الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السِّلْمِ، يُقَال: حَارَبَهُ مُحَارَبَةً وَحِرَابًا، أَوْ مِنَ الْحَرَبِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - وَهُوَ السَّلْبُ (1) .
وَالْحِرَابَةُ فِي الاِصْطِلَاحِ هِيَ الْبُرُوزُ لِلنَّاسِ لأَِخْذِ الْمَال أَوْ لِلْقَتْل أَوْ لِلإِْرْعَابِ عَلَى سَبِيل الْمُجَاهَرَةِ (2) .
وَبَيْنَ الْقِتَال وَالْحِرَابَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.
ب -
الْجِهَادُ:
3 -
الْجِهَادُ لُغَةً: قِتَال الْعَدُوِّ، يُقَال: جَاهَدَ الْعَدُوَّ مُجَاهَدَةً وَجِهَادًا إذَا قَاتَلَهُ (3) .
وَاصْطِلَاحًا: قِتَال الْمُسْلِمِينَ الْكُفَّارَ غَيْرَ الْمُعَاهِدِينَ إعْلَاءً لِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ دَعْوَتِهِمْ إلَى الإِْسْلَامِ وَإِبَائِهِمْ (4) .
وَبَيْنَ الْقِتَال وَالْجِهَادِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 -
الْقِتَال قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَذَلِكَ كَقِتَال الْكُفَّارِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَال وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} . (5) وَكَقِتَال الْبُغَاةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} . (6)
(1) لسان العرب والمصباح المنير.
(2)
المغني 8 / 278، ومغني المحتاج 4 / 180.
(3)
لسان العرب، والقاموس المحيط.
(4)
فتح القدير 4 / 277، وجواهر الإكليل 1 / 250.
(5)
سورة البقرة / 216.
(6)
سورة الحجرات / 9.
وَقَدْ يَكُونُ الْقِتَال حَرَامًا، كَالْقِتَال الَّذِي يَحْدُثُ مِنَ الْبُغَاةِ الْخَارِجِينَ عَنِ الإِْمَامِ (1) .
وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا كَالْقِتَال لِدَفْعِ الصَّائِل عَنِ النَّفْسِ أَوِ الْبُضْعِ زَمَنَ الْفِتْنَةِ إذَا قَصَدَهُ وَحْدَهُ. قَال فِي مِنَحِ الْجَلِيل: إذَا قَصْدَهُ وَحْدَهُ فَالأَْمْرَانِ - أَيِ الدَّفْعُ وَعَدَمُهُ - سَوَاءٌ، وَالسَّاكِتُ عَنِ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَل لَا يُعَدُّ آثِمًا وَلَا قَاتِلاً لِنَفْسِهِ (2) .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِتَال مِنْ أَحْكَامٍ:
أ -
قِتَال الْكُفَّارِ:
5 -
قِتَال الْكُفَّارِ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَال وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} (3) وقَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ، (4) لَكِنَّ الْقِتَال يَكُونُ بَعْدَ دَعْوَتِهِمْ إلَى الإِْسْلَامِ بِاللِّسَانِ وَإِقَامَةِ الدَّلِيل وَإِبَائِهِمْ، قَال الْكَاسَانِيُّ: إنْ كَانَتِ الدَّعْوَةُ إلَى الإِْسْلَامِ لَمْ تَبْلُغِ الْكُفَّارَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ الدَّعْوَةُ إلَى الإِْسْلَامِ بِاللِّسَانِ، لِقَوْل اللَّهِ تبارك وتعالى: {اُدْعُ إلَى سَبِيل رَبِّك بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِاَلَّتِي هِيَ
(1) المهذب 2 / 219، 228، والبدائع 7 / 100، والمغني 8 / 107 - 108.
(2)
منح الجليل 4 / 562، والفروق للقرافي 4 / 184.
(3)
سورة البقرة / 216.
(4)
سورة التوبة / 5.
أَحْسَنُ} ، (1) وَلَا يَجُوزُ لَهُمُ الْقِتَال قَبْل الدَّعْوَةِ.
وَالدَّعْوَةُ دَعْوَتَانِ: دَعْوَةٌ بِالْبَنَانِ وَهِيَ الْقِتَال، وَدَعْوَةٌ بِالْبَيَانِ وَهُوَ اللِّسَانُ وَذَلِكَ بِالتَّبْلِيغِ، وَالثَّانِيَةُ أَهْوَنُ مِنَ الأُْولَى، لأَِنَّ فِي الْقِتَال مُخَاطَرَةً بِالرُّوحِ وَالنَّفْسِ وَالْمَال، وَلَيْسَ فِي دَعْوَةِ التَّبْلِيغِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا اُحْتُمِل حُصُول الْمَقْصُودِ بِأَهْوَنِ الدَّعْوَتَيْنِ لَزِمَ الاِفْتِتَاحُ بِهَا. هَذَا إذَا كَانَتِ الدَّعْوَةُ لَمْ تَبْلُغْهُمْ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَفْتَتِحُوا الْقِتَال مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ الدَّعْوَةِ، لأَِنَّ الْحُجَّةَ لَازِمَةٌ، وَالْعُذْرَ فِي الْحَقِيقَةِ مُنْقَطِعٌ، وَشُبْهَةَ الْعُذْرِ انْقَطَعَتْ بِالتَّبْلِيغِ مَرَّةً، لَكِنْ مَعَ هَذَا الأَْفْضَل أَنْ لَا يَفْتَتِحُوا الْقِتَال إلَاّ بَعْدَ تَجْدِيدِ الدَّعْوَةِ لِرَجَاءِ الإِْجَابَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَاتَل قَوْمًا حَتَّى يَدْعُوَهُمْ (2) ، فَإِنْ أَسْلَمُوا كَفُّوا عَنْهُمُ الْقِتَال، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَاّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا لَا إلَهَ إلَاّ اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَاّ بِحَقِّهَا، (3) فَإِنْ أَبَوُا الإِْجَابَةَ إلَى الإِْسْلَامِ دَعَوْهُمْ إلَى الذِّمَّةِ إلَاّ
(1) سورة النحل / 125.
(2)
حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما قاتل قومًا حتى يدعوهم ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (5 / 304) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني بأسانيد، ورجال أحدهما رجال الصحيح.
(3)
حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . ". أخرجه مسلم (1 / 53) من حديث جابر بن عبد الله.
مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ، فَإِنْ أَجَابُوا كَفُّوا عَنْهُمْ لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَال: اُغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيل اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ، اُغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَل مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ اُدْعُهُمْ إلَى الإِْسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَل مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ اُدْعُهُمْ إلَى التَّحَوُّل مِنْ دَارِهِمْ إلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إلَاّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَل مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْل حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَل لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَجْعَل لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَكِنِ اجْعَل لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّكُمْ إنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ