الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَقِّ (1) لِقَوْل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: لَعَنَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ. (2)
وَقَدْ يَكُونُ الْقَبُول مُبَاحًا، كَالْقَبُول فِي الْعُقُودِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ عُلَيْشٌ فِي الْوَدِيعَةِ مَا يَجْعَل قَبُولَهَا وَاجِبًا أَوْ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا وَمِثْل ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ (3) .
تَقَدُّمُ الْقَبُول عَلَى الإِْيجَابِ:
5 -
الْقَبُول عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ هُوَ مَا يَصْدُرُ مِمَّنْ يَتَمَلَّكُ الْمَبِيعَ أَوِ الْقَرْضَ، أَوْ مِمَّنْ يَنْتَفِعُ بِهِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ، أَوْ مِمَّنْ يَلْتَزِمُ بِعَمَلٍ كَالْمُضَارِبِ وَالْمُودَعِ، أَوْ مِمَّنْ يَمْلِكُ الاِسْتِمْتَاعَ بِالْبُضْعِ كَالزَّوْجِ، وَسَوَاءٌ صَدَرَ الْقَبُول أَوَّلاً أَوْ آخِرًا، وَالإِْيجَابُ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا يَصْدُرُ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُؤَجِّرِ وَوَلِيِّ الزَّوْجَةِ وَهَكَذَا، وَسَوَاءٌ صَدَرَ الإِْيجَابُ أَوَّلاً أَوْ آخِرًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْقَبُول عَلَى الإِْيجَابِ أَوْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ، وَذَلِكَ لِتَحْدِيدِ الْقَابِل وَالْمُوجِبِ.
إلَاّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ يُخَالِفُونَ الْمَالِكِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ
(1) المغني 9 / 87، ومغني المحتاج 4 / 392.
(2)
حديث عبد الله بن عمرو: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي ". أخرجه الترمذي (3 / 614) وقال: حديث حسن صحيح.
(3)
منح الجليل 3 / 452 - 453، وابن عابدين 4 / 494.
فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَقَدُّمُ الإِْيجَابِ عَلَى الْقَبُول فِيهِ قَالُوا: لأَِنَّ الْقَبُول إنَّمَا يَكُونُ لِلإِْيجَابِ، فَمَتَى وُجِدَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ قَبُولاً لِعَدَمِ مَعْنَاهُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ بِالْمُعَاطَاةِ، وَلأَِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ لَفْظٌ، بَل يَصِحُّ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِمَّا يُؤَدِّي الْمَعْنَى (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَالْقَبُول عِنْدَهُمْ هُوَ مَا يَذْكُرُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعَقْدِ دَالًّا عَلَى رِضَاهُ بِمَا أَوْجَبَهُ الطَّرَفُ الأَْوَّل. فَهُمْ يَعْتَبِرُونَ الْكَلَامَ الَّذِي يَصْدُرُ أَوَّلاً إيجَابًا وَالْكَلَامَ الَّذِي يَصْدُرُ ثَانِيًا قَبُولاً، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَابِل بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا، مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُؤَجِّرًا، الزَّوْجَ أَوِ الزَّوْجَةَ أَوْ وَلِيَّهَا، يَقُول الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: الإِْيجَابُ: هُوَ إثْبَاتُ الْفِعْل الدَّال عَلَى الرِّضَا الْوَاقِعِ أَوَّلاً سَوَاءٌ وَقَعَ مِنَ الْبَائِعِ كَبِعْتُ، أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي كَأَنْ يَبْتَدِئَ الْمُشْتَرِي فَيَقُول: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا بِأَلْفٍ، وَالْقَبُول: الْفِعْل الثَّانِي، وَإِلَاّ فَكُلٌّ مِنْهُمَا إيجَابٌ أَيْ إثْبَاتٌ، فَسُمِّيَ الإِْثْبَاتُ الثَّانِي بِالْقَبُول تَمْيِيزًا لَهُ عَنِ الإِْثْبَاتِ الأَْوَّل، وَلأَِنَّهُ يَقَعُ قَبُولاً وَرِضًا بِفِعْل الأَْوَّل (2) .
(1) الحطاب 4 / 229 وجواهر الإكليل 2 / 2، ومنح الجليل 2 / 11، ومغني المحتاج 3 / 140، ونهاية المحتاج 3 / 366 - 367، 6 / 207، وشرح منتهى الإرادات 2 / 140، 3 / 12، والمغني 6 / 534 - 535.
(2)
ابن عابدين 4 / 7، وفتح القدير 5 / 456، نشر دار إحياء التراث.