الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَصْنُوعَةِ مِنَ الْفِضَّةِ حَرَامٌ، مُسْتَدِلِّينَ بِأَدِلَّةٍ، مِنْهَا:
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ (1) .
وَبِمَا رَوَاهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَال: نَهَانَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ، فَإِنَّهُ مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِي الآْخِرَةِ (2) .
قَال النَّوَوِيُّ: قَال أَصْحَابُنَا: أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الاِسْتِعْمَال فِي إِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إِلَاّ مَا حُكِيَ عَنْ دَاوُدَ، وَإِلَاّ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ - وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ - وَلأَِنَّهُ إِذَا حَرُمَ الشُّرْبُ فَالأَْكْل أَوْلَى، لأَِنَّهُ أَطْوَل مُدَّةً وَأَبْلَغُ فِي السَّرَفِ (3) .
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ النَّوَوِيُّ مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ فِي تَحْرِيمِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ، وَكَذَا سَائِرُ أَنْوَاعِ الاِسْتِعْمَالَاتِ، وَمِنْهَا تَزْيِينُ الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ بِهَا، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَمِنْ قَبْلِهِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، مَعَ مُلَاحَظَةِ أَنَّ
(1) حديث: " الذي يشرب في آنية الفضة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 96) ، ومسلم (3 / 1634) من حديث أم سلمة.
(2)
حديث: " نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 96) ، ومسلم (3 / 1634) من حديث البراء بن عازب واللفظ لمسلم.
(3)
المجموع شرح المهذب (1 / 250) .
الْحَنَفِيَّةَ عَبَّرُوا فِي هَذَا الْمَقَامِ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ لَا الْحَرَامِ، وَأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ هِيَ: عَيْنُ الْفِضَّةِ، أَوِ الْخُيَلَاءُ وَالسَّرَفُ (1) .
ب -
اقْتِنَاءُ الْفِضَّةِ دُونَ اسْتِعْمَالٍ:
4 -
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ اقْتِنَاءَ الْفِضَّةِ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الأَْوَانِي لَا يَحْرُمُ إِذَا كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ الْفِضَّةِ عَلَى صُورَةِ الأَْوَانِي وَنَحْوِهَا مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ، فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ آرَاءٌ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالرِّوَايَةُ الرَّاجِحَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهَؤُلَاءِ يَرَوْنَ أَنَّ اقْتِنَاءَ أَوَانِي الْفِضَّةِ تَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا، لأَِنَّ مَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ، وَلأَِنَّ اتِّخَاذَهُ يُؤَدِّي إِلَى اسْتِعْمَال مُحَرَّمٍ، فَيَحْرُمُ، كَإِمْسَاكِ الْخَمْرِ، وَلأَِنَّ الْمَنْعَ مِنَ الاِسْتِعْمَال لِمَا فِيهِ مِنَ الْخُيَلَاءِ وَالسَّرَفِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الاِتِّخَاذِ، وَلأَِنَّ الاِتِّخَاذَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ
(1) اللباب للميداني 4 / 158، وبدائع الصنائع 5 / 132، ونتائج الأفكار مع الهداية والعناية 10 / 7 - 6، والرسالة لابن أبي زيد القيرواني ص75، وشرح أبي الحسن على الرسالة بحاشية العدوي 2 / 430، والقوانين الفقهية ص26، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 64، والخرشي مع حاشية العدوي 1 / 100، والمجموع 1 / 250، وصحيح مسلم، بشرح النووي 14 / 27 - 37، والأم للشافعي 1 / 8، ومختصر المزني بهامش الأم 1 / 4، والمغني 1 / 75، والمبدع 1 / 66، وشرح منتهى الإرادات 1 / 24.