي تَعْيِينِهِ، حَيْثُ إنَّ الأَْثْمَانَ لَا تَتَعَيَّنُ مَمْلُوكَةً إلَاّ بِهِ، وَلِذَلِكَ كَانَ لِكُلٍّ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ تَبْدِيلُهَا بِمِثْلِهَا قَبْل تَسْلِيمِهَا (1) .
(ثَالِثًا) السَّلَمُ:
41 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ السَّلَمِ قَبْضُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَال قَبْل الاِفْتِرَاقِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْل قَبْضِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَال قَبْل تَفَرُّقِهِمَا أَوْ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ أَمْ بِغَيْرِ شَرْطٍ، عَمَلاً بِالْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ " مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ "، فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ بَطَل الْعَقْدُ.
(ر: سَلَمٌ ف 16 - 19) .
(رَابِعًا) إجَارَةُ الذِّمَّةِ:
42 -
قَسَّمَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الإِْجَارَةَ بِاعْتِبَارِ مَحَل تَعَلُّقِ الْحَقِّ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا إلَى
(1) رد المحتار على الدر المختار 5 / 172، 178. ط. الحلبي.