الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَمْسَ مُؤَقَّتَةٌ بِمَوَاقِيتَ مَعْلُومَةٍ، لَا تَصِحُّ قَبْلَهَا، وَيَفُوتُ أَدَاؤُهَا بِخُرُوجِهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِهَا أَوَّل أَوْقَاتِهَا فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْل الْوُجُوبِ عِنْدَ دُخُول الْوَقْتِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهَا تَجِبُ فِي أَوَّل الْوَقْتِ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْل الْوُجُوبِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِشَرْطِ أَنْ يَعْزِمَ فِي أَوَّل الْوَقْتِ عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ، أَيْ إنَّ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ لأَِدَائِهَا فَقَطْ، فَيَجِبُ حِينَئِذٍ أَدَاؤُهَا فَوْرًا وَيَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا، وَلَا يَأْثَمُ مَا بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا وَإِنْ مَاتَ فِيهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (1) وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ، وَلأَِنَّ دُخُول الْوَقْتِ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ حِينَ وُجُودِهِ، وَلأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، فَلَوْ لَمْ تَجِبْ لَصَحَّتْ بِدُونِ نِيَّةِ الْوَاجِبِ كَالنَّافِلَةِ، وَتُفَارِقُ النَّافِلَةَ فَإِنَّهَا لَا يُشْتَرَطُ لَهَا ذَلِكَ، وَيَجُوزُ تَرْكُهَا غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى فِعْلِهَا، وَهَذِهِ إنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهَا، كَمَا تُؤَخَّرُ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَكَمَا تُؤَخَّرُ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ عَنْ وَقْتِهَا إذَا كَانَ مُشْتَغِلاً بِتَحْصِيل شُرُوطِهَا (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ فَوْرَ دُخُول
(1) سورة الإسراء / 78.
(2)
المغني 1 / 373، ونهاية المحتاج 1 / 358 - 374.
أَوَّل الْوَقْتِ عَلَى التَّعْيِينِ، إنَّمَا تَجِبُ فِي جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا التَّعْيِينُ إلَى الْمُصَلِّي مِنْ حَيْثُ الْفِعْل، حَتَّى إنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي أَوَّل الْوَقْتِ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَكَذَا فِي أَوْسَطِهِ، أَوْ آخِرِهِ، وَمَتَى لَمْ يُعَيِّنْ بِالْفِعْل حَتَّى بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي فِيهِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْيِينُ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِلأَْدَاءِ فِعْلاً، حَتَّى يَأْثَمُ بِتَرْكِ التَّعْيِينِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَيَّنُ الأَْدَاءُ بِنَفْسِهِ (1)
اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (أَدَاءٌ ف 7) .
د -
قَضَاءُ النُّسُكِ عَلَى الْفَوْرِ:
8 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ إلَى أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ بَعْدَ الإِْحْرَامِ بِهِ وَجَبَ قَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ، لِقَوْل جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ، بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ عَقِيبَ التَّحَلُّل مِنَ النُّسُكِ الْفَاسِدِ، وَبِالْحَجِّ فِي سَنَتِهِ إنْ أَمْكَنَهُ، بِأَنْ يَحْصُرَهُ الْعَدُوُّ بَعْدَ الإِْفْسَادِ فَيَتَحَلَّل، ثُمَّ يَزُول الإِْحْصَارُ، أَوْ يَتَحَلَّل كَذَلِكَ لِمَرَضٍ شُرِطَ التَّحَلُّل بِهِ، ثُمَّ شُفِيَ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَيَشْتَغِل بِالْقَضَاءِ، وَتَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ بِالْقَضَاءِ مَعَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي وَقْتِهِ، وَهُوَ الْعُمُرُ لَا يُشْكِل عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ وَقْتَهُ الْعُمُرُ، لأَِنَّ الْقَضَاءَ هُنَا بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَتَى بِهِ مِنْ قَابِلٍ وُجُوبًا، لأَِنَّهُ بِالإِْحْرَامِ
(1) بدائع الصنائع 1 / 95، وفتح القدير 1 / 191.