الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَطْعِيٍّ أَوْ ظَنِّيٍّ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، فَمَدَارُ الْفَرْضِ عِنْدَهُمْ لُغَةً عَلَى الْقَطْعِ، وَشَرْعًا عَلَى مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلْعِلْمِ قَطْعًا مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَوِ الإِْجْمَاعِ، وَمَدَارُ الْوَاجِبِ عِنْدَهُمْ لُغَةً عَلَى السُّقُوطِ وَاللُّزُومِ، وَشَرْعًا عَلَى مَا يَكُونُ دَلِيلُهُ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ، فَيَثْبُتُ الْوَاجِبُ عِنْدَهُمْ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ.
وَيَظْهَرُ أَثَرُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ جَاحِدَ الْفَرْضِ كَافِرٌ؛ لأَِنَّهُ أَنْكَرَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ فَرْضِيَّتِهِ قَطْعًا، وَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُ الْوَاجِبِ، لأَِنَّ دَلِيلَهُ لَا يُوجِبُ الاِعْتِقَادَ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْعَمَل، وَلِذَا يُفَسَّقُ تَارِكُهُ، وَمِثَال الأَْوَّل الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، فَإِنَّهَا فَرْضٌ عِلْمِيٌّ وَعَمَلِيٌّ، وَمِثَال الثَّانِي صَلَاةُ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهِيَ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ، وَيُقَال لَهُ: فَرْضٌ عَمَلاً، وَاجِبٌ اعْتِقَادًا، وَسُنَّةٌ ثُبُوتًا (1) .
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرِ الْمُلْحَقَ الأُْصُولِيَّ
تَقْسِيمُ الْفَرْضِ بِحَسَبِ الْمُكَلَّفِ بِهِ:
3 -
يَنْقَسِمُ الْفَرْضُ بِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِ بِهِ إِلَى:
(1) أصول السرخسي 1 / 110 - 113، والتلويح على التوضيح 2 / 124، وحاشية العطار على جمع الجوامع 1 / 123، والمستصفى 1 / 66، والإحكام للآمدي 1 / 99، وروضة الناظر لابن قدامة ص16 ط السفلية.
فَرْضِ كِفَايَةٍ، وَفَرْضِ عَيْنٍ. أَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ: فَهُوَ مَا يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إِلَى فَاعِلِهِ، فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُل، وَيَسْقُطُ الْوُجُوبُ بِفِعْل الْبَعْضِ، وَيَأْثَمُ الْكُل بِتَرْكِهِ.
وَأَمَّا فَرْضُ الْعَيْنِ: فَهُوَ الْمَنْظُورُ بِالذَّاتِ إِلَى فَاعِلِهِ.
وَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَمْثِلَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الدِّينِيِّ: صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَالأَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِقَامَةَ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الصَّانِعِ، وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّاتِ، وَالاِشْتِغَال بِعُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ، وَتَوَلِّيَ الْقَضَاءِ وَالإِْفْتَاءِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الدُّنْيَوِيِّ: الْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ، وَمَا بِهِ قِوَامُ الْعَيْشِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
4 -
وَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ جُمْلَةً مِنَ الْفُرُوقِ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفَرْضِ الْعَيْنِ وَهِيَ:
أ - أَنَّ فُرُوضَ الْكِفَايَةِ أَمْرٌ كُلِّيٌّ تَتَعَلَّقُ بِهَا مَصَالِحُ دِينِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ لَا يَنْتَظِمُ الأَْمْرُ إِلَاّ بِحُصُولِهَا، فَقَصَدَ الشَّارِعُ تَحْصِيلَهَا، وَلَا يَقْصِدُ تَكْلِيفَ الآْحَادِ وَامْتِحَانَهُمْ بِهَا، بِخِلَافِ فُرُوضِ الأَْعْيَانِ فَإِنَّ الْكُل مُكَلَّفُونَ بِهَا مُمْتَحَنُونَ بِتَحْصِيلِهَا.
ب - الْمَصْلَحَةُ مِنْ فُرُوضِ الأَْعْيَانِ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا كَالصَّلَاةِ مَثَلاً، فَإِنَّ مَصْلَحَةَ