الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرَعَة
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْفَرَعَةُ وَالْفَرَعُ فِي اللُّغَةِ: - بِفَتْحَتَيْنِ - أَوَّل نِتَاجِ النَّاقَةِ أَوِ الشَّاةِ، وَكَانُوا يَذْبَحُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لآِلِهَتِهِمْ وَيَتَبَرَّكُونَ بِهِ.
وَقِيل: هُوَ ذِبْحٌ كَانُوا إِذَا بَلَغَتِ الإِْبِل مَا تَمَنَّاهُ صَاحِبُهَا ذَبَحُوهُ.
وَقِيل: إِذَا بَلَغَتْ مِائَةَ بَعِيرٍ.
وَقِيل: هُوَ طَعَامٌ يُصْنَعُ لِنِتَاجِ الإِْبِل، كَالْخُرْسِ لِوِلَادِ الْمَرْأَةِ (1) .
وَلَا يَخْرُجُ الاِسْتِعْمَال عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الأَْوَّل، فَالْفَرَعُ أَوِ الْفَرَعَةُ عِنْدَهُمْ أَوَّل نِتَاجِ الْبَهِيمَةِ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ وَلَا يَمْلِكُونَهُ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي الأُْمِّ بِكَثْرَةِ نَسْلِهَا (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْعَتِيرَةُ:
2 -
مِنْ مَعَانِي الْعَتِيرَةِ لُغَةً: شَاةٌ كَانُوا
(1) المصباح المنير، ولسان العرب.
(2)
مواهب الجليل 3 / 248، والمجموع 8 / 443، والمغني 8 / 650.
يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ (1) .
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هِيَ أَوَّل وَلَدٍ تَلِدُهُ النَّاقَةُ أَوِ الشَّاةُ يُذْبَحُ فَيُأْكَل وَيُطْعَمُ مِنْهُ.
وَقِيل: هِيَ نَذْرٌ يَنْذُرُهُ الرَّجُل إِذَا بَلَغَتْ غَنَمُهُ كَذَا شَاةً يَذْبَحُ مِنْ كُل عَشَرَةٍ مِنْهَا وَاحِدَةً فِي رَجَبٍ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ هِيَ شَاةٌ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ يَتَبَرَّكُونَ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ذَبِيحَةٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي الْعَشْرِ الأُْوَل مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ وَيُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ (2) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْعَتِيرَةِ وَالْفَرَعَةِ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا. فَالْعَتِيرَةُ خَاصَّةٌ بِمَا يُذْبَحُ فِي رَجَبٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْفَرَعِ أَوِ الْفَرَعَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْفَرَعِ وَكَذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْعَتِيرَةِ الَّتِي بِمَعْنَى الْفَرَعِ إِلَى الْقَوْل بِنَسْخِهَا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ تَفْصِيلٌ فِي مَذْهَبِهِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ النَّاسِخَ هُوَ ذَبْحُ
(1) المصباح المنير.
(2)
بدائع الصنائع 5 / 69، ومواهب الجليل 3 / 248، والمغني 8 / 650، والمجموع 8 / 443.
الأُْضْحِيَّةِ، مُسْتَدِلِّينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَسَخَتِ الزَّكَاةُ كُل صَدَقَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَنَسَخَ صَوْمُ رَمَضَانَ كُل صَوْمٍ، وَنَسَخَ غُسْل الْجَنَابَةِ كُل غُسْلٍ، وَنَسَخَتِ الأَْضَاحِيُّ كُل ذِبْحٍ (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ: مِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَلَا بِرَّ فِي فِعْلِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى نَسْخِ وُجُوبِهَا وَبَقِيَتِ الإِْبَاحَةُ لِمَنْ شَاءَ فِعْلَهَا، وَاحْتَجُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ (2) .
فَهُوَ يَحْتَمِل النَّهْيَ وَنَفْيَ الْبِرِّ، كَمَا يَحْتَمِل نَسْخَ الْوُجُوبِ، وَمِمَّا يَشْهَدُ لِلاِحْتِمَال الثَّانِي حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو التَّمِيمِيِّ: أَنَّهُ لَقِيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ، قَال: فَقَال رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ: يَا رَسُول اللَّهِ الْعَتَائِرُ وَالْفَرَائِعُ قَال: مَنْ شَاءَ عَتَرَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ، وَمَنْ شَاءَ فَرَّعَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ. (3)
(1)(1) حديث: " نسخت الزكاة كل صدقة. . . ". أخرجه الدارقطني (4 / 281) من حديث علي مرفوعًا، وذكر الدارقطني أن في إسناده راويًا متروكًا، وانظر بدائع الصنائع 5 / 69.
(2)
حديث " لا فرع ولا عتيرة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 596) ، ومسلم (3 / 1564) من حديث أبي هريرة.
(3)
حديث: الحاث بن عمرو التميمي أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أخرجه النسائي (7 / 168 - 169) ، وانظر مواهب الجليل 3 / 248.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْفَرَعَةَ لَا تُسَنُّ وَلَا تُكْرَهُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ فِي الْحَدِيثِ: لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ هُوَ نَفْيُ كَوْنِهَا سُنَّةً، لَا تَحْرِيمُ فِعْلِهَا وَلَا كَرَاهَتُهُ، فَلَوْ ذَبَحَ إِنْسَانٌ وَلَدَ النَّاقَةِ لِحَاجَةٍ أَوْ لِلصَّدَقَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَكْرُوهًا، وَأَيَّدُوا نَسْخَ السُّنِّيَّةِ بِأَمْرَيْنِ:
أَوَّلُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ بِالإِْسْلَامِ، فَإِنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ سَنَةَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَهِيَ السَّنَةُ السَّابِعَةُ مِنَ الْهِجْرَةِ.
ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْفَرَعَ كَانَ مِنْ فِعْل الْجَاهِلِيَّةِ، فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُمْ عَلَيْهِ إِلَى حِينِ نَسْخِهِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِيمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ إِلَى أَنَّ الْفَرَعَةَ مُسْتَحَبَّةٌ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ (2) . وَاسْتَدَلُّوا بِجُمْلَةٍ مِنَ الأَْحَادِيثِ مِنْهَا: حَدِيثُ نُبَيْشَةَ رضي الله عنه قَال: نَادَى رَجُلٌ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ، وَبِرُّوا اللَّهَ عز وجل، وَأَطْعِمُوا، قَال: إِنَّا كُنَّا نُفْرِعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: فِي كُل سَائِمَةٍ فَرَعٌ تَغْذُوهُ مَاشِيَتُكَ حَتَّى إِذَا اسْتَحْمَل لِلْحَجِيجِ ذَبَحْتَهُ فَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ (3) . وَحَدِيثُ عَائِشَةَ
(1) المغني 8 / 650 - 651.
(2)
المجموع 8 / 234 - 245.
(3)
حديث نبيشه " نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . . " أخرجه أبو داود (3 / 255) ، وكذا الحاكم (4 / 235) مختصرًا وصححه ووافقه الذهبي.