الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَوَاءٌ قَبَضَهُ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ؟
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْمَبِيعَ يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْل أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا قَبَضَهُ انْتَقَل الضَّمَانُ إلَيْهِ بِالْقَبْضِ، لأَِنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ انْتِقَال مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ يَقْتَضِي إلْزَامَ الْبَائِعِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَفَاءً بِالْعَقْدِ، لأَِنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ وَسِيلَةً إلَى الاِنْتِفَاعِ بِالْمَمْلُوكِ، وَلَا يَتَهَيَّأُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ إلَاّ بِالتَّسْلِيمِ، فَكَانَ إيجَابُ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي إيجَابًا لِتَسْلِيمِهِ لَهُ ضَرُورَةً.
وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ مَا يَكُونُ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنَ الْمَبِيعَاتِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ، وَبَيْنَ مَا لَا يَكُونُ فِيهِ، بِحَيْثُ وَافَقُوا الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ فِي اعْتِبَارِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْل الْقَبْضِ، وَدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي التَّفْصِيلَاتِ وَالتَّفْرِيعَاتِ فِي حَالَةِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ، ذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلاً، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَبَعًا، وَهُوَ الزَّوَائِدُ الْمُتَوَلِّدَةُ عَنِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَ أَصْلاً، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَهْلِكَ كُلَّهُ وَإِمَّا أَنْ يَهْلِكَ بَعْضُهُ، وَكُل ذَلِكَ لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَهْلِكَ قَبْل الْقَبْضِ، وَإِمَّا أَنْ يَهْلِكَ بَعْدَهُ، وَالْهَلَاكُ فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ بِفِعْل الْبَائِعِ، أَوْ بِفِعْل الْمُشْتَرِي، أَوْ بِفِعْل
الْمَبِيعِ، أَوْ بِفِعْل أَجْنَبِيٍّ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (ضَمَانٌ ف 31 وَمَا بَعْدَهَا) .
(ثَانِيًا) ضَمَانُ الْمُؤَجَّرِ:
أ -
الضَّمَانُ فِي إجَارَةِ الأَْعْيَانِ:
54 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَكَذَا مَنَافِعُهَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا تَكُونُ قَبْل الْقَبْضِ فِي ضَمَانِ الْمُؤَجِّرِ، كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ لَا يَنْتَقِل إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَنَّهَا تَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ قَبْضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ، كَالْوَدِيعَةِ، وَلأَِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَبَضَ الْعَيْنَ لاِسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةٍ يَسْتَحِقُّهَا مِنْهَا، فَلَا يَضْمَنُهَا، كَمَا إذَا قَبَضَ النَّخْلَةَ الَّتِي اشْتَرَى ثَمَرَتَهَا، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا (1) .
ب -
الضَّمَانُ فِي إجَارَةِ الأَْعْمَال:
ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الأَْجِيرَ فِي الإِْجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْعَمَل قِسْمَانِ:
(1) بدائع الصنائع 4 / 210، مجمع الضمانات ص13، روضة الطالبين 5 / 226، المهذب 1 / 415، الشرح الكبير للدردير 4 / 24، المبدع 5 / 113، المغني 5 / 488، كشاف القناع 4 / 39، 49 (ط. الحكومة بمكة المكرمة) .