الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبَالَة
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْقَبَالَةُ بِالْفَتْحِ: الْكَفَالَةُ وَهِيَ مَصْدَرُ قَبَل فُلَانًا: إذَا كَفَلَهُ وَيُقَال: قَبُل بِالضَّمِّ إذَا صَارَ قَبِيلاً: أَيْ كَفِيلاً، وَتُطْلَقُ الْقَبَالَةُ عَلَى الصَّكِّ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الدَّيْنُ، وَنَحْوُهُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: أَنْ يَدْفَعَ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ صَقْعًا أَوْ بَلْدَةً أَوْ قَرْيَةً إلَى رَجُلٍ مُدَّةَ سَنَةٍ مُقَاطَعَةً بِمَالٍ مَعْلُومٍ يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ عَنْ خَرَاجِ أَرْضِهَا، وَجِزْيَةِ رُءُوسِ أَهْلِهَا إنْ كَانُوا أَهْل ذِمَّةٍ، وَيَكْتُبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا (2) .
وَعَرَّفَهُ ابْنُ الأَْثِيرِ بِأَنَّهُ: أَنْ يَتَقَبَّل بِخَرَاجٍ أَوْ جِبَايَةٍ أَكْثَر مِمَّا أَعْطَى (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الإِْقْطَاعُ:
2 -
الإِْقْطَاعُ مِنْ قَطَعَ لَهُ، وَأَقْطَعَ لَهُ، وَاسْتَقْطَعَهُ: سَأَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ لَهُ فَقَطَعَ.
(1) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 4 / 10، ولسان العرب وابن عابدين 4 / 145.
(2)
الرتاج شرح كتاب الخراج لأبي يوسف 2 / 3.
(3)
النهاية في غريب الحديث 4 / 10.
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: يُطْلَقُ الإِْقْطَاعُ عَلَى مَا يَقْطَعُهُ الإِْمَامُ - أَيْ يُعْطِيهِ - مِنَ الأَْرَاضِيِ رَقَبَةً، أَوْ مَنْفَعَةً لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ (1) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الإِْقْطَاعِ وَالْقَبَالَةِ أَنَّ الإِْقْطَاعَ أَعَمُّ مِنَ الْقَبَالَةِ، لأَِنَّ الإِْقْطَاعَ قَدْ يَكُونُ بِبَدَلٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ، أَمَّا الْقَبَالَةُ، فَلَا تَكُونُ إلَاّ بِبَدَلٍ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ الْقَبَالَةَ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ وَبَاطِلَةٌ شَرْعًا (2) ، لأَِنَّ الْعَامِل مُؤْتَمَنٌ يَسْتَوْفِي مَا وَجَبَ، وَيُؤَدِّي مَا حَصَّل، فَهُوَ كَالْوَكِيل الَّذِي إذَا أَدَّى الأَْمَانَةَ لَمْ يَضْمَنْ نُقْصَانًا، وَلَمْ يَمْلِكْ زِيَادَةً، وَضَمَانُ الأَْمْوَال بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي الاِقْتِصَارَ عَلَيْهِ فِي تَمَلُّكِ مَا زَادَ، وَغُرْمِ مَا نَقَصَ، وَهَذَا مُنَافٍ لِوَضْعِ الْعِمَالَةِ وَحُكْمِ الأَْمَانَةِ فَبَطَل، وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ عَسْفِ أَهْل الْخَرَاجِ، وَالْحَمْل عَلَيْهِمْ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَظُلْمِهِمْ، وَأَخْذِهِمْ بِمَا يُجْحِفُ بِهِمْ، لأَِنَّ الْمُتَقَبِّل لَا يُبَالِي مَا يُصِيبُ أَهْل الْخَرَاجِ.
جَاءَ فِي الرِّسَالَةِ الَّتِي كَتَبَهَا أَبُو يُوسُفَ إلَى الْخَلِيفَةِ الرَّشِيدِ: رَأَيْتُ أَنْ لَا تُقْبِل شَيْئًا مِنَ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 392.
(2)
الأحكام السلطانية ص176، والخراج لأبي يوسف 2 / 3، والأموال لأبي عبيد 370، والأحكام السلطانية لأبي يعلى 186.
السَّوَادِ وَلَا غَيْرِ السَّوَادِ مِنَ الْبُلْدَانِ، فَإِنَّ الْمُتَقَبِّل - إذَا كَانَ فِي قَبَالَتِهِ فَضْلٌ عَنِ الْخَرَاجِ - عَسَفَ أَهْل الْخَرَاجِ، وَحَمَل عَلَيْهِمْ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَظَلَمَهُمْ، وَأَخَذَهُمْ بِمَا يُجْحِفُ بِهِمْ، لِيَسْلَمَ مِمَّا يَدْخُل فِيهِ، وَفِي ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ خَرَابُ الْبِلَادِ، وَهَلَاكُ الرَّعِيَّةِ، وَالْمُتَقَبِّل لَا يُبَالِي بِهَلَاكِهِمْ لِصَلَاحِ أَمْرِهِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَفْضِل بَعْدَ مَا يَتَقَبَّل بِهِ فَضْلاً كَبِيرًا، وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَاّ بِشِدَّةٍ مِنْهُ عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَضَرْبٍ لَهُمْ شَدِيدٍ، وَإِقَامَتِهِ لَهُمْ فِي الشَّمْسِ، وَتَعْلِيقِ الْحِجَارَةِ فِي الأَْعْنَاقِ، وَعَذَابٍ عَظِيمٍ يَنَال أَهْل الْخَرَاجِ مِنْهُ، وَهَذَا مَا لَا يَحِل، وَلَا يَصْلُحُ، وَلَا يَسَعُ، وَالْحَمْل عَلَى أَهْل الْخَرَاجِ بِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمُ الْعَفْوُ، وَلَا يَحِل أَنْ يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، وَإِنَّمَا أَكْرَهُ الْقَبَالَةَ لأَِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يُحَمِّل هَذَا الْمُتَقَبِّل عَلَى أَهْل الْخَرَاجِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ، فَيُعَامِلَهُمْ بِمَا وَصَفْتُ لَك، فَيَضُرَّ ذَلِكَ بِهِمْ، فَيُخَرِّبُوا مَا عَمَّرُوا وَيَدَعُوهُ، فَيَنْكَسِرَ الْخَرَاجُ، فَلَيْسَ يَبْقَى عَلَى الْفَسَادِ شَيْءٌ، وَلَنْ يَقِل مَعَ الصَّلَاحِ شَيْءٌ، إنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَى عَنِ الْفَسَادِ (1)، قَال اللَّهُ عز وجل:{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ بَعْدَ إصْلَاحِهَا} (2) .
(1) كتاب الخراج 2 / 3 وما بعدها.
(2)
سورة الأعراف / 56.
وَاسْتَدَلُّوا بِآثَارٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَيْضًا، فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ: قَال: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: إنَّا نَتَقَبَّل الأَْرْضَ فَنُصِيبُ مِنْ ثِمَارِهَا - يَعْنِي الْفَضْل - قَال: ذَلِكَ الرِّبَا الْعَجْلَانُ، وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَال: أَتَقَبَّل مِنْكَ الأَْيْلَةَ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَضَرَبَهُ مِائَةً وَصَلَبَهُ حَيًّا. وَرَوَى أَبُو هِلَالٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ قَال: الْقَبَالَاتُ حَرَامٌ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: إنَّهَا رِبًا (1) .
(1) الأموال لأبي عبيد 37، والأحكام السلطانية للماوردي 176، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير 4 / 10.