الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالشَّجَرَ بِدُونِ الأَْرْضِ، أَوِ الشَّجَرَ بِدُونِ الثَّمَرِ، أَوِ الثَّمَرَ بِدُونِ الشَّجَرِ، فَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ وَلَوْ سَلَّمَ الْكُل، لأَِنَّ الْمَرْهُونَ أَوِ الْمَوْهُوبَ الْمُرَادَ قَبْضُهُ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِهِ اتِّصَال الأَْجْزَاءِ، وَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ (1) .
وَسَبَبُ اشْتِرَاطِهِمْ هَذَا الشَّرْطَ أَنَّ اتِّصَال الشَّيْءِ بِحَقِّ الْغَيْرِ يَمْنَعُ مِنَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ وَيَحُول دُونَهُ، وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَال (2) .
الشَّرْطُ السَّادِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْمَقْبُوضُ حِصَّةً شَائِعَةً:
30 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الشُّيُوعِ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْضُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ، لأَِنَّ الشُّيُوعَ لَا يُنَافِي صِحَّةَ الْقَبْضِ، إذْ لَوْ كَانَ الْقَبْضُ غَيْرَ مُتَحَقِّقٍ فِي الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ كُل وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي حِصَّتِهِ، لَكَانَ كُل شَرِيكَيْنِ فِي مِلْكٍ شَائِعٍ غَيْرَ قَابِضَيْنِ لَهُ، وَلَوْ كَانَا غَيْرَ قَابِضَيْنِ لَهُ لَكَانَ مُهْمَلاً لَا يَدَ لأَِحَدٍ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَمْرٌ يُنْكِرُهُ الشَّرْعُ وَالْعِيَانُ، أَمَّا الشَّرْعُ، فَلأَِنَّهُ جَعَل
(1) بدائع الصنائع 6 / 125، 140، والفتاوى الهندية 3 / 17.
(2)
رد المحتار 6 / 479 ط. الحلبي.
تَصَرُّفَهُمَا فِيهِ تَصَرُّفَ ذِي الْمِلْكِ فِي مِلْكِهِ، وَأَمَّا الْعِيَانُ، فَلِكَوْنِهِ عِنْدَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّةً يَتَّفِقَانِ عَلَيْهَا، أَوْ عِنْدَهُمَا مَعًا يَنْتَفِعَانِ بِهِ وَيَسْتَغِلَاّنِهِ (1) .
غَيْرَ أَنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى صِحَّةِ قَبْضِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ، وَعَدَمِ مُنَافَاةِ الشُّيُوعِ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ:
أ - فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ قَبْضَ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ يَكُونُ بِقَبْضِ الْكُل.
فَإِذَا قَبَضَهُ كَانَ مَا عَدَا حِصَّتِهِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ لِشَرِيكِهِ، لأَِنَّ قَبْضَ الشَّيْءِ يَعْنِي وَضْعَ الْيَدِ عَلَيْهِ وَالتَّمَكُّنَ مِنْهُ، وَفِي قَبْضِهِ لِلْكُل وَضْعٌ لِيَدِهِ عَلَى حِصَّتِهِ وَتَمَكُّنٌ مِنْهَا.
قَالُوا: وَلَا يُشْتَرَطُ لِذَلِكَ إذْنُ الشَّرِيكِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ مِمَّا يُقْبَضُ بِالتَّخْلِيَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ مِمَّا يُقْبَضُ بِالنَّقْل وَالتَّحْوِيل، فَيُشْتَرَطُ إذْنُ الشَّرِيكِ، لأَِنَّ قَبْضَهُ بِنَقْلِهِ، وَنَقْلُهُ لَا يَتَأَتَّى إلَاّ بِنَقْل حِصَّةِ شَرِيكِهِ مَعَ حِصَّتِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي مَال الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ.
فَإِنْ أَبَى الشَّرِيكُ الإِْذْنَ، فَلِمُسْتَحِقِّ قَبْضِهِ أَنْ يُوَكِّل شَرِيكَهُ فِي قَبْضِ حِصَّتِهِ،
(1) الأم 3 / 125، 169 (ط بولاق) ، وفتح العزيز 8 / 459، وشرح التاودي على تحفة ابن عاصم 1 / 178، 2 / 234، والبهجة شرح التحفة 2 / 235، والمغني 4 / 333، 5 / 596 ط. دار المنار، وكشاف القناع 3 / 202، 4 / 257 مط. السنة المحمدية.