الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَبُول مِنْ أَحْكَامٍ:
6 -
الْقَبُول قَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: الْقَبُول مِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى:
7 -
الْقَبُول مِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى يَأْتِي بِمَعْنَيَيْنِ:
الأَْوَّل: بِمَعْنَى الصَّفْحِ وَالسَّتْرِ وَالْغُفْرَانِ، وَذَلِكَ فِي قَبُول تَوْبَةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} . (1)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَوْبَةٌ ف 12) .
الثَّانِي: يَكُونُ الْقَبُول مِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى بِمَعْنَى الإِْثَابَةِ عَلَى الْعَمَل، لَكِنْ هَل هُنَاكَ تَلَازُمٌ بَيْنَ صِحَّةِ الْعَمَل وَإِجْزَائِهِ وَبَيْنَ قَبُولِهِ عِنْدَ اللَّهِ سبحانه وتعالى، أَمْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا؟ .
يَقُول الْقَرَافِيُّ: هُنَا قَاعِدَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْقَبُول غَيْرُ الإِْجْزَاءِ وَغَيْرُ الْفِعْل الصَّحِيحِ، فَالْمُجْزِئُ مِنَ الأَْفْعَال وَهُوَ الصَّحِيحُ: مَا اجْتَمَعَتْ شَرَائِطُهُ وَأَرْكَانُهُ، وَانْتَفَتْ مَوَانِعُهُ، فَهَذَا يُبْرِئُ الذِّمَّةَ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَيَكُونُ فَاعِلُهُ
(1) سورة الشورى / 25 وانظر مختصر تفسير ابن كثير 3 / 277.
مُطِيعًا بَرِيءَ الذِّمَّةِ، فَهَذَا أَمْرٌ لَازِمٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، أَمَّا الثَّوَابُ عَلَيْهِ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ يُبْرِئُ الذِّمَّةَ بِالْفِعْل وَلَا يُثِيبُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْقَبُول.
وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ أُمُورٌ:
أَحَدُهَا:
قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنِ ابْنَيْ آدَمَ {إنَّمَا يَتَقَبَّل اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (1) لَمَّا قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّل مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّل مِنَ الآْخَرِ، مَعَ أَنَّ قُرْبَانَهُ كَانَ عَلَى وَفْقِ الأَْمْرِ، وَيَدُل عَلَيْهِ أَنَّ أَخَاهُ عَلَّل عَدَمَ الْقَبُول بِعَدَمِ التَّقْوَى، وَلَوْ أَنَّ الْفِعْل مُخْتَلٌّ فِي نَفْسِهِ لَقَال لَهُ إنَّمَا يَتَقَبَّل اللَّهُ الْعَمَل الصَّحِيحَ الصَّالِحَ، لأَِنَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ الْقَرِيبُ لِعَدَمِ الْقَبُول، فَحَيْثُ عَدَل عَنْهُ دَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفِعْل كَانَ صَحِيحًا مُجْزِئًا، وَإِنَّمَا انْتَفَى الْقَبُول لأَِجْل انْتِفَاءِ التَّقْوَى، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَمَل الْمُجْزِئَ قَدْ لَا يُقْبَل وَإِنْ بَرِئَتِ الذِّمَّةُ بِهِ وَصَحَّ فِي نَفْسِهِ.
وَثَانِيهَا:
قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيل عليهما السلام: {وَإِذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيل رَبَّنَا تَقَبَّل مِنَّا إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (2) فَسُؤَالُهُمَا الْقَبُول فِي فِعْلِهِمَا مَعَ أَنَّهُمَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا
(1) سورة المائدة / 27.
(2)
سورة البقرة / 127.