الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيَانُ الْمُجْمَل بِفِعْل الرَّسُول عليه الصلاة والسلام:
6 -
اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الأُْصُول فِي وُقُوعِ بَيَانِ الْمُجْمَل بِفِعْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَقَعُ بَيَانًا لَهُ، وَمَنَعَهُ إِسْحَاقُ الْمَرْوَزِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَفِي الْمَحْصُول: لَا يُعْلَمُ كَوْنُ الْفِعْل بَيَانًا لِمُجْمَلٍ إِلَاّ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ:
أَوَّلاً - أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ قَصْدِهِ صلى الله عليه وسلم.
ثَانِيًا - أَوْ بِالدَّلِيل اللَّفْظِيِّ، كَقَوْلِهِ مَثَلاً: هَذَا بَيَانٌ لِهَذَا الْمُجْمَل.
ثَالِثًا: أَوْ بِالدَّلِيل الْعَقْلِيِّ: بِأَنْ يَذْكُرَ الْمُجْمَل وَقْتَ الْحَاجَةِ إِلَى الْعَمَل بِهِ، ثُمَّ يَفْعَل فِعْلاً يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لَهُ.
وَقَال صَاحِبُ الْكِبْرِيتِ الأَْحْمَرِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي: أَنَّ الْفِعْل يَصْلُحُ بَيَانًا بِشَرْطِ انْضِمَامِ بَيَانٍ قَوْلِيٍّ إِلَيْهِ، كَمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى ثُمَّ قَال: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي (1) فَصَارَ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} ، (2) وَاشْتَغَل بِأَفْعَال الْحَجِّ ثُمَّ قَال: خُذُوا عَنِّي
(1) حديث: " صلوا كما رأيتموني أصلي " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 111) من حديث مالك بن الحويرث.
(2)
سورة البقرة / 43.
مَنَاسِكَكُمْ، (1) أَمَّا الْفِعْل الْمُجَرَّدُ فَلَا يَصْلُحُ لِلْبَيَانِ، لأَِنَّهُ بِذَاتِهِ سَاكِتٌ عَنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ فَلَا تَتَعَيَّنُ وَاحِدَةٌ إِلَاّ بِدَلِيلٍ، قَال: اللَّهُمَّ إِلَاّ إِذَا تَكَرَّرَ الْفِعْل عِنْدَهُ فَيَحْصُل بِهِ الْبَيَانُ (2) .
وُرُودُ قَوْلٍ وَفِعْلٍ بَعْدَ الْمُجْمَل:
7 -
إِذَا وَرَدَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ بَعْدَ الْمُجْمَل، وَكِلَاهُمَا صَالِحٌ لِبَيَانِهِ، فَإِنِ اتَّفَقَا فِي الْحُكْمِ وَعُلِمَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ الْمُبَيِّنُ - قَوْلاً كَانَ أَوْ فِعْلاً - وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَلَا يُقْضَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ بِعَيْنِهِ، بَل يُقْضَى بِحُصُول الْبَيَانِ بِوَاحِدٍ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ، وَهُوَ الأَْوَّل فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الأَْمْرِ، وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُبَيِّنَ هُوَ الْقَوْل، سَوَاءٌ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْفِعْل أَمْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ، كَأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام الْقَارِنَ بَعْدَ تَشْرِيعِ الْحَجِّ أَنْ يَطُوفَ طَوَافًا وَاحِدًا، (3) وَرُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَرَنَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ، (4) وَيُحْمَل الْفِعْل
(1) حديث: " خذوا عني مناسككم ". أخرجه مسلم (2 / 943) ، والبيهقي (5 / 125) من حديث جابر واللفظ للبيهقي.
(2)
البحر المحيط 3 / 486 وما بعده، والتحصيل من المحصول 1 / 419.
(3)
حديث: " أمره القارن أن يطوف طوافًا واحدًا ". أخرجه الترمذي (3 / 275) من حديث ابن عمر، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
(4)
حديث: " أنه قرن فطاف لهما طوافين ". أخرجه الدارقطني (2 / 258) من حديث ابن عمر، ثم ذكر أن في إسناده راويًا متروكًا.