الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَلَامُهُ لَا يَفْعَلَانِ إلَاّ فِعْلاً صَحِيحًا يَدُل عَلَى أَنَّ الْقَبُول غَيْرُ لَازِمٍ لِلْفِعْل الصَّحِيحِ وَلِذَلِكَ دَعَوْا بِهِ لأَِنْفُسِهِمَا.
وَثَالِثُهَا:
الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَهُوَ قَوْل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِْسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِل فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِْسْلَامِ أُوخِذَ بِالأَْوَّل وَالآْخِرِ (1) فَاشْتَرَطَ فِي الْجَزَاءِ الَّذِي هُوَ الثَّوَابُ أَنْ يُحْسِنَ فِي الإِْسْلَامِ وَالإِْحْسَانُ فِي الإِْسْلَامِ هُوَ التَّقْوَى.
وَرَابِعُهَا:
قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي الأُْضْحِيَّةِ لَمَّا ذَبَحَهَا: اللَّهُمَّ تَقَبَّل مِنْ مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ (2) ، فَسَأَل عليه الصلاة والسلام الْقَبُول مَعَ أَنَّ فِعْلَهُ فِي الأُْضْحِيَّةِ كَانَ عَلَى وَفْقِ الشَّرِيعَةِ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَبُول وَرَاءَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالإِْجْزَاءِ، وَإِلَاّ لَمَا سَأَلَهُ عليه الصلاة والسلام، فَإِنَّ سُؤَال تَحْصِيل الْحَاصِل لَا يَجُوزُ.
وَخَامِسُهَا:
أَنَّ صُلَحَاءَ الأُْمَّةِ وَخِيَارَهَا لَا يَزَالُونَ يَسْأَلُونَ اللَّهَ تَعَالَى الْقَبُول فِي الْعَمَل، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلصِّحَّةِ وَالإِْجْزَاءِ لَكَانَ هَذَا الدُّعَاءُ إنَّمَا يَحْسُنُ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الْعَمَل، فَيُسْأَل اللَّهُ تَعَالَى تَيْسِيرَ الأَْرْكَانِ
(1) حديث: " من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 265) ومسلم (1 / 11) من حديث ابن مسعود.
(2)
حديث: " اللهم تقبل من محمد وآل محمد ". أخرجه مسلم (3 / 1557) من حديث عائشة.
وَالشَّرَائِطِ وَانْتِفَاءَ الْمَوَانِعِ، أَمَّا بَعْدَ الْجَزْمِ بِوُقُوعِهَا فَلَا يَحْسُنُ ذَلِكَ.
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ عَلَى أَنَّ الْقَبُول غَيْرُ الإِْجْزَاءِ وَغَيْرُ الصِّحَّةِ وَأَنَّهُ الثَّوَابُ.
وَسَاقَ الْقَرَافِيُّ أَدِلَّةً أُخْرَى غَيْرَ مَا سَبَقَ، ثُمَّ قَال: إذَا تَقَرَّرَ هَذَا الْفَرْقُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ وَصْفَ التَّقْوَى شَرْطٌ فِي الْقَبُول بَعْدَ الإِْجْزَاءِ، وَالتَّقْوَى هَاهُنَا لَيْسَتْ مَحْمُولَةً عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ مُجَرَّدُ الاِتِّقَاءِ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَلَكِنَّهَا اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ وَفِعْل الْوَاجِبَاتِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ الْغَالِبَ عَلَى الشَّخْصِ (1)
ثَانِيًا: قَبُول الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ:
8 -
قَبُول الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ يَكُونُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَتِمُّ بَيْنَهُمْ.
وَمِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُول، وَهِيَ الْعُقُودُ الَّتِي تَتِمُّ بِإِرَادَتَيْنِ كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ وَالصُّلْحِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهَا، فَهَذِهِ الْعُقُودُ يَتَوَقَّفُ تَمَامُهَا عَلَى الْقَبُول، إذْ هُوَ مُقَابِل الإِْيجَابِ، وَالْعَقْدُ لَا يَتِمُّ إلَاّ بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول، لأَِنَّهُمَا يُكَوِّنَانِ الصِّيغَةَ الَّتِي هِيَ رُكْنُ الْعَقْدِ.
وَمِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُول، وَهِيَ الَّتِي تَتِمُّ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ، مِنْ
(1) الفروق للقرافي 2 / 51 - 54.