الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَْرْضِ} (1) .
وَلَكِنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ إنَّمَا تُنَفَّذُ فِيهِمْ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِمُ الْحَاكِمُ وَتَمَكَّنَ مِنَ الْقَبْضِ عَلَيْهِمْ قَبْل أَنْ يَتُوبُوا وَيَأْتُوا مُعْلِنِينَ تَوْبَتَهُمْ، وَلِذَلِكَ إذَا تَابُوا قَبْل أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِمُ الْحَاكِمُ سَقَطَتِ الْعُقُوبَةُ عَنْهُمْ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{إلَاّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (2) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (حِرَابَةٌ ف 24)
سَادِسًا الْقُدْرَةُ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْغَيْرِ:
12 -
مَنْ أَمْكَنَهُ إنْقَاذُ شَخْصٍ مِنَ الْهَلَاكِ كَمَنْ كَانَ مَعَهُ طَعَامٌ وَكَانَ غَيْرُهُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ لَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَدَ أَعْمَى كَادَ أَنْ يَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ، أَوْ وَجَدَ إنْسَانًا كَادَ أَنْ يَغْرَقَ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إنْقَاذُهُ مَتَى كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى لَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَجَبَ قَطْعُهَا لإِِنْقَاذِ غَيْرِهِ مِنَ الْهَلَاكِ.
فَإِنِ امْتَنَعَ الإِْنْسَانُ مِنْ بَذْل الطَّعَامِ الزَّائِدِ عَنْ حَاجَتِهِ، أَوِ امْتَنَعَ عَنْ إنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ آثِمًا، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ ضَيَاعًا بَيْنَ أَقْوَامٍ أَغْنِيَاءَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ
(1) سورة المائدة / 33.
(2)
سورة المائدة / 34.
ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ (1)
يَقُول الْكَاسَانِيُّ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَاءٌ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ وَاضْطُرَّ قَوْمٌ إلَيْهِ وَخَافُوا الْهَلَاكَ يُقَال لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْذَنَ بِالدُّخُول وَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَ بِنَفْسِك، فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِمْ وَمَنَعَهُمْ مِنَ الدُّخُول فَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُ بِالسِّلَاحِ لِيَأْخُذُوا قَدْرَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ، وَالأَْصْل فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّ قَوْمًا وَرَدُوا مَاءً فَسَأَلُوا أَهْلَهُ أَنْ يَدُلُّوهُمْ عَلَى الْبِئْرِ فَأَبَوْا، وَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ دَلْوًا فَأَبَوْا، فَقَالُوا لَهُمْ: إنَّ أَعْنَاقَنَا وَأَعْنَاقَ مَطَايَانَا كَادَتْ تُقْطَعُ فَأَبَوْا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَال: هَلَاّ وَضَعْتُمْ فِيهِمُ السِّلَاحَ (2) .
قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: دَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْمُوسِرِينَ، كَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ.
وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: يَضْمَنُ مَنْ تَرَكَ تَخْلِيصَ شَيْءٍ مُعَرَّضٍ لِلْهَلَاكِ، مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى تَخْلِيصِهِ بِيَدِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ أَوْ جَاهِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (3) .
(1) حديث: " أيما رجل مات ضياعًا. . . ". أورده الموصلي في الاختبار (4 / 175) ولم يعزه إلى أي مصدر، ولم نهتد إلى من أخرجه
(2)
أثر عمر: أخرجه يحيى بن آدم في كتاب الخراج (ص 112) .
(3)
البدائع 6 / 189، والاختيار 4 / 175، وجواهر الإكليل 1 / 215، ومغني المحتاج 4 / 212، 309، ومنتهى الإرادات 3 / 401 - 402.