الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالإِْشَارَةِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل يَوْمَ النَّحْرِ عَنِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنْ لَا حَرَجَ (1) وَقَال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ. (2)
الإِْفْتَاءُ بِالْكِتَابَةِ:
33 -
تَجُوزُ الْفُتْيَا كِتَابَةً، وَلَكِنْ فِيهَا خُطُورَةٌ مِنْ حَيْثُ إِمْكَانُ التَّبْدِيل وَالتَّغْيِيرِ فِيهَا وَنِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَى الْمُفْتِي، وَلِذَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَحَرَّزَ فِي كِتَابَتِهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا الإِْضَافَةُ وَالتَّزْوِيرُ. (3)
أَخْذُ الرِّزْقِ عَلَى الْفُتْيَا:
34 -
الأَْوْلَى لِلْمُفْتِي أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا بِعَمَلِهِ وَلَا يَأْخُذَ عَلَيْهِ شَيْئًا.
وَإِنْ تَفَرَّغَ لِلإِْفْتَاءِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَال عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَاشْتَرَطَ الْفَرِيقَانِ لِجَوَازِ ذَلِكَ شَرْطَيْنِ:
(1) حديث ابن عباس: " أنه سئل يوم النحر عن التقديم والتأخير. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 181) .
(2)
حديث: " إن الله لا يعذب بدمع العين. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 175) من حديث ابن عمر.
(3)
المجموع للنووي 1 / 47، 49، 50، وصفة الفتوى لابن حمدان ص63.
الأَْوَّل: أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ كِفَايَةٌ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ عَالِمٌ يَقُومُ مَقَامَهُ، أَوْ كَانَ لَهُ كِفَايَةٌ لَمْ يَجُزْ (1) وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا فَفِيهِ وَجْهَانِ، لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْقِيَاسِ عَلَى عَامِل الزَّكَاةِ أَوْ عَلَى الْعَامِل فِي مَال الْيَتِيمِ. (2)
وَأَلْحَقَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ بِذَلِكَ: أَنْ يَحْتَاجَ أَهْل بَلَدٍ إِلَى مَنْ يَتَفَرَّغُ لِفَتَاوِيهِمْ، وَيَجْعَلُوا لَهُ رِزْقًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَيَحُوزُ، وَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَال، قَال الْخَطِيبُ: وَعَلَى الإِْمَامِ أَنْ يَفْرِضَ لِمَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلْفَتْوَى فِي الأَْحْكَامِ مَا يُغْنِيهِ عَنْ الاِحْتِرَافِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَال، ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَعْطَى كُل رَجُلٍ مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ مِائَةَ دِينَارٍ فِي السَّنَةِ (3) .
وَأَمَّا الأُْجْرَةُ، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا مِنْ أَعْيَانِ الْمُسْتَفْتِينَ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، قَال الْحَنَابِلَةُ: لأَِنَّ الْفُتْيَا عَمَلٌ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الْقُرْبَةِ، وَلأَِنَّهُ مَنْصِبُ تَبْلِيغٍ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَال لَهُ: لَا
(1) المجموع للنووي 1 / 46، وشرح المنتهى 3 / 462.
(2)
إعلام الموقعين 4 / 432.
(3)
المجموع 1 / 46.