الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَمِ عَمْدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ - فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْل قَبْضِهِ إذَا احْتَاجَ لِتَوْفِيَةٍ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْل الْقَبْضِ، وَكَذَا كُل مَا مُلِكَ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ وَتَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْل قَبْضِهِ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَمِلْكُهُ غَيْرُ تَامٍّ، وَلَا يُتَوَهَّمُ غَرَرُ الْفَسْخِ فِيهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ قَبْضُهُ شَرْطًا لِصِحَّةِ عَقْدِهِ، كَرَأْسِ مَال السَّلَمِ وَالْبَدَلَيْنِ فِي الصَّرْفِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِمَّنْ صَارَ إلَيْهِ قَبْل قَبْضِهِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَتِمَّ الْمِلْكُ فِيهِ، فَأَشْبَهَ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (1) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ الْبَيْعِ فِي الأَْعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْل قَبْضِهَا:
63 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ فِي الأَْعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْل قَبْضِهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل:
لِلْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْل قَبْضِهِ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالإِْقْرَاضِ وَالرَّهْنِ وَالإِْعَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالاِسْتِيلَادِ وَالتَّزْوِيجِ، أَمَّا إجَارَتُهُ فَلَا تَجُوزُ مُطْلَقًا (2) .
(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 189، 190، والمغني 4 / 114 وما بعدها، وكشاف القناع 3 / 233 ط. الحكومة بمكة.
(2)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين 5 / 147 وما بعدها، وبدائع الصنائع 5 / 180، وشرح المجلة للأتاسي 2 / 173 وما بعدها.
وَالثَّانِي:
لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْل قَبْضِهِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَطْعُومًا، أَوْ كَانَ مَطْعُومًا وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ، أَمَّا الطَّعَامُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِأَيِّ عَقْدٍ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْل قَبْضِهِ، أَمَّا بِغَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ، كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَقَرْضٍ وَشَرِكَةٍ وَتَوْلِيَةٍ، فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل أَنْ يُقْبَضَ (1) .
وَالثَّالِثُ:
لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْل قَبْضِهِ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ، كَالإِْجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالإِْقْرَاضِ، أَوْ جَعْلُهُ صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً أَوْ عِوَضًا فِي صُلْحٍ أَوْ رَأْسِ مَال سَلَمٍ وَنَحْوِهَا، وَذَلِكَ لِضَعْفِ الْمِلْكِ، إلَاّ الْعِتْقَ وَالتَّدْبِيرَ وَالاِسْتِيلَادَ وَالتَّزْوِيجَ وَالْقِسْمَةَ وَالْوَقْفَ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ قَبْل الْقَبْضِ (2) .
وَالرَّابِعُ:
لِلْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ مَا اُشْتُرِيَ مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ بِإِجَارَةٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا رَهْنٍ وَلَا حَوَالَةٍ، قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهِ، لأَِنَّهُ مِنْ
(1) الفروق للقرافي 3 / 279 - 280، والمنتقى للباجي 4 / 282، والقوانين الفقهية ص 284 دار العلم للملايين.
(2)
المجموع شرح المهذب 9 / 264 وما بعدها، ومغني المحتاج 2 / 69، وكفاية الأخبار 1 / 133، وروضة الطالبين 3 / 506 وما بعدها.