الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَنْقُولَاتِ فِيمَا يُعْتَبَرُ قَبْضًا لَهَا، حَيْثُ إنَّ بَعْضَهَا يُتَنَاوَل بِالْيَدِ عَادَةً وَبَعْضَهَا الآْخَرَ لَا يُتَنَاوَل، وَمَا لَا يُتَنَاوَل بِالْيَدِ نَوْعَانِ،
أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرٌ فِي الْعَقْدِ،
وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ فِيهِ، فَتَحْصُل لَدَيْهِمْ فِي الْمَنْقُول ثَلَاثُ حَالَاتٍ:
الْحَالَةُ الأُْولَى:
8 -
أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُتَنَاوَل بِالْيَدِ عَادَةً، كَالنُّقُودِ وَالثِّيَابِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْحُلِيِّ وَمَا إلَيْهَا، وَقَبْضُهُ يَكُونُ بِتَنَاوُلِهِ بِالْيَدِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) .
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:
9 -
أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرٌ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ، إمَّا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَإِمَّا مَعَ إمْكَانِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُرَاعَ فِيهِ، كَالأَْمْتِعَةِ وَالْعُرُوضِ وَالدَّوَابِّ وَالصُّبْرَةِ جُزَافًا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ مَعَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لِلْمَالِكِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي قَبْضِهِ إلَى الْعُرْفِ (2) .
(1) المجموع للنووي 9 / 276، ومغني المحتاج 2 / 72، والذخيرة للقرافي 1 / 152، والمغني 4 / 332، وكشاف القناع 3 / 202.
(2)
شرح الخرشي 5 / 158، الشرح الكبير للدردير 3 / 145 ط. مصطفى محمد.
وَالثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّ قَبْضَهُ يَكُونُ بِنَقْلِهِ وَتَحْوِيلِهِ (1) ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْمَنْقُول وَالْعُرْفِ، فَأَمَّا الْمَنْقُول فَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَال: كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَنَشْتَرِي مِنْهُمُ الطَّعَامَ جُزَافًا، فَنَهَانَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ (2) ، وَقِيسَ عَلَى الطَّعَامِ غَيْرُهُ (3) ، وَأَمَّا الْعُرْفُ، فَلأَِنَّ أَهْلَهُ لَا يَعُدُّونَ احْتِوَاءَ الْيَدِ عَلَيْهِ قَبْضًا مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلٍ، إذِ الْبَرَاجِمُ لَا تَصْلُحُ قَرَارًا لَهُ (4) .
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ:
10 -
أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرٌ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ، كَمَنِ اشْتَرَى صُبْرَةَ حِنْطَةٍ مُكَايَلَةً أَوْ مَتَاعًا مُوَازَنَةً أَوْ ثَوْبًا مُذَارَعَةً أَوْ مَعْدُودًا بِالْعَدَدِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ اتَّفَقَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ قَبْضَهُ يَكُونُ بِاسْتِيفَائِهِ بِمَا يُقَدَّرُ فِيهِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ (5) .
(1) مغني المحتاج 2 / 72، وروضة الطالبين 3 / 515، والمغني 4 / 112، 332 ط. دار المنار، وكشاف القناع 3 / 202.
(2)
حديث: " كنا نتلقى الركبان. . . ". أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (4 / 8) وأصله في البخاري (فتح الباري 4 / 347) ومسلم (3 / 1161) .
(3)
مغني المحتاج 2 / 72، والمغني 4 / 332.
(4)
المجموع شرح المهذب 9 / 282، والمغني 4 / 112.
(5)
مغني المحتاج 2 / 73، روضة الطالبين 3 / 517 وما بعدها، فتح العزيز 8 / 448، قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2 / 82، 171 ط. التجارية بمصر، والشرح الكبير للدردير 3 / 144، كشاف القناع 3 / 201، 272.