الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَى رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُفَادَى الأَْسِيرُ الْمُسْلِمُ بِأَسْرَى الْمُشْرِكِينَ، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ مَعُونَةً لِلْكُفْرِ، فَأَسْرَاهُمْ بَعْدَ فِدَائِهِمْ يَعُودُونَ حَرْبًا عَلَيْنَا.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (أَسْرَى ف 25)
فَرَائِض
انْظُرْ: إِرْث
(1) حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم " فدى رجلين من أصحابه. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1262) .
فِرَار
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْفِرَارُ - بِالْكَسْرِ - وَالْفَرُّ - بِالْفَتْحِ - لُغَةً: الْهَرَبُ، يُقَال: فَرَّ مِنَ الْحَرْبِ فِرَارًا أَيْ هَرَبَ (1) . وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَاّ فِرَارًا} (2) .
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفِرَارِ:
أ - الْفِرَارُ مِنَ الزَّكَاةِ:
2 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْفِرَارِ مِنَ الزَّكَاةِ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّهُ يَحْرُمُ الاِحْتِيَال لِسُقُوطِ الزَّكَاةِ، وَتَجِبُ مَعَ الْحِيلَةِ، كَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَاشِيَةٌ فَبَاعَهَا قَبْل الْحَوْل بِدَرَاهِمَ
(1) تاج العروس، والمصباح المنير، ومختار الصحاح، والقاموس المحيط، والمفردات.
(2)
سورة نوح / 6.
(3)
العناية على الهداية 4 / 320 ط بولاق.
فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ، أَوْ أَبْدَل النِّصَابَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لِيَقْطَعَ الْحَوْل وَيَسْتَأْنِفَ حَوْلاً آخَرَ، أَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنَ النِّصَابِ قَصْدًا لِنَقْصِ النِّصَابِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ، بَل تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُبْدَل مَاشِيَةً أَوْ غَيْرَهَا مِنَ النُّصُبِ، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى:{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) } (1) . فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ لِفِرَارِهِمْ مِنَ الصَّدَقَةِ، لأَِنَّهُمْ لَمَّا قَصَدُوا قَصْدًا فَاسِدًا اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ مُعَاقَبَتَهُمْ بِنَقِيضِ قَصْدِهِمْ، كَمَنْ قَتَل مُوَرِّثَهُ لاِسْتِعْجَال مِيرَاثِهِ عَاقَبَهُ الشَّرْعُ بِالْحِرْمَانِ. (2)
وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الْحِيلَةُ عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ، وَلَوْ فَعَل ذَلِكَ فِي أَوَّل الْحَوْل لَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَظِنَّةٍ لِلْفِرَارِ، وَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ لَوْ أَتْلَفَهُ لِحَاجَتِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالشَّيْخَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لأَِنَّهُ نَقَصَ قَبْل تَمَامِ حَوْلِهِ، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا إِذَا أَتْلَفَهُ
(1) سورة القلم / 17 - 21.
(2)
ابن عابدين 2 / 37، ومواهب الجليل 2 / 4 ط دار الفكر بيروت، وشرح الزرقاني 2 / 120، والمغني مع الشرح الكبير 2 / 534 ط دار الكتاب العربي، ومطالب أولي النهى 2 / 64.
لِحَاجَتِهِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: زَكَاةٌ (ف 114) .
طَلَاقُ الْفَارِّ:
3 -
هُوَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ بَائِنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِحِرْمَانِهَا مِنَ الْمِيرَاثِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِرَارًا مِنْ إِرْثِ الزَّوْجَةِ يَصِحُّ طَلَاقُهُ كَصِحَّتِهِ مَا دَامَ كَامِل الأَْهْلِيَّةِ.
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى إِرْثِهَا مِنْهُ إِذَا مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِطَلَبِهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا إِذَا مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَدِيمِ: إِنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ مُعَامَلَةً مِنْهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَالَّذِينَ قَالُوا بِتَوْرِيثِهَا انْقَسَمُوا إِلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ: فَفِرْقَةٌ قَالَتْ: لَهَا الْمِيرَاثُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ (2) . وَقَال أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَهَا الْمِيرَاثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَقَال مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: تَرِثُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَمْ تَكُنْ، تَزَوَّجَتْ أَمْ لَمْ تَتَزَوَّجْ (3) .
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 37، وبداية المجتهد 2 / 89، وأسنى المطالب 1 / 353، ط مكتبة الكليات الأزهرية.
(2)
حاشية ابن عابدين 2 / 528.
(3)
بداية المجتهد 2 / 89، والمغني 6 / 329.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عِدَّةِ طَلَاقِ الْفَارِّ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ زَوْجَةَ الْفَارِّ لَا تَعْتَدُّ بِأَطْوَل الأَْجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَوْ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَإِنَّمَا تُكْمِل عِدَّةَ الطَّلَاقِ، لأَِنَّ زَوْجَهَا مَاتَ وَلَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ، لأَِنَّهَا بَائِنٌ مِنَ النِّكَاحِ، فَلَا تَكُونُ مَنْكُوحَةً، وَاعْتِبَارُ الزَّوَاجِ قَائِمًا وَقْتَ الْوَفَاةِ فِي رَأْيِ الْمَالِكِيَّةِ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الإِْرْثِ فَقَطْ، لَا فِي حَقِّ الْعِدَّةِ. (1)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّهَا تَنْتَقِل مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إِلَى الْعِدَّةِ بِأَبْعَدِ الأَْجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَعِدَّةِ الطَّلَاقِ احْتِيَاطًا، بِأَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ، فَإِنْ لَمْ تَرَ فِيهَا حَيْضَهَا تَعْتَدُّ بَعْدَهَا بِثَلَاثِ حَيْضَاتٍ. (2)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: طَلَاقٌ (ف 66) وَ (عِدَّة)
الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ:
4 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الثَّبَاتُ فِي الْجِهَادِ وَمُحَرَّمٌ الْفِرَارُ مِنْهُ (3)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {
(1) بدائع الصنائع 2 / 197، وحاشية ابن عابدين 2 / 605 ط بولاق، والمهذب 2 / 146، والقوانين الفقهية ص157.
(2)
بدائع الصنائع 2 / 197، وحاشية ابن عابدين 2 / 605 ط بولاق، وكشاف القناع 5 / 416 ط عالم الكتب.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 224 ط بولاق، وبدائع الصنائع 7 / 99، وحاشية الدسوقي 2 / 178، والمهذب 2 / 322، وتفسير القرطبي 7 / 380، ونهاية المحتاج 2 / 65، والمغني 8 / 484، وكشاف القناع 3 / 45، وتفسير ابن كثير 3 / 330 ط دار الأندلس بيروت.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَْدْبَارَ} (1)، وَقَال اللَّهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) . وَقَدْ عَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ مِنَ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ، بِقَوْلِهِ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهَا: التَّوَلِّيَ يَوْمَ الزَّحْفِ (3) . وَهُنَاكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِي شَرْطِ وُجُوبِ الثَّبَاتِ (ر: جِهَادٌ ف 37)(وَتَوَلٍّ ف 3) .
(1) الأنفال / 15.
(2)
الأنفال / 45.
(3)
حديث: " اجتنبوا السبع الموبقات. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 393) ومسلم (1 / 92) من حديث أبي هريرة.