الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَاصٌّ وَمُشْتَرَكٌ
ضَمَانُ الأَْجِيرِ الْخَاصِّ:
55 -
اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الأَْجِيرَ الْخَاصَّ لَا يَضْمَنُ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَال الْمُؤَجِّرِ، بَل يَكُونُ مَا فِي يَدِهِ أَمَانَةً لَا يَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ إلَاّ بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ، لأَِنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْمَالِكِ فِي صَرْفِ مَنَافِعِهِ إلَى مَا يَأْمُرُهُ بِهِ، فَلَمْ يَضْمَنْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ، كَالْوَكِيل وَالْمُضَارِبِ (1) .
ضَمَانُ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ:
56 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَوْنِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ ضَامِنًا لِمَا يَكُونُ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ أَعْيَانِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل:
وَهُوَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ مَا تَلِفَ بِفِعْل الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ مَا تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، بِحَيْثُ إذَا كَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَعَدِّيًا أَمْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، قَاصِدًا أَمْ مُخْطِئًا.
أَمَّا مَا تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، فَلَا يَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٌ، وَهَذَا هُوَ رَأْيُ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ،
(1) بدائع الصنائع 4 / 211، الفتاوى الهندية 4 / 500، روضة الطالبين 5 / 228، نهاية المحتاج 5 / 311، الشرح الكبير للدردير 4 / 28، جواهر الإكليل 2 / 191، المغني 5 / 481، شرح منتهى الإرادات 2 / 376.
وَقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ (1) .
وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ الصَّاحِبَانِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَذَهَبَا إلَى تَضْمِينِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا، إلَاّ إذَا وَقَعَ التَّلَفُ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُهُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ (2) .
وَالثَّانِي:
لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الأَْصْل فِي يَدِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَنَّهَا يَدُ أَمَانَةٍ، وَلَكِنْ لَمَّا فَسَدَ النَّاسُ وَظَهَرَتْ خِيَانَةُ الأُْجَرَاءِ ضَمِنَ الصُّنَّاعُ وَكُل مَنْ تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ تَضْمِينَهُ مِنَ الأُْجَرَاءِ الْمُشْتَرَكِينَ حَيْثُ تَقُومُ بِهِ التُّهْمَةُ (3) .
وَالثَّالِثُ:
لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ، وَهُوَ أَنَّ يَدَ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَدُ أَمَانَةٍ (4) .
وَالرَّابِعُ:
قَوْلٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْعَيْنَ تَدْخُل فِي ضَمَانِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالْقَبْضِ، فَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ مُنْفَرِدٌ بِالْيَدِ، ضَمِنَ هَلَاكَهَا وَلَوْ لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطْ، وَذَلِكَ لِفَسَادِ النَّاسِ وَخِيَانَةِ الأُْجَرَاءِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنِ الأَْجِيرُ مُنْفَرِدًا بِالْيَدِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَئِذٍ، لأَِنَّ الْمَال غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ حَقِيقَةً (5) .
(1) تبيين الحقائق 5 / 135 وما بعدها، ومجمع الأنهر، والدر المنتقى 2 / 391 وما بعدها، وكشاف القناع 4 / 26 وما بعدها. والإنصاف للمرداوي 6 / 72 - 73.
(2)
بدائع الصنائع 4 / 210 وما بعدها، مجمع الضمانات ص27.
(3)
البهجة شرح التحفة ص283.
(4)
روضة الطالبين 5 / 228 وما بعدها، ونهاية المحتاج 5 / 310.
(5)
روضة الطالبين 5 / 228، والمهذب 1 / 415.