الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْفِعْل، أَوْ بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْفِعْل، وَإِلَاّ لَمْ يَلْزَمْ تَكْلِيفُهُ بِالْجَوَابِ، لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ فِي تَحْصِيلِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ وُجُوبِ الْجَوَابِ مَانِعٌ، كَأَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَنْ أَمْرٍ غَيْرِ وَاقِعٍ، أَوْ عَنْ أَمْرٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلسَّائِل، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (1) .
مَنْزِلَةُ الْفَتْوَى:
6 -
تَتَبَيَّنُ مَنْزِلَةُ الْفَتْوَى فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ، مِنْهَا:
أ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَفْتَى عِبَادَهُ، وَقَال {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} (2)، وَقَال:{يَسْتَفْتُونَكَ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} . (3)
ب - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَلَّى هَذَا الْمَنْصِبَ فِي حَيَاتِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى رِسَالَتِهِ، وَقَدْ كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ حَيْثُ قَال:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّل إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (4) . فَالْمُفْتِي خَلِيفَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَدَاءِ وَظِيفَةِ الْبَيَانِ، وَقَدْ تَوَلَّى هَذِهِ الْخِلَافَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابُهُ الْكِرَامُ، ثُمَّ أَهْل الْعِلْمِ بَعْدَهُمْ.
(1) الموافقات 4 / 313.
(2)
سورة النساء / 127.
(3)
سورة النساء / 176.
(4)
سورة النحل / 44.
ج - أَنَّ مَوْضُوعَ الْفَتْوَى هُوَ بَيَانُ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَطْبِيقُهَا عَلَى أَفْعَال النَّاسِ، فَهِيَ قَوْلٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَنَّهُ يَقُول لِلْمُسْتَفْتِي: حُقَّ عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَل، أَوْ حَرَامٌ عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَل، وَلِذَا شَبَّهَ الْقَرَافِيُّ الْمُفْتِيَ بِالتُّرْجُمَانِ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ بِمَنْزِلَةِ الْوَزِيرِ الْمُوَقِّعِ عَنِ الْمَلِكِ قَال: إِذَا كَانَ مَنْصِبُ التَّوْقِيعِ عَنِ الْمُلُوكِ بِالْمَحَل الَّذِي لَا يُنْكَرُ فَضْلُهُ، وَلَا يُجْهَل قَدْرُهُ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ السَّنِيَّاتِ، فَكَيْفَ بِمَنْصِبِ التَّوْقِيعِ عَنْ رَبِّ الأَْرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ (1)، نَقَل النَّوَوِيُّ: الْمُفْتِي مُوَقِّعٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنُقِل عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ قَال: الْعَالِمُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ يَدْخُل بَيْنَهُمْ؟ (2) .
تَهَيُّبُ الإِْفْتَاءِ وَالْجُرْأَةُ عَلَيْهِ:
7 -
وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ: أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ (3)، وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْل عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى تَرَادُّ الصَّحَابَةِ لِلْجَوَابِ عَنِ الْمَسَائِل. وَقَدْ نَقَل النَّوَوِيُّ فِي حَدِيثِهِ عَنْهُمْ رِوَايَةً فِيهَا زِيَادَةُ: مَا مِنْهُمْ مَنْ يُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ إِلَاّ وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ إِيَّاهُ، وَلَا
(1) إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 1 / 10.
(2)
مقدمة المجموع 1 / 73 تكملة المطيعي وتحقيقه.
(3)
حديث: " أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار. . . " أخرجه الدارمي (1 / 57) من حديث عبيد الله بن أبي جعفر مرسلاً.